الدوحة- “القدس العربي” :
أكدت مصادر مطلعة لـ “القدس العربي” أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني سيقوم بجولة آسيوية نهاية شهر كانون الثاني/ يناير الجاري، تقوده إلى كوريا الجنوبية واليابان والصين.
وسيبدأ أمير قطر جولته الآسيوية يوم 27 كانون الثاني/ يناير الجاري إلى بداية شهر شباط/ فبراير المقبل، يستهلها بزيارة كوريا الجنوبية، متوجّها منها إلى اليابان، قبل أن يختتم جولته بزيارة جمهورية الصين الشعبية.
ويرتقب أن يرافق أمير قطر وفد هام، ويلتقي خلال جولته قادة الدول الثلاث لإجراء محادثات ثنائية حول تطوير العلاقات الثنائية، ومناقشة القضايا الإقليمية والدولية، قبل أن يشهد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني توقيع سلسلة من الاتفاقيات مع قادة الدول الآسيوية الثلاث؛ والتي تشكل إحدى أقوى الاقتصادات العالمية.
وتأتي زيارة الشيخ تميم إلى الدول الآسيوية الثلاث، تأكيداً لتوجه قطر نحو الانفتاح على أسواق عالمية جديدة، لا سيّما منذ بداية الحصار المفروض عليها في الخامس من حزيران/ يونيو 2017.
وبعد سلسلة من الجولات بين دول غرب أفريقيا، ثم شرق القارة السمراء، وجولات أخرى في دول أوروبية وآسيوية، مروراً بدول أميركا اللاتينية، بمجموع 16 زيارة خارجية عام 2018. يستهل أمير قطر سنة 2019، بجولة آسيوية جديدة إلى دول تربطها بدولة قطر علاقات سياسية واقتصادية مميّزة، بحسب تصريحات مسؤولي البلدين، إلى جانب ارتفاع التعاون الاقتصادي والتجاري بينها.
وقد أبدت كلا من كوريا الجنوبية واليابان والصين مواقف إيجابية إزاء الحصار المفروض على دولة قطر، مؤكدة تمسكها بتثمين علاقاتها الدبلوماسية وزيادة مبادلاتها التجارية مع الدوحة، داعية في الوقت ذاته إلى ضرورة تغليب منطق الحوار لحل الأزمة الخليجية؛ وهو الطرح الذي ما فتئت دولة قطر تنادي به، منذ بدء إحدى أعنف الأزمات السياسية التي تضرب دول مجلس التعاون الخليجي.
تأسست العلاقات القطرية الكورية عام 1974. وبحسب تشانغ مو كيم سفير كوريا الجنوبية لدى الدوحة في تصريحات صحافية سابقة، فقد بلغ حجم التجارة الثنائية 11.7 مليار دولار عام 2017، منها 11.2 مليار دولار صادرات قطرية، مقابل 436 مليون دولار صادرات كورية نحو الدوحة، بزيادة بنسبة 12 ٪ مقارنة بالعام الذي سبقه. وتزوّد قطر كوريا الجنوبية بـ 11.5 مليون طن من الغاز الطبيعي، والذي يمثل ثلث الاستهلاك السنوي للغاز الطبيعي المسال في كوريا، ما يجعل من كوريا أكبر وجهة لتصدير الغاز الطبيعي المسال بالنسبة لقطر.
ويقدر الاستثمار الكوري في قطر بحوالي 71 مليون دولار، تشمل الصناعات من البناء، وإدارة المرافق، وخدمة الإيجار إلى التصنيع. كما تتواجد حوالي 15 شركة كورية لديها تمثيل في قطر. معظمها من شركات البناء والهندسة، وهم يشاركون في 35 مشروعاً مختلفاً تبلغ قيمتها 12.4 مليار دولار.
وفي مجال التعاون الأمني، وقعت كوريا وقطر اتفاقية للتعاون الدفاعي في عام 2014، بمناسبة زيارة الشيخ تميم بن حمد إلى كوريا. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ عام 2016.
وثمّن سفير كوريا لدى الدوحة نجاح قطر في تجاوز الحصار المفروض عليها، قائلاً في حوار سابق لصحيفة “العرب” القطرية: “يبدو أن قطر قد تغلبت على معظم المخاطر والصعوبات التي سببها الحصار في العام الماضي بإجراءات سريعة تحت قيادة حكيمة. كما يبدو أن معظم الآثار السلبية قد أزيلت الآن في الاقتصاد المحلي. ومن المدهش أنه خلال فترة الحصار، حققت قطر الكثير في سعيها لتحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي. وحولت الحكومة والشعب القطري المخاطر إلى فرصة عظيمة”.
تستعد دولة قطر واليابان للاحتفال بمرور 50 عاماً على بدء علاقاتهما الدبلوماسية بين البلدين في العام 2021، حيث جرى تطوير هذه العلاقات منذ عام 1971 مباشرة بعد استقلال قطر، ونشطت اليابان في قطاع الطاقة في قطر في العام ذاته، عندما بدأ العمل بحقل “البندق” للنفط، ثم بدأ تصدير كميات معينة من النفط الخام إلى اليابان.
ووفقاً للإحصاءات فإن إجمالي الصادرات القطرية لليابان بلغ نحو 11.6 مليار دولار في العام الماضي. كما تشارك الشركات اليابانية في العديد من محطات تصدير الغاز الطبيعي المسال في قطر، مثل شركة “ماروبيني” و”ميتسوي”. وتستورد اليابان نحو 10.13 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً، أي بما يعادل 13.1 % من إنتاج قطر من الغاز المسال.
وعن الأزمة الخليجية الراهنة، قال سييتشي أوتسوكا، سفير اليابان لدى الدوحة في تصريحات صحافية سابقة، إن بلاده تُقدّر موقف قطر من الأزمة الخليجية، وعدم لجوئها إلى التصعيد، وتتمنّى حلّ الأزمة بأسرع وقت؛ لافتاً إلى أن أي حل ينبغي أن يكون بين قادة مجلس التعاون، وفي إطار الوساطة الكويتية.
احتفلت دولة قطر والصين بمرور 30 عاماً على تأسيس علاقاتهما الثانية في آيار/ مايو الماضي. وقال لي تشن، سفير الصين لدى الدوحة في تصريحات صحافية إن العلاقات بين الدوحة وبكين قد تطورت كثيراً وبشكل متسارع خلال الـ 30 سنة الماضية في مختلف المجالات، منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1988.
وزار أمير قطر الصين العام 2014، حيث تم الاتفاق خلالها على إقامة علاقة الشراكة الاستراتيجية بينهما، والتي تشهد الآن تطوراً متواصلاً ومتسارعاً، توّجت بإعلان البلدين مؤخراً على تبادل إعفاء مواطنيهما من التأشيرة.
وتعدّ الصين رابع أكبر شريك تجاري لقطر، وثاني أكبر مصدر لوارداتها، في حين تعد قطر ثاني أكبر مصدر للغاز المسال الطبيعي للصين. وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 10 مليارات دولار عام 2017، في ظل وجود العديد من الشركات الصينية التي تعمل في قطر بعضها يشارك في مشاريع استراتيجية هامة كميناء حمد ومشاريع مونديال 2022.
وعن الأزمة الخليجية، فقد أعرب السفير الصيني عن أسف بلاده لما حدث من خلاف وأزمة بين دولة قطر ودول الحصار الأربع، خاصة وأنها دول شقيقة وتربط بين شعوبها علاقات ممتازة، فضلاً عن أنها أعضاء بالجامعة العربية، وثلاث منها بمجلس التعاون لدول الخليج العربية، مؤكدا موقف الصين الداعي إلى حل الأزمة الخليجية عبر الحوار والجلوس على طاولة التفاوض، على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير ودون مساس بالسيادة، لافتاً إلى أن من مصلحة الجميع وأمن واستقرار المنطقة، حل الأزمة بالحوار وفي أقرب وقت ممكن، لتعود العلاقات بين هذه الدول الشقيقة لما كانت عليه من قبل.
لو بنت دول الخليج على منوال سياسة قطر لكانت المنطقة كلها قوة لا يُستهان بها بل وقطب دولي يُقرأ له حسابا لكن دول الخليج فضلت الحصار على قطر الذي لم يزدها غير قوة. في المقابل حصل العكس.