ادعاءات محافل امريكية بان اسرائيل تقف خلف سلسلة التفجيرات التي وقعت في اللاذقية ليلة الجمعة قبل نحو اسبوع ونصف الاسبوع، من شأنها أن تضع الرئيس السوري بشار الاسد امام معضلة: فمن جهة كان الاسد قد هدد قبل نحو شهرين بانه لن يتجلد حيال هجوم اسرائيلي. ومن جهة اخرى، فان فتح جبهة مباشرة مع اسرائيل هو آخر ما يحتاجه الان. تأتي المنشورات في نهاية الاسبوع بعد تقارير سابقة عن هجمات نسبت لاسرائيل في وسائل الاعلام الاجنبية: هجوم في شهر كانون الثاني/يناير على صواريخ ارض جو SA-17 وهجوم في شهر ايار/مايو على صواريخ ارض ارض دقيقة من طراز ام-600. وحسب منشورات في وسائل الاعلام الاجنبية في نهاية الاسبوع الماضي، كان هدف الهجوم مخزون من صواريخ ياخونت من انتاج روسي، نقلت الى سورية وقد تصل الى حزب الله. وهذه صواريخ شاطئ بحر ذات دقة موضوعية، حتى على مسافة 300كم. ومن شأن مثل هذه الصواريخ أن تشل الحركة البحرية لاسرائيل وتجعل نشاط سلاح البحرية صعبا، بل وقد تصيب طوافات التنقيب البحرية. وترافقت التفجيرات يوم الجمعة الماضي مع تقارير قالت ان الثوار كانوا ضالعين في الهجوم، زعما. في اثناء الاسبوع الماضي ادعت محافل رسمية من الثوار بانه فقط ‘جيش اجنبي’ كان يمكنه ان ينفذ الهجوم. فهل يدور الحديث عن اسرائيل؟ للاسد توجد جملة من الاسباب الوجيهة لعدم تقييد نفسه بمثل هذا الاعلان، حاليا على الاقل. وهذا هو السبب الاساس: الاسد لا يزال عالقا حتى ما فوق الرقبة في الحرب الاهلية في سورية. ورغم بعض الزخم الذي راكمه بفضل الانتصار في القصير (بدماء مقاتلي حزب الله)، فان الوضع العام في الحرب الاهلية لا يزال متعادلا الى هذا الحد أو ذاك. ولا يمكن للاسد أن يسمح لنفسه بجبهة مباشرة مع اسرائيل. فضلا عن ذلك: السلاح ذو الاهمية الاكبر من ناحية الاسد هو منظومة صواريخ الدفاع الجوي اس 300، الذي طلبها لسورية في أعقاب الهجوم على المفاعل النووي في دير الزور في شباط/فبراير 2008. وهذه منظومة سلاح من شأنها أن تجعل من الصعب على سلاح الجو العمل حتى في سماء اسرائيل. وقد أوضح ناطقون اسرائيليون رسميون بان اسرائيل لن توافق على نصب هذه المنظومات في سورية، ولكن كل الجهود لاقناع الروس بعدم تزويدها باءت بالفشل حتى الان. ويرغب الاسد في الامتناع عن مواجهة مباشرة مع اسرائيل بشكل عام، وبالتأكيد قبل اسابيع من تلقيه صواريخ اس 300 كما يلوح الان. المشكلة في الوضع في الشمال هي ان كل الاطراف تلتزم بتصريحاتها هي نفسها. وسبب الحرب التالية موجود منذ الان. من جانب اسرائيل فانها ستتمسك باستراتيجية عدم السماح بوصول سلاح ذي معنى استراتيجي الى سورية، خشية أن ينتقل الى حزب الله أيضا. بالمقابل، يبدو أن الاسد ونصرالله ايضا لن يتجلدا الى الابد، في ضوء المنشورات في وسائل الاعلام الاجنبية، التي تعزو الهجوم لاسرائيل. في واقع متوفر بهذا القدر، فان كل حدث من شـأنه ان يشعل نارا كبرى. وحتى انفجار سيارة مفخخة في ضاحية حزب الله في بيروت، مثلما حصل الاسبوع الماضي، من شأنه أن يعزوه حزب الله لاسرائيل فيرد باتجاه الشمال. في هذه الاثناء كل يوم يمر في هذا الصيف من دون اشتعال الجبهة الشمالية، ليس امرا مفهوما من تلقاء نفسه.