معادلة «داعش»

حجم الخط
0

لعبة استراتيجية جديدة وصلت الى الشرق الاوسط. يُعنى الجميع بتطوير صلات وعلاقات بين أحداث وسياقات في المنطقة، ولا سيما حول انجازات داعش وحملة «الجرف الصامد». نتنياهو عرض معادلة بين حماس، داعش وايران. ايران اقترحت صلة بين استعدادها للتعاون في الحرب ضد داعش وبين مطالبها من الغرب في المفاوضات على البرنامج النووي. الولايات المتحدة اشترطت انطلاقها الى الحرب ضد داعش بتغيير الحكم في العراق، وتركيا اشترطت مشاركتها في هذه المعركة بالتزام الولايات المتحدة باسقاط نظام الاسد. ومؤخرا أقام وزير الخارجية كيري صلة بين المواجهة الفلسطينية الاسرائيلية وبين تعاظم داعش. كل هذه الصلات مدحوضة وتستخدم أساسا لتغطية مصالح ودوافع اخرى.
لقد اشترط اوباما المساعدة العسكرية لصد داعش بتغيير رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي الشيعي، أنه أقصى واستبعد السنة، وهكذا مهد التربة لتأييدهم لداعش. اوباما لم يطبق ذات السياسة في سوريا، ورفض مطلب تركيا بأن يتعهد باسقاط الاسد. الصلة التركية هي سحابة دخان. اردوغان غير معني بمقاتلة داعش، ولا سيما في مدينة كوأني الكردية لأنه يخشى من تعزز الاكراد في سوريا وفي تركيا نفسها، وأهم بالنسبة له اسقاط الاسد من القضاء على داعش.
أما ايران فتسعى الى استغلال المصلحة المشتركة بينها وبين الولايات المتحدة في الحرب ضد داعش كي تحظى بتخفيضات في الاتفاق لتسوية برنامجها النووي. ولكن هذه الصلة ايضا مدحوضة. فايران ترى في داعش عدوا خطيرا لأنه يقاتل ضد الشيعة والاسد حليفها، ولهذا فهي ليست بحاجة لأي حافز أو تنازل من جانب الولايات المتحدة كي تقاتله.
وحاول نتنياهو اقناع العالم بأن حماس، داعش وايران هم ذات الشيء. هذه الصلة اشكالية. لقد تناول نتنياهو مزايا مشابهة بين الثلاثة، وتوجد مثل هذه المزايا؛ أما اوباما وكل الآخرين فتناولوا الفوارق، وهذه توجد ايضا. نتنياهو دفع الى الأمام بالمعادلة كي يعترف العالم، ولا سيما الغرب بـ «الجرف الصامد» كحرب تشبه الحرب التي يخوضها التحالف ضد داعش، فيتراجع العالم عن نيته الضغط عليه في الموضوع الفلسطيني فييقدم التحالف التنازلات لايران في المفاوضات على برنامجها النووي. أما العالم فلم يشتري هذه المعادلة واستنتاجاتها.
في الاسبوع الماضي صرح كيري بأن انعدام الحل للمواجهة الفلسطينية الاسرائيلية يساعد داعش على تجنيد المؤيدين والمقاتلين. وادعى بأنه سمع عن هذه الصلة من كل زعيم عربي تحدث معه مؤخرا. هذه الصلة هي الاخرى مدحوضة. فالمتجندون لداعش يحركهم التطلع لاحتلال العالم والتصفية المادية لكل دولة، نظام وجماعة دينية أو قومية لا يقبلون الفلسفة الثيولوجية للتنظيم.
وتخاف الولايات المتحدة الوقوف في المعضلة التي تطرحها استراتيجية أبو مازن أمامها – في الحصول على اعتراف في الامم المتحدة بدولة فلسطين. فاذا صوتت الى جانبها، ستخرج عن موقفها الثابت في أن الاعمال أحادية الجانب من هذا النوع تقوض المفاوضات التي يمكنها وحدها أن تحقق تسوية مستقرة، بل وستتعرض للانتقاد من جانب مؤيدي اسرائيل في الكونغرس وفي الرأي العام. أما اذا صوتت ضدها، واستخدمت حق النقض الفيتو، فستتعرض للانتقاد في العالم العربي والاسلامي وفي اوروبا الغربية. ويعتقد كيري بأن استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين سيمنع المعضلة في الامم المتحدة، وهذا اعتبار مشروع، ولكن ربطه بداعش مثير للشفقة.
إن خلق الصلات بين الاحداث والسياقات في المنطقة مُغرٍ من ناحية فكرية، ولكنه سطحي ومضلل من ناحية استراتيجية ويستخدم أساسا للتملص من مواجهة التحديات الحقيقية.

٭ رئيس مركز الاعلام الدولي وباحث كبير في مركز بيغن السادات للبحوث الاستراتيجية في جامعة بار ايلان
يديعوت 20/10/2014

ايتان غلبوع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية