الخرطوم- «القدس العربي»: في وقت تتصاعد أزمة انقطاع خدمات الاتصال والإنترنت في عدة مناطق سودانية، اتهم جهاز تنظيم الاتصالات والبريد قوات الدعم السريع بقطع الشبكات وتخريب أبراج الاتصال.
وتشهد العاصمة الإدارية بورتسودان وعدة مناطق أخرى انقطاعاً كاملاً في شبكات الاتصال والإنترنت منذ الإثنين، بينما يعاني نطاق واسع من إقليم دارفور من توقف الخدمة لأكثر من 8 أشهر.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يشهد قطاع الاتصال والإنترنت تردياً واسعاً، بلغ ذروته بتوقف الخدمة بشكل كامل في العاصمة الإدارية بورتسودان.
وتشغل ثلاث شركات رئيسية قطاع الاتصالات في السودان؛ بما يشمل شركة سوداني المشغل الأساسي لشركة سوداتل التي تقدم خدمات الاتصال السلكي واللاسلكي في البلاد، بالإضافة إلى زين الكويتية وإم تي إن الجنوب إفريقية.
وتتمركز معظم مقسمات الخدمة التابعة لشركات الاتصال في العاصمة الخرطوم، حيث تتصاعد المعارك منذ نحو عشرة أشهر.
وقال جهاز تنظيم الاتصالات والبريد السوداني إن قوات الدعم السريع قامت بإيقاف العمل في مراكز بيانات شركتي سوداني وإم تي إن، متهمة إياها بالتخريب والإمعان في زيادة معاناة المواطنين.
وأشار إلى أن الدعم السريع تطالب بإعادة الاتصالات إلى مناطق سيطرتها في ولايات دارفور مقابل إعادة الخدمة إلى أنحاء البلاد الأخرى. وأرجع جهاز تنظيم الاتصالات والبريد توقف الخدمة في إقليم دارفور إلى إحراق العديد من الأبراج وتخريب الفايبر وانقطاع التيار الكهربائي وانعدام الوقود.
واتهم الدعم السريع بإجبار الفنيين في شركة زين للاتصالات على إيقاف الخدمة عن ولايتي نهر النيل وبورتسودان والتهديد بإيقافها بشكل كلي.
واعتبر الجهاز ذلك خرقاً للاتفاقات التي تمت في مدينة جدة السعودية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، مشدداً على أنها تنص على خروجهم من الأعيان المدنية والمراكز الخدمية.
وذكر البيان أن المقسمات الرئيسية لتلك الشركات موجودة بوسط الخرطوم، مشيرة إلى أن قوات الدعم السريع تسيطر على تلك المنطقة منذ اليوم الأول للحرب.
وفي السياق، قالت شركة زين للاتصالات، في بيان، أمس الثلاثاء، إن الانقطاع الحالي للشبكة جاء لظروف خارجة عن إرادتها -لم تذكرها- متمنية أن تعود الخدمة في أقرب وقت.
وأكدت أنها ظلت تسعى منذ بداية المعارك للحفاظ على خدمات الاتصال والإنترنت، مشيرة إلى التبعات الكارثية على المواطنين. ولفتت إلى أن فرق عملها والشركات المساندة لها تعمل تحت ظروف قاسية وخطيرة للغاية، منذ اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان الماضي.
وقالت شركة سوداني في بيان مقتضب إنها تعتذر عن انقطاع الشبكة، مشيرة إلى أن فريقها يعمل بأقصى جهده لإرجاع الخدمة في أقرب وقت لضمان عودة خدمة الاتصال.
وحذت حذوها، متحفظة كذلك على الأسباب، شركة “أم تي إن” التي أبدت أسفها لانقطاع جميع خدماتها. وعزت ذلك لظروف خارجة عن إرادتها، مؤكدة سعيها لاستعادة الخدمة في أسرع وقت.
وأدانت نقابة الصحافيين السودانيين إقدام قوات الدعم السريع على قطع خدمة الاتصالات والإنترنت، محذرة من أن ذلك يُمثّل انتهاكاً لحقوق الإنسان، في الحصول على المعلومات، وتداولها وانتهاكاً لحرية التعبير والقانون الدولي.
وشددت على عدم وجود أي مبرر لقطع الشبكات، وأن الأمر لا يُمكن كذلك إخضاعه للمساومة في النزاع.
واعتبرت قطع خدمة الاتصالات والإنترنت أمراً مرفوضاً، منوهة إلى أن ذلك يتسبّبُ في عرقلة الحصول على الخدمات الصحيّة، وتلقي المساعدات الطبية، ويُعرّض حياة الملايين للخطر، خاصة لمن هم في مناطق الاقتتال.
ولفت إلى تأثيره على مستخدمي التطبيقات البنكية، الذين يواجهون صعوباتٍ بالغةٍ في استخدام هذه التطبيقات، في ظل تردي جميع الأوضاع بما فيها الاقتصادية بفعل الحرب، خاصةً وأنّ الملايين يعتمدون في معاشهم على التحويلات المالية التي تأتي من الخارج، لأنّ الحرب تسبّبتْ كذلك في تحويل الملايين إلى عاطلين عن العمل، مهددين بالجوع.
ودقت نقابة الصحافيين السودانيين جرس الإنذار بأنّ قطع خدمتي الاتصالات والإنترنت يُساعد كذلك في التستر وإخفاء الانتهاكات والجرائم المرتكبة جرّاء الحرب الدائرة، ويساعد في الإفلات من العقاب مستقبلاً. ونوهت إلى إنّ انقطاع هاتين الخدمتين يؤثّرُ بشكلٍ بالغ على عمل الصحافيين، ويزيد من معاناتهم في رصد ونشر المعلومات والأخبار.
وطالبت بإعادة خدمة الاتصالات والإنترنت فوراً، مناشدة المنظمات الإقليمية والدولية العاملة في مجال حرية التعبير وحقوق الإنسان، بإدانة قطع خدمة الاتصالات والإنترنت، والضغط من أجل إعادتها إلى العمل، ونوهت إلى أنّ حياة ملايين المواطنين على المحك بسبب ذلك.
الى ذلك التقى وزير الخارجية السوداني، علي الصادق، نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أمس الإثنين، في العاصمة الإيرانية طهران.
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها لوزير خارجية سوداني إلى طهران بعد قطيعة دبلوماسية استمرت لثماني سنوات.
وعلى خلفية الاعتداء على السفارة السعودية في طهران، أعلنت الحكومة السودانية في العام 2016 قطع العلاقات مع إيران. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي أعلنت الخرطوم وطهران استئناف العلاقات بين البلدين.
وقال الجانبان في بيان مشترك إن “قرار استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السودان وإيران لخدمة مصلحة البلدين، على خلفية عدد من الاتصالات رفيعة المستوى تمت خلال الأشهر الماضية”.
وكان وزير الخارجية السوداني قد عبر عن تقديره للمساعدات الإنسانية التي قدمها الهلال الأحمر الإيراني للسودان خلال الأزمة الراهنة. مشيداً بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران، وأن ذلك من شأنه أن يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.