مع بدء العد التنازلي: هل سيكون استعدادنا لحرب لبنان الرابعة مقروناً بقرارات صائبة؟

حجم الخط
0

حرب لبنان الثالثة انتهت، بفرض ألا تستأنف مع دخول ترامب إلى البيت الأبيض في نهاية كانون الثاني 2025. في حينه، ستنتهي المرحلة الأولى، مرحلة الاختبار، في تنفيذ اتفاق التسوية بين لبنان وإسرائيل. في الوقت الذي يحتفل فيه حزب الله بانتصاره كما شرح زعيمه، نعيم قاسم: نجونا من محاولة تصفيتنا، ولهذا انتصرنا”، بدا في إسرائيل إحساس امتعاض أكثر مما في نهاية حرب لبنان الثانية، التي دخلنا إليها دون معلومات استخبارية نوعية عن حزب الله، وكذا دون حماية من الصواريخ التي أطلقها نحونا، ودون أن نؤمن بقدرة القوات البرية على التصدي له. كل هذا أجبر إسرائيل في حينه على الانثناء والاكتفاء بقرار 1701، “قرار مثقب” كان واضحاً أن حزب الله لن يلتزم به.

أما هذه المرة فقد كانت نقطة البدء مختلفة، ومع ذلك ننهي المعركة بإحساس من التفويت. قد لا يكون هناك خيار آخر، لكن نأمل ألا يكون لأحد منا أوهام بوجود “لبنان آخر”، وأن الحكومة أو الجيش اللبناني سيرغبان أو يستطيعان “ترويض” حزب الله، أو أن يلتزم اليونيفيل وأمثاله الذين فشلوا في مهمتهم على مدى العقدين الأخيرين به هذه المرة.

الأفضل ألا نتنبأ بما سيكون في المستقبل، بل نحاول فهم لماذا فوتنا الفرصة التي وقعت في أيدينا لهزيمة حزب الله.

بداية حملة “سهام الشمال” (لم يسمها الجيش حرباً) في أيلول 2024، ونهايتها أيضاً – جاءتا على نحو مفاجئ وكانتا نتيجة لكثير من الأحداث على طول الحدود او في الساحة الحزبية والسياسية في إسرائيل. لهذا السبب، دخل الجيش إلى المعركة مع هدف حد أدنى – إعادة سكان الشمال إلى بيوتهم، ومن هنا أيضاً مع خطة حد أدنى، عديمة المخاطر في ظل الخوف الشمال الذي ساد من حزب الله في حينه. كان أساس المعركة احتكاكاً محدوداً مع حزب الله على طول الحدود وتوجيه ضربة واقية لقدراته.

لكن من اللحظة التي تبين فيها أن الخوف من حزب الله كان مبالغاً فيه، وبعد أن تبددت توقعات الرعب عن قدرته على إطلاق آلاف الصواريخ يومياً وعلى شل الحياة في إسرائيل والتسبب بآلاف القتلى، كان ينبغي تغيير أهداف الحرب وسياقها.

يدور الحديث أولاً عن الحاجة لجباية ثمن باهظ من المنظمة ومن الدولة اللبنانية، التي تتعاون معها وتمنحها رعاية، بشكل يغير عمودها الفقري، وينزع منها قدرات ويخلق ردعاً لسنوات طويلة مقبلة.

غير أن إسرائيل امتنعت عن مهاجمة الدولة اللبنانية ومؤسساتها بسبب ضغط أمريكي أو لأن لدينا من يتحلى بالأوهام لبنان آخر. كان ينبغي أن نتذكر بأن الأصوات الصادرة عن لبنان وكأن اللبنانيين كلهم ضد حزب الله، ليست سوى عرض عابث، إذ إن هؤلاء لم يعملوا ولن يتجرأوا على العمل ضده.

لا يدور الحديث عن ضرب البنى التحتية الحيوية في لبنان، الأمر الذي كان سيثير انتقاداً في واشنطن، بل عن ضرب البنى التحتية ورموز الدولة وكذا الجيش اللبناني، المتعاون مع حزب الله، في معاقل المنظمة في الجنوب وفي البقاع اللبناني.

إسرائيل لم تمس تقريبا بذراع المنظمة السياسي والاجتماعي أو مؤسساتها ومشاريعها الاقتصادية. لماذا تذكرنا بأن علينا هجوم عشرين هدفاً في قلب الضاحية فقط عشية الإعلان عن وقف النار، ولم نهاجم بقوة مشابهة، بل وبقوة أكبر على طول الأشهر الأخيرة. وأخيراً، من اللحظة التي تبين فيها أن مخربي حزب الله لا يشكلون تهديداً على مقاتلي الجيش، كان يمكن بل وينبغي تعميق المناورة البرية إلى قلب حزب الله في جنوب لبنان.

ربما كان للمستوى السياسي أسباب وجيهة للموافقة على وقف نار مع حزب الله ومنحه بذلك حبل نجاة، لكن يصعب فهم كيف تحولت حرب الوجود التي خرجنا إليها عقب7 أكتوبر في الساحة اللبنانية إلى حملة عسكرية محدودة ومجزأة. مع نشوب حرب لبنان الرابعة، التي بدأ العد التنازلي لها الأسبوع الماضي، نأمل بأننا سنتبارك ليس فقط بمقاتلين رائعين ومعلومات استخبارية فائقة، بل أيضاً بمسيرة أكثر جدارة من التخطيط واتخاذ القرارات.

أيال زيسر

إسرائيل اليوم 2/12/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية