الهجوم على القوات المصرية بـ«كرم القواديس»، في منطقة «الخروبة»؛ شمال سيناء قرب العريش؛ خلف أكثر من ثلاثين شهيدا ومثلهم من المصابين، وهو الهجوم الأسوأ منذ استشهاد 25 شرطيا بسيناء (آب/اغسطس 2013)، والأخطر بعد الهجوم على نقطة الحدود في الفرافرة بالصحراء الغربية، واستشهد فيه 22 جنديا من القوات المسلحة في يوليو الماضي؛ مسلسل مستمر بلا توقف منذ 5 شباط/فبراير 2011.. قبيل خلع مبارك بأيام قليلة.. وبدأ بتفجير أنابيب النفط الممتدة إلى الدولة الصهيونية. وقبل هذا التحول النوعي، الذي استهدف مصر الجمعة قبل الماضية، تابع المهتمون مثل هذه الهجمات أثناء «مرحلة الانتقال الأولى»؛ ثم في فترتي الرئيس المعزول محمد مرسي، والرئيس المؤقت عدلي منصور، وصولا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي. ومن بين العمليات الإرهابية حدثت مواجهة بين مسلحين وقوات من الجيش والشرطة في 29 تموز/يوليو بمدينة العريش 2011؛ أسفرت عن استشهاد خمسة أفراد منهم ضابطان من الجيش؛ أحدهما برتبة نقيب وثلاثة مدنيين.
واستشهد جنديان وإصيب ثلاثة من رجال الأمن في إطلاق نار على سيارة شرطة غرب العريش (29 نيسان/ابريل 2012). وفي عهد مرسي فجر مسلحون أنابيب الغاز للمرة ألـ14 (22 تموز/يوليو 2012)، وبعدها مباشرة نفذ مسلحون عملية غادرة أثناء تناول الجنود إفطار رمضان (2012)؛ راح ضحيتها 16 من حرس الحدود، وفيها تم الاستيلاء على مدرعتين تابعتين للقوات المسلحة بالقرب من معبر كرم أبو سالم.
وبدأ استخدام السيارات المفخخة في الهجوم الدامي على مديرية امن المنصورة (2013) واسقط 14 شهيدا. وهجوم مفخخ آخر ضد مديرية امن القاهرة، اوقع ستة شهداء. وتصاعدت الهجمات تباعا ضد قوات الجيش والشرطة بشكل ملحوظ منذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، مما ادى الى سقوط وإصابة المئات!
هذا التصعيد أدى إلى استرجاع قول القيادي الإخواني محمد البلتاجي من على منصة رابعة: «إن ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي سيتراجع فيها الجيش عن الانقلاب وعودة مرسي إلى مهامه»! وكان ذلك إعلانا واضحا بأن «العنف هو الحل»، وليس ذلك بجديد، فأثناء حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي لم تتوقف مليشيات الإخوان وحلفاؤها ومجموعات حازم أبو اسماعيل “حازمون” عن استهداف سلطات الدولة ومؤسساتها؛ مقرات رسمية، وإدارات حكومية، وجامعات، وقضاء، وشرطة، وقوات مسلحة، وأزهر، وكنيسة، وأجهزة صحافة وإعلام.
وكان التصور السائد إلى ما قبل حكم مرسي أن العنف قاصر على استهداف الكنائس، وثبت أن الحقيقة غير ذلك؛ وأن عداء الإخوانوحلفائهم للأزهر تجاوز الحدود؛ لتشهد مؤسساته وجامعاته ومعاهده ومرافقه ومبانيه أكبر عمليات حرق وتخريب وعنف في تاريخه منذ إنشائه قبل أكثر من ألف عام.. وهو ما لم يقم به التتار في غزوهم، ولا الفرنسيين في حملتهم واقتحامهم له. وهدفهم التخلص من «التعددية الفقهية والمذهبية»؛ المستقرة منذ سقوط الدولة الفاطمية.
وقول البلتاجي أضيف إلى عوامل سلبية أخرى سحبت من رصيد «الإسلام السياسي» فانفض عنه كثير من الناخبين، ومنها الإعلان الدستوري في 21تشرين الثاني/ نوفمبر 2012، وصدر لحماية رئيس الجمهورية من النقد والمساءلة والمحاسبة، وتحصين قراراته من الطعن أمام المحاكم بما فيها «المحكمة الدستورية العليا»، وتمثلت «القشة التي قصمت ظهر البعير» في اعتداء «مليشيات الأخوان» على المتظاهرين المحتجين أمام قصر الاتحادية، وزاد الموقف تعقيدا اغتيال الصحافي الشهيد الحسيني أبو ضيف.. وكل ذلك قبل 30 حزيران/يونيو بأكثر من ستة أشهر!..
وتفاقمت الأزمة وأثناء البحث عن حل ظهرت فكرة الانتخابات الرئاسية المبكرة في مطلع عام 2013، وكنت على تماس معها وهي ما زالت فكرة جنينية تطورت على يد مؤسسي «حركة تمرد»، وكان عددهم أقل من أصابع اليد الواحدة؛ وعاند «مكتب الإرشاد»، وسخر من الفكرة واعتبرها «ذوبعة في فنجان».. وجرى ما جرى في 30 حزيران/يونيو 2013.. ولا مانع من لوم الآخرين بشرط التواضع والقدرة على نقد الذات، وتصحيح الأخطاء و«الرجوع للحق فضيلة».
ذلك ما بدا من «حركة النهضة» التونسية؛ تراجعت عن الاستئثار بالحكم وشاركت باقي القوى ليكون الأمر بيدها «لا بيد عمرو»، وإذا ما حل «عمرو» يزيح «الإخوان»ومن والاهم من الجماعات الطائفية والمذهبية، ولن يرضخ لمبدأ «العنف هو الحل» ولن يسمح بالدخول في العملية السياسية لـ«كهنة المعبد القطبي»؛ العاجز عن نقد الذات، وغير القادر على تجاوز الأخطاء، مع قدرته الفائقة على التدمير والتخريب، إضافة إلى التقويض الممنهج للدولة والمجتمع، الذي يتطلع إلى الديمقراطية والعدل والمساواة وسيادة القانون. وهذا يُفرق بين «إخوان مصر» ونظرائهم “«إخوان تونس».
بجانب اختلاف آخر ظهر حين تعالى أهالي قطاع غزة المحاصر على المعاناة وتساموا فوق الجراح، وأقاموا مجلس عزاء لشهداء مصر؛ حضره قادة فصائل، وشخصيات عامة، ومواطنون عاديون؛ ليثبتوا أن «الدم لا يتحول إلى ماء»، كما يقول المثل. وفي أحضانهم اقامت «الجالية المصرية» مجلس عزاء أمام مقرها في مدينة غزة، واضاء الغزيون الشموع تضامناً مع أهالي الشهداء، وأقام المستقلون عزاء آخر في قاعة الهلال الأحمر.. وماذا نقول أمام ذلك المستوى الرفيع من النبل؛ ينعقد أمامه اللسان فالشكر وحده لا يكفي!!
وعندما انتخب المصريون الرئيس السيسي اختاروه بإرادتهم، ولم يمنحوه «تفويضا على بياض»، وحصافته جعلته يتحسب لذلك، وهو الذي صرح بأنه قد يلحق مبارك ومرسي ما لم يكن رهن أرادة الشعب وطوع بنانه، ومشكلته هي محاول إرضاء الجميع، و«إرضاء الناس غاية لا تدرك»، والمشكلة الأخرى هي حماسه لمشروعات كبرى؛ ولا بأس في ذلك، لكنها من النوع الذي يصب في النهاية في جيوب «المستثمرين» ورجال المال، بعيدا عن «الشعب المنسي» من الفلاحين والعمال ومتوسطي الحال وصغار الكسبة. والمشكلة الثالثة هي تقريب الكهول والفلول وكبار السن؛ بدءا من رئيس الوزراء الأسبق كمال الجنزوري، وقد تجاوز الثمانين، وليس إنتهاء بعمرو موسى وهو يقترب من هذه السن. وتأتي «أم المشاكل» في استمرار تغييب «العدالة الاجتماعية»، والاكتفاء بتحسين الأجور، الذي لن يُغير من فداحة «الظلم الاجتماعي» الذي استفحل في البلاد!!. فما زال الفصل التعسفي للعمال على حاله والبطالة تتفاقم، والخبطات تتوالى على رؤوس الفلاحين، وترفع الحكومة سعر الأسمدة بنسبة الثلث ثم تعلن تحملها للفروق، وهي في الحقيقة تمنحها للتجار والمحتكرين، وكان الأولى أن تصرف الكميات المستحقة بالسعر الأصلي بـ«الرقم القومي» أو ببطاقات التموين.
وطلع علينا مسؤول حكومي ليقول أنه يمنح الأرض بـ«المجان» لـ«المستثمرين»! وكان موقع «اليوم السابع» الألكتروني قد نشر في 2014/10/25 خبرا يفيد بأن رئيس «هيئة التنمية الصناعية» إسماعيل جابر يعلن على الملأ أن شركته تملك أراضي شاسعة «من بنى سويف وحتى أقصى الجنوب». وقال في مؤتمر صحافي بمقر «الهيئة» بالتجمع الخامس «أن مجانية تلك الاراضى ليست بالأمر الجديد، لكنها معلومة قديمة، وأن المستثمرين هم الذين يرفضون الاستثمار بالجنوب ويفضلون الاستثمار بالوجه البحري» وحين يرفضون لا تُوزع الأرض على أهالي الصعيد!!، وهي فرصة لإحياء «الجمعيات التعاونية»، التي تمكنهم من امتلاك الأراضي واستغلالها وإدارتها.. ودون ذلك لن تخف حدة البطالة، ولن يتراجع الاحتقان، ولن تجد مشاكل الفقراء حلا. فسلاح «العدالة الاجتماعية» أهم أسلحة مواجهة الإرهاب!!
٭ كاتب من مصر يقيم في لندن
محمد عبد الحكم دياب
الارهاب هو ما يقوم به نظام الانقلاب السيسوي
روح توب لربك قبل ما تقابله عن كلامك الفاظي اي عدالة مع ديكتاتوريه
شكرا
تحية طيبة للكاتب
@قول القيادي الإخواني محمد البلتاجي من على منصة رابعة: «إن ما يحدث في سيناء سيتوقف في اللحظة التي سيتراجع فيها الجيش عن الانقلاب وعودة مرسي إلى مهامه»! وكان ذلك إعلانا واضحا بأن «العنف هو الحل»@
يعتبر تصريح البلتاجي الشهير دليلا لوصم الإخوان بالإرهاب عند بعضهم لذا وجب التوضيح
– رغم أن للتصريح بقية لم يذكرها الكاتب لغاية في نفسه إلا أنه لا يلزم إلا صاحبه
وإلا اعتبرنا تصريح علي جمعة -إضرب في المليان-دليل أن كل شيوخ الأزهر يدعمون القتل
وكذالك تصريح السيسي الذي يقول فيه أن الضابط الذي يضرب المتظاهر في عينه لن يحاكم دليل على مسؤولية السيسي عن القتل و التدخل في أحكام القضاء
– من قال إن السيسي لا يملك «تفويضا على بياض»، مخطئ و الشواهد كثيرة
– إقراره للعشرات من القوانين المنافية للدستورأخرها تهجير أهل سيناء
– عدم محاسبة أحد في التقصير الأمني الذي أدى إلى إشتشهاد العشرات من الجنود
– هل يجرأ أحد اليوم في مصر أن يحاسب السيسي على حصيلة محاربته للإرهاب الذي بدأ محتملا و أصبح واقعا
وبالمناسبة أين آختفت حركة تمرد