مصر… اسعار الوقود وخطر اشتعال «ثورة جياع»

حجم الخط
15

قامت الحكومة المصرية بخفض جزئي لدعم المواد البترولية الذي يكلف الدولة نحو عشرين بالمئة من الميزانية العامة، ضمن اجراءات للتقشف تستهدف خفض العجز في الميزانية الى نحو عشرة في المئة من اجمالي الناتج القومي.
وبالرغم من اشادة بعض الخبراء الاقتصاديين بالقرار باعتباره «خطوة ايجابية وبيانا واضحا للنوايا لاصلاح الاقتصاد»، الا ان القرار كرس مخاوف من ان العهد الجديد ينحاز عمليا ضد اصحاب الدخل المحدود او الثابت لمصلحة الاغنياء، بعد ان اثبت التطبيق العملي للزيادة خلال اليومين الماضيين فشل الحكومة في الوفاء بوعودها بشأن حماية الفقراء من ارتفاع كبير في اسعار السلع الاساسية.
وبات واضحا ان الحكومة لم تستعد لمواجهة عواقب زيادة اسعار الوقود، وانها لا تملك اي آليات حقيقية لضمان عدم استغلال التجار والشركات الكبرى للقرارات لفرض زيادات غير مبررة على المواطنين، باستثناء مناشدات ساذجة الى رجال الاعمال، وزيارات ميدانية قام بها مسؤولون لمتابعة تنفيذ القرارات.
وتوقع وزير التخطيط أشرف العربي ان يرتفع معدل التضخم بسبب هذه القرارات من ثمانية بالمئة حاليا الى خانة العشرات، فيما توقع خبراء ان الزيادة قد تحدث تغييرا هيكيليا في المجتمع، اذ ستدفع جزءا كبيرا من الطبقة المتوسطة للهبوط الى الطبقة الفقيرة.
وهكذا فان المواطنين من متوسطي الحال والفقراء الذين يفترض ان يستهدف اي اصلاح اقتصادي تحسين احوالهم هم من سيضطرون الى «شد الاحزمة» لتمويل الاجراءات الحكومية، بالاضافة الى دفع فاتورة الاخطاء الناجمة عن العشوائية في تطبيقها. ولكن من يعرفون الواقع في مصر يدركون ان الفقراء الذين يقتربون من نصف السكان لا يستطيعون ان يتحملوا مزيدا من المعاناة، وان بعض هؤلاء بدأ بالفعل في الحديث عن «ثورة جديدة» بحثا عن العدالة الاجتماعية المفقودة.
وبالفعل فان العهد الجديد اصبح يواجه مزيدا من الضغوط للتعامل بشفافية في هذا الملف الحرج بالنظر الى بعده السياسي، وارتباطه في اذهان المصريين بانتفاضة الخبز التي كادت تطيح نظام الرئيس الراحل انور السادات في العام 1977، لولا تراجعه عن قرارات زيادة الاسعار. وعلى الحكومة ان تجيب عن اسئلة محددة تتعلق بمحاباة الأغنياء في «روشتة الاصلاح االاقتصادي»، كما بدا واضحا في نسب الزيادة باسعار الوقود، حيث زادت اسعار السولار الذي يسمى في مصر بـ «وقود الفقراء» بنسبة ثلاثة وستين بالمئة، فيما لم تتجاوز في البنزين 95 اوكتين الذي تستخدمه السيارات الفارهة نسبة السبعة في المئة.
ويؤكد خبراء اقتصاديون ان نحو ثمانين بالمئة من اجمالي دعم الدولة للطاقة مازال يوجه الى غير المستحقين، وهم حسب تقديرات حكومية حوالي اربعمئة فرد فقط من اصحاب المصانع والشركات الكبرى التي تشتري الطاقة بالسعر المدعوم (من اموال الفقراء) في انتاجها المخصص للتصدير، وهكذا تبيع منتجاتها باسعار عالمية محققة ارباحا خيالية بسبب انخفاض سعر الطاقة محليا.
واذا كانت الحكومة ستحصل على واحد وخمسين مليار جنيه (نحو سبعة مليارات دولار) من جيوب الفقراء بالقرارات الاخيرة، فماذا تنتظر لكي تحصل على مثل هذا المبلغ او ضعفه من ارباح (المحظوظين الاربعمئة) اذا كانت هناك عدالة؟ وهل سيشعر المواطنون بتحسن في الخدمات حقا بعد وعود رئيس الحكومة بتخصيص اثنين وعشرين مليارا منها الى الصحة والتعليم؟
اما الهدف من الاسراع باصدار هذه القرارات فليس «انقاذ مصر من الافلاس» كما قال رئيس الحكومة، وان كان محقا في تحذيره من خطورة الحالة الاقتصادية، لكن استغلال عدم وجود برلمان يراقب ويحاسب، وكذلك حقيقة ان عمر هذه الحكومة لا يزيد عن ستة شهور، بالتالي ينطبق عليها المثل الشعبي المصري (يا رايح كتر من الفضايح).
ان الاستمرار في هذه السياسة الاقتصادية التي تكيل بمكيالين، وتفتقد القدرة على توفير شبكة امان للفقراء حتى وان صدقت نواياها وهي تسعى الى الاصلاح، لايمكن الا ان يولد طاقة متنامية من الغضب الشعبي التي قد تنفجر على هيئة «ثورة جياع» في وجه النظام في اي وقت، حتى اذا كان يظن انه يتمتع ببعض الشعبية حاليا.
فهل سيدرك النظام قبل فوات الاوان انه يحتاج الى مراجعة سريعة لسياساته الاقتصادية انصافا للفقراء الذين كانوا دائما وقود كل الثورات والتحولات التاريخية في مصر؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رضوان الشيخ - السويد(Sverige):

    النظام السيسي لن يراجع سياساته لان هذالنظام هو نظام انقلابي يعني سينقلب ع كل شيئ .هكذا ستشتعل ثورة جياع.
    وشكرا لجريدتنا الغراء

  2. يقول ابو سامي د.حايك:

    و ماذا عن أسعار الوقود البخسه لإسرائيل ؟ و ماذا يفعل رئيس المخابرات المصري هناك ؟ ما هذا التخبط و هل تصبح مصر عاله على العالم العربي و بير بلا قرار ؟ الحذار الحذار و الحكمه الحكمه و يجب البدء بتوزيع الثروه من أعلى إلى أسفل و ليس من أسفل إلى أعلى كما في كل البلاد الراقيه حيث يدفع 20% من الشعب 80% من الضرائب طوعا للقانون و أيضا عن طيبة خاطر للحفاظ على النسيج الإجتماعي و لكي يستحق الشعب إسمه بأنه شعب واحد بأغنيائه و متوسطيه و فقرائه و هذا هو الإستقرار الحقيقي و تُقاس قوة الدول باعتنائها بضعفائها

  3. يقول سامح // الامارات:

    * بصراحة ومع أنّ الموضوع ( إقتصادي ) بالدرجة الأولى ولكن
    كل من هاجم وسوف يهاجم قرارات ( الحكومة المصرية ) يهاجمها
    لسبب في نفس يعقوب ؟؟؟!!!
    * بمعنى : قرارات الحكومة المصرية كانت ( شر لا بد منه ) ومجبرا
    أخاك لا بطل ورئيس الحكومة وضح للجميع أنّ الحكومة ( مجبرة )
    على فتح هذا الملف الخطير وأنها سوف توفر ( 51 مليار جنيه )
    سيذهب الى تحسين ( الخدمات الصحية ) وتحسين ( التعليم ) والطرقات
    والمعاشات وزيادة مظلة ( الضمان الإجتماعي ) الخ الخ
    * بذكر الجميع أنه حصل عندنا في ( الأردن ) نفس السالفة ؟؟؟
    * ورفعت الحكومة الدعم عن المحروقات وقامت الدنيا ولم تقعد ؟؟؟
    * لكن الحكومة الأردنية بذكاء ( إمتصت ) غضب الشارع الأردني
    وعملت مساعدات نقدية لملايين الأردنيين التي تقل رواتبهن عن
    ( 800 ) دينار شهريا مع بعض التفاصيل الأخرى ( لا داعي لشرحها ) .
    * كنت أتمنى من الحكومة المصرية أن تتعلم من خبرة الحكومة الأردنية
    في هذا المجال .
    * عموما : الشعب المصري ( بالمجمل ) بدأ يتفهم الوضع الصعب لبلده
    ( مصر ) وعليه الصبر والتحمل لتمشي البلد الى الأمام والله الموفق .
    شكرا والشكر موصول لقدسنا العزيزة ( بارك الله فيها ) .

  4. يقول النورس/ الاردن:

    لن يكون هناك ثورة جياع…….وبكرة تشوفوا مصر

  5. يقول علي محمد علي:

    لا يمكن لمصر ان تنهض والشعب يعتمد على الدوله بان توفر له الخبز والطاقه
    كان لا بد من فعل ذلك ولكن بشكل تدريجي

  6. يقول طعس بن شظاظ الصميدي:

    لم يجلبوا السيسي و من معه إلا لأمن إسرائيل بعدما قال مرسي في إحدى خطبه أن أهل غزة و الفلسطينيين لن يتركوا لوحدهم بعد اليوم مشيرا على أن زمن ترك الفلسطينيين لوحدهم قد ولى !!! :)

    ما يقوم به السيسي من عصر الفقراء المصريين هو أمر مدبر لإلهائهم في المزيد من الويلات و يا ويل المتصرفين كأفراد ضد هذا العصر , إذ أن أحكام الإعدام تنتظرهم !!! :)

    ثورة الجياع يجب أن تقوم يجب أن تقوم يجب أن تقوم ؟؟؟؟؟؟

    1. يقول ياسر- مصر:

      طعس بن شظاظ الصميدي المصريين ادرى بأمورهم منك , اهتم انت و غيرك بالقصف الاسرائيلى لغزه

  7. يقول أعجبني جدا مقولة أن الحكومة ستحصل علي 51 مليار جنية من جيوب الفقراء و كأن أصحاب السيارات هم فقراء مصر .الفقراء هم من يستخدمون وسائل النقل العا:

    أعجبني جدا مقولة أن الحكومة ستحصل علي 51 مليار جنية من جيوب الفقراء و كأن أصحاب السيارات هم فقراء مصر .الفقراء هم من يستخدمون وسائل النقل العام و قد جرى تجاهلهم علي حساب أصحاب السيارات بدعم الوقود بدلا من تحسين وسائل النقل العام , ألأمر الذى أدى الي الفوضي المرورية في المدن المصري و بالتالي حرق الوقود بلا طائل في الشوارع

    و الفقراء لا يستخدموا أجهزة التكييف في منازلهم . بالطبع سيصاب الفقراء بالضرر و لكن أنقاذ الأقتصاد مهمة قومية

    و الذين يرفعون شعار الوسائل البديله عليهم أن يعرفوا بأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة, فضلا عن أن تخفيض الدعم هو مطلب رئيسي للدول و المنظمات الولية المانحة

  8. يقول الشربيني المهندس:

    لا يجب ان تكون التحاليل مثل فوازير رمضان .. المعلومات المطلوبة سوف تظهر بطريق أو باخري .. فنحن في عصر المعلومات .. ينقصنا ان نعرف تفاصيل دعم الطاقة وهل منها فارق اسعار بيع الغاز للخارج مثلا .. ولم يذكر احد اين ستذهب فوارق الحد الاقصي من الأجور عن الواقع .. هل سيحاسب الجهاز المركزي الشركات والمؤسسات عن ذلك .. ثم ان الهدف العام كما قيل هو تخفيض العجز بالموازنة بالنسبة للانتاج المحلي .. ماذا عن الجناح الآخر وهو رفع قيمة الانتاج المحلي وهو ما يعني تشغيل مزيد من العمالة واضافة كميات ونوعيات انتاجيه وزيادة التصدير ووقف استيراد العاب الهواء والشماريخ وتدعيم الانتاج الصيني .. أين الحوافز للانتاج ودعم التصدير والعملة المصرية امام الدولار وغيره .. من يقول ان المبالغ التي سيتم توفيرها ستذهب للتعليم اي الي المجهول ورهان مقدم بلا نتيجة مثلا لماذا لا نجع المزيد من خصخصة التعليم وجامعات خاصة ونوفر من ميزانية التعليم الفاشل بمعلميه وطلابه وتكفي تجربة الغش هذا العام .. العلم هو الحل يا سادة

  9. يقول Abrahim:

    على الحكومة المصرية ان تعطي كل شخص ينام في القبور قطعة ارض لزراعتها والسكن فيها وعندما يرخص رغيف الخبز كل شي يرخص الزراعة ثم الزراعة ومن ثم الصناعة يجب على الحكومة المصرية ان تبني مدن صناعية في جميع انحا مصر لتشغيل اليد العاملة العاطلة عن العمل وتقوية الاقتصاد هذا هو الذي يطالب به الشعب المصري الحكومة المصرية ان تقوم به .

  10. يقول عصام احمد احمد:

    الى المعلقين غير المصريين انتم من تتمنون ثورة جياع لمصر ، روحوا اهتموا الان بالقصف لغزة

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية