أبدأ مقالي هذه المرة بعرض رسالة من قارئ متابع لـ»القدس العربي»؛ كسر بها نهجا متبعا في التعليقات الغالبة على مقالات صفحة الرأي، ومواجهة الرأي المخالف «على الهوية» دون الاطلاع على ما فيه وتفنيده. وهي تقاليد ظهرت مع انتشار «مليشيات ألكترونية»؛ تُزود بقوائم لتوجيه السهام إلى أصحابها.. والقارئ الحريص على إبداء رأيه مشكورا، وعلى الكاتب أن يقدر فيه ذلك حتى لو كان الخلاف معه مئة في المئة.
ورسالة القارئ «علي غريب» تعكس رغبته في الاستفسار والبحث عن ردود على أسئلة تشغله، وعبرت عن قلق يبدو أنه يصيب كثيرين غيره. تقول الرسالة: «اتمنى ان يكون السيسي قد وضع البلد على الخط الصحيح لكني اخاف ان يكون العكس ما قد يحصل… واليك اسباب الخوف لدي:
1 ـ قام السيسي ببدء الحفر في القناه الجديده بدون ان يعلن للشعب جدواها الاقتصادية، وبدون ان يعلن كيف تم تلزيم العمل للمقاولين حيث لم نسمع عن مناقصات او اي شيء من هذا.
2- حكاية حتدفع حتدفع والا نفتح الملفات، كيف يتم هذا من قبل رأس الدولة ضد اصحاب رؤوس الاموال، فاذا كان هذا الشخص لديه ملف فيه شبهات فساد فليفتح فورا اما الطلب منه الدفع تبرعا واذا لم يدفع نفتح ملفه فهذا التهديد هو الفساد بعينه.3- سياسيا ما هذا الحلف مع العدو الصهيوني حلف يضع مئة علامة استفهام. هناك الكثير من الاسئلة اكتفي بهذا واتمنى ان اسمع تحليلك وردك.»
وأبدأ من آخر سؤال عن «الحلف مع العدو الصهيوني»؛ فهذا ميراث انتقل للسيسي ممن سبقوه؛ بدءا من السادات، مرورا بمبارك وصولا إلى المشير حسين طنطاوي، ثم محمد مرسي فعدلي منصور وإنتهاء بالسيسي.
وأتصور بحكم ما نعايش خلال العقود الأربعة الماضية أن عموم المصريين يقاومون «التطبيع»، ولا يلزمون أنفسهم باتفاقيات الإذعان المجحفة بين حكومات مصرية متعاقبة وتل أبيب، وينتظرون موقف الإدارة الحالية، والسؤال المطروح ليس عن مدى التزام هذه الإدارة بالاتفاقيات إنما عن متى تلغى أو يعاد النظر فيها. ويُعتبر ذلك معيارا فاصلا لقياس وطنية أي إدارة مصرية حالية أو مقبلة.
أما السؤال الأول عن طريقة تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة، فالرأي لدي أن ذلك يعكس مرضا مستشريا في الإدارات الحكومية المتعاقبة، فهي تتعامل مع المواطن كسلطة وليس مؤسسات خدمة، وما زالت تحتكر الصواب لنفسها، ولا تعترف بحق الشعب في المعرفة أو المشاركة أو السؤال عن لماذا لا يؤخذ رأيه في مشروعات بهذه الضخامة والتكلفة، وذلك الميراث الحكومي، لن يوقفه غير «ثورة إدارية» شاملة.. وإلزام الشركات بالمشاركة في التنفيذ نابع من أنه مشروع وطني عليها أن تتسابق إليه. وأعتقد أن المناقصات أقيمت، لكنها تاهت وسط الفوضى والصخب والضجيج المستشري في البلاد، الذي يشد الناس بعيدا عن متابعة تفاصيل مثل هذا المشروع وغيره، وهذا حدود علمي من أحد كبار المهندسين الاستشاريين؛ وقد دُعيَت شركته للمشاركة. مع العلم أن السلطات المعنية حرصت على حصر العمل في نطاق الشركات الوطنية فقط، وتكليف سلاح المهندسين بالقوات المسلحة بالإشراف على التنفيذ، ومعه عشرات الشركات الأخرى؛ لكل واحدة حصتها المحددة.
وحول السؤال الثاني فأنا مع رأي القارئ الكريم، وأضيف أن الحكومة تطلب من رجال الأْعمال ما لم يتعودوا عليه، لسبب بسيط هو أنه منذ عصر السادات والدولة تدللهم وتدعمهم، وتمنحهم الأموال والأراضي والتسهيلات والاستيلاء على ممتلكات الدولة، ولا تجرؤ على التدخل في شؤونهم، وكان معنى «الاقتصاد الحر»؛ أن يكون اقتصادا عشوائيا؛ غير منضبط «سداح مداح» دون التزام تجاه المجتمع، وأصبحوا هم الدولة ذاتها، فتحرروا من كل التزام اجتماعي ووطني، وأوقفوا التنمية وانهاروا بمستوى المعيشة، وقضوا على الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية والإسكانية المجانية والرخيصة، فاستفحلت البطالة وانتشرت الجريمة، ويبدو أن الرئيس السيسي ما زال يراهن عليهم، مع أن مهمتهم معروفة، وفق القواعد المعمول بها في نظم «الاقتصاد الحر»، وهي تكوين الثروات وتكديسها فقط؛ بطرق مشروعة وغير مشروعة، وكان الأولى استرداد الثروات المنهوبة، وعلاج مشاكل الفقر بشكل عاجل، فهو البيئة الحاضنة للتطرف والعنف والجريمة والخارجين على القانون، والقضاء على الفقر يسحب رصيد العاطلين ومشردي الشوارع من يد جماعات العنف المسلح والجريمة المنظمة، وقد حولت نشاطها إلى عمل مؤسسي يدير أعمالا تدر دخولا مغرية لمن يلتحق بها، و»العدالة الاجتماعية» حل أمثل للحد من التطرف ووقف الاقتتال الدامي الدائر حاليا!
ورسالة القارئ العزيز مفتاح مناسب للتعرف على الحيرة التي أصابت كثيرين.. وقد يكون السيسي نفسه يعاني نفس الحيرة. والجهد الكبير المبذول من جانبه ومتابعته لمشروع قناة السويس الجديدة على مدار الساعة، بالإضافة إلى جهوده في تحريك المحافظات والشرطة والقوات المسلحة في التصدي للخروج على القانون وإعادة الانضباط للشارع، وحل مشاكل الباعة الجائلين؛ ممن استولوا على وسط القاهرة والمدن الأخرى، واستعادة الدولة لجزء من وظيفتها. وقيمة ذلك الجهد يتبدد أمام ذلك الشعور بالحيرة.
والمتابع لأحاديث وتصريحات الرئيس السيسي قد يستشف منها الحيرة؛ وما تعكسه من تناقض يجعله موزعا بين انحيازات عبد الناصر، واختيارات السادات، الذي يصفه بـ»الشهيد»، وذلك «الشهيد» فتح أبواب الجحيم على مصر، وسلم أقدارها للإدارة الأمريكية، التي سلمتها بدورها للإدارة الصهيونية، وكذلك رفض سياسة «الإخوان»، ولم تختلف في مضمونها عن السياسات القائمة، في الحفاظ على «الاقتصاد الحر» العشوائي، وإهمال الفقراء ومحدودي الدخل، وتختلف فقط فيما تمارس من عنف وتخريب يستهدفان مرافق الدولة والبنية الأساسية للمجتمع، وهي نفس السياسة التي ينفذها رئيس الوزراء الحالي ابراهيم محلب!.
من الناحية الموضوعية من الصعب أن ينحاز السيسي لخيارات عبد الناصر، وإلا ما كان قد قبل رفع دعم الطاقة عن أصحاب الدخول المحدودة، وقد كان ذلك مطلبا دائما وملحا للهيئات والمؤسسات المالية الدولية والغربية، وكلها تعادي فقراء الدول والأفراد، وأول من تجرأ على رفع الدعم حكومة ابراهيم محلب.
وفي أحلك ظروف مصر كان الوقوف في صف الشعب يخرجها من أصعب الأزمات، ولعبد الناصر مقولة شهيرة بعد نكسة 1967، رد بها على المظاهرات وقتها، وعلى المحرضين ضد المتظاهرين وقال عبارته: «الشعب يريد وأنا معه»، والسيسي يقول العكس: «أنا عايزكم تقفوا معايا»، وحين وجه حديثه لشباب المتظاهرين وقتها أردف: «لا يمكن للثورة أن تتناقض مع شباب الثورة»، ويبدو أن السيسي وقع رهين المحبسين؛ حكم مبارك وريث السادات، الذي خذل شهداء 1973، وفرط في إنجازات السلاح والدم مجانا، وحكم الإخوان.
وإلى القارئ العزيز أقول لست وحدك الحائر!.
وأخيرا عزاء واجب.. فقدت مصر خلال اسبوع واحد علمين من أعلام العمل الإنساني والوطني.. الأول محامي حقوقي متميز هو أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح؛ مدافع عن المعتقلين والمحبوسين والمظلومين، والثاني فارس وطني جريء، وزعيم عمالي متمكن ونائب برلماني ومرشح رئاسي سابق هو أبو العز الحريري.. دعواتنا لهما بالرحمة والمغفرة ولأسرتيهما أقدم خالص العزاء.
٭ كاتب من مصر يقيم في لندن
محمد عبد الحكم دياب
تحية للسيد الكاتب.
شئ جميل اننا نعرف ان السادة كُتاب القدس العربى يقوموا بالاطلاع على تعليق السادة القراء على مقالتهم فلهم وللقدس العربى جزيل الشكر..
وعد السيد الكاتب فى بداية مقالته ان سيقوم بالإجابة عن استفسارات السي القرئ (( على غريب )) وفضلت اقرأ اقرأ الى ان وصلت الى نهاية المقال ولم اجد إجابة شافية عن استفسار واحد ناهيك عن ثلاث!!
***كان الاستفسار الاول عن الجدوى الاقتصادية للمشروع وعن التزام الدولة بالإعلان عن اقامة مناقصات بكل شفافية..
= لم يجب الكاتب عن الجدوى الاقتصادية للمشروع اما عن المناقصات التى قال الكاتب انها أُقيمت وأنها رسيت على الجيش ، هنا يجب ان يعرف القراء كيف ترسو تقريباً كل المشاريع التى تُدر المليارات على الجيش
تكملة
***كان الاستفسار الثانى عن حكاية حتدفع يعنى حتدفع وإلا حنفتح الملفات..
وهنا يستفسر القارئ بكل وضوح عن فساد اجهزة الدولة ، كل اجهزة الدولة وعلى رأسها جهاز المخابرات والتى كان يترأسة اسم النبى حارسة وصاينة المحروس السيسى !!!
وكانت إجابة الكاتب عن تدليل دولة مبارك لرجال الاعمال ومنحهم تسهيلات واقتصاد السداح مداح وجماعات العنف المسلح والجريمة المسلحة والتطرف!!!
تكملة
اما عن الاستفسار الثالث وهو عن الحلف مع العدو الصهيوني …
وهنا يستفسر القارئ وبكل وضوح عن حلف او تحالف واكرر حلف او تحالف مع العدو!!
أجاب الكاتب عن التطبيع !!!!!
وكيف ان عموم المصريين يقاومون التطبيع وكيف ان السؤال المطروح ليس عن مدى التزام نظام الانقلاب بالاتفاقيات الموقعة مع العدو وانما عن متى يقوم نظام الانقلاب العسكرى بإلغاء هذة الاتفاقيات !!
وهنا أضيف
ياريت السادة القراء يكونوا مطلعين على ما يُكتب فى جرائد العدو عن الانقلاب وكم هم مغرمين بصاحب الانقلاب وعلى فكرة هم حريصين علية وخايفين علية بعدين يبقى كارت محروق ثانى زى كارت حسنى مبارك او ( الكنز الاستراتيچى ) وبالرغم من كدة هما مش قادرين يسيطروا على مشاعر الفرح والسرور والاحتفاء صاحب الانقلاب فأطلقوا علية لقب ( أخانا الذى فى مصر )!!
كل الشكر للسيد الكاتب والسيد القارئ والسادة القراء
وللقدس العربى جزيل الشكر على رحابة الصدر
مادام من فى الحكم ليس خصومك السياسيين فلديك كل الاستعداد للتبرير اما بالنسبه للأستاذ احمد سيف الاسلام فقد نجح فى امتحان المبادىء بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف اما ابو العز الحريرى فهو تخلى عن كل مبادئه فى لحظة ظهور النتائج الانتخابيه وطالب بإلغائها لإنها لم تأتى على هواه ثم هو اول من قاد الغوغاء والبلطجيه اوا اذا احببت المواطنين الشرفاء لمهاجمة مقار من فازوا فى الانتخابات رحم الله الاثنين وغفر لهما .