مشروع قانون صندوق هيئة قناة السويس يهدد «الحوار الوطني» في مصر

تامر هنداوي
حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» : يواجه «الحوار الوطني» الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، تحديات عدة، لا سيما بعد تلويح العديد من الأحزاب السياسية بالانسحاب منه، رفضا لمشروع قانون هيئة قناة السويس، الذي نص على إنشاء صندوق يسمح ببيع وتأجير أصول القناة.
فقد تعالت الأصوات المطالبة للحركة المدنية الديمقراطية التي تضم 12 حزبا بمراجعة موقفها من الحوار، إذا أصرت الحكومة على تمرير مشروع القانون، والذي تعتبره المعارضة «كارثيا ويهدد الأمن القومي المصري».
وسبق للأحزاب ذاتها أن انتقدت ولوحت بالانسحاب من الحوار في حال عدم التزام السلطة في مصر بالإفراج عن كافة سجناء الرأي، ما يعني أن مشروع القانون الجديد يزيد الفجوة بين الطرفين، بما يتعلق بالحوار.
حزب الكرامة قال في بيان إنه يدعو لمراجعة الموقف من الحوار الوطني بسبب صندوق قناة السويس.

«التعديلات المشبوهة»

وأكد أن «المكتب السياسي اجتمع لمناقشة عدد من القضايا المطروحة على الساحة السياسية في الفترة الأخيرة وعلى رأسها تعديلات قانون هيئة قانون السويس المعروض على البرلمان والذي أثار فزع المصريين بسبب ما تنطوي عليه من مهددات للأمن القومي».
الاجتماع خلص إلى أن «السلطة الحالية لا تزال مستمرة في المقامرة بكل مقدراتنا الوطنية وتعريض مستقبل البلاد للخطر تحت ضغط الأزمة الاقتصادية الناجمة أصلا عن سوء الإدارة وعدم الشفافية والمنهج الأحادي في الحكم، ما دفع المجتمعون لدعوة مؤسسات الحزب المختلفة إلى إعادة تقييم الموقف من ملف الحوار الوطني بالكامل، ودعوة الشركاء من القوى الوطنية للانسحاب الفوري منه إن استمرت السلطات المعنية في مناقشة وتمرير تلك التعديلات المشبوهة، وتجاهل الأصوات الشعبية الغاضبة».

نهج اقتصادي فاشل

محمود حبيب أمين تنظيم حزب الكرامة قال لـ «القدس العربي»، إن المعارضة المصرية قدمت كل ما لديها لإنجاح الحوار الوطني، في وقت يقدم النظام كل أسباب فشل هذا الحوار.
وأضاف أن المعارضة أمام تحد واضح خاص بإسقاط مشروع قانون صندوق هيئة قناة السويس «الكارثي»، على حد تعبيره.
وبين أن «الفترة الماضية أثبتت أن السلطة في مصر متمسكة بالنهج الاقتصادي الفاشل القائم على الاستدانة وبيع الأصول، ولم تنتظر بدء الحوار لمناقشة قرارات مصيرية مثل قرض صندوق النقد الدولي أو مشروع قانون صندوق هيئة قناة السويس، وعقدت مؤتمرا اقتصاديا بدا وكأنه محاولة للخروج منه بدعم لقراراتها أو لإظهار قراراتها المسبقة باعتبارها حلولا للأزمة الاقتصادية».
وزاد: «ما يمكن أن نراه من الخطوات التي تتبناها الحكومة، أن الحوار مجرد أداء شكلي لا يمت بمناقشات حقيقية بالأزمات التي تمر بها البلاد».
وختم: «الكرامة جزء من الحركة المدنية، وسيتخذ قراره النهائي من المشاركة في الحوار بعد مناقشة أحزاب الحركة».
كذلك قال طلعت خليل، أمين عام حزب المحافظين، لـ«القدس العربي»، إن حزب المحافظين يرفض مثل كافة أحزاب الحركة المدنية مشروع قانون صندوق هيئة قانون السويس جملة وتفصيلا.
وأضاف خليل، وهو مقرر لجنة الدين العام والإصلاح المالي وعجز الموازنة في المحور الاقتصادي في الحوار الوطني، أن مشروع قانون إنشاء صندوق هيئة قناة السويس «مخالف للدستور وقانون الهيئات الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة ويتعدى على أهم موارد الموازنة العامة للدولة من العملات الصعبة، فضلاً عن تعارضه مع متطلبات الأمن القومي واستقرار واستدامة تنمية مرفق قناة السويس».
وأكد أن مشروع القانون الجديد يمثل «خطراً داهماً يبتلع هيئة قناة السويس ويمس بسيادة مصر على أهم مرفق دولي تديره الدولة».
وحول ما تبقى للجنة الدين العام والإصلاح المالي وعجز الموازنة للمناقشة، عند انطلاق الحوار، في ظل استمرار الحكومة المصرية في النهج الاقتصادي التي تنتقده المعارضة، قال: «كان على الحكومة ألا تتخذ بعض القرارات إلا بعد الانتهاء الحوار الوطني، ولدينا خطة لزيادة موارد الدولة، لكن الحكومة استبقت الحوار بإصدار وثيقة ملكية الدولة، لتخارج الدولة من بعض القطاعات الاقتصادية، وليس لدينا مشكلة مع القطاع الخاص، ولكن نرفض خروج الدولة من مشروعات التعليم والصحة والمرافق العامة».

وحدة الموازنة

وزاد: «في الوقت الذي طالب فيه علماء الاقتصاد في مصر وصندوق النقد الدولي بوحدة وشمول الموازنة، تضرب الحكومة موازنة مصر وتنشىء صندوقا موارده وإيرادته لا تمت بصله لموازنة الدولة وهو بعيد تماما عن رقابة البرلمان، فهل من المقبول أن تحول نسبة من إيرادات قناة السويس وتخصيص جزء من فائض الهيئة لهذا الصندوق، هذا أمر فيه عبث شديد واستهانة بإيرادات مرفق ذي حصيلة دولارية مهمة، تحولت إلى الصندوق وبعيدا عن موازنة الدولة لأن فائض قناة السويس باعتبارها هيئة اقتصادية تؤول هذه الفوائض للخزانة العامة».
ولفت إلى أن «الصندوق سوف يتم وضع نظامه الأساسي بعيدا عن البرلمان وبقرار من رئيس الجمهورية بناء على عرض رئيس هيئة قناة السويس وبعد موافقة مجلس الوزراء ونحن لا نعلم هل النظام الأساسي للصندوق لهذا المرفق الخطير الذي يشكل أمنا قوميا لمصر أن تكون لائحة النظام الأساسي بعيدة عن موافقة البرلمان».

قيادي معارض لـ «القدس العربي»: القرار محل مناقشة في أحزاب الحركة المدنية

وعن دعوات الانسحاب من الحوار الوطني، قال خليل إن «الأمر محل مناقشة من أحزاب الحركة المدنية»، لافتا إلى أن «المعارضة متمسكة بالحوار، إلا أن السلطة بأفعالها هي من تنسحب من الحوار بالإقدام على خطوات دون انتظار حوار حقيقي مع المعارضة».
وكانت حركة الاشتراكيين الثوريين دعت هي الأخرى الحركة المدنية الديمقراطية، للانسحاب من الحوار.
وقالت في بيان، إن «على الحركة المدنية مراجعة ما يسمى بالحوار الوطني، فالنظام الذي تخلى عن تيران وصنافير ويسعى حاليا الى إعادة القناة للأجانب، ويستمر في نفس السياسات الاستبدادية والاقتصادية الكارثية، لا يسعى منذ أن بدأ الإعداد للحوار سوى إلى تجميل وجهه أمام المؤسسات الدولية».
وزادت: «معركة إسقاط هذا القانون الكارثي اجتماعياً ووطنياً تستدعي إنشاء جبهة تربط بوضوح بين رفضها لتمرير القانون وبين مقاومة سياسات الخصخصة ورفع الأسعار والتجويع، إلى جانب مخاطبة عمال شركات قناة السويس والعاملين بها التي ستتأثر أوضاعهم المعيشية بلا شك».
وأضافت أن «القانون أكد ما تردد عن وجود تفاهمات حالية مع بعض الدول الخليجية للشراكة والاستحواذ على بعض الشركات المملوكة للهيئة وما يرتبط بها من تهديد للسيادة على القناة».
وختمت بيانها: «تدعي الحكومة أن تأسيس صندوق خاص لهيئة القناة لا يعني الخصخصة والبيع، بينما نصوص التعديل الذي تقدمت به واضحة وصريحة بأن الأمر يتعلق بخصخصة لا لبس فيها، فما معنى ما تنص عليه المادة 15 مكرر (2) من التعديل المذكور على تمكين الصندوق من القيام بجميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية، ومنها: تأسيس الشركات، والاستثمار في الأوراق المالية، شراء وبيع وتأجير واستئجار أصول الصندوق الثابتة والمنقولة والانتفاع بها».
رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات، دعا الحكومة إلى الاستماع للرافضين والمتخوفين من مشروع قانون صندوق قناة السويس، متحدثا عن «ردود الفعل الواسعة إزاء القانون صاحبها من تخوفات ومحاذير، لا ينبغي أبداً تجاهلها، أو المضي قدماً في تمرير التشريع من دون الالتفات إليها، خصوصاً أن القناة لها رمزية في قلوب كل المصريين، وترتبط بتاريخ طويل من التضحيات والكفاح».
وقال إنه «بعيداً عن صيحات الرفض، ومواقف الأحزاب والقوى السياسية من المشروع، والتي نحن معها؛ فإن الأمر يتطلب الدعوة إلى جلسة عاجلة في إطار الحوار الوطني، أو جلسة استماع يعقدها البرلمان يجلس فيها الجميع من حكومة ومتخصصين وأحزاب وقوى سياسية وخبراء معنيين، من دون استثناءات، بغرض الاستماع لكل الآراء والتخوفات حول الهدف من طرح القانون، وتداعياته».
وحذر، في بيانه «مما يتردد بشأن تفاهمات حالية مع بعض الدول الخليجية للشراكة والاستحواذ على بعض الشركات المملوكة لهيئة قناة السويس، وما يرتبط بها من تهديد للسيادة على القناة والأمن القومي، وغيرها من الأمور المثارة حول إنشاء الصندوق، وارتباط ذلك باشتراطات صندوق النقد الدولي لمنح مصر قرضا جديدا بقيمة 3 مليارات دولار».
وأكمل: «الحكمة والعقل يتطلبان الاستماع إلى الجميع، والرد على كل التساؤلات والتخوفات، تفادياً لتشكيل جبهات سياسية وطنية للدفاع عن قناة السويس، وسعيها في مسارات قانونية، بالإضافة إلى فتح المجال أمام أقاويل وشائعات يستغلها البعض لإفساد عقول المصريين. لذلك ليس من الحكمة أبداً تجاهل أصوات المصريين، وعدم الاكتراث بمواقف الرافضين والمتخوفين من القانون».
ووافق مجلس النواب، بشكل مبدئي الإثنين الماضي، على مشروع على مشروع قانون مقدم من الحكومة لإنشاء صندوق مملوك لهيئة قناة السويس، يهدف لتنمية موارد القناة من خلال استغلال وتعظيم قيمة أموال ستوضع فيه. وحسب مشروع القانون، سيتمكن الصندوق الجديد من شراء وبيع وتأجير واستئجار واستغلال الأصول الثابتة والمنقولة والانتفاع بها.
ويهدف المشروع لتمكين قناة السويس من مواجهة الأزمات في ظل فترات التقلبات الاقتصادية وسوء أوضاع التجارة العالمية، ويعمل المشروع على تعديل بعض أحكام القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس، وتم إرجاء الموافقة النهائية على المشروع إلى جلسة مقبلة.
وكان السيسي دعا في أبريل/ نيسان الماضي، إلى عقد حوار وطني وأعاد تشكيل لجنة العفو الرئاسي لمراجعة ملفات السجناء السياسيين، ما أسفر عن صدور قرارات بالعفو الرئاسي عن عدد ممن صدرت ضدهم أحكام نهائية بالسجن، بينهم البرلماني السابق زياد العليمي، وقرارات من النيابة بإخلاء سبيل المئات حسب بيانات اللجنة، إلا أن أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني تنتقد ما تصفه بالبطء في إصدار قرارات الإفراج عن السجناء، وتواصل عمليات القبض على أصحاب الرأي.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    السيسي يبيع مصر قطعة قطعة وهو يخيف الشعب بازلامه من قوات تحت تصرفه تبطش وتقتل حتي لايتكلم احد — حسبنا الله ونعم الوكيل

إشترك في قائمتنا البريدية