عكست الطبيعة الجغرافية المصرية نفسها دائماً على شكل الأنظمة فيها، فعلى عكس العراق كانت الأرض المصرية سهلة الزراعة وكانت فيضانات النيل متوقعة ولم تكن تأتي ككوارث مفاجئة كما كان حال نهري دجلة والفرات، مما جعل أطول الأنهار في العالم ساعة عظيمة تنظّم حياة المصريين.
ومنذ عام 2884 قبل الميلاد إثر غزو ملك من جنوب مصر لشمالها ظلت مصر مدة ألفي عام تقريباً تحت حكم واحد ونظام ديني واحد ونمط واحد من الحكم والاجتماع الإنساني دون تأثير هام من الخارج، وكان الحكام فيها يتمتعون بسلطة عجيبة بسبب قدرتهم على ضمان الازدهار من خلال إنجاح الزراعة، وكان الناس يعتقدون ان الملوك يتحكمون بالحياة من خلال تحكمهم بارتفاع النيل وانخفاضه.
كانت العدالة، هي «ما يحبه فرعون»، والشرّ هو ما يكرهه، وكان الملوك يصورون بهيئة مقاتلين أبطال عظام.
هذا التاريخ المديد للاستقرار وعدم التغيّر لا يشبهه تاريخ آخر في العالم (باستثناء الصين) مما يجعل الاستمرارية أقوى بكثير من التغيير، فحتى الإسلام، الدين الذي غيّر عقيدة المصريين، فقد انطبع بطابع تاريخهم العميق وجعله إسلاماً مصرياً خاصاً، وهذان العاملان: التاريخ المديد وتطبيع التغيّرات بطابع مصر الخاص، لا يمكن إلا أن ينعكسا على تاريخها الحديث ويقدّم استبصاراً يفسّر أشياء يصعب تفسيرها ما لم تدخل تلك العوامل العميقة في التحليل.
وبهذا المعطى التاريخي القارّ يمكن فهم النزعة الدينية العميقة التي لم تتغير في الشعب المصري على مدار العصور، لكنّه أيضاً يفسر تمسّك هذا الشعب بتديّنه الخاص الذي لا يتقاطع بالضرورة مع «الإسلام السياسي»، باعتباره، رغم مرور عشرات السنين على نشوئه، شكلا «جديداً» نسبياً بطقوس تحاول تجديد ما استقرّ في وجدان المصريين عبر مئات السنين.
والأمر نفسه يفسّر كيف استدارت دائرة الاستقرار التاريخي والتهمت إمكانات التغيير الذي حصل بعد ثورة 25 يناير فعادت الأمور إلى ما كانت عليه، كما يفسّر الطبيعة الأيقونية الكبرى للحاكم المصري، وهو ما رأيناه في صورة جمال عبد الناصر ثم ما نراه الآن في التعظيم الشعبي للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي الذي ذكرت مراسم تنصيبه بذلك الإرث الهائل العتيق.
غير أن تلك العلاقة الوطيدة بين الماضي والحاضر المصريين تعمل باتجاهين، الأول هو تأكيد ثوابت فاعلة في الشخصية المصرية، والثاني هو تآكل هذه الثوابت تحت وطأة واقع جديد معقد، عوامل صارت شديدة الاختلاف عن الماضي.
سمحت ظروف العالم في خمسينيات القرن الماضي لجمال عبد الناصر بممارسة دور عالمي وعربي مما جعله أكثر ما يكون قرباً من صورة ملوك مصر القدماء في الشعور الجمعي المصري، أما أنور السادات، فرغم عصا الماريشالية المهيبة وزركشات البدلة العسكرية فكان بداية تدهور صورة ذلك الملك القديم أمام الواقع الجديد، وكان سقوطه مغتالاً لحظة هائلة لا بد أنها خلخلت تلك الذاكرة الجمعية للشعب، ثم جاءت مرحلة مبارك، عملياً، فقدّمت صورة أكثر «واقعية» للحاكم تعايش فيها مع كونه لاعباً إقليمياً متهالكاً وليس فرعوناً يسيّر العالم، بحيث تبدو أي محاولة لتغيير هذه الصورة مبعثاً على الكاريكاتورية، كما حصل حين غيّرت صحف مصر الرسمية مركز الرئيس المصري بين رؤساء آخرين بالاستعانة ببرنامج «فوتوشوب» على الكومبيوتر.
سجلت ثورة 25 يناير 2011 خضة كبيرة لما تعارفت أدبيات السياسة على توصيفه بـ «الدولة العميقة» التي تحمل ميراث آلاف السنين، وحملت آمال الأجيال المصرية الجديدة بتفاعل مع تغيرات التاريخ والجغرافيا يؤسس لدولة حديثة قادرة على التنافس في عالم تحكمه قوانين مختلفة، وليس سد النهضة الأثيوبي إلا تفصيلا رمزيّا لتشكل واقع مختلف بعد أن كان النيل والفرعون الفاعلين الرئيسيين في مصير المصريين.
رأي القدس
المعروف تاريخيا انه مصر الذي يحكمها “فرعون” والعراق يحكمه واحد مثل “الحجاج الثقفي” بسبب الشيء المعروف عن تمرد العراقين والذي قال جملته المشهوره”ارى رؤوس قد اينعت وحان وقت قطافها”، الشعب المصري شعب عظيم والقياده الحاليه لا تمثل الشعب، اللهم اصلح احوال اخواننا في مصر وكن في عون اخواننا في غزه وثبت اخواننا في القدس اللهم امين.وشكرا للقدس العربي
بارك الله فيك الاخ شادي -القدس
قال تعالى في محكم التنزيل في سورة القصص :
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً (آل فرعون)يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ (42).
أعجب لقوم في بلدنا ما زالوا يحسبون أنفسهم “ذرية” شرعية أبا عن جد ،لقوم فرعون الغابرين،رغم أن التاريخ سجل مرور عدة هجرات و غزوات و مجاعات و جوائح مناخية و زلزالية و أمراض فتاكة و مهلكة أهلكت النسل و الضرع،ثم إن تمسكهم بهذا النسب يقتضي بالضرورة إنسحاب اللعنة عليهم بدورهم من رب العالمين و أنهم حقيقة من المقبوحين إسوة بأجدادهم الغابرين.
– ألا يتدبر العقلاء منهم كتاب الله ؟
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه :
إِنَّ الفَتى مَن يُقولُ ها أَنا ذا لَيسَ الفَتى مَن يُقولُ كانَ أَبي !.
المجد كل المجد لشهداء غزة والخزى والعار كل العار لكل الصهاينة العرب!
قرأت تحليلا مشابه في من حيث العمق في فهم العقليه المصريه وجمودها لكاتب مصري هو فرانسوا باسيلي….لكنه ركز اكثر على العوامل النفسيه ذات الجذور التاريخيه التي لا تزال تتحكم بالعقل الفردي للمواطن المصري من حيث تاثره بالعصر الفرعوني الذي كان فيه فرعون عباره عن اله. واود ان اضيف انه وعلى الرغم من انتشار الاسلام في مصر الا ان العقليه المصريه لا تزال تحمل بعضا” من رواسب الحكم الفرعوني التي تميل نحو الطاعه العمياء والخنوع لارادة الحاكم التي تحاكي الاراده الالهيه وبالتالي فأن اخطاء الحاكم في الاداره والحكم تقع في العقليه المصريه موقع الكوارث الطبيعيه, اي ان خطأ الحاكم هو اراده الهيه فغرق باخره الركاب في البحر الاحمر وحوادث القطارات المتكرره التي يقتل فيها العشرات في الصعيد المصري اشبه بزلازل ارضيه او فيضانات الانهر او ثورات اليراكين اي انها افعال الهيه تكفلت بها الطييعه. وبالعوده الى ما كتبه باسيلي, فقد اشار الى دلاله العبارات التي تتكرر بكثره على لسان الفرد المصري مثل سعادتك…وسعاده البيه…وحاضر يا فندم..وجناب سيادتك حين يخاطب المسؤول عنه او من هو اعلى منه مرتبه على انها علامات الميل نحو الطاعه والخنوع الراسخه في العقليه المصريه للمسؤول عنه. وعلينا ان نتذكر ان الشعب المصري لم يذكر تاريخه انه قاوم المحتل كالشعب الجزائري والشعب السوري والعراقي والفلسطينون حديثا .
كنت اتعجب كثيراً من الألقاب اللتي كان المصريين يطلقونها حتى على عامل النظامفة عندما يتحدثون اليه مثل / ازيك يابيه/ او تأمر ياباشا/ او اهلاً ياريس/ او حاضر ياخواجة/ اليوم زال العجب لدي وعرفت السبب
الى الخ شادي
شكرًا لك،الان ساصلي الفجر و انام
وأبدأ بالقول العنوان رائع ويهم كل النخب الحاكمة لأنّه محاولة رائعة للخروج من محددات سايكس وبيكو من خلال الجمع والمقارنة ما بين حضارتي وادي الرافدين ووادي النيل
ولكن ما فات القدس العربي هو أنَّ وادي الرافدين يمثل العراق وسوريا وتركيا
في حين وادي النيل يشمل الجانب الأيمن من شمال أفريقيا بداية من أثيوبيا والصومال وأريتريا وأوغندا والسودان وتشاد وليبيا ومصر
يجب تمييز الفرق ما بين لغة الإسلام ولغة الديمقراطية
حيث ثقافة الـ أنا التي اساسها الفرد كما هو حال الديمقراطية مثلها مثل الديكتاتورية تفرض على مثقفينا أن يحصر نفسه في محددات سايكس وبيكو، وأن أردنا التطور والتقدم واستخدام أدوات التقنية الحديثة التي اساسها العولمة أو ثقافة الـ نحن أو الأسرة أو القبيلة أو المجتمع أو الشعب على كوكب الأرض، يجب في تلك الحالة أن نتجاوز حدود سايكس وبيكو ونعمل على تكسيرها داخل عقولنا.
حتى يكون هناك امكانية لكي يستطيع مثقفينا التمييز ما بين شعب الله المُختار وما بين شعب الرّب المُختار من قبل السّامريّ (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية أو ما يُعرف بالدولة العميقة).
الثورة الفرنسية التي هي كانت خلف تكوين وإنشاء دولة العسكر (الدولة العميقة للجيش والأجهزة الأمنية والقضائية) بقيادة جنرالها نابليون بونابرت أعطت صك فلسطين لقومية اليهود على أسوار عكا، بالرغم من أنَّ اليهود دين وليس قومية، هذا الخلط المقصود والمتعمد من قبل نابليون بونابرت بناءا على فهمه لمعنى الحداثة، عمل على إثارة ضبابية لغوية زاد الطين بلّة هو الجهل اللغوي الذي حصل بسبب أنَّ ساطع الحُصري كما هو حال زميله كمال أتاتورك في بداية القرن الماضي بحجة التطوير أتى بمناهج التعليم الفرنسية والبريطانية وطبّق كل منها حرفيا دون محاولة استيعابها وعمل مناهج لا تتعارض مع مكونات شخصيتنا، وذلك الخطأ حصل حتى على مناهج تدريس اللغة العربية والتي تختلف في كيانها وطريقة تركيبها مع الفرنسية والإنجليزية، حيث أن لغتنا تحوي تشكيل وقواميسنا مبنية على الجذر والصيغ البنائية، وهذه الأشياء والتراكيب غريبة عن الفرنسية والإنجليزية فالتشكيل غير موجود وقواميسهم مبنية على الترتيب الألف بائي، فتم إهمالها أو عدم التركيز عليها في التدريس بداية من القراءة الخلدونيّة التي تم اعتمادها في المدرسة لتدريس اللغة، ومن هنا بدأ الإنحراف على الأقل من وجهة نظري.
الشيء الآخر هو أنَّ اسلوب الترجمة في الديمقراطية/الديكتاتورية يعتمد اسلوب النقحرة (النقل الحرفي كما هو حال مصطلحي الديمقراطية/الديكتاتورية).
اسلوب الترجمة في العولمة يعتمد اسلوب التوطين (التعريب حيث وطن اللغة العربية يتجاوز حدود سايكس وبيكو).
الترجمة الناتجة عن النقحرة تختلف عن الترجمة الناتجة عن التعريب ومن هذه الزاوية تفهم التناقض الذي يعانيه غالبية مثقفي التيار القومي.
فالديمقراطي يعتمد اسلوب المحارق من أجل فرض الهيبة التي يفقدها بسبب عدم كفائته أو للتغطية على فشله في أمر ما ويتعلق بالدولة العميقة وفي ذلك لم يختلف نتنياهو عن عبدالفتاح السيسي عن نوري المالكي عن بشار وحافظ الأسد عن الخميني عن جمال عبدالناصر عامي 54 و65 عن أزنار اسبانيا عن توني بلير بريطانيا عن جورج بوش أمريكا والدليل ما حصل من محرقة في العراق وأفغانستان بدأت عامي 2002 و2003 من أجل استرجاع هيبة النخب الحاكمة التي تم تمريغها في التراب عام 2001
إن سبب انتشار في جميع أرجاء المعمورة هو مصداقية شعار الشعب يُريد اسقاط النظام الذي يُكوّن مثقف ونخب حاكمة بلا ذمة ولا ضمير ولا أخلاق
لأنّه بالتأكيد في تلك الحالة سيكون هو أول من يعمل على تطويع القانون والدستور لخدمته في تمرير محارقه تحت غطاء قانوني كما هو حال قرارات الأمم المتحدة التي شرعنت احتلال وحرق كل من العراق وأفغانستان بحجة الحرب على الإرهاب للتغطية على فضيحة فشل الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية في 11/9/2001 تماما كما قام نتنياهو في موضوع إضراب السجناء لإلغاء قوانين السجن الإداري وفق مزاج وانتقائية الحاكم العسكري في فلسطين عام 2014
ما رأيكم دام فضلكم؟
ليس للسيسي كل هذه الشعبية التي تتحدثون عنها والدليل نسبة المشاركة في الانتخابات رغم التزوير
والله وفيت في ردك اخ شادي وشكرآ