مصر تستعد لبيع الأصول المملوكة للدولة في عدد من القطاعات الاقتصادية

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة – «القدس العربي»: تتجه الحكومة المصرية للتخارج من عدد من القطاعات الاقتصادية في إطار تمكين أوسع للقطاع الخاص وجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية. وتقتضي خطة التخارج بيع حصص تمتلكها الدولة في عدد من المؤسسات الاقتصادية في القطاعات التي تستهدف الحكومة التخارج منها.
وتأتي خطة الحكومة المصرية في وقت تسعى فيه للحصول على قرض جديد من صندوق النقد الدولي، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، وخسارة الجنيه المصري ما يقرب من 17 ٪ من قيمته أمام الدولار خلال الأيام الماضية.
كما تتماشى خطة الدولة مع سعيها لتوفير النقد الأجنبي، الذي دفعها لبيع حصصها في 5 مؤسسات اقتصادية، بينها شركة متخصصة في صناعة السماد، وأحد البنوك لصندوق أبو ظبي السيادي مقابل 2 مليار دولار، إضافة إلى التوافق على صيغة مشروع اتفاقية بين حكومتي مصر والمملكة العربية السعودية في شأن قيام صندوق الاستثمارات العامة السعودي بالاستثمار في مصر.
وكان آخر الاتفاقات الخاصة بتوفير النقد الأجنبي، جاءت خلال زيارة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية في دولة قطر، إلى القاهرة، أمس الأول الثلاثاء، حيث أعلن مجلس الوزراء المصري عن اتفاق لضخ قطر مجموعة من الاستثمارات والشراكات في مصر بإجمالي قدره 5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة، في إطار تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين.
وفي إطار خطة الحكومة المصرية للتخارج من قطاعات اقتصادية بعينها، أعد مجلس الوزراء المصري وثيقة بعنوان “سياسة ملكية الدولة”.
واستعرض مجلس الوزراء، خلال اجتماعه أمس، الملامح الرئيسية للوثيقة في إطار إعداد استراتيجية قومية لتمكين القطاع الخاص، وتحديد أنشطة تواجد الدولة والقطاع الخاص.
وقال أسامة الجوهري، مساعد رئيس مجلس الوزراء المصري، والقائم بأعمال رئيس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إن الوثيقة جرى إعدادها بمشاركة عدد من الوزارات والخبراء والمتخصصين، وإن إعداد وثيقة سياسة الملكية للأصول المملوكة للدولة والإعلان عنها، كان خطوة رئيسية في إطار زيادة فرص مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد، لافتاً إلى أنه سبق إعداد الوثيقة دراسة الوضع الحالي وإعداد مقترح أولي للتخارج من الأنشطة الاقتصادية، مع التوافق بشأن القطاعات والأنشطة الرئيسية لتخارج الدولة بالتنسيق مع الوزارات المعنية.
وزاد: “من المقرر أن يتبع الإعلان عن الوثيقة تقييم الأصول المملوكة للدولة على مستوى القطاعات التي سيتم التخارج منها، وتحديد آلية التخارج من الأصول المملوكة للدولة”. وأكد القائم بأعمال رئيس مركز المعلومات المصري، أن تحديد سياسة الملكية يعدّ أمراً شائعاً عالمياً، حيث قامت أكثر من 50 دولة بتحديد سياسة الملكية المُتبعة بها سواء بشكل صريح كإعلان وثيقة، أو من خلال القوانين والأطر التنظيمية، كما بدأت دول عربية في الإعلان عن هذه السياسات.
وزاد: “وثيقة سياسة الملكية التي يتم إعلان ملامحها تعدّ وثيقة مرنة لسياسة الملكية تتواكب مع استراتيجيات الدولة والمستجدات العالمية، تم إعدادها وفقاً للمعايير والمبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتتسم بشمولية الأهداف، لاسيما في ضوء استهدافها تنفيذ سياسات عامة للدولة، كما ترتكز على وجود أطُر محددة، وتعطي لمحة عن أهداف طويلة الأجل لدور الدولة في الاقتصاد، بالإضافة إلى كونها قابلة للتحديث وفقًا للمستجدات الدولية والمحلية، والتغيرات في أولويات الدولة، ويتم مراجعتها دورياً وفقًا للأهداف الاستراتيجية للدولة”.
وتناول مساعد رئيس مجلس الوزراء أبرز ملامح “وثيقة سياسة الملكية” في الحالة المصرية، واستعرض آليات التخارج المقترحة التي يمكن تطبيقها بما يحقق أهداف الدولة، لافتاً إلى أنه سيكون لها أثر متوقع يتمثل في كونها رسالة اطمئنان للمستثمر المحلي، وعنصر جذب للاستثمار الأجنبي، كما تسهم في تعزيز ثقة المؤسسات الدولية، حيث تمثل خطة متكاملة تستهدف تمكين القطاع الخاص وتنظيم تواجد الدولة في النشاط الاقتصادي، وذلك استكمالأً للإصلاحات الحكومية التي تتبناها الدولة المصرية. وأكد أنه تم وضع صورة متكاملة لتواجد الدولة في القطاعات والأنشطة الاقتصادية خلال السنوات الثلاث القادمة، بما يسهم في تعزيز تمكين القطاع الخاص، وقد تم تحديد التخارج على مراحل وبشكل تدريجي، بناء على عدد من المعايير ومحددات رئيسة، مع تحديد قطاعات ستتواجد بها الدولة بشكل مستمر، وفقاً لما تتسم به من أبعاد استراتيجية أو اجتماعية، كما استعرض التقرير المنظومة المقترحة لمتابعة برنامج تمكين القطاع الخاص من خلال مؤشرات تنموية في القطاعات المستهدفة، إلى جانب إصدار تقارير دورية بالاعتماد على مؤشرات قياس الأداء الخاصة بتقييم برنامج تمكين القطاع الخاص.
إلى ذلك، أفادت وكالة بلومبرغ الاقتصادية، بأن محللين ماليين يقدرون حصول مصر على تمويل يتراوح بين 5 و7 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، لدعم اقتصادها من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار السلع الغذائية عالميًا.
وكان صندوق النقد الدولي أعلن الأسبوع الماضي، أن مصر طلبت دعمًا لتنفيذ برنامج اقتصادي شامل لمجابهة التحدّيات التي نشبت جراء البيئة العالمية سريعة التغير، والتداعيات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.
وسبق أن نفذت مصر برنامج صندوق النقد الدولي لمدة 3 سنوات، في أواخر عام 2016، حصلت بموجبه على قرض بقيمة 12 مليار دولار مع خفض قيمة العملة بشكل حادّ وخفض الدعم.
وفي عام 2020 حصلت مصر من صندوق النقد، بموجب اتفاق استعداد ائتماني، على 5.2 مليار دولار، بالإضافة إلى 2.8 مليار دولار بموجب أداة التمويل السريع، ما ساعد السلطات على معالجة تأثير تداعيات جائحة كورونا.
ونقلت الوكالة عن محلل للاقتصاد المصري في أحد بنوك الاستثمار الحكومية قوله: “تريد مصر 7 مليارات دولار من صندوق النقد، لكن الصندوق يريدنا أيضًا أن نحصل على 10 مليارات دولار من دول الخليج، بالإضافة إلى إجراء إصلاحات، وهي جارية بالفعل”.  وأضاف المحلل الذي رفض ذكر اسمه: “لدينا فجوة تمويل تتراوح بين 15 و20 مليار دولار للشهور الـ 12 المقبلة”.
وخسر الجنيه المصري ما يقرب من 17 ٪ من قيمته أمام الدولار الأمريكي خلال الأيام الماضية.
وجاء ارتفاع سعر الدولار بعد الاجتماع الاستثنائي الذي عقده البنك المركزي الاثنين، الذي قررت خلاله رفع سعر الفائدة بنسبة 1%، ليصبح 9.25% على الإيداع، و10.25% على الإقراض، ويعد هذا القرار أول رفع لسعر الفائدة منذ يوليو/ تموز 2017.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية