معالجة الجريمة بـ”الاعتقال الإداري”.. الوسط العربي في إسرائيل: أتوا بالكحل فأعموها

حجم الخط
0

 رولا داود

علموني أن أصمت وألا أتحدث عن السياسة. جدي أنهى النقاشات على وجبات العيد، وأمي تتصل بي الآن وتطلب مني إزالة منشورات في “فيسبوك” تنتقد الحكومة. أنا وأخوتي، مثل كل أبناء جيلي، تربينا في الوعي بأننا مواطنون من الدرجة “ب”. وأي صوت للاحتجاج نسمعه قد يضر بنا. علينا عدم اتهام أبناء الأجيال السابقة لأنه لا يمكن إخفاء الخوف الذي أصابهم عندما تظاهر أصدقاؤهم ونظموا مظاهرات سياسية واعتقلوا في الليلة نفسها في فترة الحكم العسكري.

العيش في تلك الفترة ترك الندب على جدي وجدتي، وأثر على والدي. الآن بعد 100 قتيل في نصف سنة، ها هي الحكومة تحاول إعادة الاضطهاد السياسي إلى روتين الحياة. الأحد، يتوقع أن تصادق اللجنة الوزارية للتشريع على اقتراح قانون لعضو الكنيست تسفيكا فوغل، يسمح بالاعتقالات الإدارية. تخوفات جدي وجدتي وأبي وأمي ستتحقق. فمثلما كانت الحال في السابق، كانت الاعتقالات والتصفية السياسية من نصيب كل من يطالب بالعيش في دولة فيها مساواة في الحقوق.

يمكن اعتقال شخص إداريًا بدون لائحة اتهام ودون القدرة على النضال على براءته في إجراءات قانونية. هكذا تستطيع الحكومة سلب حريتنا فقط لأننا تظاهرنا ضدها لأنها تنصلت من المئة قتيل في مجتمعنا، يمكن لجهات الأمن استخدام الضغط على الأبرياء الذين لا يعرفون كيف تجري الإجراءات القضائية بدون قدرة على التشاور مع جهات قضائية. عندما نشاهد أصدقاءنا يعتقلون بدون سبب، من اليسار واليمين، سيزداد عدم ثقتنا بالمؤسسة.

لو أرادت الحكومة استئصال الجريمة لزار وزير الأمن اليهودي، ولو لمرة واحدة، قسم إحباط الجريمة في المجتمع العربي، لكن إيتمار بن غفير هذا لم يكلف نفسه عناء فعله. ليس للحكومة أي نية للنضال من أجل حياتنا. بالنسبة لها، يجب علينا مواصلة النزف في الشوارع، الأساس هو ألا نعارض الحكم، حيث لدى قوات الأمن الوسائل لاعتقال جهات تعرض سلامة المواطنين للخطر. نرى ذلك في الاعتقالات الوقائية لليهود الذين يعرضون للخطر الذين يسيرون في مظاهرات الفخار للمثليين في القدس والاعتقالات الوقائية للفلسطينيين المشبوهين بالتعاون مع تنظيمات إرهابية.

بدلاً من مطاردتنا، يجب على الشرطة تغيير أسلوبها تجاه المواطنين العرب في إسرائيل. رجال الشرطة هم الآن سبب خوف. فكل عربي يرى رجل شرطة في الشارع فإنه قبل أي شيء آخر يخاف من الاعتقال العبثي ومن التفتيش بدون سبب أو من استخدام العنف الزائد. من جهة أخرى، نعرف جميعاً أننا حين نتصل بالرقم 100 ونبلغ عن جريمة، سيمر وقت طويل إلى أن تصل سيارة الشرطة. جميعنا نعرف عن عمليات القتل التي لا يحققون فيها وبحق ولا يحلون لغزها. جميعنا نعرف أنه عندما يتعلق الأمر بالجرائم ضدنا، فلا يتم تقديم أي لوائح اتهام تقريباً. باختصار، عندما نكون بحاجة وبحق للشرطة لا تكون هناك. ولتغيير هذا الوضع، على الشرطة الدفع قدماً ببناء الثقة في أوساط العرب، مثل إقامة مراكز للشرطة تطلب من الجمهور الدخول إليها وتقديم الشكاوى، وليس مراكز بنيت مثل القلعة العسكرية المحصنة. هي يمكنها إعطاء الأولوية للتحقيق في عمليات القتل والقيام بعمليات لجمع السلاح بدون تقديم لوائح اتهام وتقليص وقت الرد على الشكاوى التي يتم تقديمها في مركز الشرطة. للأسف، هي لا تعرف الآن سوى منظومتين للتشغيل عندما يتعلق الأمر بنا، وهما: أعمال عنيفة، أو غض النظر.

“الشاباك” والاعتقالات الإدارية لن تسكتنا ولن تسكت رغبتنا في العيش في دولة ديمقراطية تكون لنا مساواة في الحقوق. رغم الخطوات التي تنوي الحكومة دفعها قدماً، سنستمر في النضال من أجل حياتنا والمساواة في ميزانية التعليم والصحة والرفاه، ومن أجل رخص البناء والسكن، أيضاً من أجل الأمن. نحن مواطنون بالضبط مثل اليهود، ولا نحتاج إلى الاعتقالات الإدارية من أجل اجتثاث العنف. نحن بحاجة إلى شرطة قوية تقوم بعملها مثلما كانت الحال هنا في التسعينيات من أجل اليهود، شرطة تعمل من أجل اجتثاث الجريمة، وأكثر من ذلك، نحن بحاجة إلى سياسيين يعتبروننا مواطنين متساوين ويؤمنون بأن حياتنا ليست مشاعاً.

هآرتس 2/7/2023

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية