القاهرة ـ “القدس العربي”: أسباب عديدة وراء الشعور بالخيبة التي تعم ملايين المصريين، أبرزها بالتأكيد العجز الفاضح في غوث قرابة ثلاثة ملايين الفلسطيني في قطاع غزة، يواجهون إبادة غير مسبوقة في تاريخ علوم الحروب.
والخيبة الثانية كانت يوم السبت الماضي، عندما راهن كثيرون على أنباء حول زيادة كبيرة في الأجور والمرتبات والمعاشات، غير أن هذه الأنباء سرعان ما تبددت إثر انتهاء احتفالية اتحاد القبائل العربية والعائلات المصرية، بمناسبة ذكرى انتصارات حرب أكتوبر/تشرين الأول، التي حضرها الرئيس السيسي وكرم خلالها الحاجة فرحانة، التي تبلغ من العمر 105أعوام، من دون أن يعلن عن أي زيادة تذكر، بينما توقع أنصار للسلطة صدور القرارت السارة قريبا، غير أن تلك الشائعات لم تبدد حالة البؤس العام. ولا يزال الغضب يسيطر على الجماهير كذلك باستمرار حبس ثلاثي النادي في الإمارات إذ يسود شعور عام بإهانة لا تليق بالمصريين من قبل دولة ساهم المصريون منذ مولدها في دعمها سياسيا وثقافيا، وقال الإعلامي أحمد شوبير “إيه مصلحتك أن واحد يكون محبوس ما هو أخد عقاب بما يكفي، وهيتم منعهم من دخول منطقة الخليج بأكلمها 5 سنوات وهذا سيكون أقل عقاب، ويكفي إنهم لم يحضروا المباراة وبعاد عن أهلهم وأصحابهم”. واختتم شوبير تصريحاته: كنت متصور الدنيا هتمشي بشكل كويس والناس هتتعاطف لكن لقيت رد فعل صعب، وإحنا بقينا قاسيين أوي، هل معقول السوشيال ميديا عملت فينا كدة، أتمنى الأمور تعدي على خير. يذكر أن حسين لبيب رئيس مجلس إدارة الزمالك، وحسام المندوه أمين الصندوق، بالإضافة إلى أحمد خالد حسنين عضو مجلس الإدارة، قرروا البقاء في الإمارات عقب نهاية بطولة السوبر، لحين حل أزمة الثلاثي. أحمد سليمان عضو مجلس ادرارة النادي طمأن الجماهير موضحا، أن ثلاثي الزمالك عبد الواحد السيد ونبيل عماد دونجا ومصطفى شلبي، يعاملون باحترام وموجودين في شبه احتجاز إداري، لافتا إلى أنهم سوف يتمكنون من التواصل مع أسرهم قريبا. وأكد الدكتور محمد فضل الله المستشار الاستراتيجي والقانوني، أن العقوبة التي أعلن عنها الاتحاد الافريقي لكرة القدم “كاف” على الزمالك بسبب أحداث مباراة السوبر الافريقي قاسية وتحتاج إلى تبرير من الاتحاد الافريقي، خصوصا أنها لا تتسق مع المخالفة المرتكبة.
ومن صراعات عائلات الفنانين كشف زوج شريفة ماهر التي رحلت قبل ساعات عن أزمة عائلية جديدة ظهرت بعد وفاتها مباشرة، حيث قال إن ابنها الأكبر يعتزم اقتحام منزلها، وهدده بالطرد هو وشقيقه الأصغر، من الشقة التي يقطنون فيها. وكشف عن خلاف حول تقسيم تركة الراحلة شريفة ماهر، الأمر الذي دفع نجلها الأكبر لاتخاذ مثل هذا الموقف. ودعا زوج الراحلة ابنها لأن يحترم رحيلها.
كلهم مجرمون
خلال الخمسة وعشرين عاما الماضية، لم يكن معظم الساسة في إسرائيل من المؤمنين بالسلام، ولا بحقوق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة لا يتحدث أحمد عبد ربه في “الشروق” عن مجرد ساسة متشددين في ما يمكن إعطاؤه للشعب الفلسطيني تحت مظلة السلام، بل عن تيار سياسي وديني لا يؤمن أصلا بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة، ويهدف إلى ضرورة إخضاعهم عن طريق استخدام القوة المفرطة سعيا نحو تهجيرهم للأبد، ولا شك أن قائد هذا التيار الأبرز هو نتنياهو نفسه، لذلك ليس من الدقيق، اعتقاد البعض بأن هجمات حركة “حماس” في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 هي التي أضاعت الفرصة على الجانب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، فالحقيقة أن نتنياهو والتيار الذي يمثله يؤمن بأن الأراضي المحتلة لا بد أن تعود للشعب الإسرائيلي، وأن الدول العربية، أو تلك التي ترفع شعارات حقوق الإنسان في الغرب عليها قبول الشعب الفلسطيني كمهاجرين، وهو منتهى الأمل لهذا التيار المتطرف. وقد سبق وعبّر نتنياهو صراحة ولأكثر من مرة عن عدم إيمانه بحق الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة، لعل أبرزها عندما تم انتخابه رئيسا للوزراء للمرة الثانية في مارس /آذار 2009 حيث تعهد صراحة قائلا: «تحت حكمي لن تكون هناك دولة للفلسطينيين»، وهو التصريح الذي سبّب أزمة وقتها مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، لكن على أي حال لم يكن هذا مجرد تصريح عابر، بل هو إيمان نتنياهو العميق، الذي يكن العداء للعرب والشعب الفلسطيني، ويؤمن بلغة القوة لضمان استمرار الدولة اليهودية، بلا عرب وبلا حقوق متساوية بين اليهود وغيرهم، حتى من حاملي الهويات الإسرائيلية، فالإسرائيليون والإسرائيليات من غير اليهود لا يتمتعون بحقوق اليهود الإسرائيليين، رغم أن بعض هؤلاء يخدمون في الجيش الإسرائيلي ويضحون بحياتهم من أجل الدولة العبرية.
يتألمون أيضا
لم يخل المجتمع الإسرائيلي، المجذوب أغلب أفراده إلى الحياة العسكرية، من منظومة قيم يتكئ عليها، منها ما يشكل وجوده عنصرا أساسيا في بناء الدولة العبرية التي قامت عام 1948، ومنها حسب الدكتور عمار علي حسن في “الوطن”، ما يبرر سلوك الجيش والمستوطنين النازع إلى الاستحواذ والاعتداء المفرط المستمر، ومنها ما يصنع همزات الوصل بين المجتمع وهذا الجيش، الذي يمثل في التحليل الأصيل والنهائي العصب الرئيسي أو العمود الفقري للدولة. وبعض هذه القيم مشدودة إلى نصوص دينية، تفسيرا وتأويلا، حتى لو كان متعسفا، وبعضها نبت في ركاب أحلام من فكروا في صناعة إسرائيل عبر مشروع صهيوني انطلق مع نهاية القرن التاسع عشر، ووفق فكرة أوروبية في الأساس. وهناك قيم أخرى خلقتها الممارسة أو السجلات اليومية، والحوليات التاريخية، التي أوجدها الصراع الدائم لإسرائيل في سبيل إنشائها، واستتباب أمرها، ثم نظر قادتها إلى تعزيز نفوذها الإقليمي، وأداء الوظيفة التي خلقت من أجلها، كرأس حربة لمشروع هيمنة غربية على منطقة الشرق الأوسط، لم تنفصم عراه، ولم تخمد نار مطامعه على مدار القرون التي خلت. ولأن إسرائيل لم تغفل وضع استراتيجية لها، تنقسم إلى خطط تتراوح بين شن الحرب، وإجبار الآخرين على قبول الأمر الواقع، وطرح أفكار حول تعاون إقليمي تريد هي أن تمثل مركزه المنتفع به قبل غيرها، فقد تصرفت على مدار عقود مضت على أن هذه الاستراتيجية لها من التماسك والثبات ما يضمن لها تحقيق غاياتها الكبرى، بلا جدال ولا عناء، وأن القيم التي تنطوي عليها، والتي تراها هي إيجابية وضرورية، ويراها كثيرون غير ذلك، لها من المتانة ما يجعل كسرها صعبا، والخروج عليها أصعب.
جراح الكيان غائرة
جاءت عملية “طوفان الأقصى” لتضع هذه القيم التي حدثنا عنها الدكتور عمار علي حسن في اختبار قاس، حيث لم يدر بخلد مؤسسي الدولة العبرية، ولا القائمين على أمرها تباعا من النخبة السياسية، أنها قابلة للاهتزاز أو الانكسار أو المراجعة. فقد وجد الإسرائيليون أنفسهم، وللمرة الأولى، يتحدثون عن تحديات وجودية، وراح بعضهم يتحدث عن عقدة العقد الثامن، مستندا إلى زوال دولتين سابقتين أقامهما اليهود، وانهارتا بعد ثلاثة أرباع قرن. لم تفلت القيم الإسرائيلية من اهتزاز في سالف الأوقات، شأنها في هذا شأن دول كثيرة، لم يكن بوسعها أن تتفادى عواصف العولمة الاقتصادية والثقافية، وما يساق في ركابها من قيم اجتماعية وإنسانية مختلفة، لكن العاصفة التي صنعها «طوفان الأقصى» كانت الأشد هبوبا وجموحا، قياسا إلى أنها أتت مما تراه إسرائيل العدو القريب والأساسي، وهو المقاومة الفلسطينية بشقيها المدني والمسلح. وإذا كانت إسرائيل قد امتصت من قبل آثار انتفاضات الفلسطينيين، فإن عملية طوفان الأقصى التي تحولت إلى حرب استنزاف لجيش إسرائيل ومجتمعه، من الصعب على الدولة العبرية أن تتفادى آثارها الجارحة لمنظومة القيم المؤسسة للدولة، رغم العنف الشديد الذي تواجه به المقاومة الفلسطينية، والذي وصل إلى حد الإبادة الجماعية لأهل غزة، باعتبارهم الحاضنة الشعبية للمقاومين. فإسرائيل اضطُرت إلى التخلي عن قيمة مركزية حكمت تصرفاتها سابقا، وتتمثل في إعلاء قيمة الفرد ومكانته، فبدت حكومتها مستعدة للتضحية بالأسرى الذين قنصتهم “حماس” في هجومها المباغت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهي تضحية تقوم وفق ما تسمى «خطة هانيبال». اهتزاز القيم الحاملة للدولة على هذا النحو، وانكشافها أمام العالم كله خصوصا الفلسطينيين، من الأمور التي تشغل بال بيوت التفكير في إسرائيل، التي لا ينظر القائمون عليها إلى ما يجري، نظرة العسكريين الباحثين عن انتصار أو ثأر بأى ثمن، ولا نظرة السياسيين الذين يخشون فقدان مناصبهم بفعل الحرب، وتعرضهم للمساءلة والمحاسبة، ولا نظرة أصحاب الشركات التي تعرضت لخسارة كبيرة بسبب الحرب، إنما ما هو أعمق من ذلك، وما يرتبط بعلاقة الفرد بالدولة، وعلاقة اليهود في العالم كله بها، ومدى تقدير الغرب، في ما بعد، لأهمية إسرائيل بالنسبة لمصالحه المستقبلية. ومهما كانت نتيجة الحرب فإنها، دون شك، أحدثت جرحا غائرا في عقل الإسرائيليين ووجدانهم، ليس من اليسير اندماله في القريب العاجل.
السؤال المستحيل
السؤال الذي لا يكف الناس والأقرباء وممثلو أشكال الإعلام عن طرحه هو متى تنتهي الحرب، التي لم تعد حرب “غزة الخامسة”، أي بعد أربع حروب سابقة؛ وإنما باتت حسب وصف الدكتور عبد المنعم سعيد في “المصري اليوم”، حربا متعددة الأذرع. ذراعها الأصلية كانت في غزة شمالا وجنوبا ووسطا في كل الأحوال؛ ولكنها كانت تتمدد بأشكال مختلفة إلى الضفة الغربية، بينما تقوم إسرائيل بحرب يُقال عنها ما بين الحروب في سوريا، حيث يتم قصف مخازن للذخيرة والصواريخ وفي القنصليات جنرالات من إيران. الحرب الرابعة تُعتبر من الناحية العسكرية البحتة هي التي دارت وتدور على الجبهة اللبنانية، التي نجح فيها الطرفان إسرائيل وحزب الله في إجبار الطرف الآخر على إجلاء سكانها من شمال إسرائيل وجنوب لبنان، وحتى الآن فإن القصف لم يتوقف، حتى بعد نوبة الاغتيالات الكبرى التي جرت لكوادر حزب الله، حتى وصلت إلى السيد حسن نصر الله. الحرب الخامسة ذات طبيعة مختلفة، فهي تجري مع العالم كله عند مضيق باب المندب وداخل البحر الأحمر، حيث عزم الحوثيون على إنقاذ غزة من خلال منع التجارة الدولية وإغلاق الملاحة في قناة السويس بإطلاق صواريخ – أيضا- إلى إيلات تسقط في طريقها على دهب ونويبع في مصر، أو تكتفي بمنع الإبحار من خلال قناة السويس المصرية. في هذه الحرب فإن إسرائيل لم ترسل أسطولا لمهاجمة الحوثيين، وإنما أرسلت طائراتها إلى مدى 1800 كم لكى تحرق ميناء الحديدة وما يحيط به من مخازن ومنصات إطلاق الصواريخ. الحرب السادسة ليست في سخونة الحروب السابقة، وتجرى ما بين قوات الحشد الشعبى، وحزب الله أيضا في العراق، حيث تطلق الصواريخ على إسرائيل، ويبدو أن إسرائيل قررت تأجيل الضرب فيها إلى ما بعد تقرير مصير الحرب السابعة، وهي التي تتم مع القاعدة الأم، ممثلة في إيران، التي خاضت حروبا تمثيلية بينها وبين إسرائيل.
الإجابة في السماء
كثرة الحروب على هذا النحو تمنع الإجابة عن السؤال بشأن لحظة نهاية الحرب، وما حدث فعلا وفقا للدكتور عبد المنعم سعيد، أن هناك عزما شديدا على استمرار القتال.. إسرائيل لأنها تريد تصفية أعدائها مرة واحدة؛ ولأن الولايات المتحدة مشغولة بانتخاباتها الرئاسية. جميع خصوم إسرائيل في غزة والضفة وسوريا ولبنان وباب المندب وبغداد استمروا في القتال، بعد أن فقدوا قيادات مهمة وتاريخية. الحقيقة الباقية أن هناك زخما كبيرا لدى المقاتلين، الذين لم يفت في عضدهم اغتيال نصرالله أو الضيف أو السنوار. أما إسرائيل فإن نتنياهو وجميع أركان «اليهودية السياسية»، أي المقابل الموضوعى للإسلام السياسي، مصممون على استمرار الحرب مع تذكير الأطراف الأخرى بأن إسرائيل بدأت وجودها بمحاربة سبع دول عربية عام 1948. السؤال هكذا تستحيل الإجابة عنه، بل لعله كان دائما خلال كل الحروب، حيث كانت الإجابة أحيانا هي أن وقف إطلاق النار سوف يحدث في «الكريسماس»، وكأن قرارات الحرب ترتبط بالإجازات السنوية. وفي العموم فإن هناك معضلات في الإجابة عن السؤال ليس فقط في الزخم الداخلي، وإنما لأنه من الصعب في حروب الميليشيات الأيديولوجية أن يقف أحد لإطلاق النار، بينما يباركه الآخرون من الفصائل، وعلى الأرجح أن المزايدة تكون حادة وحارة. وعندما يعتمد طرف على الولايات المتحدة مثل إسرائيل فإنه يشعر بالكثير من الاطمئنان لأنها دائما لا تتوقف عن إجراء انتخابات من نوع أو آخر، بما يكفي بقاء واشنطن موالية لحلفائها. ما يعنيه ذلك أن الحرب لم تعد قائمة بالمعنى الذي نعرفه تاريخيّا، حيث يقع السلام أو ينتصر طرف على آخر، وإنما هي مطحنة هدفها إيذاء الآخر إلى آخر المدى. على كثرة الحروب العربية الإسرائيلية، فإن حجم التدمير والقتل والنزوح لم يصل إلى ما وصل إليه في هذه الحرب، التي باتت لها مفرداتها الخاصة من الاغتيالات والغارات وانتظار رحمة السماء.
الحزن أضعف الإيمان
تعترف سكينة فؤاد في “الأهرام” بأنها تقاوم حزنا واكتئابا شديدين ليس سببه الأساسي ما يواصل الكيان الإرهابي الصهيوني ارتكابه في غزة والضفة ولبنان، فهو ليس إلا مواصلة لتاريخه الإرهابي الأسود منذ احتلاله لأرض الفلسطينيين ومذابحه على مدى أكثر من 70 عاما خاصة النساء والأطفال واستهداف صواريخه للمدارس والمستشفيات والمواقع التي يحتمى بها النساء والأطفال والمصابين واغتيال رموز المقاومة الأبطال وفي مقدمتهم الشهيد البطل يحيى السنوار، الذي أذل الإرهابيين الصهاينة طيلة عام من قيادة المقاومة، وما زال يذلهم بعد أن ارتقى إلى ربه شهيدا ومقاتلا. ومعروف أن الشهيد السنوار في مرحلة من مراحل نضاله من أجل تحرير وطنه أسره الكيان الإرهابي، وفي سجون وظلمات الكيان الإرهابي كتب رواية بعنوان “الأشواك والقرنفل” أرجو من زملاء نضاله نشرها كنموذج لأدب النضال، أما ما يستدعي الحزن والأسى أكثر ألا تقوم الدول العربية والإسلامية بمراجعة علاقاتها مع الكيان الإرهابي، كما دعا مفكرون كثيرون على رأسهم الكاتب الراحل عباس العقاد، ويرجوه كل صاحب ضمير وطني يعرف التاريخ الأسود للكيان الإرهابي، وكيف تمكن من احتلال فلسطين.. وكانت فرنسا من بين الدول التي طالبت بإيقاف إرسال أسلحة القتال إلى الكيان الإرهابي مع مطالبتهم باحترام قرارات الأمم المتحدة، بإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين كما قام كيانهم الإرهابي بقرار منها، فكان رد رئيس وزراء الإرهاب، أن كيانهم قام بسبب انتصارهم في حروب التحرير، التي لم تكن إلا إغارات عصاباتهم وعلى رأسها الهاجاناة في ديسمبر/كانون الأول 1947 على القرى الفلسطينية وارتكاب مذبحة استشهد فيها ما يزيد على 600 مواطن معظمهم من النساء والأطفال. وفي عهد الانتداب البريطاني كانت مذبحة “دير ياسين” ونفذتها الجماعتان الصهيونيتان، الأرجون وشتيرن، وقاموا بمجزرة جديدة ليلا وفجروا جميع منازل القرية، وقتل غالبية سكانها، خاصة النساء والأطفال والشيوخ وقطّعوا أطرافهم وفتحوا بطون الحوامل وقتلوا الأجنة واغتصبوا الفتيات وتوالت جرائم ومذابح العصابات الصهيونية، وعندما ثار أبناء مدينة اللد عليهم قامت الوحدات الخاصة التابعة لمنظمة الهجانة بإخراج جميع الرجال من منازلهم وإعدامهم بالرصاص الحي وامتلأت الشوارع بالجثث وتوالت المذابح.
جوهانسبرغ كمان وكمان
لا تملك سناء السعيد إلا أن تشيد بدولة جنوب افريقيا التي حركتها حمية وطنية وثابة فبادرت لرفع قضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في 29 ديسمبر/كانون الأول 2023 تتهمها فيها بتبني أفعال تحمل طابع الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، بهدف القضاء المبرم على قسم كبير منهم كجماعة وطنية وعرقية وإثنية في قطاع غزة. وكان للاتهام المذكور وقع سيئ على إسرائيل فسارع وفدها في جلسة محكمة العدل الدولية في لاهاي فاتهم دولة جنوب افريقيا بالتواطؤ مع حركة “حماس”، ويقول أحد الخبراء إنه إذا أثبتت المحكمة عند صدور الحكم في هذه القضية أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية، أو أخفقت في منع وقوعها، يتعين عليها عندئذ الامتثال إلى التزاماتها القانونية الدولية. وفي حال عدم الامتثال فإن إسرائيل ستتحمل عندئذ مسؤولية دولية، بما قد يسمح للدول باتخاذ إجراءات ضدها مثل فرض عقوبات عليها. غير أن كريستيان هندرسون استاذ القانون الدولي في جامعة «ساسيكس» البريطانية يشير إلى أن محكمة العدل الدولية لا تملك وسائل تنفيذية لإجبار الدول على الامتثال لقراراتها، وأنه يمكن للمحكمة أن تطلب من مجلس الأمن التدخل. بيد أن هذا يتطلب موافقة الدول الأعضاء الخمس الدائمين، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا. ويوضح أستاذ القانون بأن عدم الامتثال لقرارات المحكمة سيؤثر سلبا على سمعة الدول ويقول: (قد تدعي دولة ما أنها تمتثل للقرار بينما يكون واضحا أنها لا تفعل ذلك، كما هو الحال مع إسرائيل بعد الإجراءات الأولية في قضية جنوب افريقيا). وفى هذا السياق يشير المعلق إلى أن التدابير المؤقتة التي أصدرتها المحكمة ضد إسرائيل ملزمة قانونيا منذ لحظة صدورها. وتتضمن الإجراءات المؤقتة «ضرورة أن تتخذ إسرائيل كل ما بوسعها لمنع جميع الأعمال التي تتضمنها المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها في ما يتعلق بالفلسطينيين في قطاع غزة.
المهم غزة
كأنه يهمس في أذني خصومه لموقفه من غزة أشار فاروق جويدة في “الأهرام”، إلى أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر الدكتور أحمد الطيب، رجل زاهد في كل شيء، وهو محب لدينه، يملك عقلا مستنيرا بلا تعصب، ومؤمن بلا تجاوز.. وهو يدرك قيمة المسؤولية تجاه أمته، ويعتبر نفسه صوتا من أصوات الحق والحكمة.. ويضع أهمية خاصة لقضايا المسلمين في كل دول العالم، شرقا وغربا.. في الفترة الأخيرة، انتقد البعض موقف الإمام الطيب من إدانة الاعتداء الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني في غزة، والإبادة الجماعية التي تمارسها قوى الشر ضد المقاومة.. وقد أصدر الأزهر الشريف بيانا أدان فيه كل هذه الأحداث الدامية، وطالب المجتمع الدولي بوقف المذابح في غزة.. كما أشاد بالمقاومة في أكثر من دولة عربية.. ولم يكن بيان الأزهر أول تأييد للمقاومة فقد كان دائما مدافعا عن الشعب الفلسطيني وحقه في تحرير أرضه.. إن الشيء الغريب هو الهجوم الذي تعرض له الأزهر الشريف وشيخه الجليل، رغم أن هذا الموقف هو من الثوابت في تاريخ هذه المؤسسة العريقة.. إن التجاوز في حق الأزهر أمر مرفوض ويتنافى مع كل صور الحوار.. كما أن الإساءة للإمام الأكبر عمل يتعارض مع كل القيم الدينية والأخلاقية.. يكفي أن البعض يهاجم ويدين المقاومة، وهي دفاع مشروع وموقف بطولي يقدره العالم.. إذا كان البعض لا يستطيع أن يدافع عن شعب يموت على أرضه، فليصمت، لأنه من العار أن تُدان الدماء وتسقط البطولة.. الإمام الأكبر رمز لكل المسلمين، وله مكانة خاصة يجب ألا تُمس.. والأزهر الشريف حامي حمى الإسلام، ويجب أن يبقى قلعة من قلاع الحق وصوتا من أصوات الكرامة..
من أزمة لأخرى
مصر، البلد الذي طالما كان رمزا للتقدم والحضارة، البلد الذي كان في يوم من الأيام يُعتمد عليه في الزراعة والصناعة، يراه اليوم محمد عبدالمجيد هندي يعيش في ظل أزمات متتالية لا تنتهي متسائلا في “المشهد”، من كان يتخيل أن مصر، التي كانت تُعتبر سلة غلال العالم، أصبحت اليوم عاجزة عن توفير احتياجاتها الأساسية؟ بل وصلنا إلى نقطة لم نعد نحقق فيها الاكتفاء الذاتي، بل نعتمد على استيراد السلع من مختلف الدول. إذن ما الذي حدث؟ كيف تحولت هذه القوة الزراعية والصناعية إلى بلد يصارع للبقاء؟ هل العيب في الشعب الذي عمل واجتهد على مرّ السنين، أم في سياسات الدولة التي أوقعت البلاد في هذه الأزمات؟ يطالبنا الكاتب بالآتي: علينا أن نكون واضحين وصريحين. المشكلة لا تكمن في الشعب، بل في السياسات التي تم اتخاذها، من دون تخطيط حقيقي أو دراسة للعواقب. مصر تعيش في تراجع مستمر منذ سنوات، وكلما ظننا أننا نخرج من أزمة، نجد أنفسنا في قلب أزمة جديدة. هذا التراجع لم يأت من فراغ، بل نتيجة لغياب رؤية واضحة للتنمية والاعتماد على سياسات اقتصادية فاشلة تزيد من الفجوة بين الشعب والدولة. في ظل هذه الظروف، لا بد من وقفة جادة وشجاعة لمراجعة الخطط التنموية كافة. استمرارنا في النهج نفسه سيؤدي إلى كارثة أكبر. علينا أن نتحلى بالجرأة للاعتراف بالأخطاء والعمل على تصحيحها. كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. لا عيب في الاعتراف بالأخطاء، بل العيب هو في الاستمرار فيها والتغاضي عنها. مصر بحاجة إلى إعادة تقييم شامل لكل ما تم اتخاذه من قرارات وإجراءات، لأن الوضع الحالي لم يعد يحتمل المزيد من الصدمات. السياسات الاقتصادية الحالية التي تعتمد بشكل مفرط على القروض الخارجية، وتجاهل المشكلات الأساسية كالتنمية الصناعية والزراعية، ليست الحل. كيف يمكن لبلد مثل مصر أن يعتمد على الواردات لسد احتياجاته الأساسية؟ علينا أن نعود إلى جذورنا، إلى قدراتنا المحلية، إلى استغلال مواردنا الطبيعية والبشرية بأفضل طريقة. نحن لا نفتقر إلى القدرات، بل نفتقر إلى التخطيط السليم والإدارة الرشيدة.
سبب نكبتنا
الاتفاقات مع صندوق النقد الدولي لم تجلب سوى مزيد من الديون، وهي ديون يتحملها، كما يرى محمد عبدالمجيد هندي المواطن البسيط، من خلال ارتفاع الأسعار وتدهور مستوى المعيشة.. إلى متى سيظل المواطن المصري يعاني تحت وطأة تلك الاتفاقيات التي تفرض شروطا تخدم مصالح الدول الكبرى والشركات العالمية على حساب الشعب المصري؟ آن الأوان لإلغاء هذه الاتفاقات والبحث عن حلول محلية تضع مصلحة المواطن المصري أولا. الأجور والمعاشات الحالية لم تعد تكفي لتأمين حياة كريمة للمواطنين. في كل يوم نرى ارتفاعا في الأسعار، في السلع الأساسية، في الخدمات، بينما يبقى دخل المواطن ثابتا أو حتى يتراجع. لا يمكن أن نبني مجتمعا مستقرا ومزدهرا إذا كانت الغالبية العظمى من الشعب تعيش تحت خط الفقر. تحسين الأجور والمعاشات ليس رفاهية، بل هو حق أصيل يجب أن يُمنح لكل مواطن. وعندما نتحدث عن الأمن القومي، لا يمكن أن نتجاهل ملف سد النهضة. هذا الملف الذي طالما تم التعامل معه بالتساهل والانتظار، لا بد أن يتم حله بالقوة. عندما يكون الأمن المائي لمصر مهددا، لا مجال للتهاون. مياه النيل هي شريان الحياة لمصر، وأي تهديد لها يجب أن يُقابل برد قوي وحاسم. السيادة المصرية لا تقبل المساس، وأمننا المائي لا يمكن أن يكون محل تفاوض. على الصعيد الزراعي، نحن بحاجة إلى سياسات جديدة تمنح الفلاحين الصغار الأرض والموارد اللازمة للزراعة. تمليك الأراضي الزراعية لصغار الفلاحين مجانا سيعزز الإنتاج المحلي، ويزيد من الرقعة الزراعية، ويُسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي. أما على مستوى الصناعات الصغيرة والمتوسطة، فهي مفتاح التنمية المستدامة في البلاد. مستقبل مصر لن يتحقق إلا بإرادة حقيقية للتغيير. هذه ليست دعوة للثورة أو الفوضى، بل دعوة للتفكير والتغيير. مصر تستحق الأفضل، والشعب المصري يستحق حياة كريمة ومستقبلا مشرقا.
إنه منكر فاجتنبوه
المتعصبون كرويّا يرتكبون وفق رؤية حمدي رزق في “المصري اليوم” كل الموبقات في تويتات وتغريدات ووسوم ورسومات ولقطات.. ينصح الكاتب جماهير الرياضة بما يلي: ما هكذا تُورَد الإبل، التحفيل كطقس كروي لطيف، منعش، يقاوم الكآبة، الناس بتفرج عن نفسها كرويّا، مناغشات، وحوارات، ولقطات لا تخلو من إفيهات، على سبيل المداعبة، ولكنها تحولت في الأخير إلى مشتمة، بأحط الألفاظ، المتعصبون يسوقون بضاعة فاسدة، كوكتيل من العنف اللفظي (مكتوب ومصور) غريبة على ذائقة المصريين. الروح الرياضية مفتقدة تماما، لا خلق ولا خلاق، وكأنهم الإخوة الأعداء، يخسرون بعضا بسبب تسلل مشكوك في صحته، ويعصفون ببعض بسبب ضربة جزاء ألغاها الفار، بعضي يمزق بعضي، كما قال طيب الذكر، كامل الشناوي، في رائعته «حبيبها». وبالعدوى التحفيل الكروي تجاوز الحدود، ما يسبب ضيقا للأشقاء، ما خلّف بعض أزمات كروية عابرة للحدود، وإساءات تجاوزت الأعراف المرعية بين القبائل الكروية. ليس هناك كود أخلاقي، أخشى أن التناحر الكروي بهذه الوتيرة الشرسة سيؤدي إلى كوارث في الملاعب مستقبلا. اللاعبون والأجهزة الفنية ضحايا التحفيل يتحولون إلى ثيران هائجة في الملعب. وهل لك أن تسأل: لماذا لا يعود الجمهور إلى المدرجات؟ يقينا خشية أن يحدث ما لا تُحمد عقباه في ظل تربص بعضهم ببعض، في المدرجات وعلى أرضية الملعب. الحالة العدائية المستعرة بين القبيلتين الحمراء والبيضاء تستوجب وقفة عاجلة، وعلاجات جراحية. العلاجات الموضوعية والكلام الحلو المزوق لن يُجدي نفعا، التعصب بلغ مبلغه، وهذا جد خطير، ولا بد أن تتوفر الرابطة الكروية الاحترافية على دراسة سبل العلاج. مرّت الكرة الإنكليزية بظاهرة التعصب في الملاعب، وبالحزم والإجراءات العقابية عالجت أمورها، الدرس الإنكليزي متاح لمطالعته، وتمصيره، والأخذ به. ترْك الأمور تجري في أعِنّتها خطر داهم. بعض الجماهير تُوصَف بـ«مجانين الكرة»، وهؤلاء لا تُؤمَن تصرفاتهم، والكرة ساحرة تسحر البعض، فيفقد صوابه الكروي.
خطورة الدجل
بطبيعة الحال والكلام للدكتور طارق الخولي في “الوفد”، ما يقال عن السحر في الأمور الطبية لا يمت إلى العلم بصلة ولا نحن قادرون على أن نصل اليه، بل هو من أمور الغيب، التي أُمرنا ألا نخوض فيها، فالعقول ليست مؤهلة لاستيعاب الغيب بما فيه، بل الإيمان فقط وما فيه وبطبيعة الحال أيضا حينما يتحول الطب إلى شيء من الدجل خاصة في الأمراض المزمنة والأمراض المستعصية، فلن يربح الطب، بل سيكسب الدجل وسيكسب بمراحل كثيرة وتراه محبوبا في قلوب من يؤمن به ويدافع عنه بكل ضراوة تحت المسمى الشهير أنه موجود والأشهر أنه ذكر في القرآن. وما تراه الآن في تعامل بعض الناس مع المرض في العصر الحالي هو أنهم مجرد كائنات تعيش لتأكل وتتكاثر، سواء من بني البشر وتمرض وتموت وأيضا غيرها من المخلوقات وإن كان الحيوان أيضا يعرف المرض ويعرف الاستشفاء من المرض، وهذا موجود في المراجع الطبية، بل إن الحيوان يداوي جراحه سواء باللعاب أو بأوراق الشجر، بل إن الحيوان يذهب إلى بعض الأطعمة ليأكلها أو يلوكها إذا كان عنده بعض من آلام البطن وهو أيضا يتحاشى بكل الطرق الجروح، سواء القطعية أو غيرها لأنه يعرف أنها قاتلة في البيئة التي يعيش فيها، فلا طاقة له للوقوف أمام الميكروبات، فالجروح بالنسبة للحيوان هي الموت المحقق.
ما تتلوا الشياطين
بطبيعة الحال فإنّ ما يحدث في بني البشر غريب عن الحيوان، فنحن عندنا العيون والعقول التي تبصر وتعي وتحقق في أمراضنا إذا كانت موجودة فعلا، أم أن هذا ضرب من الخيال وقد تعلم الدكتور طارق الخولي في الطب، ألا نكثر من الحديث في ما ليس منه طائل ولا مجال الا لنذكّر القوم بما جاء في سورة البقرة «وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشتراهُ مَا لَهُ في الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» وأيضا أننا في عام 2024 ما زال هناك من لا يستطيع من بني البشر، أن يفرّق بين المرض، ما إذا كان مرضا مزمنا وشاقا وطويلا ومرهقا، وليس له علاج حتى الآن، ولكنه ما زال مرضا وهو نوع من الامتحان لبني البشر في الصبر والتحمل والرجوع إلى الله، بزيادة الإيمان والتضرع أن يخفف عنا آلامه، ويثبت له الدين فهذا ما نعرفه في هذه الأمراض، وهي أيضا موجودة في الغرب المتقدم ولا علاج لها عندهم، أو عندنا. أما أن نترك العلوم الحديثة التي أصبحت تتكلم اليوم في الـDNA والجينات والخلايا الجذعية، ونذهب إلى الأعمال السفلية التي تُذهب المرض وتجلب الحبيب والخطيب، فبالله عليكم كيف يصل هذا إلى ساحات القضاء وكيف سيحكم القاضي على العفريت الجني الذي نقل العمل السفلي وكيف سيتمكن المحضرون من القبض عليه؟ ويقول العارفون بالسحر «أفيقوا أيها السادة».