لندن-“القدس العربي”: استأنف المعلمون في الأردن احتجاجاتهم المتضامنة مع نقابتهم التي صدر قرار قضائي مؤخراً بحلها وسجن أعضاء مجلسها، وهو ما تحول سريعاً إلى حملات إلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعي رداً على استخدام قوات الأمن القوة في فض الاعتصامات والتظاهرات التي حاول المعلمون تنظيمها أمام مقر البرلمان ووزارة التربية والتعليم.
وأصدرت محكمة أردنية قبل أيام قراراً أولياً بحل نقابة المعلمين والحكم بحبس جميع أعضاء مجلسها لمدة سنة، كما تم اعتقال خمسة من أعضاء مجلس النقابة قبل أن يتم إخلاء سبيلهم بكفالة لحين صدور قرار نهائي في القضية، فيما تسبب القرار بتجدد احتجاجات المعلمين التي كانت قد بدأت بإضراب شامل عن العمل في أواخر العام 2019 للمطالبة بزيادة رواتبهم وتحسين أوضاعهم.
وكانت السلطات الأردنية قررت في 25 تموز/يوليو الماضي حل مجلس النقابة وحل أعضاء الهيئة المركزية وهيئات الفروع وإداراتها ووقف النقابة عن العمل وإغلاق مقراتها لمدة سنتين، وتم اعتقال عدد من مسؤولي النقابة في ذلك الحين لمدة شهر كامل قبل أن يتم إخلاء سبيلهم.
وشهدت شبكات التواصل الاجتماعي في الأردن حملة تضامن واسعة مع المعلمين والنقابة خلال الأيام الماضية، حيث أطلق النشطاء العديد من الوسوم الداعمة لمطالب المعلمين والمؤيدة لنقابتهم والرافضة لقرار حلها، من بينها الوسم “#مع_المعلم” والوسم “#مع_النقابة” و”#مع_النقابة_ضد_العصابة” وغيرها من الوسوم التي سرعان ما تصدرت قوائم الأوسع انتشاراً والأكثر تداولاً داخل الأردن.
وعلق الصحافي الأردني باسل الرفايعة على التطورات الأخيرة في قضية المعلمين بالقول: “حل نقابة المعلمين لإضعاف وزارة التربية والتعليم، والولاية العامة للحكومة، لصالح جهة غير دستورية، تتحكم في البلاد. والتفرد بسياسات التعليم، بعد تحويل الوزارة إلى مجرد مستوعب للوظائف”.
وأضاف في سلسلة تغريدات على “تويتر” يقول: “الواقع أنّ حل نقابة المعلمين يعني حلاًّ لوزارة التربية والتعليم، وتحويلها إلى مبادرة تابعة لأكاديمية الملكة رانيا، وقد باتت لها الكلمة الوحيدة في التعليم، وإدارة شؤونه ومنحه، ومَن يأبه للمخرجات، وأنت تدعو لإصلاح التعليم وتفتح مدرسة خاصة، تعادل رسوم الصف الأول فيها مؤونةَ قرية”.
وتساءل أحد المغردين: “ما هو مستقبل الأجيال القادمة في بلد معلموه في السجون، ولصوصه آمنون في بيوتٍ سرقوها؟” فيما كتب آخر: “في الدول العربية يمنعون المُعلّم من ضرب الطالب. لكنهم يسمحون لرجل الأمن بضرب المُعلّم”.
وغرد محمد مقدادي: “تم نقل مجموعة من المعلمين في مديرية تربية قصبة المفرق لمسافة 40 كيلو عن مدارسهم التي أمضوا فيها سنوات رغم انهم مميزون وتقاريرهم مميزة ويشهد لهم الجميع بانهم من خيرة المعلمين في مدارسهم وكل ذنبهم انهم وقفوا مع نقابتهم وطالبوا بحقوقهم”.
أما صلاح العفيفي فكتب معلقاً: “هذه المرحلة التي تمر بها النقابة، مرحلة تمحيص للمعلمين.. والله من تخاذل وتراجع وابتعد ولزم الحياد لا خير فيه في أبسط الأمور”.
وكتب شادي العبادي: “هؤلاء هم كبار البلد الحقيقيين أما الحكومات والنواب والمسؤولون الذين كانوا سبباً في وصول البلد إلى ما هي عليه فإلى مزبلة التاريخ”.
وعلق محمد حجازي على قرار حل النقابة بالقول: “أين الخطأ في تصرف النقابة؟ ناس بطالبوا بحقوقهم بكل رقي واحترام، ناس جاؤوا بصندوق في انتخابات نزيهة ومثلوا نقابتهم في كل المحافل بشكل مشرف. أين الاستقواء على الدولة؟”.
وكتب حساب “الأردنية نت” على تويتر معلقاً: “تفتتح الأردن المئوية الثانية للدولة بعنواين شتى كلها ذات مدلول واحد وهو القمع وتكميم الأفواه ومحاربة التجارب الديمقراطية الحرة، في حين يتحدث الملك في مؤتمرات أوروبا واصفا الأردن كواحة للديمقراطية والحريات في المنطقة، في حالة انفصام كما يرى مراقبون”.
وعلقت مشيرة الزيود على خطابات أعضاء البرلمان التي تناولت قضية المعلمين بالقول: “المعلمون حاضرون بقوة في كلمات النواب اليوم، مطالب باعادة حقوقهم ودعوتهم إلى طاولة الحوار.. مع الاشارة إلى أن من تم تحويلهم إلى الاستيداع يفقدون 70 في المئة من رواتبهم فمن يتسلم 800 دينار لا يبقى له بعد تحويله إلى الاستيداع سوى 120 إلى 130 دينار.. جريمة كبرى بحق المعلمين”.
وغردت رندة أحمد: “ما زال مسلسل استهداف النقابيين والتنكيل بهم مستمراً، تنقلات وأسماء جديدة اليوم، والخصاونة يخطب ود النواب طالبا ثقتهم في هذه اللحظات، ويستمر مسلسل الاستخفاف بالشعب بل بالوطن نفسه”.
وعلق الكاتب أحمد العمري بالقول: “المعضلة أنّ البعض يبرّر للحكومة مصادرة الحريّات، ممثّلة بإغلاق نقابة المعلمين تحت ذريعة سيطرة خارجية على النقابة”.
يشار إلى أن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان حث الحكومة الأردنية الأسبوع الماضي على التوقف عن اتخاذ إجراءات عقابية ضد المعلمين والفعاليات النقابية، والكف عن استخدام القانون تعسفيا لملاحقة وتقييد العمل النقابي والانتقام من النشطاء السياسيين والنقابيين.
كما شدّد، في بيان نشره على موقعه الرسمي، على ضرورة احترام السلطات للقوانين المحلية والدولية التي تكفل لجميع الأفراد والكيانات حقهم في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي.
ودان المرصد بشدة فض أجهزة الأمن اعتصام معلمين وسياسيين أمام مجلس النواب بالعاصمة عمّان في 10 كانون الثاني/يناير الجاري.