«مطاعم القلب» المجانية

حجم الخط
21

كنت أتناول طعام الصباح وأنا أقرأ جريدتي حين قرأت ما يلي: إنسان يموت من الجوع كل 4 «ثوان»، ونشر الخبر بمناسبة أعمال الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة. وشعرت بالذنب لأنني أقرأ ذلك الخبر المروع وأنا ألتهم طعامي!
وعرفت قيمة «مطاعم القلب» في فرنسا التي أطلقها الفرنسي كولوش، وهو ممثل نصف رديء، لكنه بقلب شاسع.
فقد أطلق سلسلة من المطاعم في فرنسا أسماها «مطاعم القلب»، بحيث يستطيع أن يدخل إليها أي جائع ويتناول الطعام دون أن يدفع قرشاً. مقابل ذلك، فالمطاعم تعيش على التبرعات كما كل من يعمل فيها، ويتبرعون بذلك مجاناً واتسع الدعم في فرنسا «لمطاعم القلب» وغنى لهم أشهر المطربين مجتمعين، وكما جاء في أغنيتهم: «اليوم لم يعد يحق لنا أن نشعر بالبرد أو بالجوع».. وصار ينضم يوماً بعد آخر إلى الفريق الذي ينشر هذه الأغنية عدد من أشهر مطربات ومطربي فرنسا وقام بالتلحين مبدع شهير وشارك في الغناء أيضاً وهو جان جاك غولدمان.

النفور من (بطولات) الشراهة

في المقابل، ازداد نفوري من مسابقات الطعام ومن الذي يستطيع أن يأكل أكبر كمية من هذا (العلف) أو ذاك بأسرع وقت.
فقد قرأت أن رجلاً اشترك في ولاية بورصة شمال غربي تركيا في مسابقة لتناول «أطول فطيرة بوريك» شارك فيها العشرات، لكن الفائز التهم فطيرة بطول 16 متراً خلال 15 دقيقة، وتمكن من تحطيم رقمه القياسي في حقل الشراهة لالتهام فطائر محشوة بالجبن واللحم المفروم والخضار.

بين الموت جوعاً وبطولة الشراهة

كإنسان شعرت بالخجل وأنا أطالع الخبرين بعدما وضعتها جنباً إلى جنب.. هذا إنسان يموت من الجوع كل أربع ثوان.. وهذا آخر (يفوز) بالتهام فطيرة بطول 16 متراً تكفي لإنقاذ حياة 160 إنساناً على الأقل. وبكل صراحة، صارت هذه (البطولات) في التهام أكبر كمية من الطعام في أسرع وقت تثير نفور الكثيرين، وأنا منهم. وتحية لموسوعة غينيس للأرقام القياسية التي قررت عدم نشر كل ما يسبب الأذى لحياة إنسان آخر.

موسوعة غينيس

ذات مرة، كان رجلان يغرقان في البحر حين تصادف أن جاء فريق في منطاد وصار يرمي بالبالونات الملونة على البحر.. مئات البالونات لضرب رقم قياسي يدخل به الموسوعة، الرجلان اللذان لا يتقنان السباحة لم يعد يُميّز رأساهما من البالونات الملونة الكثيرة وكانت الحصيلة أنهما ماتا غرقاً لأن رجال الإنقاذ لم يجدا رأسيهما بين مئات البالونات الشبيهة بالرؤوس. ومن يومها قامت موسوعة غينيس بأمر جيد وهو رفض الأرقام القياسية التي قد تسبب الخطر لحياة بعض الناس.

نبكيهم بصمت أبيض غير متوسط

أشعر بحزن حقيقي كلما سمعت أو قرأت عن زورق لبناني سوري انطلق من لبنان نحو إيطاليا وانقلب قرب طرطوس السورية وغرق معظم من فيه من العشرات وتم انتشال 34 جثة غريق حتى الآن.
ألهذا الحد لم تعد بلادنا تطاق حتى إن البعض يغامرون بحياتهم للذهاب إلى الغرب؟
مهاجرون من طرابلس نحو إيطاليا انقلب مركبهم تجاه مدينة طرطوس السورية، ومات العشرات ومات قلبي حزناً مع كل منهم. متى تصير بلادنا مكاناً صالحاً للعيش الكريم ولا نهرب منه إلى أوطان أخرى على وهم العيش الكريم هناك؟

كان ياما كان لبنان

كم حزنت حين قرأت أن لبنان هو الأكثر تعاسة عربياً وذلك في آخر استطلاعات (غالوب). وأن لبنان أيضاً ثاني أتعس دولة على مستوى العالم وذلك في الاستطلاع ذاته. كسورية عتيقة أذكر أنني حين كنت صغيرة كان حلمنا الذهاب من دمشق إلى بيروت لقضاء يوم سعيد هناك.. على شاطئ الروشة ومطاعمها والرملة البيضاء ثم أسواق بيروت وشارع الحمراء وساحة الشهداء وما لا يحصى من الأماكن اللبنانية التي كانت تسعدنا.. ولبنان لا يستحق أن يصير في «استطلاع السعادة البشرية» الأكثر تعاسة عربياً والثاني عالمياً.. ووعيت لماذا أعيش في باريس بدلاً من بيتي البيروتي، فللإنسان قدرة محددة على الاحتمال..

الاحتلال الإسرائيلي والأقصى

يبدو أن المسجد الأقصى شوكة في حنجرة إسرائيل، فهي تفعل كل ما بوسعها لاقتحام المسجد الأقصى بلباس الكهنة اليهود السود.. الفلسطينيون لا يقصرون في الاحتجاج على اقتحامات المسجد الأقصى، والمقاومة لن ترضى بالعبث بالمقدسات الإسلامية.. وينقصنا تضامن العرب كلهم مع المقاومة..

الجبهات كثيرة: جبهة المرأة المسلمة

ما الذي فعلته الإيرانية الشابة مهسا أميني حتى استحقت عقاب الموت؟
لم تفعل شيئاً غير أن غطاء رأسها المفروض في إيران على النساء انزلق قليلاً عن شعرها (عمداً أم مصادفة) وهكذا تم القبض عليها والتحقيق معها وخرجت الشابة من التحقيق لأيام ميتة!!
ما الذي حدث خلال تلك الأيام؟ ما من معلومات حقيقية حتى الآن. خرجت التظاهرات حتى في باريس ضد عقاب النساء لأتفه الأسباب حتى الموت، والله تعالى عز وجل وحده يعرف الحقيقة ويحق له العقاب للمذنب.. ولكن البعض يحب أن يلعب دوره تعالى.
من طرفي أعتقد أن فتح تحقيق في كيفية موت مهسا ضرورة شرط أن يكون عادلاً، ويتم عقاب المسؤول عن إزهاق روح بغير حق حتى ولو كانت روح امرأة..
التظاهرات مستمرة في إيران تضامناً مع روح مهسا، ولكن الأهم هو معرفة الحقيقة وكيف تم ذلك ومن هو المسؤول؟
لا يحق لأحد إزهاق روح امرأة بذريعة انزياح حجابها عن شعرها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول أسامة كلّيَّة سوريا/ألمانيا Ossama Kulliah:

    صباح الخير لك أختي غادة السمان وللجميع. سيدتي الحال في بلادنا هو أسوأ بكثير بكثير مما نعرف أو نتصور. نحن نعيش في أوربا منذ وقت ليس قصير وليس لديتا بالفعل القدرة على أن نعرف ونشعر بما لحق باوطاننا من خراب وإجرام وإستبداد حرق البلد وحافظ على الهمجية. بعض الإتصلات مع الناس تعطينيا فكرة لابأس بها ونرى بسهولة أن الموت غرقًا أرحم من هلاك العيش المّر الذليل تحت ساطور أنظمتنا التي عجزنا عن وصفها!
    لفتني مطالبتك بفتح تحقيق في كيفية موت مهسا أميني رحمها الله. الشهيد أليكس عودة رحمه الله, الإسان الطيب مواطن أمريكي من أصل فلسطيني, اغتاله إسرائيل في أمريكا (على غرار اغتيال غسان كنفاني رحمه الله) والفاعلان معروفان وتفاصيل الجريمة معروفة, وهربا ويعيشان في إسرائيل. التحقيق في أمريكا مستمر منذ ٣٧ سنة! ومازال! (مقال عبد الحميد صيام البارحة في القدس العربي). فإذا كان هذا في دولة القانون أمريكا فكيف الحال في دول الإستبداد والإحتلال والقمع والإرهاب. الشعب الإيراني (وهكذا الشعوب العربية أيضًا) يعيش في دولة استبدادية قمعية (بوليسية) وحاله ينفجر في لحظات عندما تحدث شرارة. وجريمة قتل مهسا لأنها كشفت خصلة من شعرها هي شرارة! وليست حادثة جنائية, والقادم مليء بإرادة الشعوب الحرة الأبية. مع خالص محبتي وتحياتي للحميع.

  2. يقول حازم الشريف:

    السلام عليكم …
    سيدتي الأديبة .. أذكر أنه (بالزمان) كان هناك في باريس فناننا نصف مغمور اسمه(كولوش)،عانى مرارة الجوع، فأنشأ مطاعم القلب المجانية .. مات كولوش المشرد الجائع،وظلت مطاعم القلب تطعم البائسين والمشردين ،وسررت عندما أخبرتني بأن المطاعم اتسعت وازداد التبرعون وازدادت تبرعاتهم ،أم أن الكرم في الغرب هو نوع من المنافسة والمزايدة ،وأيا ماكان سبب المبادرات والتبرعات فالمسنتفع منها هو حتما جائع مشرد كسير القلب خال الوفاض …

    يؤلمني .. بشدة ،أن تكون لبنان الأكثر تعاسة عربيا ونعرف جميعا أنه ماكان ليكون الأكثر تعاسة ولا ليكون تعيسا ،غير أن معطيات الزمن تبدلت وانقلبت وإلا لكان لبنان الجميل في مصاف الدول ،سعادة وثراء ورخاء ..

  3. يقول ابن الوليد. المانيا.:

    الأذواق تختلف .. و الآراء تحترم .. و من هذا الباب فأنا لا اثفق مع مدام غادة السمان بأن coluche ” ممثل نصف رديء” ..
    .
    أنا .. حين يثفق لي أن ارى احدى غزواته ادمع من الضحك .. لحد الآن .. و اعتبره نابغة في ميدانه ..
    و لعل جل الفرنسيبن يشاركونني التقيبم .. فهو رغم غيابه لا زال يتسيد قائم احسن 100 فكاهي في فرنسا ..
    المصدر للبحث: ” Classement des 100+ meilleurs humoristes français”
    الرابط: https://toplitic.com/celebrites/humoristes-francais
    .
    انا شخصيا .. رقم واحد عندي من الفكاهيبن الأحياء هو Gad Elmaleh .. لأنه مزج بين الفكاهة المغربية، الفرنسية و الامريكية ..
    .
    هو الآن يحتل المرتبة 14 في الترتيب اعلاه .. لأنه غاب عن الأنظار .. و هاجر الى أمريكا حيث بدأ يشهر هناك بشمل لافت ..
    .
    اليك مدام السمان و لقرائك الأعزاء هذا السكيتش من غاد المالح المغربي الفرنسي .. انتجه في امريكا ..
    الرابط بالانجليزبة : https://www.youtube.com/watch?v=qXR1PRbSfoA
    و آخر في مهرجان الضحك بمراكش بالفرنسية: https://www.youtube.com/watch?v=3qcuUTShw9o
    .
    و على ذكر فكرة مطاعم القلب .. فهناك محاولات محتشمة في المانيا لتأسيسها .. و توجد في مدينتين لحد الآن.
    .
    رحم الله كوليش .. لقد اسعد القوم .. و انقذ مشردين و فقراء بالآلاف من البرد و الجوع ..
    .
    و ما احوج عالمنا العربي و الاسلامي لكوليش ..

    1. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      توضيح رجاءا ..
      .
      في السكيتش الثاني يتحدث غاد المالح بضع دقائق بالدارجة المغربية العمييييقة .. و مضحكة لوحدها ..
      ربما صعبة شوية .. لكن هناك ترجمة في الفيديو.
      .
      فرجة ممتعة ..

  4. يقول ابو نؤاس من العراق:

    للاسف ست غادة بتسميتك كولوش بفنان نصف ردئ..بالاحرى هو لم يكن فنانا بل كوميديا حاله حال أغلبية الكاربرتيبن الذين هدفهم اضحاك الاخرين ولو حتى على حساب سخصيتهم..مثل فلمل وكان هو نصف منبوذا من قبل المجتمع لكونه لم يكن فرنسياخالص الدم…قال مرة عن طريق الطرافة انا لست عنصريا بحيث ان لون كلبي اسودا.
    المهم ماقام به من عمل اجتماعي بتاسييه مطاعم القلب les restos du coeur كان عملا جبارا …
    المهم ضع بصمته المميزة بتاريخ العمل الانساني واضحك كثير من الناس وادخل السعادة بقلوبهم

  5. يقول الضاحك:

    ويا للمفارقة ، ها هنا ، حين قرأت العبارة ( مطاعم “القلب” المجانية ) لأول مرة
    ظننت أنها مطاعم تقدم فقط أكلات تعتمد على قلوب الحيوانات والطيور بالمجان
    وكم كنت أحب المشوي من قلوب الغنم والدجاج قبل أن أتحول إلى نباتي كليا
    هههههههههههههههههههههههههه

    1. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      يا لهوي .. ?
      .
      ما رأيك بقلوب الجميلات .. هذا أرحم ..

    2. يقول الضاحك:

      من الأقوال التي لفتت انتباهي، قول فيكتور هوغو:
      (حذاريك، حذاريك، من الجميلات – فحينما تبدأ رقَّتُهُنَّ بأيِّ نحوٍ كان، تبدأ عبوديَّتُنا نحن الرجال).
      ولكن الأذكى والأطرف، هنا، قول جورج بيرنارد شو:
      (الجميلات لا يأبهنَ بالتشارُكِ في الحكم – إذْ يدعنَ الرجالَ يحكمون مَا دُمْنَ هُنَّ يحكمنَ الرجال).
      هههههههههههههه

    3. يقول جميلة راتب:

      أضحكتني أيها الضاحك أضحك الله سنك : على الأقل الأقوال هنا عن النساء الجميلات طريفة وليس فيها شوفينية ذكورية كالتي ذكرها أحدهم عن أهل الشام في العدد الماضي : لتجنب الالتباس في المعنى إذن كان على العبارة أن تكون هكذا ( المطاعم “القلبية” المجانية ) : و”القلبية” هنا بمعنى “الودّية” وما أشبه !!؟

    4. يقول الضاحك:

      شكرا جزيلا للأخت جميلة راتب على الملاحظات المفيدة
      ولسوف، يا شاعرتنا الجميلة، أستمر في إضحاككِ حتى لو كنتُ باكيا
      ههههههههههههههههههه

    5. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      نحن في أجواء كوليش .. الفكاهة .. . و يبدو أن
      هناك من يتعمد عدم فهم كلمة جميلات في استعارة فكاهية .. و يريد خلق أزمة دولية
      .. منها .. و حرب أهلية كمان .. كالعادة ..

      Peace and Love … ?

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية