رأي القدس الرئيس محمد مرسي يتحرك على اكثر من جبهة هذه الايام، يقوم بجولة اوروبية، يلتقي خلالها المسؤولين الكبار، ويستضيف في القاهرة اجتماعا للجنة الرباعية التي اقترحها من اجل ايجاد مخرج سياسي للازمة السورية يوقف سفك الدماء.المملكة العربية السعودية غابت عن اجتماع اللجنة، الذي انعقد على مستوى وزراء الخارجية، متعذرة بان وزير خارجيتها الامير سعود الفيصل يمر حاليا بفترة نقاهة، بعد اجرائه عملية جراحية في القولون، ولكن يبدو ان هذا العذر الذي قد يكون صحيحا لم يقنع الكثيرين، لان المملكة بادرت بارسال نائبه الامير عبدالعزيز بن عبدالله نجل العاهل السعودي لتمثيل بلاده في اكثر من اجتماع، من بينها قمة عدم الانحياز في طهران، ولقاء منظومة اصدقاء سورية الذي انعقد قبل شهرين في باريس.دارت تكهنات عديدة حول السبب الرئيسي الذي دفع السعودية الى مقاطعة اجتماع اللجنة، ابرزها مشاركة ايران فيها، فالمملكة لا تريد اي دور لايران في الازمة السورية لانها تدعم النظام بالمال والسلاح، وكررت اكثر من مرة تصريحات على لسان مسؤولين فيها بانها لن تسمح بسقوط نظام الاسد.كلام المسؤولين السعوديين حول دعم ايران للنظام صحيح، ولكن المملكة ايضا تدعم المعارضة السورية بالمال على الاقل، وهذا لا يعفيها من اتهام آخرين لها بالتدخل في الشأن السوري بفاعلية ضد النظام.الحكومة المصرية لم تعلق مطلقا على مقاطعة المملكة لاجتماع لجنة بادر الرئيس مرسي الى اقتراح تشكيلها من الدول الاقليمية العظمى في المنطقة، وهي السعودية وتركيا وايران الى جانب مصر الدولة الداعية، بل ان وزير الخارجية المصري اكد ان حكومته ستطلع المملكة على ما جرى تناوله في الاجتماع الرباعي الذي تحول الى ثلاثي.ايران ارسلت وزير خارجيتها علي اكبر صالحي لحضور الاجتماع، وكذلك فعلت تركيا، التي اوفدت وزير خارجيتها المحنك احمد داوود اوغلو لكي يمثلها في اللقاء، وكل دولة لها اسبابها المنطقية في ذلك.تركيا ترى ان مصر دولة على ابواب النهوض، وبصدد استعادتها دورها القيادي والريادي في المنطقة، مضافا الى ذلك ان رئيسها وحكومتها جاءا من رحم حركة الاخوان المسلمين، اي انهما يتماهيان مع المنطلقات نفسها لحزب العدالة والتنمية بزعامة رجب طيب اردوغان. التقارب مع مصر لن يكون مقتصرا على الجوانب السياسية فقط وانما سيترجم ايضا الى عقود اعمار وبناء بنى تحتية، والدليل الابرز على قوة مصر الاقتصادية ارتفاع البورصة في الايام القليلة الماضية الى معدلات قياسية.اما ايران فهي الى جانب فهمها لعملية التحول الجارية في مصر حاليا، فانها تريد في الوقت نفسه كسر عزلتها الدولية والاقليمية، والانفتاح على الدولة العربية السنية الاكبر والاعمق تاريخا وحضارة، ومحاولة استعادة العلاقات الدبلوماسية والتجارية مع مصر كأحد خيارات خرق الحصار الاقتصادي الامريكي المفروض عليها.في تقديرنا ان المملكة العربية السعودية لم توفق في قرارها مقاطعة هذه اللجنة، لانها تفتح الباب المصري على مصراعيه امام ايران التي لا تريد الجلوس معها، مضافا الى ذلك ان موقفها هذا سيكون موضع استغراب، خاصة ان العاهل السعودي استقبل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بحفاوة اذهلت الجميع اثناء مشاركته، اي نجاد، في اعمال القمة الاسلامية الطارئة في مكة.اللجنة قد تفشل في حل الازمة السورية، ولكنها اسست ناديا للدول العظمى في المنطقة، رفضت السعودية عضويته، لاسبابها هي، الامر الذي سيصب في مصلحة ايران التي تريد فك عزلتها الاقليمية.Twitter: @abdelbariatwan