الخرطوم ـ «القدس العربي»: في أول زيارة خارجية له منذ اندلاع حرب 15 أبريل/ نيسان الماضي، التقى رئيس مجلس السيادة، القائد العام للجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس الثلاثاء في مدينة العلمين، حيث أكد أن
«الجيش ليست لديه أي نزعة للاستمرار في السلطة» في خضم الحرب المدمرة التي تواجهها البلاد.
وأشار إلى سعيهم إلى «إنهاء الحرب واستكمال مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد، خلال فترة انتقالية حقيقية يستطيع بعدها الشعب السوداني تأسيس دولته وفق انتخابات حرة ونزيهة».
«موضوعي وصحيح»
ووفق بيان للجيش السوداني، البرهان طالب المجتمع الدولي بالنظر إلى الحرب في السودان على نحو موضوعي وصحيح، متهما «القوات المتمردة» بإشعال الحرب لتدمير البلاد.
وذكر أن قوات الدعم السريع مارست انتهاكات واسعة وجرائم حرب في العاصمة السودانية الخرطوم ومدن دارفور والجنينة ونيالا ومختلف انحاء البلاد.
وأكد على عدم وجود جماعات إسلامية تساند الجيش في هذه الحرب، مشددا على حرصهم على وضع حد لهذه الحرب وإنهاء الأوضاع المأساوية التي تشهدها البلاد
وحسب مجلس السيادة، ناقش اللقاء الثنائي بين البرهان والسيسي أوجه التعاون المشترك بين البلدين في كافة المجالات، وتطورات الأوضاع في السودان والجهود المبذولة لتسوية الأزمة بما يحفظ أمن واستقرار البلاد.
وذكر أن البرهان أشار إلى «بذل القاهرة جهودا حثيثة لمساندة الخرطوم والحفاظ على سلامة واستقرار البلاد فى ظل المنعطف التاريخي الذي تمر به».
أما الرئيس المصري فأكد أن «موقف بلاده ثابت وراسخ في دعم أمن واستقرار السودان ووحدة وسلامة أراضيه، خاصة في ظل الظروف الدقيقة الراهنة التي يمر بها، آخذاً في الاعتبار الروابط الأزلية والمصلحة الاستراتيجية المشتركة التي تجمع البلدين».
واستعرض اللقاء «تطورات الأوضاع في السودان والتشاور حول الجهود الرامية لتسوية الأزمة والحفاظ على سلامة وأمن الشعب السوداني، على النحو الذي يحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية».
وأكد على «تعزيز مسار مبادرة دول جوار السودان التي استضافت مصر قمته الأولى مؤخرا».
وتناول «سبل التعاون والتنسيق لدعم المتضررين من الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل انسيابها لمستحقيها».
بالتزامن بدأ المبعوث الأمريكي الخاص لشؤون القرن الأفريقي مايك هامر، جولة أفريقية، تستمر حتى 9 سبتمبر/ أيلول المقبل، لمناقشة الأزمة الراهنة في السودان ووقف الحرب.
ووفق وزارة الخارجية الأمريكية هامر سيزور كلا من نيروبي وأديس أبابا، وسيلتقي بمسؤولين من كينيا وإثيوبيا والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) وشركاء دوليين آخرين.
أكد بذل القاهرة جهودا لمساندة الخرطوم… أول زيارة خارجية له منذ بدء الحرب
وبينت أن اللقاءات ستناقش الأزمة الحالية في السودان والجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى وضع حد لأعمال العنف وإنشاء الحوكمة الديمقراطية ودعم العدالة والمحاسبة.
وبينما تتصاعد المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي تمضي نحو شهرها الخامس، يبدو أن محاولات المجتمع الدولي لدفع الأطراف السودانية نحو التسوية لا تزال مستمرة.
وبعد أكثر من أربعة أشهر، قضاها البرهان في مقر القيادة العامة للجيش، وسط الخرطوم، بدأ الخميس الماضي، جولة تفقدية لعدد من المناطق العسكرية في البلاد، ومن ثم توجه الأحد إلى مدينة بورتسودان، مقر الحكومة منذ اندلاع الحرب.
وبعد تفقده قاعدة البحر الأحمر العسكرية وقيامه بجولة تفقدية للجرحى، عقد، مساء الإثنين، اجتماعا مع الحكومة التنفيذية في مدينة بورتسودان يعد الأول من نوعه منذ تفجر الأزمة في البلاد.
وقال مجلس السيادة إن البرهان اطلع على «أداء الجهاز التنفيذي خلال المرحلة الماضية والملامح العامة لخطط وبرامج الحكومة خلال لقائه الوزراء وقيادات العمل التنفيذي الموجودين في ولاية البحر الأحمر».
تنوير من وزير
واستمع إلى «تنوير من وزير شؤون مجلس الوزراء المكلف القائم بأعمال رئيس مجلس الوزراء عثمان حسين، حول المهام التي قامت بها الحكومة خلال الفترة الماضية بجانب أعمال اللجنة العليا للطوارئ الخاصة بتقديم الخدمات للمواطنين وتسهيل إنسياب المساعدات الإنسانية لمستحقيها». وأشار الناطق الرسمي المكلف باسم الحكومة، غراهام عبد القادر، في تصريح صحافي إلى تأكيد البرهان خلال الاجتماع على «اعتماد البلاد على مواردها الذاتية لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه السودان».
وكان البرهان قد أكد الإثنين، على مواصلة القتال ورفض التفاوض مع قوات الدعم السريع، واصفا إياها بـ «الخيانة والتمرد»، وذلك بالتزامن مع رؤية طرحها زعيم قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو»حميدتي» دعا خلالها إلى بناء جيش جديد، يضم كل المجموعات المسلحة الموجودة في البلاد. ويبدو أن حرب الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» ألقت بظلالها على تماسك الحركات المسلحة، الموقعة على اتفاق السلام، والتي ظلت تعلن الحياد ورفض الحرب، إذ أعلنت هيئة الأركان في جيش تحرير السودان – المجلس الانتقالي- أمس الثلاثاء، انحيازها للجيش السوداني، مؤكدة أن ذلك جاء «إيمانا منها بالمسؤولية الوطنية وحفاظا على وحدة السودان وسلامة أراضيه».
وقالت إنها «ستدعم الجيش في معاركه ضد قوات الدعم السريع المتمردة إلى حين اكتمال الترتيبات الأمنية وفق اتفاقية جوبا لسلام السودان الموقعة في أكتوبر/ تشرين الأول 2020».
وبينت أنها «لن تطلب من أحد الإذن لحماية المواطنين السودانيين العزل والدفاع عنهم ضد كل من ينتهك كرامتهم وأراضيهم وحقوقهم التاريخية» مشددة على أن «لا حياد في الحرب».
واتهمت قوات «الدعم السريع» بـ «احتلال المدن والمحليات والمنازل والاستيلاء على الأراضي» عبر ما وصفته بـ «حربها المزعومة من أجل الديمقراطية». وقالت إنها «تساند الجيش باعتباره إحدى مؤسسات الدولة الرسمية التي تؤدي واجبها الوطني والمهني» داعية قوات الحركة في كل الولايات والقطاعات المختلفة للوقوف في صف الجيش إلى حين انتهاء الحرب.
إلا أن قيادة الحركة سرعان ما أكدت أن الموقف المعلن من هيئة أركانها لا يمثلها، ولا يعبر عن رؤيتها وموقفها من الحرب.
وشددت على «موقفها المحايد والرافض للحرب ودفعها من أجل السلام» مشيرة إلى إن «قيادة الحركة قبل إطلاق الرصاصة الأولى ظلت تلعب أدوارا محورية لنزع فتيل الأزمة السياسية لصالح وحدة البلاد».
وأكدت أنها «ما زالت تجري اتصالات ومشاورات على كافة الأصعدة بالتنسيق مع قوى المدنية لإنهاء الحرب الدائرة في البلاد عبر الحوار والعودة إلى مسار التحول المدني الديمقراطي لإقامة سلطة مدنية في البلاد».
ومؤخرا، بدأت الخلافات داخل الحركات المسلحة تخرج إلى العلن، إذ إن بعض مكوناتها بدأ في إعلان مواقفه المساندة لأحد طرفي القتال.
والأسبوع الماضي، برزت مطالب داخل حركة «العدل والمساواة» بانعقاد مؤتمر استثنائي، وذلك بعد أيام من فصل رئاستها قيادات بارزة في التنظيم، تواجه اتهامات بعقد اجتماع مع «حميدتي» في دولة تشاد.