غزة ـ «القدس العربي»: في مخيمِ خانيونسَ للاجئين، الانتظار سيد الموقف للحصول على القليلِ من الماءِ، وهو واقع صارت تعيشه معظمُ مناطقِ قطاعِ غزة بسببِ انعدام الماء والكهرباء بسبب الحصار والقصف الإسرائيلي، حيث تأثرت بموجِبِه شبكتا الكهرباءِ والماء.
يقول الستيني محمد عابد من بيت لاهيا شمالي قطاعِ غزةَ: «كما ترى، نحن نملأُ المياهَ في قارورات، ونأتي من مكانٍ بعيدٍ لنحصل على الماء، ونستخدمُها للطبخ والشرب. الحياة هنا صعبةٌ، واليومَ استطعنا أن نجدَ ماءً، وغدا لا نستطيع، والكهرباء اليومَ مقطوعةٌ عن غزةَ كلّها». وأضاف لــ «القدس العربي» أنه نزح هو وأهلُه إلى مدارس الأونروا في مدينةِ خانيونسَ جنوبيِّ قطاعِ غزةَ بعدَ تهديدِ الجيشِ الإسرائيليِّ باستهداف مدينة غزةَ، والشمالِ، وطَلب منا النزوح إلى الجنوب».
وتقطع إسرائيل شِريان الحياةِ عن غزة، وخاصة المياهَ والكهرباءَ، لليوم الثالث عشر وعلى إثرِها هرعَ الفلسطينيون من كل مكان في غزةَ بحثًا عن بقايا الماءِ، والمياه المتاحةُ يصفُها المواطنون بأنها لا تصلحُ للشرب، والأقلُّ حظا هو من يعود من زحام البحث عن الماء خالي الوفاض.
ويقول الشابّ خضر الشاعر – فلسطينيّ مقيم في مدينةِ خانيونسَ: «المياه التي تأتي إلينا لا تصلح للشربِ، إذ نقوم بتصفية المياه من خلالِ قطعة قِماشٍ رقيقةٍ لتنقيتِها من الشوائب، ومن ثم نقوم بغليها لكي تكونَ صالحةً للشربِ، ونشربها متوكلين على الله». وأوضح لــ «القدس العربي» «لو وُجد الغذاء؛ فليس هناك ماء ودواء، المياه مالحةٌ، اليوم وقفت في طابورٍ حوالِي ستِ ساعاتٍ، لأحصل على مياهٍ نقيةٍ، ولكن رجعت إلى بيتي، عندي طفلة مولودة حديثا، ولا أستطيع الحصول على مياهٍ نقية لها».
وتمَّ قصفُ محطات الكهرباءِ ومحطاتِ معالجة المياه وخطوط النقل والتوزيع والبنية التحتية الأخرى، عبر استهدافٍ مباشرٍ تسبب في فقدانِ خِدماتٍ أخرى: كتوصيلِ المياهِ والصرفِ الصحيّ، وعمليات التبريد للموادّ الغذائيةِ، بجانبِ تعطيلِ عددٍ من المستشفياتِ الحكوميةِ والخاصة.
وأوقفت إسرائيل إمدادها الكهربائيَّ الداعمَ لعمليات التوليد الأخرى في قطاعِ غزةَ بعد الهجومِ عليها من حركةِ حماس. وقال وزير البنية التحتيةِ الإسرائيليّ ردا على ذلك بأنه «لا كهرباء ولا مياه ولا وقود بعد اليوم». وتَظلّ محطة توليدِ الكهرباءِ في غزةَ هي الجهةَ الوحيدةَ لتوليدِ الكهرباءِ لأكثرَ من اثني مليون مواطنٍ بالقطاع.
ومع اشتدادِ القصف الإسرائيليِّ على غزةَ، فإن السكانَ مهددون بأزمةٍ حيويةٍ متكاملة الأركان، خاصةً أن المنظماتِ الدوليةَ الموجودةَ على الأرضِ قد بدأت تطلقُ نداءاتِ الاستغاثة أيضا، داعيةً المجتمعَ الدوليِّ لمعالجة الأزمات الإنسانية.
وأكد محسن أبو رمضان عضوُ شبكةِ المنظماتِ الأهليةِ في غزةَ: الأزمةُ الإنسانيةُ خطيرة جدا في قطاعِ غزةَ، تتطلب تدخلا إنسانيا فوريا، وإنهاء الحصار، وكلّ أشكال المعاناة المفروضة على قطاع غزة». وقال «القدس العربي»: على المجتمعِ الدّوليِّ أن يفرضَ على إسرائيلَ منعَها من ارتكابِ المزيدُ من الإجراءاتِ التي تصنفُ بالعقابِ الجماعيِّ، والإجراءاتِ التي تصنفُ جزءًا من جرائمِ الحرب.
وشدد على ضرورةِ عملِ الجهات الدولية، والمنظماتِ غيرِ الحكوميةِ، والمجتمعِ الدوليِّ عموما معا لحمايةِ المدنيين، والمرافقِ الحيويةِ، والحيلولةِ دون حدوثِ مزيدٍ من التدميرِ والخسائرِ البشريةِ في قطاعِ غزة.
وتضربُ إسرائيلُ في حربِها التي تدورُ في قطاعِ غزةَ بالقوانينِ والأعرافِ الدوليةِ عُرضَ الحائطِ. فالبرغمِ من استهدافِها المستمرِّ للمدنيينَ العزل، ومساكنَهم؛ فإن التوقعاتِ تشير إلى تفاقمِ الأزمةِ، ومزيدٍ من الضحايا والدمار.