مشاريع اردوغان العمرانية الضخمة التي فجرت حركة الاحتجاج في اسطنبول

حجم الخط
0

اسطنبول – ا ف ب: تعد المشاريع المعمارية الضخمة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان السبب الاول في اندلاع حركة الاحتجاج التي تهز منذ اربعة ايام مدينة اسطنبول التي يحشد ابناؤها جهودهم للمحافظة على مدينتهم في مواجهة الاطماع الاقتصادية والايديولوجية للحكومة.
فقد انطلقت الحركة الاحتجاجية من منطقة خضراء صغيرة تضم نحو 600 شجرة في وسط الضفة الاوروبية لمدينة اسطنبول لتمتد على الاثر الى انحاء البلاد كافة وتنفث عن كل الغضب المكتوم على الحكومة.
فقد احتل اول المتظاهرين حديقة غيزي لمنع ازالتها من اجل اعادة بناء ثكنة عسكرية عثمانية مكانها لاستخدامها كمجمع يضم مركزا ثقافيا واخر تجاريا واخيرا مسجدا كما اكد اردوغان امس الاول.
وقال سيمتين كوشار استاذ العلوم السياسية في جامعة انقرة ‘يمكن ان نرى بوضوح في هذا المشروع الخلطة الليبرالية الاسلامية الذي تدافع عنها الحكومة: فهو من جهة يتحدث عن مركز تجاري كبير ومن جهة اخرى عن مسجد كبير يشكل رمزا لامجاد المجتمع الاسلامي’.
وما يزيد من القوة الرمزية لهذا المشروع وجوده على مشارف ساحة تقسيم التي كانت لعقود ساحة للتعبير عن الراي في كل الصراعات الاجتماعية.
واكد استاذ العمارة في جامعة ميمار سينان في اسطنبول مراد كمال يلتشينتان ان الهدف من هذا المشروع ‘جعل ساحة تقسيم مكان اكثر محافظة واكثر رأسمالية، فالامر هنا يتعلق بتصفية حسابات مع التيار الاصلاحي’.
كما اطلقت الحكومة مشروعا اخر لبناء مسجد ضخم يتسع لنحو ثلاثين الف شخص على اعلى تل في اسطنبول هو تل تشاملجا او تل العرائس الذي يطل على مضيق البوسفور.
لكن بعيدا عن حديقة غيزي وبناء المساجد فان لاردوغان وحزبه العدالة والتنمية طموحات اخرى في اسطنبول.
ففي شمال المدينة دشن رئيس الوزراء رسميا الاسبوع الماضي اعمال بناء جسر ثالث يربط بين ضفتي البوسفور بكلفة تقدر بنحو 3 مليارات دولار. ويندرج الجسر في اطار مشروع عملاق يشمل بناء مطار ضخم يمكن ان يستقبل 150 مليون مسافر سنويا وقناة تربط بين البحر الاسود وبحر مرمرة لتخفيف الضغط عن مضيق البوسفور ومدينتين جديدتين تضم كل منهما مليون نسمة على ضفتي هذه القناة.
وحذر تايفون كهرمان رئيس غرفة اسطنبول العمرانية الذي نصبت جمعيته خيمة في حديقة غيزي من ان ‘الهدف من هذا المشروع هو فتح اراض جديدة للبناء’.
واضاف كهرمان ‘في المدينة، لم تعد هناك اراض للبناء. لذلك تقوم الدولة بتخصيص كل الاراضي الاميرية وتضع مشاريع بنى تحتية عملاقة تتيح لها الاعلان عن طرح اراض جديدة للبناء’ معربا عن الاسف للمذبحة المتوقعة لغابات شمال اسطنبول التي تعد ‘ثروة طبيعية شديدة الاهمية للمدينة’.
وخلف هذه المشاريع الضخمة مثل مشاريع الترميم العمراني الاقل شهرة يندد الكثيرون بهيمنة بعض المجموعات الاقتصادية الكبرى القريبة من حزب العدالة والتنمية على المدينة.
وقال سامي يلماز تورك السكرتير العام لغرفة المعماريين في اسطنبول ‘من الواضح ان المشروع العمراني ليس مصمما لتوفير سكن افضل للسكان وانما لنقل بعض الاملاك الى ايد اخرى’.
وذكر بانه في العديد من الاحياء التي تم ‘تجديدها’ ارغم سكان المنازل المتواضعة على البحث عن مساكن اخرى في ضواحي المدينة تاركين المكان لسكان اكثر ثراء الامر الذي استفادت منه كثيرا شركات التطوير العقاري.
من جانبه اوضح كهرمان ‘هناك كثير من الامثلة في اسطنبول حيث بيعت اراض تابعة للبلدية ليجري على الاثر تعديل خطة الاشغال للسماح ببناء ناطحات سحاب’.
واضاف الخبير المعماري ان ‘الناس يدركون ذلك ويتحركون ضده بقوة’ مؤكدا ان ‘ابناء اسطنبول يريدون استعادة مدينتهم’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية