القاهرة ـ «القدس العربي»: عاد التوتر ليخيم على علاقات القاهرة بكل من انقرة وواشنطن وحركة حماس على خلفية العدوان الاسرائيلي على غزة. فقد قررت وزارة الخارجية المصرية أمس الاحد استدعاء القائم بأعمال السفارة التركية في القاهرة لتنقل له اعتراض واحتجاج الحكومة المصرية على تصريحات رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان التي اعتبر فيها ان «الادارة المصرية غير شرعية، وان المشير السيسي طاغية». وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري علق على تصريحات اردوغان قبل يومين بالقول «انها تخرج عن المألوف في العلاقات الدولية»، فيما شنت وسائل إعلام مصرية انتقادات قاسية ضد اردوغان اتهمته فيها «بالفساد، والحقد والتطاول على مصر، والسعي الى تهميشه باقناع حماس برفض المبادرة المصرية للتهدئة في غزة».
واستبعد مصدر دبلوماسي مصري في تصريحات خاصة لـ «القدس العربي» ان تتدهور الأمور بين القاهرة وانقرة الى مستوى القطيعة الكاملة، بسبب المصالح المشتركة للبلدين التي تحتم وجود نوع من الاتصالات، إلا أنه اعتبر ان القاهرة قد تضطر إلى ذلك في حال تمادي اردوغان في هذه التصريحات التي اصبح ينفرد بها خاصة بعد التطورات الايجابية التي عرفتها العلاقات المصرية مع قطر وايران مؤخرا.
حماس ومعبر رفح
وبالنسبة للعلاقات مع حماس قال المصدر ان القاهرة تعتبر موقف الحركة الرافض للمبادرة جاء ارضاء لاطراف اقليمية تسعى الى تهميش الدور المصري، وليس التزاما بالمصلحة الوطنية الفلسطينية. وقال «كان يمكنهم ان يتعاملوا ايجابيا معها ويطالبوا بتعديلات اذا كانوا صادقين».
وبالنسبة الى عدم تشاور مصر مع حماس بشأن المبادرة قبل طرحها، قال «لقد تشاورنا مع الرئيس محمود عباس باعتباره العنوان الشرعي للشعب الفلسطيني، ولايمكن ان نتجاوزه، ومن الغريب ان حماس تتوقع منا ان نفعل ذلك في وقت سمحت فيه لنفسها بالتدخل في الشأن المصري بشكل عدائي». واضاف «على اي حال فإن مصر لن تعدل مبادرتها التي تخدم مصلحة الشعب الفلسطيني في غزة بوقف فوري للعدوان، وانهاء كامل لحالة الحصار، وهي حظيت بتأييد الرئيس الشرعي للشعب الفلسطيني وكذلك بعض فصائل المقاومة في غزة، كما حظيت باجماع دولي عندما طرحت اثناء مناقشات مجلس الامن، وهو مايمثل ضمانة مهمة لالتزام اسرائيل بتطبيقها». وحول الانباء عن مبادرات بديلة والموقف المصري منها، قال «لسنا على علم بوجود مبادرات اخرى، وموقف مصر واضح وهو انها حريصة على وقف شلال الدم الفلسطيني في اقرب وقت، وليست معنية بالدخول في مهاترات مع احد».
وبالنسبة للانباء عن وجود مطالب بوضع معبر رفح تحت الاشراف الدولي كضمانة لفتحه على مدار الساعة، قال «لم نتبلغ بمثل هذا الكلام من احد، ومعبر رفح كغيره من المعابر الحدودية خاضع للسيادة والقوانين المصرية، ولايستطيع احد ان يجبر مصر على اتخاذ قرار بشأنه دون مراعاة اعتبارات متطلبات الامن القومي، وخاصة في ظل ما تواجهه البلاد من هجمات ارهابية، ولا قيمة لأي اتفاق بهذا الشأن لا تدعمه مصر، ومع ذلك فقد نصت المبادرة المصرية بوضوح على فتح كافة المعابر مع حدود غزة امام البضائع والافراد».
ونفى المصدر ما تناولته الانباء عن رفض خالد مشعل دعوة من الحكومة المصرية لزيارة القاهرة، وقال ان هذا يندرج تحت «بند الاكاذيب والألاعيب» ، كما نفى علمه بوجود نية لتوجيه هكذا دعوة قريبا.
ونقلت تقارير صحافية عن مصدر فلسطيني مقرب من حماس قوله إن مشعل، «اعتذر» عن دعوة وجهها له الأمين العام لجامعة الدول العربية، نبيل العربي، لزيارة القاهرة للتباحث حول مبادرة التهدئة المصرية.
وقال المصدر، مفضلاً عدم كشف عن هويته، إن «نبيل العربي اتصل بخالد مشعل وطلب منه الموافقة على المبادرة المصرية للتهدئة ولكن الأخير رفض».
وأضاف أن «العربي حثّ مشعل على قبول المبادرة المصرية للتهدئة، فقال الأخير إن رفض المبادرة هو موقف فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والشعب الفلسطيني ولا مجال للتراجع عنه مطلقا».
وأشار إلى أن العربي طلب من رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» زيارة القاهرة للتباحث حول موضوع التهدئة، فاعتذر مشعل عن ذلك لأن الدعوة «غير رسمية» فنبيل العربي يمثّل الجامعة العربية ولا يمثل مصر.
السيسي يرفض دعوة واشنطن
ويبدو أن التوتر عاد إلى العلاقات المصرية الأمريكية هذا الاسبوع، فقد اعلن السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس عبد الفتاح السيسى اعتذر عن عدم حضور قمة أفريقيا والولايات المتحدة، المقرر أن تعقد فى واشنطن آب/أغسطس المقبل.
وأضاف بدوي، فى تصريحات صحافية أن الرئيس اعتذر ولم يرفض الدعوة، مشيرا إلى أن المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء سيرأس وفد مصر فى هذه القمة. وكانت واشنطن استثنت مصر من الدعوات التي وجهتها االعام الماضي الى الدول الافريقية لحضور القمة، في ضوء تجميد عضوية القاهرة. واعتبر مراقبون ان رفض السيسي الحضور ربما جاء في اطار عدم تلقيه دعوة من الرئيس الامريكي باراك اوباما لزيارة واشنطن، واستمرار الحجب الجزئي للمساعدات العسكرية الامريكية لمصر التي تقد بنحو مليار وثلاثمئمة مليون دولار.
وكان وزير الخارجية الامريكي جون كيري الغى مرتين زيارة مقررة للقاهرة، اولهما الثلاثاء الماضي عندما اعلن في اللحظات الاخيرة عن «تأجيل الزيارة بسبب انشغاله»، وهو ما فسره مراقبون على انه احتجاج على استباق القاهرة اعلان مبادرتها للتهدئة في غزة دون انتظاره. وفي هذا الاطار ادلى وزير الخارجية سامح شكري في اليوم التالي بتصريحات اعتبرت موجهة الى واشنطن قال فيها «ان مصر لم تعد تقبل الإملاءات».
وعاد كيري والغى الزيارة مجددا أمس الأول السبت، ما اعتبر دليلا على التوتر، وكذلك نتيجة لرفض حماس للمبادرة المصرية.
محمد عبد اللطيف
الأيام كفيلة بفرز الغث من السمين.والصدق من الكذب لحبله القصير.