دمشق – «القدس العربي» : يستكمل النظام السوري خططه الانتقامية في التغيير الديموغرافي والتي بدأها منذ عشرات السنوات، حيث نشرت صحيفة «الغارديان» تحقيقاً يشير إلى تدمير نظام بشار الأسد ضواحي العاصمة السورية دمشق، تحضيراً لبناء «سوريا الجديدة». وكشف التحقيق أن الأحياء التي كانت في السابق معاقل للمعارضة تمت تسويتها بالأرض بذريعة تنظيفها من الألغام بشكل لم يبق للاجئين أي شيء يعودون إليه.
وذكر التحقيق المشترك الذي أجرته «الغارديان» وترجمته «القدس العربي» أن النظام السوري دمّر بشكل شبه كامل حي القابون، أحد ضواحي دمشق، وهو واحد من الأحياء التي تم تنظيفها وأعيد تطويرها بطريقة لم تعد تشبه ما كانت عليه في الماضي، وتم تشريد سكانها في داخل البلاد أو أجبروا على الرحيل إلى الخارج بسبب الحرب.
وقاوم حي القابون نظام الأسد عدة سنوات وأفرغ من سكانه، لكنه كان قائماً عندما سيطرت القوات السورية عليه في عام 2017، لكن الصور ولقطات الفيديو التي حصلت عليها «الغارديان» وشركاؤها في التحقيق، كشفت عن حي دفع ثمناً باهظاً لمقاومته النظام واستخدم الجيش الأساليب الوحشية لتدمير مبانيه بذريعة التخلص من الألغام والمفخخات.
ولتحديد الأسباب التي تدعو النظام السوري إلى جرف هذه الأحياء، رغم خلوها من الأهداف العسكرية، ورغم فرض سيطرته عليها، يقول المعارض السياسي، وعضو الهيئة السياسية لدى الائتلاف المعارض، عبد المجيد بركات، إن هدف النظام هو استكمال مخططاته التي بدأها قبل عشر سنوات، وذلك بناء على قوانين سنها متعقلة بالتغيير الديموغرافي.
وقال المتحدث لـ «القدس العربي» إن النظام السوري أخرج منذ سنوات، جزءاً كبيراً من سكان دمشق من أحيائهم الأصلية إلى خارج البلد بطرق كثيرة منها الترويع والتجويع وحجج أمنية وغيرها، كما عمد إلى إخراجهم بالقوة عبر قصف أحيائهم وتدميرها، ومن ثم قام بإصدار قوانيين تشرعن مصادرة الأراضي والممتلكات والعقارات، ومنها القانون رقم 10 المتعلق بمصادرة كل أملاك وعقارات التي لا يثبت أهلها ملكيتهم لها وهو ما طبقه في دمشق وحمص وعدد من القرى والمدن في المنطقة الجنوبية من لأجل سلب السكان ممتلكاتهم، إذ يدرك النظام أن أهالي وأصحاب هذه العقارات خارج البلاد، ولا يستطيعون إعادة إثبات ملكيتهم لهذه العقارات.
ويتهم «سكان الحي السابقون والباحثون نظام الأسد بأنه يقوم بعملية هندسة اجتماعية للمنطقة بعدما تحولت إلى مناطق للمعارضة المسلحة أثناء الحرب». الخبير القانوني والسياسي محمد سليمان دحلا، تحدث بدوره أيضاً عن خطط قديمة للنظام السوري تخص أحياء جوبر والقابون المحاذية للمحلق الجنوبي، حيث تخضع أجزاء واسعة منها لمرسوم استملاك قديم «مجحف جداً بحق الأحياء وأهلها». وقال دحلا لـ «القدس العربي»: «لدى النظام خطة قديمة للتغيير الديمغرافي وتقطيع التواصل الجغرافي للمناطق وإقحام ضواحي بينما يسكن فيها شبيحته وموالوه وعائلات الميليشيات الطائفية هذا من جهة ومن جهة ثانية وضع اليد على مناطق تنظيمية حساسة سيكون لها شأن مهم في مرحلة إعادة الاعمار، مثل منطقة نهر عيشة».
وتحدث الخبير السياسي عن تداخل بالأراضي بين القابون وبرزة وحرستا وعربين وزملكا وحتى دوما، والمواقع الامنية والعسكرية التي تتوسط هذه المناطق تماما، حيث قال لـ «القدس العربي»: «القابون تحاذي حرستا وعربين وزملكا وبالقرب منها تقع (مستوطنة) عش الورور وكذلك ضاحية الأسد التي تتوسط بين حرستا والقابون وعلى مقربة من فرع المخابرات الجوية ومشفى الشرطة ومشفى تشرين العسكري وكلية الشرطة وعلى مقربة من إدارة المركبات». مؤكداً أن «تلك هذه التركيبة الأمنية والطائفية تقع في تلك البقعة، حيث كان لهذه التركيبة الدور الأبرز في القمع والقتل والتدمير والتهجير».