في حوار مع صديق مرموق وانا في زيارة لاحدى دول مجلس التعاون الخليجي سألني ماذا يحدث في مصر والى اين تسير، قلت لصاحبي اريدك ان تعفيني من الاجابة على سؤالك، قال : اريد ان اسمع رأيك مباشرة وبلا تحفظ، قلت اتحدث وعلي الامان قال انت في مأمن ونحن نعرف انك لا تتردد في ابداء رأيك بصراحة ولو كنا لا نوافقك على كثير مما تقول. قل رأيك الان بعيدا عن شاشة الجزيرة.
والحق انني ترددت كثيرا في الحديث عن ما يجري في عالمنا العربي وخاصة مصر. قلت ياسيدي تفوح رائحة البترول العربي وامواله في ما يجري في مصر ولم يعد سرا على احد ، امتنا العربية انقسمت في مطلع عام 2011 الى افرقة البعض مؤيد لحراك الشعب العربي في اكثر من دولة عربية واهمها عندي حراك الشعب العربي المصري فيما عرف بثورة 25 يناير، لان مصر عندي وغيري من المهتمين بالشأن العربي تمثل قلب الامة العربية من حيث التأثير في مجريات تاريخنا المعاصر الا ان هذا الفريق كان امامه محاذير، والبعض معارض بقوة لذلك الحراك الشعبي المنقطع النظير، وكان هذا الفريق اكثر فاعلية في الانحراف بما سمي بثورة 25 يناير المصرية، وفريق اخر مؤيد لما يجري ولكن على حذر وفريق رابع متفرج. قال صاحبي فسر ما تقول، انت تتحدث طلاسم. قلت ارجو ان تعذرني عن التفاصيل فمثلك لا تغيب عنه التفاصيل الدقيقة.
قال صارحني ماهو حال مصر اليوم بعد ان عزل الدكتور محمد مرسي من رئاسة الجمهورية؟ قلت: ان مصر تسير بخطوات سريعة نحو المجهول، عزل الرئيس محمد مرسي في تقديري خيانة عظمى رغم كل التحفظات على ادارته للدولة المصرية، الفريق السيسي قائد عسكري ليس هو الاقدم بين زملائه الضباط العظام، اختاره الرئيس محمد مرسي وعينه وزيرا للدفاع ليكون عونا له خلفا للمشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري الذي حكم مصر لاكثر من سنة وادخلها ذلك المجلس في اضطراب سياسي لا سابقة له في اي ثورة شعبية. الدكتور مرسي هو رئيس الجمهورية وهو القائد الاعلى للقوات المسلحة، كيف يجيز وزير الدفاع الفريق السيسي لنفسه ان يدعو المعارضة دون اذن من القائد الاعلى رئيس الجمهورية لحوار معه قبل عدة اشهر؟ ثم كيف يصدر انذارا مدته 48 ساعة للرئيس وحكومته للاستجابة لمطالب الشعب ومعناها التنحي عن السلطة وهو يعلم ان الشعب منقسم الى فريقين لكل منهما ثقله في الشارع. كان على الفريق السيسي ان يكون رجلا وفيا لقسمه ان يكون محافظا على الدستور وحمايته بدلا من الانقضاض عليه وتعطيله. قال صاحبي ماذا كان يستطيع الفريق السيسي ان يعمل في هذه الظروف؟ قلت: كان بامكانه دعوة قادة المعارضة وقادة الحراك الشعبي المتجمع في ميدان التحرير والاتحادية وغيرها من الميادين الى اجتماع فوري وابلاغهم بان الرئيس مرسي منتخب من الشعب وبصرف النظر عن الاخطاء والسلبيات التي ارتكبها الا اننا في القوات المسلحة نصر على التعاون معكم في ايجاد حلول وسط، واهمها تشكيل حكومة جديدة تجمع جميع الاطراف اعني حكومة انتقالية تعد لانتخابات برلمانية مبكرة يعقبها اقرار الدستور برلمانيا بعد اجراء التعديلات المطلوبة عن طريق البرلمان ثم يلي ذلك انتخابات رئاسية مبكرة، كل ذلك يجري بضمانة القوات المسلحة وعليه ان يصر على موقفه ذلك.
اليوم الاقتصاد المصري معطل وسمعة مصر الدولية في مكانة لا تحسد عليها، الاتحاد الافريقي لاول مرة في تاريخ افريقيا يتطاول على مصر بحجب مشاركتها في انشطة الاتحاد ،المجتمع الأوروبي والولايات المتحدة الامريكية ليسا راضيين عن ما يجري ليس حبا في حكم الاخوان المسلمين ولكن خوفا من عواقب مخيفة ستحل بالمنطقة كلها، الامر الذي سيؤثر على الامن الدولي والاستقرار وكذلك مصالح الدول الصناعية في هذه البقعة من العالم. لن يستقر حال مصر بعد كل ما حدث وبامكان الجيش اعني الفريق السيسي ان يعيد تقدير الموقف ولا عيب في ايجاد مساومة تعيد وجه مصر الى الحياة الديمقراطية. العسكرية علمت الفريق السيسي ورجاله من العسكر القدرة على المناورة والالتفاف من اجل اعادة مصر الى مكانتها بعودة الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي الى منصبه، وهناك سوابق في التاريخ ابرزها عودة شافيز الرئيس الفنزولي السابق الى رئاسة الدولة بعد ان اطاح به العسكر، واعادة تنظيم الدولة والا فان مصر ستدخل في دائرة مغلقة من العنف وعدم الاستقرار. صحيح ان الرئيس محمد مرسي لم يتمكن من انجاز اي عمل يفرح به شعب مصر العظيم لانه من الدقيقة الاولى لتسلمه منصبه ووجه بوحشية من الفلول واعلامهم ومن القضاء وكانت كل مفاصل الدولة بيدهم واهم من ذلك النائب العام الذي لم يقله المجلس العسكري السابق الامر الذي تستر على الكثير من القضايا الجوهرية لانه من مخلفات نظام حسني مبارك علما بان من بين مطالب ثوار 25 ينار عزل النائب العام.
الرئيس اوباما يا سيد عمر موسى له اكثر من ست سنوات وهو يدير امريكا بعظمتها ومؤسساتها لم يستطع تحقيق اي انجازات اقتصادية خلال تلك الفترة، مديونية امريكا تزيد عن 16 ترليون دولار، ومديونية مصر مليارات وكل بحجمه، الرئيس مرسي استلم الدولة وهي شبه مفلسة وبطالة وفساد اداري ومالي لا نظير له، بمعنى اخر استلم دولة منهوبة من النظام السابق واعوانه ولا يمكن اصلاح ما افسده نظام مبارك خلال ثلاثين عاما في يوم وليلة فهل فهمت يا موسى؟
اخر القول: لا مخرج لمصر من حالها اليوم الا بعودة التوازن بين مكونات الشعب المصري العظيم وعودة الشرعية الى سابق عهدها واجراء مصالحة وطنية واصلاح ما افسده المتسابقون على المناصب.
مصر كبري البلدان العربية وهي قادرة علي شق طريقها نحو المستقبل ولكن العجب العجاب هو تآمر أقوي دولة وأصغر دولة في العالم عليها …مصر البهية صارت لعبة تلهية …ايه منك يازمان .
أستاذي العزيز إشراك الجيش في حل النزاع السياسي يأتي بكارثة علي مصر و الامة العربية و الدول التي ساعدت في الانقلاب لن تكون في مأمن من الكارثة المستقبلية و عزل مرسي لن يجر علي المنطقة الا الخراب لا عكس الديمقراطية اولها الدكثاتورية و آخرها الفوضة و الحرب الاهلية لان المعارضة لن تبقي سلمية الي الأبد و المنقلبون لا يريدون ان يسمعوا الطرف الاخر و شكرًا.