المستوطنة الجديدة التي تنوي إسرائيل إقامتها في منطقة “غوش عتصيون” ربما تبنى في قلب منطقة حصلت على اعتراف من منظمة لأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، كوقع للتراث العالمي، ما يبدو للوهلة الأولى كخرق للميثاق العالمي الداعي للحفاظ على مواقع التراث العالمية الذي وقعت عليه إسرائيل.
قبل شهرين، قرر الكابنيت السياسي الأمني إقامة خمس مستوطنات جديدة، من بينها مستوطنة “حيلتس”. يدور الحديث عن شرعنة وتوسيع بؤر استيطانية غير قانونية قائمة اليوم. في الشهر الماضي، نشرت الإدارة المدنية خارطة للمنطقة (تقريباً 600 دونم) المخصصة لإقامة “حيلتس” قرب قرية بتِّير الفلسطينية. وحسب هذه الخارطة، يدور الحديث عن “أراضي دولة”، المنطقة في منطقة سلسلة جبال “غيلو” وحوض “المطاهر” في “ناحل رفائيم”. والمنطقة تضم مستوطنة يهودية قديمة هي “بيتار”.
في العام 2014 وافقت اليونسكو على طلب السلطة الفلسطينية الاعتراف بالمدرجات القديمة في بتّير كموقع للتراث العالمي. تم تقديم هذا الطلب على خلفية نية إسرائيل إقامة جدار الفصل في المنطقة. التعريف “مشهد ثقافي” أعطي للمكان بفضل الثقافة الزراعية التقليدية للزراعة في مدرجات على سفوح الجبال واستخدام طريقة للري ما زالت منذ آلاف السنين. “اليونسكو” عرفت الموقع باسم “أرض العنب والنبيذ”.
المشهد الزراعي في بتير ظل محفوظاً عليه حتى الآن، ويستمر المزارعون الفلسطينيون في تطويره. حسب منظمة البيئة “إيكوبيس” التي يشارك في عضويتها أشخاص من إسرائيل والأردن وفلسطينيون، فإن إقامة مستوطنة جديدة في المكان تخرق القيود المفروضة عليها في إطار قوانين حماية مواقع التراث العالمية. “خطة حيلتس في منطقة الموقع التراثي لبتير هي بكاء لأجيال”، قال المدير العام الإسرائيلي لهذه المنظمة، المحامي جدعون برومبرغ. “المصادقة على هذه الخطة تساوي البناء في منطقة مواقع للتراث العالمي مثل “متسادا” أو بيت جبرين. وهي خطوة لم يكن أحد يفحص القيام بها. البناء في هذا الموقع المميز، الذي لإسرائيل أيضاً مصلحة في الحفاظ عليه، دون مس ولو بالحد الأدنى للتأثير البيئي وفحص البدائل، هو أمر سخيف وغير معقول ولا منطقي.
حسب قواعد الميثاق الدولي لمواقع التراث العالمي، يجب الامتناع عن التطوير والبناء التي تمس بهذه المواقع ومحيطها. تعتبر هذه المنطقة فاصلة قد تحمي المواقع. انضمت إسرائيل للميثاق في 1999 ونتيجة لذلك أخذت على عاتقها تعهداً قانونياً بحماية مواقع التراث الموجودة داخل حدودها وعدم القيام بخطوات متعمدة قد تلحق أضراراً، بشكل مباشر أو غير مباشر، بمواقع التراث على أراضي دولة أخرى. إسرائيل في الواقع انسحبت من “اليونسكو” قبل سبع سنوات، لكنها لم تلغ توقيعها والتزامها بالميثاق. وحسب ادعاء “، فإن هذا الأمر يعني أن إسرائيل ما زالت ملزمة قانونياً بتطبيق تعليمات الميثاق.
قد تكون “حيلتس” داخل حدود الولاية القضائية للمجلس الإقليمي “غوش عتصيون”. وإضافة إليها والأربع مستوطنات الأخرى، صادقت الحكومة منذ اندلاع الحرب على إقامة أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية في مستوطنات قائمة والإعلان عن منطقة تبلغ مساحتها 24 ألف دونم كأراضي دولة.
عقدت “اليونسكو” قبل شهر تقريباً جلسة حول الموقع التراثي في بتير، وعبرت عن قلقها من استمرار البناء غير القانوني وإقامة مستوطنات في المنطقة وفي المنطقة الفاصلة المحيطة به. “نطلب من كل الأطراف الامتناع عن نشاطات تتسبب بإضرار الموقع”، كتب في قرار المنظمة. لم تعط إدارة الاستيطان في “يهودا والسامرة” التي هي تحت مسؤولية وزير المالية سموتريتش، أي رد على طلب “هآرتس” في هذا الأمر.
رئيس المجلس الإقليمي “غوش عتصيون”، يارون روزنطال، أثنى على قرار الحكومة، وقال إن “حيلتس” ستخلق تواصلاً للاستيطان اليهودي بين “غوش عتصيون” والقدس. وأشار برضى إلى أن من يسير مشياً على الأقدام من “غوش عتصيون” إلى القدس، لن يرى إلا “مستوطنات يهودية”. ورداً على الادعاءات حول المس بموقع التراث العالمي في بتّير، قال روزنطال: “بناء المستوطنة الجديدة سيراعي الحساسية البيئية في وادي “رفائيم”. بالنسبة لي، التراث في منطقة بتير يلزم بإعادة اليهود إلى المناطق التي طردوا منها في نهاية “بار كوخبا”. بعد آلاف السنين التي سفكت فيها دماء يهودية كثيرة لمن ذبحهم الرومان في الوديان في المنطقة، نستطيع اليوم التبشير بأن الأبناء عادوا إلى حدودهم”.
تسفرير رينات
هآرتس 6/9/2024