القاهرة ـ «”القدس العربي»: بين تقدير جارف أبدته المؤسسة العسكرية وغالبية أطياف المكون الوطني بيوم “الشهيد” الذي حظي باهتمام واسع، حيث سعت الآلة الإعلامية لتحويله لأداة لبث الأمل والتفاؤل في صدور الملايين، الذين يحيط بهم الشقاء من كل جانب بسبب تعاظم المحنة الاقتصادية، ومخاوف يتسع تأثيرها خشية اقترابنا من السيناريو اللبناني، راحت صحف القاهرة أمس الخميس 9 مارس/آذار، تفتش عن موضع لأمل تصدره للأغلبية الباحثة عن وسيلة للخلاص من المأزق الراهن.. وأمس شاهد الرئيس السيسي، فيلما تسجيليا بعنوان «مثلث القيادة»، يتحدث عن 3 من أبطال القوات المسلحة، من إنتاج إدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة بالتعاون مع الشركة المتحدة، ضمن فعاليات الندوة التثقيفية الـ37 للقوات المسلحة، بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسي. تناول الفيلم قصة كل من الرائد البطل مصطفى حجاجي مساعد الدفعة 103 حربية، والرائد البطل محمد علي العزب مساعد الدفعة 104 حربية، والرائد البطل عماد الدين أبو رجيلة حامل العلم. ووقف الرئيس السيسي، تحية لأمهات الشهداء الـ3 الذين استشهدوا، قائلا: “الثمن اللي مننساهوش حقيقي أن الخراب اللي كان ممكن مصر تشوفه في الـ10 سنوات اللي فاتت ميتكررش تاني، بكل المصريين وفوق ده كله ربنا”، وطمأن أهالي الشهداء، بقوله: “هنحتفل كلنا وأسر الشهداء في يوم تشوفوا سيناء فيه غير اللي شفتوه في الصورة المؤلمة، اللي هي صورة الأشرار”. وأضاف: “هتشوفوا بفضل الله صورة هتفرحوا بيها أن أولادكم قدموا أرواحهم لأجل البلد دي، الدنيا هتكون مختلفة خالص”. وشهد الرئيس السيسي، الندوة التثقيفية الـ37 بمناسبة الاحتفال بيوم الشهيد والمحارب القديم، تخليدا لأرواح الشهداء والتذكير بالتضحيات التي قاموا بها في سبيل الحفاظ على الوطن.. ومن المشاهد المؤثرة.. غلبت الدموع شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب، خلال مشاهدة الفيلم التسجيلي “رموز خالدة” ضمن فعاليات الاحتفال بيوم الشهيد.
ومن أخبار سد “النكبة”: طالب السفير سامح شكري وزير الخارجية، الدول العربية إلى مساندة مصر ودعمها في ملف السد الإثيوبي، باعتباره يمثل تهديدا للأمن القومي المصري، وقال إن الممارسات الأحادية الإثيوبية في ما يتعلق ببناء سد النهضة، تهديد للأمن القومي، وتمثل انتهاكا للقانون الدولي، خاصة أن مصر تعد أحد أكثر الدول جفافا. ومن الأخبار العامة: استقبل السيد محمود الشريف نقيب الأشراف، علي الهاشمي مستشار الرئيس الإماراتي للشؤون الدينية والقضائية، في مقر نقابة السادة الأشراف في الدرّاسة. وأكد نقيب الأشراف، أن العلاقات بين مصر ودولة الإمارات ضاربة في جذور التاريخ، وفي تطور مستمر.
صناع الأمل
تحولت بلدة فلسطينية اسمها حوّارة من قرية لا يكاد يسمع بها إلا سكانها القليلون، إلى اسم يتردد في الإعلام هنا في المنطقة، ثم في خارجها على مستوى العالم. تابع سليمان جودة في “الوفد”: البلدة تقع في جنوب مدينة نابلس في الصفة الغربية المحتلة، ويسكنها سبعة آلاف فلسطيني، ولم تكن تحب بالتأكيد أن يكون ترديد اسمها في الإعلام المحلي والعربي والدولي مقترنا بمأساة عاشتها ولا تزال، وعاشها أبناؤها مثلها ولا يزالون.. وكل ذنبها أن اثنين من المستوطنين الإسرائيليين لقوا مصرعهم على مسافة قريبة منها، فوجدت نفسها تدفع ثمن ما حدث، دون أن يكون هناك دليل على أن الذي قتل المستوطنين الاثنين من بين أهلها، وقد هجم عليها مستوطنون فأحرقوا كل شيء وجدوه في طريقهم، وأخضعوها لعقاب جماعي خرجت منه، وكأنها كانت ساحة لحرب انتقامية ثأرية مدمرة. ومن سوء حظ هذه البلدة أن بتسئيل سيموتريتش، وزير المالية في حكومة بنيامين نتنياهو، راح يزايد من ناحيته على المستوطنين الإسرائيليين الذين لم يتركوا حجرا فيها فوق حجر. وزير المالية دعا إلى محو حوارة من الوجود، فقامت الدنيا في العالم ولم تقعد، ولم تسمع عاصمة في أنحاء الأرض بما قاله، إلا خرج منها بيان شديد اللهجة يرفض ويشجب دعوته وكلامه.. والمشكلة أن هذه البيانات رغم قوتها المعنوية في إنصاف القضية في فلسطين، إلا أنها لا تؤدي إلى شيء حقيقي في الواقع العملي للناس، سواء كانوا في البلدة نفسها أو كانوا في فلسطين كلها. ومن بين العائد المعنوي للبيانات الرافضة، أن خمسة آلاف أمريكي وقّعوا عريضة وأرسلوها إلى وزارة الخارجية الأمريكية، وقالوا فيها إنهم يرفضون دخول هذا الوزير إلى بلادهم، وإنه يجب أن لا يحصل على تأشيرة دخول من الوزارة. وكان الوزير الإسرائيلي يستعد للسفر إلى الولايات المتحدة لحضور مؤتمر ينعقد هناك منتصف هذا الشهر، ولا أحد يعرف ما إذا كانت هذه العريضة سوف تنجح في مسعاها أم لا؟ ولكن ما نعرفه أن هذه عريضة تدل على أن الأمل لا يزال له وجود بيننا، وأن أصحاب الضمائر الحية لا يزال لهم وجود كذلك، وأن مثل هؤلاء الموقعين على العريضة يمنحون التفاؤل للناس.
من حق الرئيس
أشاد عبد الغني عجاج في موقع “نبض” بما أقدم عليه الرئيس مؤخرا، حسنا فعل فخامة الرئيس السيسي بحزمة الإجراءات والقرارات التي اتخذها في المنيا الجديدة لمواجهة التضخم والأسعار المتصاعدة لمعظم السلع وثيقة الصلة بحياة المواطنين.. فخامة الرئيس كواحد من أفراد الشعب، أدرك تأثير التضخم الذي ضرب معظم دول العالم، فقرر أن تمد الدولة يد المساندة للعاملين في الجهاز الإداري للدولة وزيادة مرتباتهم بمبلغ حده الأدنى ألف جنيه وزيادة المعاشات 15% اعتبارا من أول إبريل/نيسان المقبل، فضلا عن رفع حد الإعفاء الضريبي. والحقيقة المؤكدة أن التضخم طال الجميع، من يعملون في الحكومة ومن يعملون في القطاع الخاص، وطال المزارعين وعمال اليومية، وطال بالطبع الباحثين عن عمل.. وامتد تأثير التضخم لكل الطبقات الغنية والمتوسطة والفقيرة بدرجات متفاوتة، ما دفعنى للتفكير في تأثير التضخم وارتفاع الأسعار وتكاليف المعيشة على فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي شخصيا. فكلنا يتذكر ما أعلنه الرئيس السيسي بأن مرتب رئيس الجمهورية يبلغ 42 ألف جنيه شهريا وأنه يكفيه نصف هذا المبلغ، أي 21 ألف جنيه فقط شهريا (كان هذا الإعلان قبل عدة سنوات وقبل التعويم وتحرك الأسعار بصورة مستمرة) وأنه سيتبرع بنصف ثروته لمصر، بما في ذلك ميراثه من والده رحمه الله. المؤكد أن مياها كثيرة جرت في النهر وظروفا كثيرة تغيرت وربما يشعر فخامة الرئيس بالحرج من المطالبة بتعديل مرتبه، أو الحصول على مرتب الرئيس كاملا.. ولذلك على البرلمان أن يرفع الحرج عن الرئيس، ويناقش منح الرئيس علاوة غلاء معيشة عاجلة تراعي التضخم وزيادة الأعباء.
«حسوا بحاله»
السؤال الذي فرض نفسه بشأن ما دعا إليه عبد الغني عجاج بشأن أسباب دعوته لمنح رئيس الجمهورية علاوة غلاء يقول الكاتب: ما شجعني على التطرق لهذا الأمر الحساس، هو فخامة الرئيس السيسي نفسه وما أعلنه من قبل أمام الشعب، من أنه عندما دخل الرئاسة سألوه ماذا تحب أن تأكل في الغداء؟ لأن كل العاملين في رئاسة الجمهورية يأكلون على حساب الدولة، فكان رده الحاسم: لا أنا ولا العاملون في الرئاسة، كلنا نأكل على حسابنا ومن فلوسنا. هذا الموقف الذي أعلنه الرئيس يشي بأنه يعتمد على نفسه، ولا يعتمد على الدولة في تدبير نفقات بيته وشراء ملابسه واحتياجاته التي تليق بمكانته كرئيس لمصر.. فمن رفض أن يأكل وجبة على حساب الدولة، من المؤكد أنه يرفض أن تنفق الدولة على بيته واحتياجاته الشخصية.. الرئيس السيسي أعلن مرارا أنه واحد من الشعب، وأنه يشعر تماما بأحوال الناس ومن واجب الجهات المعنية أن تحس بحال الرئيس في هذه الظروف الصعبة، كما أحس هو بالمواطنين وانحاز لمساعدتهم ومساندتهم بقدر ما استطاع. فليس من المعقول أن يكون مرتب مدرب الكرة مئات الألوف وأجر أي مطرب عشرات الألوف ويكون مرتب رئيس الجمهورية 21 ألف جنيه فقط، فمن الناحية الفعلية أصبح هذا المبلغ لا يكفي أو يكفي بالكاد واحدا مثلنا من غمار الناس في ظل هذا الغلاء الفاحش، فما بالنا برئيس الجمهورية.. أعلى سلطة في الدولة؟
سرعة الرد
استنفار الحكومة للتأكيد على عدم تفكيرها في اقتطاع نسبة من رواتب المصريين في الخارج كان محل تقدير الكثيرين من بينهم أسامة سرايا في “الأهرام”: في الوقت الذي ينظر فيه المصريون في الداخل للمصريين في الخارج بإعجاب وتقدير بالغْيِّن، باعتبارهم أهم خط إنتاج مصري (على الإطلاق) يلبي احتياجات مصر من النقد الأجنبي، فقد وصلت تحويلات المصريين في الخارج إلى ما يجاوز الـ31 مليار دولار، ما يوفر للدولة 5 أو 6 أضعاف حصيلة عائدات قناة السويس، ومتفوقا على الصادرات الزراعية والصناعية والخدمية معا، ووسط تداعيات الظروف الاقتصادية العالمية، وتحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار- فإننا نفكر جميعا، وبصوت عالٍ، كيف نحافظ على هذا المورد الحيوي لاقتصادنا؟ وكيف نزيد ثقة المصريين في الخارج في اقتصادهم وبلدهم والجنيه المصري؟ لقد سمعنا في إحدى جلسات مجلس الشيوخ شخصية مهمة متحدثة لها خبرة وثقة تتحدث عن التنظيم، ودفع المصريين إلى مشاركة وطنهم، عبر فرض رسوم وضرائب، كان البعض منا يرى أنها زلة لسان خوفا من أن تؤدي باقتصادنا إلى مشكلات، ومخاوف تصعب السيطرة عليها، أو حتى تنظيمها، في أهم مورد لاقتصادنا من النقد الأجنبي (تحويلات المصريين في الخارج). لكن السفيرة سها جندي وزيرة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج، معبرة باسم الحكومة، التي هي أحدث وزيرة انضمت إليها- لم تتأخر، ولم تنتظر حتى الصباح، بل سارعت بالرد في الوقت المناسب كالقمر الساطع، وبلسان فصيح دقيق ومحدد، لتوضح الحقائق: أولا لا تفكر الحكومة هكذا، بل نحن نسعى لربط المصريين في الخارج ببلدهم بشتى الطرق، ولا نفكر إلا في كل أشكال الدعم، وأن يشعر المصري في الخارج بأن بلده يدعمه في كل الوقت، وقطعا ليست عينه على موارده، وحصيلة تعبه، وكده في الغربة، فتحويلات المصريين في الخارج حق، وملك لهم، ولا تتدخل الحكومة في الحسابات الشخصية للمصريين في الخارج، أو الداخل معا، وحرص الدولة على التواصل معهم بالاستماع لمشكلاتهم يجعلنا نستجيب بالسماح باستيراد سيارة لكل مصري ومصرية في الخارج بلا جمارك، أو رسوم. لقد أسعدتني سرعة استجابة الحكومة، وبراعة الوزيرة سها جندي في الرد، فكل التحية والتقدير لتوضيحها الذي أراح، وبعث الطمأنينة في نفوس أبنائنا خارج، وداخل الوطن.
فلنستلهم الدرس
سيظل التاريخ، كما أوضح كرم جبر الكاتب في “الأخبار”، شاهدا على عظمة القوات المسلحة المصرية ورجالها الأبطال، فلم يبخل هؤلاء الرجال بأرواحهم تجاه الوطن، قدموا كل نفيس وغالٍ من أجل أن تظل رايته شامخة خفاقة، ضد كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات هذا الشعب. نماذج وطنية عديدة قدمت أرواحها فداء للوطن، وما زالت التضحيات مستمرة، وارتوت رمال سيناء بدمائهم، حتى تحقق النصر العظيم، وما زالت القوات المسلحة تخوض حربها الضروس ضد خفافيش الظلام، في جميع الاتجاهات الاستراتيجية للدولة، عازمة على اقتلاع جذورهم من أجل حماية الدولة المصرية، والحفاظ على الشعب المصري من أي تهديدات. ولن يركع وطن فيه نساء الصبر والبطولة.. أمهات وزوجات الشهداء، أعظم ما أنجبت مصر، ودموعهن في “يوم الشهيد” نار تحرق كل إرهابي جبان، مصيره الزوال والفناء، لتعيش مصر حرة أبية كريمة مرفوعة الرأس. نستمد منهن الإرادة والعزيمة والقوة. كلمات أمهات وزوجات الشهداء، كلما جاءت الذكرى العطرة تفتت الصخر في القلوب حزنا على الفراق، وفخرا بأعظم نساء الأرض، قوة وشجاعة وإيمانا بالله والوطن، فمن أنتم أيها الإرهابيون يا أقذر المخلوقات، لتغتالوا شبابنا ورود الحياة، لهم وطن يدافعون عنه، أما أنتم فليس لكم وطن ولا دين ولا هوية.. شبابنا يزفون إلى الجنة، وأنتم تحشرون في جهنم.. أمهاتهم وزوجاتهم، مصريات صامدات مثل أمهاتنا وأخواتنا، راكعات ساجدات ويتسلحن بالقرآن الكريم، أما أنتم فعبدة شيطان، تلعنكم الأرض والسماء. تجري جينات البطولة في عروق أبناء الشهداء، لتؤكد أن مصر بلد الوفاء، وتبعث ذكرى يوم الشهيد رسالة لكل متآمر جبان بأن مصر على قلب رجل واحد في معركة البقاء، والرد على من قتلوا الشهداء، وكل صرخة رصاصة في رأس إرهابي، ولطمة على وجه كل متآمر. يوم مشهود وتعودنا أن يشحن الرئيس الهمم ويستنهض العزيمة، ويكفكف دموعا ويطمئن قلوبا، ويجدد العهد بأن رجال الوطن أوفوا بعهدهم، ولم يتركوا مصر للضياع، ويطلب من كل مصري أن يفي هو الآخر بعهده، ويجدد القسم “نموت ومحدش يقرب منكم”، ويقسم “والله العظيم مستعد ألبس الأفرول وأنزل أحارب مع هؤلاء الأبطال”، ويلمس أوتار القلوب حين يقول “بنحارب عشان خاطر ربنا”، “يا نموت كلنا يا نعيش كلنا.
تمر بلا عقاب
يبدو والكلام لجلال عارف في “الأخبار”، أن العالم ينتظر أن يحدث الانفجار في المنطقة بالفعل، لكي يدرك خطورة التغاضي عن عدوان إسرائيل المستمر واحتلالها الاستيطاني وممارساتها العنصرية.. خاصة في ظل حكومة زعماء عصابات اليمين المتطرف التي ارتضى نتنياهو أن يكون القرار لهم مقابل أن ينجو من السجن. للأسف الشديد. تابع الكاتب، لم تعد بيانات الاستنكار والتنديد تجدي مع حكومة، أبرز أعضائها مدانون بالتحريض على القتل وإشعال «المحارق» للفلسطينيين، أو موضوعون على قوائم الإرهاب أو مطلوبون للعدالة حتى بالمقاييس الإسرائيلية، ولم يعد ممكنا إقناع من تعودوا على التصرف خارج القانون، وعدم تنفيذ قرارات الشرعية الدولية، أنه لا مستقبل لدولتهم إلا إذا تعلمت أن بقاءها فوق القانون وخارج المحاسبة لا بد أن ينتهي، بعد كل الإدانات العالمية لمجازر نابلس وجنين، وللمحرقة التي أصبحت عنوانا لميليشيات المستوطنين الذين يقودهم وزراء في الحكومة.. ما زال الإصرار على السياسات نفسها، والسير في طريق التصعيد، هو الطريق الوحيد لحكومة زعماء عصابات اليمين المتطرف.. الاقتحامات مستمرة للقرى والمدن الفلسطينية، والمستوطنون يهددون بنسخ أخرى من «محرقة حوارة» و«التفاهمات» التي رعتها أمريكا انتهت بالتأكيد على أن الاستيطان لن يتوقف لحظة واحدة. واقتحام باحات المسجد الأقصى يتم في حماية القوات الإسرائيلية وبرعاية وزير الأمن وراعي الإرهاب بن غفير، ألم يكن كل ذلك يستحق من مجلس الأمن تشكيل لجنة تحقيق دولية لتقصي الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وبحث سبل توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني حتى إنهاء الاحتلال؟ بالتأكيد فإن هذا هو القرار الصحيح لولا أن الإرادة الدولية معطلة، لا تدرك خطورة استمرار حمايتها للإرهاب الإسرائيلي.. حتى وهي ترى مئات الألوف من الإسرائيليين أنفسهم يتظاهرون ضد حكومة تقود إسرائيل إلى الكارثة، وتقود المنطقة إلى انفجار لا يحكمه إلا جنون التطرف الإسرائيلي. وجرائمه التي ما زالت تمر بلا عقاب.
أعداء الأخضر
لافت بشدة كما لاحظ حمدي رزق في “المصري اليوم” حالة كراهية للخضرة تعتمل في بعض نفوس متصحرة، فتعمل فُؤُوسها الحادة في أعناق الأشجار وارفة الظلال، تحيلها إلى أعجاز خاوية.. إذ فجأة تندلع مذبحة أشجار في شارع «عبد العزيز آل سعود» في المنيل، ما بين كوبري الجامعة وكوبري عباس. أكد الكاتب أن قاطع شجر مثل قاطع طريق، يمتطي بعنفوان الشجرة من عنقها، ويقطع فروعها الخضراء من أعلى جذعها الذي يصرخ مذبوحا من الألم، فتسقط الفروع الخضراء كالجثة الهامدة على الرصيف، انتظارا لعربة نقل الجثث الخضراء. مشهد محزن يقطع نياط القلوب المحبة للخضرة، أحصيت في وقفتي ثلاث أشجار تعرّت من خضرتها في ظرف نصف ساعة، صارت هياكل خشبية تنعى عمرها الذي سلبه من يكره الخضرة كراهية العمى. تدخلت يائسا محاولا إنقاذ الشجرة الثالثة قبل أن تذبحها أيادٍ لا ترحم، وإيقاف المذبحة التي تمت بليلٍ، وفي شارع مليء بالمارة، والنوادي المطلة على النيل، وتصدح موسيقى «حسن شاكوش» من المراكب العائمة لتضفي على المشهد كآبة بالغة، صارخا في قاطع الشجرة من أسفلها وهو أعلى يذبح بفأسه عنق الشجرة الثالثة، وبعد أن أجهز على شجرتين كانتا تظللان سور مدرسة «النيل القومية المشتركة» الملون بصور كابية.. كفاية حرام؟ من ذا الذي أعطاك الحق في ذبح الشجرة؟ قال بإهمال: الست مهندسة الحي، عندك جالسة تشرب شاي على الرصيف المقابل.. ذهبت إليها، فقالت: إحنا بنقلم الشجر، ولو عندك اعتراض روح الحي؟
خضراء بما يكفي
بإصرار سأل حمدي رزق مهندسة الحي: هل هذا تقليم أم ذبح من العنق للأشجار؟ لم تُحرِّ جوابا مقنعا، فقط تحركت من قعدتها تجتاز الشارع على مهل سقيم، وأعطت تعليمات لقاطع الشجر: خليك في الفروع الرفيعة يا معلم؟ لفتُّ نظرها إلى الضحيتين (الشجرتين) اللَّتين جز عنقهما الجزار فوق الشجرة، فقالت: عد ثلاثة شهور هتخضر تاني طيب وليه من أصله ما هي خضرة ووارفة الظلال ولا تشكل خطرا، بل آية من آيات الجمال.. مثلا، هل تضرر أحد السكان؟ هل مدير المدرسة طلب ذبحها من عنقها خوفا على التلاميذ؟ أشارت إلى مواطن صالح، وقالت: الرجل هذا صاحب الطلب، مواطن عادي يقف تحت الشجرة وهي تُذبح مغتبطا بصنيعه الأثيم، سألته: سيادتك ساكن هنا، شغال في المدرسة؟، كانت الإجابة الصادمة بالنفى، طيب ليه طلبت ذبح الأشجار، وكانت إجابته غريبة: لما نقلمها تطلع تانى، اُصبر ثلاثة شهور وهتشوف بعينك. سألت التي يقال لها مهندسة: هو أي حد يقدم طلبا بذبح شجرة في أي شارع يوافق هواه، يُجاب طلبه دون تحرٍّ وبحث وتدقيق؟ الشارع واسع والشجرة لا تقطع طريقا. ردت بتحد: طبعا أي مواطن من حقه الطلب، ولو سيادتك عاوز تقطع أي شجرة.. فقط قدم طلبا وإحنا نقلمها لك؟ عاودت السؤال: أقله صاحب الطلب يكون متضررا، صاحب مصلحة، ولا ضرر ولا ضرار.. ردت: عليك بالحي وسيبنا نشوف شغلنا.. تبقت لنا شجرة، وعلشان خاطرك هنقف لحد كده. عند هذا الحد انسحبت ساخطا، ولكني أنقذت ما تبقى من الشجرة الثالثة وبقية أشجار الشارع. والسؤال على لسان طيب الذكر صلاح عبدالصبور: كيف ترعرع في وادينا الطيب.. هذا القدر من كارهي الأشجار؟
نتائج مبهرة
هناك القليل من الأشياء يرى حسن المستكاوي في “الشروق” أنها هي الأصعب في كرة القدم، وفي مقدمتها عدم فهم تلك النتائج القاسية التي تصيب الفرق الكبيرة. فقبل مباراة ليفربول ومانشستر يونايتد كان الحديث يدور حول فريق يورجين كلوب، الذي كبر في العمر ويحتاج إلى تغيير في أوراقه، كما تفعل الأشجار في الخريف. وكان الأمر على النقيض بالنسبة لمانشستر يونايتد الذي استيقظ أخيرا واحتل المركز الثالث في الدوري. وخلال 11 يوما هزم برشلونة وفاز بنهائي كأس كاراباو، وكأس الاتحاد الإنكليزي وكان ندا لليفربول على مدى 43 دقيقة. ثم بدأ أبناء يورجين كلوب العرض الكبير.. وفاز ليفربول بسبعة أهداف نظيفة. إن الهزائم الكبيرة أصبحت أكثر شيوعا بشكل عام. ربما يكون لهذا عنصر تكتيكي، وهو تفسير لا يكفي، فما هو التفسيرالأكثر دقة؟ هي ظروف مباراة، ومهارات لاعبين انفجرت، وهدف ثالث في الدقيقة 50 أصاب لاعبي يونايتد بالإحباط واليأس والاستسلام، وترتب على الهدفين الأول والثاني وجود مساحات، وعدم تنظيم في دفاع يونايتد نتيجة صدمة الخسارة، والاندفاع إلى الأمام للعودة للمباراة. هذا هو التفسير عندما يتعلق الأمر بمباراة واحدة لها ظروفها، بينما خسر مانشستر يونايتد خلال 18 مباراة بالدورى من مارس/آذار إلى أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي 4 ـ1 و4 ـ 0 و4 ـ 0 و6 ـ 3، وكانت تلك النتائج حصيلة أسباب فنية يعاني منها الفريق منذ عام 2016. وفي المقابل نذكر أن ليفربول قبل فترة قريبة خسر 7ـ 2 أمام أستون فيلا، ثم فاز 5ـ 0 و7ـ 0، ثم خسر ست مباريات على التوالي، وكان ذلك نتيجة حالة فنية عامة ترتب عليها أن الفريق أخذ يصارع من أجل الدخول إلى دائرة الأربعة الأوائل هذا الموسم.
ما زال مبدعا
نعم والكلام ما زال لحسن المستكاوي، أصبحت النتائج الغريبة ظاهرة، فمن قبل أيضا فاز ليفربول في مباريات أخرى مع فرق أخرى 9ـ 0 و7ـ1 و7ـ 0 لكنه تعرض أيضا لهزيمة 5 ـ 2 قبل أسبوعين بدت كأنها نوع من الكارثة التي لا يمكن إصلاحها. ولكنه كان رائعا في الشوط الثاني أمام يونايتد.. في هذا اللقاء المحشود بالتاريخ والحساسية والغضب، وفق ما أشار إليه الكاتب، شهدت مقدمة الهجوم في ليفربول تفاهما وتناغما بين الثلاثي محمد صلاح وكودي جاكبو وداروين نونيز، أسقط كل ما كان يقال عن تأثير رحيل ساديو ماني. فقد اتسم أداء الثلاثة بالسرعة والحيوية والحركة والقسوة أيضا، وتبقى لصلاح أرقامه القياسية التي حققها، 22 هدفا في الدوري والهداف التاريخي لفريقه في البريميرليغ 129 هدفا، وغير ذلك من أرقام. ولكن يبقى له ويبقى عندي أيضا له أيضا قبل ذلك مهاراته وإبداعه في المراوغة وفي التحرك وفي الخفة والرشاقة والسرعة، وتبقى له براعته في التسجيل وفي التمرير. فقد كان من أجمل ألعابه في مباراة يونايتد مراوغته لمارتينيز ثم تمريرته إلى جاكبو. الإبداع يعزز الأرقام القياسية. والإبداع يقدمه هؤلاء النجوم الذين يلعبون كرة القدم كأنهم في مكانة خاصة فوق سطح القمر، مثل صلاح..
جميلة بما يكفي
تجربة إنسانية فريدة احتفى بها الدكتور ناجح إبراهيم في “الأهرام”: أصابها سرطان الغدة الدرقية وهي شابة فقيرة مخطوبة لسائق توك توك فقير، قال لها خطيبها أوافق على مرضك، ولكنني لن أستطيع الإنفاق على علاجه، أخبرها كل أطباء الأورام أنها لن تنجب، أخفت ذلك عن خطيبها لأنه اشترط الإنجاب لإتمام الزواج. كانت جلسة الإشعاع تحطم عظامها من الآلام المبرحة، اسودت الدنيا في وجهها، كانت تدعو الله ليل نهار “يا رب لا تذلني بالعقم وعدم الإنجاب” كان دعاؤها حارا ومتواصلا. كانت تردد الدعاء باستمرار وهي محبطة يائسة حتى قابلت فتاة صغيرة في غرفة الإشعاع المظلمة تضحك وتمزح، وهي في قمة التفاؤل، رغم أنها أصيبت بسرطان الثدي وتم بتر أحد ثدييها وفي يوم الجراحة ترك لها خطيبها دبلة الخطوبة قبل دخولها غرفة العمليات. تخلى عنها في أحرج وقت وأحوج لحظة تحتاجه إلى جوارها، لم تعر الأمر اهتماما، خرجت من الجراحة بسلام وها هي تعالج بالإشعاع الأقسى على النفوس والأبدان بعد الكيميائي، كانت شعلة من التفاؤل رغم سقوط شعر رأسها وحاجبيها، هذه الفتاة منحتها قوة وعزيمة لا حدود لها، لم تنس هذه الفتاة أبدا، جعلتها قدوة لها في التفاؤل والعزيمة والأمل. تزوجت وإذا بدعائها لربها يستجاب فتنجب طفلين سليمين متتابعين أحدهما الآن في الرابعة الابتدائية والآخر في مرحلة الحضانة، عجب الأطباء من هذه الحالة العجيبة التي كسرت نواميس الطب. المرض حرم زوجي من أشياء كثيرة حلوة بين الزوجين، احتضنتني أمي ووقفت إلى جواري وأنفقت على مرضي وعلاجي ولم تبخل عليَّ بشيء، فتحت بيتها لي، أنام أنا وأمي وزوجي وأولادي في غرفة واحدة، طالما أمي بجواري وأمامي، فلا قوة تهزمني ولا سرطان يغلبني، هي سر وجودي. تنهدت قليلا لتسترجع شريط ذكريات حياتها البائسة والمؤلمة، فهي أكبر أخواتها السبعة خرجت من الخامسة الابتدائية، والدها كان يشرب الخمر باستمرار، ولا يعمل يشتم ويصيح فيهم باستمرار، يترك الأسرة هربا من الإنفاق، تركهم للضياع لولا عزم الأم.
سلام عليهم
لم تجد أم الفتاة التي اهتم بأمرها الدكتور ناجح إبراهيم، بدءا من الخروج للعمل كخادمة في أحد المنازل عند سيدة طيبة، ومنها إلى منزل ابنها بعد وفاة زوجته، تقوم بكل شيء في البيت مقابل أجر شهري، ظلت تخدم هذه الأسرة أربعين عاما، تعود مرهقة، تنفق على أسرة مكونة من سبعة أولاد يحتاجون كل شيء. لم تجد فتاتنا هذه سوى أن تقوم برعاية أشقائها وشقيقاتها وصنع كل شيء في البيت بداية من الطعام والشراب والنظافة حتى الرعاية والحنان. الزوج السكير أصابته الأمراض من كثرة الخمر حتى أصابه الزهايمر رفضت أمي أن تتركه وحده، رغم غدره بها، أعادته لأسرته، قالت لابنتها: نستره في بيته بدلا من الفضيحة، حتى إذا جاء عريس للبنات يجد أبا لكم. آخر أيام أبي انصلح حاله، تحكي فتاتنا: كنت أكره أبي في صغري، ولكني تعلقت به بعد صلاح حاله وإقلاعه عن الشرب، فقد كنت أذهب به للمستشفيات، كان يتوه في الشوارع، كنت أعتبره وقتها أحد أطفالي الصغار. أمي أصيلة رعت زوجها بعد كبره ومرضه، ولم تعامله بمعاملته، “أمي فوق دماغي”، “ربنا فوق وأمي تحت”، “جميلها علينا لا ينسى”، هكذا تردد بين الحين والآخر. رغم أن هذه السيدة ليست جميلة، ولكن شعاعا من النور يخرج من وجهها، وقبس من الرضا يخرج من كلماتها النورانية الجميلة، تشعر بالرضا مع أي معروف بسيط أو تافه تسديه إليها، حينما تسمع منها تحتقر معنى التدين الذي عندك، كل معاني الصبر والرضا والحكمة واليقين تقطر من كلماتها، رغم أنها لم تقرأ آية ولا حديثا فيها، التدين الحقيقي ينبع من القلب الصافي والنفس المطمئنة والروح المحبة للحق – سبحانه – والخلق. سلام على مرضى السرطان الصامدين على ثغوره الوعرة، الصابرين على بلائه العظيم، خاصة إذا انضم إليه الفقر والعوز، وسلام على كل المؤسسات التي ترعى مرضى السرطان وتعالجهم بالمجان، أو بأقل التكاليف، تحية لمستشفي بهية،57357، الأورمان، مصر الخير، مستشفيات الدولة للأورام، خاصة المستشفيات الجامعية، فقد رحموا مريض السرطان من التكاليف الباهظة والبهدلة اللامحدودة.
النسيان هو العدو
فى مناسبات كثيرة قد تشتاق كثيرا، كما أخبرنا فاروق جويدة في “الأهرام” لصوت اعتدت عليه ولا تجده، وتتعجب من تغير الأشياء والمشاعر ويدور أمامك سؤال حائر، ما الذي يغير البشر هل هو البعد، أم النسيان، أم الجحود؟ أنا لا أتصور أن البعد يغير المشاعر، كم من بعيد لا يغيب ويظل في الذاكرة.. بعض الناس يترك لديك رصيدا من الذكريات لا تمحوه الأيام ولا يغيره الزمن، والبعد لا يعني الفراق، لأن الفراق عادة يكون بلا عودة ولكننا في البعد يمكن أن نعود.. والنسيان هو العدو الحقيقي للإنسان، في الحب ننسى، وفي البعد ننسى وفي الجحود لا بعد ولا نسيان.. إن الجحود يعنى أنك قررت أن تقطع خيوط الود ربما اخترت البعد طريقا أو النسيان قرارا والنسيان ليس قرارا أو إرادة، إن النسيان يهبط عليك وأنت لا تدري، غير أن إنسانا انسحب من ذاكرتك وأصبح مكانه خاليا.. والجحود لا يبقي على شيء غير أنك قررت أن تلغي إنسانا من حياتك، أن لا تبقي له أثرا، والجحود من الصفات السيئة لأنه أحيانا يأتي بلا مقدمات أو أسباب، إنه نوع من الغدر وهو قرار مسبق أنك أسقطت شخصا من حياتك وقد لا يعلم بذلك، كل ما في الأمر أن تجد نفسك خارج الاهتمام بلا مقدمات أو أسباب. والبعد والنسيان.. والجحود درجات في التراجع تبدأ بالبعد ثم يطل النسيان ثم تنتهي الأشياء كل الأشياء في محطة الجحود وتنتهى الرحلة على أبواب الاستسلام.. أن كل طرف وقف بعيدا لا يرى الآخر وحين تختفي الملامح وتهدأ الأشياء لا يبقى من الحب شيء غير أطياف تحلق من بعيد تشبه الذكرى ويقف الإنسان أمامها حائرا، وما بين البعد والنسيان والجحود، هذه الثلاثية تعني أن كل شيء انتهى.. هل يمكن أن نتحمل البعد وهل يمكن أن يقاوم الحب البعد.. إن الشيء المؤكد أن الحب قادر وهل يمكن أن يتحمل الحب النسيان ليس صعبا، ولكن الحب لا يتحمل الجحود لأنه نوع من الغدر والغدر أسوأ أعداء الحب.