كان عرضا مبهرا للعظمة الذاتية قفز بمصر إلى حيث يستحق اسمها له المجد في العالمين، فقد فعلها الأبطال المصريون في ستة أيام وبعض يوم، وحرروا مجرى قناة السويس من السفينة الجانحة فائقة الحجم والحمولة «إيفركيفن» وهي أشبهفي مدينة بحرية، طولها 400 متر وحمولتها 224 ألف طن، سدت بخطأ من قبطانها مجرى الملاحة الأهم في العالم. وكان خبراء عالميون يقدرون أن تستغرق المهمة نحو ثلاثة شهور، واستهان بعضهم بقدرات وملكات مصر والمصريين، التي بدت ساطعة في الملحمة، وبمهندسين وفنيين وعمال من ذهب، وبتخطيط وتنفيذ علمي مصري خالص، أزاحوا نحو ثلاثين ألف متر مكعب من الرمال، وأداروا مناورات التحريك والتعويم بكفاءة مدهشة، ولم يغمض لهم جفن في 168 ساعة عمل متصل، وإلى أن حققوا النجاح المذهل قبل انقضاء اليوم السابع، وأعادوا الملاحة إلى المجرى الخالد بإذن الله.
ولم تكن هذه المرة الأولى التي تنغلق فيها قناة السويس، بل التاسعة على التوالي، وهي الأصعب والأعقد فنيا، فقد كانت القناة دائما ترمومتر حرارة العالم منذ وجدت قبل 150 سنة، وتدافعت مرات تعرضها للإغلاق، ولأسباب كانت في غالبها ظروف حربية وسياسية، وكانت في المرة التاسعة الأخيرة ظروف فنية قاهرة، أمل المتربصون أن تعجز مصر، لكن مصر كانت كعادتها في الموعد، وعند أفضل ظنون ناسها ومحبيها، وحررت الملاحة في ظرف أيام معدودة، وأفسحت المجال لمرور سفن وحاويات بالمئات، امتدت طوابير انتظارها من بورسعيد إلى سواحل الهند، وسط مخاوف فزع من تراكم الجلطات في قلب العالم، والفقدان الطويل لأسرع وأيسرممر ملاحي، يربط شرق الدنيا بغربها، وتمر فيه 12% من تجارة العالم و20% من حاملات البترول و30% من الحاويات، ونقل عبره نحو سبعة مليارات طن بضائع في الخمس سنوات الأخيرة وحدها. وكان مشروع إزدواج المجرى المنفذ في سنة واحدة بطول 72 كليومترا من إجمالى طول القناة البالغ 193 كيلومترا، قد خفض ساعات عبور القناة إلى النصف، وجرى تمويله باكتتاب عام للمصريين، جمع ثمانية مليارات دولار في ثمانية أيام، وأعيدت أصول الاكتتاب وأرباحها كاملة للمكتتبين، وحافظ المشروع المفتتح في 2015 على خط بياني صاعد لتزايد إيرادات الملاحة، برغم تعرض التجارة العالمية لنكسات متوالية، بلغت ذروتها في عام جائحة كورونا 2020، فوق أن نصف عوائد الاكتتاب العام، ذهبت إلى تطوير يجري للمنطقة الاقتصادية الصناعية من حول قناة السويس، التي انخلع قلب العالم لاحتمالات توقف الملاحة فيها، وزادت أسعار هبطت تلقائيا مع العودة السريعة للملاحة كما كانت، بل وبمعدلات أسرع، لعب فيها العلم والتخطيط ودأب المرشدين المتفانين دوره، كما التحسب لأي عطل طارئ قد يجيء مستقبلا، بمضاعفة متوقعة لطاقات قاطرات وكراكات الإنقاذ، حسب قرارات جديدة للدولة المصرية، التي قال رئيسها السيسي مثمنا ممتنا «أن الإرادة المصرية سوف تمضي إلى حيث يقرر المصريون». كانت الجملة الطويلة اختصارا لزحام تفاصيل المشهد ومضاعفاته كلها، فقد عرضت دول العالم القادرة المساعدة على مصر، واكتفت مصر بأن شكرت وقدرت، لكنها لم تمد يدها لأحد، ولم تعر التفاتا بالذات لعرض الرئيس الأمريكى جو بايدن، الذي قال متعجرفا متعاليا «لدينا معدات تفتقدها أغلب دول العالم» ولم يكن من رد مصري غير التجاهل التام، وغير الاستمرار في الجهد العبقري الذاتي لتحرير مجراها الملاحي الأعظم، فقد تكون قناة السويس أبرز علامة تجارية عالمية، لكنها أيضا ومن قبل ومن بعد، عنوان حاسم لتراث الوطنية المصرية، وليس مسموحا لأحد أن يمسها، سوى أيادي الوطنيين الطهورين القادرين الأكفاء، وطينها كما ماؤها والدماء التي سالت فيها، كلها مقدسة عند المصريين جيلا بعد جيل.
استعادة استقلال القرار المصري تظل قضية إجماع وطني عند الموالين والمعارضين
نعم، قصة قناة السويس رمز بليغ لكفاح مصر الحديثة والمعاصرة، وقد لا نستفيض هنا في رواية التاريخ، فقط نشير إلى علامات الترقيم الفاصلة، من نوع ما يعرفه الكل عن عبقرية الجغرافيا المصرية في قلب المعمورة، وعن استشهاد نحو 200 ألف مصري في حفرها الأول بين عامي 1859 و 1869، وعن استيلاء بريطانيا ـ بعد فرنسا ـ على نصيب مصر في عوائدها، وعن محاولات مد الامتياز الاستعماري عليها عام 1910 إلى ما بعد عام 1968، الذي كان مفروضا بقوة الغصب، وجعلها ملكا خالصا للأجانب حتى عام 2008. ثم كان ما كان من تصدي الحركة الوطنية المصرية البازغة، واغتيال الشاب الوطنى إبراهيم الورداني لرئيس وزراء مصر وقتها بطرس غالي نصير المد، وردع رغبة الاحتلال البريطاني في تأبيد الامتياز السارق لثروة البلد. ثم كانت جولات الكفاح الدامي المتقطع الطويل، وإلى أن استردت مصر استقلالها باتفاقية الجلاء عام 1954، ثم كان قرار جمال عبد الناصر التاريخي بتأميم شركة قناة السويس في 26 يوليو/تموز 1956، والرفض القطعي لمؤتمرات تدويلها، التي قادتها واشنطن وقتها بمعية بريطانيا وفرنسا، وإلى أن دارت حرب السويس، واستخلصت مصر قناتها وعوائدها كاملة، وهزمت العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي، وقطعت ذيل الأسد البريطاني بإجلاء آخر قواعده على رأس قناة السويس، وكتبت كلمة الختام في سيرة الإمبراطورية البريطانية. ثم كانت القناة على الموعد مع عبورها الإعجازي المشتعل بالنار في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وإعادة افتتاح القناة للملاحة في يونيو/حزيران 1975، وعقد ما يسمى معاهدة السلام التي نزعت سلاح أغلب أراضى سيناء، وإلى أن عاد الجيش المصرى في السنوات الأخيرة، ودهس مناطق نزع السلاح، وحرر سيناء فعليا لا صوريا. وجرى استيعاب دروس قناة السويس مدنيا وحربيا، وأقيمت ستة أنفاق عملاقة محصنة تحت مياه القناة، صارت بها سيناء كأنها في قلب دلتا النيل، وجعلت من قناة السويس همزة وصل وعروة وثقى. وحتى لا تعود أبدا كمانع حاجز في أي حرب قد تأتي أو تفرض، فأنفاق القناة الجديدة تكفي لزحف جيوش، إضافة لجيوش استقرت بطول وعرض سيناء، وبقواعد ومواني ومطارات فوق الأرض وتحتها، وبإنهاء ناجز لقيود فرضتها المعاهدة المشؤومة على طلاقة الحركة المصرية، وهو ما يفتح الباب مجددا لنهوض مصري، يهزأ بمحاولات وخطط ومؤامرات استبدال دور القناة أو منافستها، أغلبها يجري في كيان الاحتلال الإسرائيلى بالذات، وتدعم من خارجه الإقليمي والدولي المتواطئ، وهو بعض ما يفسر الحرص والحذر المصري الدائم، ومنح الأولوية المطلقة لعمل الطاقات الوطنية وحدها في مجرى قناة السويس، والابتعاد به عن أي شبهة تدويل، حتى لو بدت في صورة عروض مساعدة بريئة لتعويم سفينة جانحة.
وقد لا ينكرعاقل وجود تحديات تواجه النهوض المصري الجديد، قد تتعثر بها أقدامه، في اختيارات الداخل بالذات، وتستحق حوارا وطنيا داخليا شاملا، لكن استعادة استقلال القرار المصري، تظل قضية إجماع وطني عند الموالين والمعارضين، وقد تحقق فيها الكثير عبر السنوات الأخيرة، مما يتوجب استكماله، وعلى نحو يضاعف دور القوة المصرية المستعادة في منطقتنا وفي عالمنا. وقد كانت حرب السويس رافعة نهوض وطني مصري وقومي عربي عارم، جرى الانقلاب على اختياراته للمفارقة بعد نصر أكتوبر/تشرين الأول 1973، حين داس الذين «هبروا» على دماء الذين عبروا «القنال» وحطموا خط بارليف، وكانت النتيجة الفاجعة، أن دخلت مصر في دوامات انهيار، كادت تضيع فيه أقدار البلد، بين يمين ثروي منتفخ بالنهب ويمين ديني طافح بالعجز، وإلى أن جرت إفاقة من الغيبوبة الطويلة، بثورة الشعب المصري في 25 يناير/كانون الثاني 2011 وموجتها الثانية في 30 يونيو/حزيران 2013، التي، وإن لم تحقق بعد انتصارها الكامل، فإنها فتحت العين على هول ما جرى، وأزاحت عوائق من طريق نهوض جديد، تستعيد به مصر دورها تدريجيا، وترسم خطوطها الحمر عند موارد الخطر، كما جرى في أزمة ليبيا، ويجرى الآن عند منابع النيل. ولم تكن مجرد مصادفة تاريخ أن ارتبط تأميم قناة السويس ببناء السد العالي الحافظ لمياه النيل، ولا هي مصادفة اليوم بغير ذات مغزى، أن ذهب الرئيس السيسي إلى أبطال قناة السويس بعد تحرير مجراها الملاحي بأيادي بنيها، وأعلنها من منصة التهنئة، في إشارة مباشرة إلى أزمة السد الأثيوبي عند منابع النيل، وبالعامية المصرية البليغة، ومن غير التفاف ولا دوران، قال الرئيس «محدش يقدر ياخد نقطة من مية مصر، واللي عايز يجرب يجرب» ولعل الرسالة قد وصلت بتمامها وكمالها، فهي من مصر التي تنهض اليوم من رماد، والتي إن قالت فعلت.
كاتب مصري
أي عربي لا بد أن يفخر بهذا الإنجاز وبإنجاز آخر في الإنتظار، أي وضع حد للمغامرة الحبشية. لكن في الحقيقة هذا لا يعني بأي معيار نهوض مصر أو عودة عظمتها. وإلا سترتكب نفس أخطاء المثقفين في الخمسينات والستينات. نهوض أي بلد لا يرتبط أو يرتهن بإنجازات معزولة مها كانت ضخامتها مثل بناء سد أو تأميم قناة أو عبور في حرب أو حتى إرسال مركبة للمريخ ! النهضة عملية شاملة تبدأ بالخيار الديموقراطي و نزع الطابع التسلطي الفرعوني عن السلطة وتأمين أفضل تعليم ومحاربة الشعودة العقلية مثل التأسلم السياسي و مثل تمجيد الحاكم المطلق و محو الفقر وأمراضه و سيادة دولة القانون، إلخ. وبغير هذا التحول الديموقراطي سوف لن تتوقف أسطوانة ” عمار يا مصر” ولكن عالفاضي !
السيد عبد الحليم قنديل قامة وطنية لا مثيل لها .
رجل مقيد من يديه إلى الحلف، ورجليه أيضا، وعلى صدره حجر ضخم بعدأن أناموه على ظهره، ولصقوا على فمه قطعة من البلاستر كي لا يستطيع الكلام أو الاستغاثة. ثم جاءوا بمن يمص دمه لينقله إلى آخرين،هل يستطيع هذا الرجل النهوض؟مصر هذا الرجل!
2- الجهد الذي بذله المصريون البسطاء عظيم ولا يمكن نكرانه، ولكن المعدات قاصرة, فالقاطرة الهولندية حسمت الموقف وقللت الجهد الذي كان سيستغرق ثلاثة شهور. القاطرة الهولندية قوة شدها 285 طنا، وأفضل قاطرة مصرية تشد 79 طنا. وعندوصولها تم سحب السفينة وتعويمها! الجنرال الذي يبني قصورا فارهة لا يسكنها أحد ومسجدا وكنيسة بالعاصمةالإدارية تكلفت مئات الملايين أما كان الأجدر أن يشتري للقناة قاطرة مثل القاطرة الهولنديةبمبلغ بسيط لا يبلغ عُشر تكلفة القصور والمسجد والكنيسة؟
صدقت
3-في ظل الحكم العسكري الإرهابي الجهول لا يمكن أن تنهض مصر أو ترتقي، فمنذ سبعين عاما وهي تتخبط في الهزائم والمحن،والعسكر الفاشلون يبررون خيباتهم وفشلهم بأسباب واهية وذرائع غير منطقية. والمؤسف أن يجدوا من يروج لهم ويشيد بفسادهم وإجرامهم ويحوله إلى عمل صالح!!
القرعة تتباهى بشعر بنت أختها. السفينة الهولندية هي من أخرجت السفينة العالقة
كنت أظن أن زمن هذه العنتريات التافهة قد ولى.
سبحان الله بلد صغير تستنجد به دولة بحجم مصر لإنقاذها من ورطتها. القاطرات المصرية لم تكن قادرة على فعل شيء والفضل يعود للشركة الهولندية ويجب الاعتراف بفضل الآخرين وإلا يعتبر تعدي وسرقة حقوق الآخرين. عصر العنتريات وتضخيم الذات يجب أن ينتهي والخطابات العنترية قبل الإعداد لم تجلب لنا سوى الهزائم.
صراحه موضوع القاطرة الهولنديه مثير للسخريه اولا اين كانت هذه القاطرة مسافه الابحار من هولندا حتى مصر تتعدى الاسبوع ثانيا الذي اخرج السفينه من ورطتها الكراكه مشهور لانها سحبت الرمال من اسفل جسد السفينه مما مكن القاطرات من ادارتها
وكفى اعداء مصر سخريه لانه لن يزيدنا الا تمسكا بالرئيس
السخرية الأعظم..ما تدعونه من عنتريات مخلة جدا…القاطرة الهولندية هي التي (كسرت قيود السفينة العملاقة)وأطلقت سراحها بعد 06أيام من الحبس في مياه القناة…06أيام والقاطرات ال12أو14المصرية وهي تكر وتفر وتسقط في وحل القناة…وجاء الفرج الهولندي…وعومت السفينة وأنتهى الكابوس ….وكل الشكر والتقدير للهولنديين..والاعتراف بأنجازهم من شيمنا يا(رجالة)…
انصح شله الجهله تصفح الجرائد الالمانيه وترجمه تقارير تحرير السفينه فعلا جهلكم يكسف
يتعلمون ان نجاح تحرير السفينه تم بعد تكرير الرمال أسفل السفينه اما تحريك السفينه فتم بمعاونه عشر قاطرات فعلا الامه العربيه في وضع مزري من التعصب والجهل
يعني السفينة الهولندية جات سياحة ؟! كفاكم عنتريات والسطو على مجهودات الغير