تونس- “القدس العربي”:
قال بالاكريشنان راجاجوبال مقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في السكن اللائق إن المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة أسوأ بكثير من المجازر التي وقعت في يوغسلافيا السابقة ورواندا، مؤكدا أن القطاع يحتاج إلى عقد من الزمن لإزالة أنقاض المباني المحطمة وثمانين عاماً لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة صوت الخميس الماضي على تخصيص يوم عالمي لإحياء ذكرى الإبادة الجماعية في سربرنيتسا في البوسنة والهرسك، حيث نال القرار 84 صوتا مؤيدا و19 صوتا معارضا مع امتناع 68 دولة عن التصويت، ليصبح 11 تموز/ يوليو من كل عام “اليوم الدولي لتأمل، وتذكر إبادة 1995 في سربرنيتسا”.
وقال راجاجوبال، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “إن ما يحدث في غزة أسوأ بكثير من أي صراع وقع في السابق. لقد قُتل عدد أكبر من الأشخاص في غزة مقارنة بعدد السكان في يوغوسلافيا السابقة، كما تم تدمير المزيد من المساكن والبنية التحتية المدنية بما في ذلك المياه والصرف الصحي والأماكن الدينية والمباني العامة مقارنة بما تم تدميره في يوغوسلافيا السابقة ورواندا وسوريا والعراق وميانمار”.
وأوضح بالقول: “ولإعطاء فكرة عن حجم الدمار، بين عامي 2013 و2016، تظهر بيانات الأمم المتحدة أن 40 في المئة من مباني حلب تضررت خلال الحرب السورية. حتى يوم 5 يناير/ كانون الثاني، في أقل من 3 أشهر من الصراع في غزة، تعرض ما بين 60 إلى 70 في المئة من جميع المباني للضرر أو التدمير في غزة وشمال غزة، ووصلت نسبة الأضرار إلى 82 في المئة. واعتباراً من نهاية إبريل/ نيسان، والآن مع قصف رفح، تم تدمير المزيد من المساكن”.
وأكد راجاجوبال أنه وجميع مقرري الأمم المتحدة الآخرين، خلصوا إلى أن دولة الاحتلال الإسرائيلي “ارتكبت جرائم دولية خطيرة للغاية بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية بعد 7 أكتوبر 2023، وجرائم الفصل العنصري والعدوان خلال عقود عديدة”.
جميع مقرري الأمم المتحدة خلصوا إلى أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب وإبادة جماعية بعد 7 أكتوبر وجرائم فصل عنصري خلال عقود
وأضاف: “وفيما يتعلق بمفوضية الأمم المتحدة بشأن الحق في السكن الملائم، فقد أثارت الانتباه مراراً وتكراراً إلى حقيقة أن التدمير الشامل للمساكن، بشكل منهجي أو واسع النطاق كما هو الحال في غزة، يشكل جريمة قتل للمنازل. وهذا يعد بالفعل جريمة حرب ويمكن أن يشكل إبادة جماعية عندما يجعل هذا التدمير المنطقة غير صالحة للسكن كما هو الحال في غزة. كما يمكن أن تشكل جريمة ضد الإنسانية عندما تكون منهجية أو واسعة النطاق، وإذا اعترف بها القانون الدولي”.
ويرى بعض المراقبين أن إسرائيل تسعى إلى جعل قطاع غزة منطقة “غير صالحة للسكن” بهدف دفع سكانه إلى “مغادرته” إلى دول الجوار، وهذا ما دفعها إلى تدمير أكثر من 70 في المئة من منازل القطاع.
وعلق راجاجوبال على ذلك بالقول: “هذه مجرد تكهنات، كما أن هذا الأمر- في حال حدث- يتعارض مع القانون الدولي. لكن الفشل في ضمان العودة (بالنسبة لسكان القطاع)، وتوفير الظروف المعيشية الملائمة، بما في ذلك السكن والمأوى اللائقين، سيجعل من المحتمل ألا يتمكن بعض الفلسطينيين على الأقل من العودة لمنازلهم”.
وتوجه برسالة إلى المجتمع الدولي، دعاه فيها إلى “فرض المساءلة على إسرائيل. وبدون ذلك لن تتوقف عن قصف غزة”.
كما اعتبر أن “التوصل إلى نهاية تفاوضية للصراع (عبر سياسة العصا والجزرة) أمر مهم لعودة الرهائن الإسرائيليين، والإفراج عن آلاف الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل، والتوصل إلى تسوية نهائية للأزمة مع إنهاء الاحتلال والاعتراف المتبادل بالسيادة والدولة (الفلسطينية) التي يكفلها المجتمع الدولي”.
قطاع غزة سيحتاج عقدا لإزالة أنقاض المباني المحطمة وثمانين عاماً لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر
من جهة أخرى، اعتبر راجاجوبال أن قطاع غزة “سوف يحتاج إلى عقد من الزمن على الأقل لإزالة أنقاض المباني المحطمة والأراضي المدمرة، وإزالة الذخائر غير المستكشفة. وسوف يستغرق الأمر- وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة والبنك الدولي- أكثر من ثمانين عاماً لإعادة بناء غزة إلى ما كانت عليه قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول”.
واستدرك بالقول: “ولكن هذا يفترض أنه لن تكون هناك حرب أخرى. وهذا هو السبب وراء عدم إمكانية إعادة البناء دون وقف إطلاق النار، ولن يكون هناك وقف لإطلاق النار دون ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل التي لا تزال تتمتع بحماية غير عادلة من قبل الولايات المتحدة والعديد من الدول الغربية الأخرى”.