مكانة إسرائيل أمام العالم.. قصور إعلامي أم غياب الأفق السياسي مع الفلسطينيين؟

حجم الخط
0

 تصطدم إسرائيل في الأسابيع الأخيرة بمصاعب متزايدة لتشرح سياستها أمام العالم في الموضوع الفلسطيني، فما بالك وهي تتطلع لتنال الموافقة أو الإسناد من جانب الأسرة الدولية. وقد وجد الأمر تعبيراً بارزاً له في تأييد واسع من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة – بما في ذلك أصدقاء قدامى في أوروبا – في الإعلان الذي أعربت فيه الدول عن قلق عميق في ضوء العقوبات التي فرضتها إسرائيل على السلطة عقب المساعي التي عملت عليها مؤخراً حيال محكمة العدل الدولية فيما يتعلق باستمرار السيطرة الإسرائيلية في “يهودا والسامرة”.

يعيد كثيرون المصاعب الإسرائيلية إلى الإعلام، ويعتقدون بأنه لو تطور لحظينا بتفهم أكبر بل وبدعم من جانب العالم تجاه السياسة في المسألة الفلسطينية. أما عملياً، فالمشكلة أعمق بكثير وترتبط بعدم وجود أي أفق سياسي في السياق الفلسطيني، والأخطر من ذلك، غياب استراتيجية إسرائيلية مرتبة وبعيدة المدى في الموضوع، الأمر الذي ينبع من خليط من انعدام رغبة السياسيين وغياب اهتمام الجمهور الغفير بذاك السياق.

الحكومة الحالية مثل سابقتها، تجد صعوبة في عرض صورة واضحة تجاه المسألة الفلسطينية. الليكود مزود بقول عمومي حول التطلع لتحقيق حل بروح خطة بيغن التي جوهرها منح حكم ذاتي في المجالات المدنية ولا تترافق وتقسيماً إقليمياً لبلاد إسرائيل أو إقامة دولة فلسطينية، ولكن تطرح إلى جانبه تلميحات واضحة من جانب الشركاء في الحكومة وعلى رأسهم سموتريتش، بالنسبة للتطلع لفرض السيادة على قسم أو على كل “يهودا والسامرة” وتساؤلات عن الحاجة لاستمرار وجود السلطة التي قد تعكس أجندة خفية.

في مثل هذا الوضع، يجني الفلسطينيون ربحاً سياسياً وإعلامياً. الرواية الإسرائيلية حول جوهر النزاع والرفض الفلسطيني تآكلت، وبالمقابل يتعزز اعتبار إسرائيل كمن تحاول تغيير الواقع على الأرض بشكل يضع حداً لحل سياسي في المستقبل. السلطة، التي تعاني من ضعف عميق وصورة جماهيرية سلبية، ترى في الوضع السياسي المتشكل ذخراً استراتيجياً يسمح بصرف الانتباه عن مشاكلها الداخلية، ورص صفوف الشعب حولها، ونيل شرعية خارجية. الأمر يخدم جهات متطرفة – بدءاً بحماس وانتهاء بمنظمات الـ BDS – التي تدعي بأن الهدف الإسرائيلي بعيد المدى هو تسوية تقوم على أساس “منطق أبرتهايد”، الأمر الذي يفترض ضغطاً دولياً متعدد الأبعاد.

تحسن الحكومة الجديدة إذا ما أسرعت في بحث عميق تجاه الموضوع الفلسطيني، بحيث تبلور في إطاره استراتيجية واضحة. مثل هذه المهمة تفترض تقليص الانشغال بجهود ذات بعد رمزي، بما في ذلك ملاحقة من يرفعون إعلاماً فلسطينية، والتركيز على مسائل وجودية بعيدة المدى في سياقات الأمن والديمغرافيا والمكانة الدولية.

في هذا السياق، تبرز مسألة وجود السلطة، التي قد يولد اختفاؤها بدائل كوابيس في شكل فراغات سلطوية ستملأها محافل متطرفة وعنيفة أو تجبر إسرائيل على العودة لتقوم بالمهمة التي حملتها كصاحبة السيادة في “المناطق” حتى إقامة السلطة – بالثمن الاقتصادي والسياسي والأمني الجسيم الذي ينطوي على ذلك – في ظل اقتراب دراماتيكي من واقع الدولة الواحدة، حتى دون إرادة أو تخطيط مرتب.

إن طلب البحث العميق في الموضوع الفلسطيني كفيل بأن يكشف فجوة تفسير داخلية في الحكومة الحالية، بين الحزب الحاكم الذي يتطلع قسم كبير من ممثليه لحفظ أو تعديل ما هو قائم، انطلاقاً من اعتبارات خارجية، وبين قسم من شركائها الساعين إلى تقويض عميق للواقع وخلق واقع جديد. من زاوية نظر استراتيجية، فإن استيضاحاً كهذا سيسمح لإسرائيل بتوجيه جهدها للتحدي القومي المركزي من ناحيتها اليوم- النووي الإيراني.

 بقلم: ميخائيل ميلشتاين

يديعوت أحرونوت 23/1/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية