الناصرة- «القدس العربي»: فيما تتزايد الخسائر البشرية في صفوف جيش الاحتلال الاسرائيلي ويتعرض لهجمات نوعية تنفذها حركة المقاومة الفلسطينية في العمق الاسرائيلي، يجري الحديث في اسرائيل عن تكثيف محاولات الوساطة بينما يواصل رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو التهديد أن العدوان سيتسع حتى يستعاد الهدوء.
وخلال جولة ميدانية في الجنوب برفقة وزير الحرب موشيه يعلون وقائد الجيش بيني غانتس قال نتنياهو أمس إن جيشه يتقدم وفق المخططات لافتا إلى أن العمليات العسكرية ستتسع حتى تحقيق الهدف المتمثل بعودة الهدوء لمواطني إسرائيل لمدة طويلة. وفي محاولة لرفع معنويات الإسرائيليين بعد مقتل وإصابة أعداد كبيرة من الجنود زعم نتنياهو أن العدوان يحقق أهدافا أكثر مما كان متوقعا منه خاصة من ناحية تدمير الأنفاق وتابع «المعركة العسكرية أمر مركب وتتخللها لحظات قاسية وكلي ثقة أننا سنتمكن سوية من بلوغ غايتنا».
وبالإضافة لاعتراف إسرائيل بمقتل 18 جنديا وإصابة اكثر من 80 آخرين، قتل أمس أربعة جنود وأصيب آخرون في عملية اقتحام نوعية للمقاومة شمال غزة داخل أراضي 48 بعدما دخلوها عبر نفق وهاجموا قاعدة عسكرية. وحسب مصادر إسرائيلية استشهد في المعركة عشرة مقاومين التي وصفها معلقون إسرائيليون بالجريئة.
واعتبر المعلق للشؤون الإستراتيجية يوسي ميلمان أن معركة الشجاعية من شأنها أن تغيّر وجه الحرب لتورط وحدة غولاني مع مقاومة فلسطينية شرسة، وكمعلقين آخرين ووصفها ببنت جبيل الفلسطينية لأنها كبدت الغزاة الإسرائيليين خسائر فادحة وهم يحاولون الظفر بـ «صورة انتصار». وتابع القول» لم يتعرض الجيش الإسرائيلي لمعركة قاسية كما حصل بالشجاعية منذ معركة السلوقي جنوب لبنان في 2006 وفي قلعة حماس هذه اصطدم جنودنا هذه المرة بمقاتلين أشداء لم ترهبهم الأفضلية العسكرية الكبيرة لإسرائيل ولم يخافوا نيرانها
وبخلاف تصريحات نتنياهو يرجح ميلمان أن تتجه إسرائيل نحووقف النار لأنها باتت تتعرض لضغوط دولية في ظل ارتفاع أعداد الضحايا بصفوف المدنيين الفلسطينيين. منوها أن إسرائيل تحاول اليوم احتلال شريط أمني محيط بالقطاع قد تستخدمه كورقة مساومة لتتخلى عنه مقابل صواريخ حماس طويلة المدى.
لكن عددا كبيرا من المحللين وجهوا انتقادات متفاوتة لحكومة إسرائيل وجيشها لعدم وجود معلومات استخباراتية مسبقة عن الموقف الحقيقي لحماس وعن مدى جاهزيتها مرجحين أن تستمر الحملة لعدة أيام رغم محاولات الوساطة لأن إسرائيل تبحث عن صورة نصر.
وانتقد المعلق العسكري لموقع «واينت» رون بن يشاي دخول الجيش الإسرائيلي للشجاعية وشبهه بدخول بنت جبيل في حرب لبنان الثانية بهدف الفوز بصورة انتصار. كما انتقد عدم مبادرة إسرائيل لمهاجمة الأنفاق بالشريط الحدودي وقال إنها نجت بالصدفة من عمليات نوعية موجعة لحماس بواسطة هذه الأنفاق.
ويرى المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل أن ما شهدته الشجاعية من شأنه أن يصيغ ويحسم وجه هذه الحرب على غزة، موضحا أن هذه هي المرة الأولى التي تواجه فيها حماس جيش الاحتلال على الأرض داخل منطقة سكنية. وتعقيبا على الخسائر التي تكبدها الغزاة قال هارئيل إنه من ناحية الفلسطينيين تشكّل في الشجاعية أمس رمز جديد للمقاومة. ويتابع «تصل تفاصيل المعارك في الشجاعية بشكل مقطع: الجيش لا يزودنا بمعلومات كافية حتى الآن عدا تقارير عن إصابة عشرات الجنود في غزة مقابل تقارير فلسطينية كثيرة بعضها غير دقيق».
وينتقد هارئيل أيضا حجب المعلومات عن الإسرائيليين ويقول إن المعلومات تسري في شبكات التواصل التي تملأ الفراغ. ويضيف» استنادا لتسريبات وتقارير جزئية تتشكل الصورة التالية: بعد يومين من تركيزه على البحث عن أنفاق في شريط حدودي ضيق دخل الجيش الإسرائيلي أمس لما هو أعمق داخل حي الشجاعية وهناك تورط بمقاومة شرسة من قبل حماس والجهاد الإسلامي».
وهذا ما أكده المعلق العسكري للقناة العاشرة الاسرائيلية ألون بن دافيد الذي أكد بلهجة انتقاد للجيش إنه دخل لعمق منطقة سكنية مأهولة مباشرة لحصون حماس التي نصبت له الكمائن وجبت منه ضحايا».
وواصل الساسة الإسرائيليون التعبير عن مواقف هستيرية حيال المأزق الذي يلازم إسرائيل في اليوم الرابع عشر على العدوان الذي صمدت فيه المقاومة رغم اختلال موازين القوى وبعكس مزاعم إسرائيل حول ضعف حركة حماس. ودعا وزير خارجية إسرائيل أفيغدور ليبرمان الإسرائيليين لمقاطعة فلسطينيي الداخل ومتاجرهم ومصالحهم الاقتصادية طالما أنهم يضربون من أجل غزة.
ودعا المستشرق المحاضر في جامعة بار إيلان مردخاي كيدار أمس الى تهديد المقاومين الفلسطينيين باغتصاب شقيقاتهم وأمهاتهم لأن ذلك فقط ما يوقفهم ويمنعهم من مواصلة مقاتلة إسرائيل.
وقالت تقارير إسرائيلية أمس إن هناك 101 جندي مصاب. ويواصل الجيش التعتيم على خسائره وتقوم الرقابة العسكرية بحظر نشر معلومات إلا بعد ساعات من الأحداث من ضمنها منع نشر تفاصيل أسر الجندي أورون هارئيل من مدينة طبريا الذي اعلنت كتائب القسام عن اسره ونشرت صورا لبطاقة هويته وبطاقة انتسابه لأحد صناديق المرضى. وقالت مصادر صحافية أمس إن الحديث يدور عن أشلاء جندي نصف جثته وقعت بيد مقاومي حماس.
ونقلت القناة الاسرائيلية العاشرة عن مصدر عسكري كبير قوله إن إسرائيل متفاجئة بموقف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي لم يغيّر موقفه ولم يدع إسرائيل لضبط النفس على الأقل بعد الكشف عن قتل المدنيين في الشجاعية.
وتابع المصدر وفق ما أكده المعلق السياسي للقناة العاشرة رفيف دروكر» كنا نخال أن السيسي حليف لإسرائيل واعتنق الصهيونية فحسب لكن يبدو أنهم انضم لحزب المستوطنين «البيت اليهودي».
إلى ذلك صعد فلسطينيو الداخل أمس من احتجاجهم على المجزرة وأكدوا تكافلهم مع أشقائهم في غزة بإضراب عام طال كافة المرافق العامة والخاصة في ما شهدت مدينة الناصرة مظاهرة جماهيرية واسعة نددت بمجازر إسرائيل ودعا فيها المتظاهرون لملاحقتها في محكمة الجنايات الدولية.
وديع عواودة