جميع المسامير المتناثرة في الحي الذي اقيم فيه، والذي هو موقع للبناء بشكل دائم وبدون توقف، جميع هذه المسامير وصلت إلى إطار سيارتي الخلفي. في مخيم اللاجئين الجلزون رفع الاطار إلى اعلى، وبدأ بعد الثقوب ويريني اين يوجد كل مسمار. وكأنه يريد القول: لا يمكن إصلاحه، فانا لا اريد ان ابتز منك الفلوس. وقال الجديد يكلف 300 شيكل، واخوه تقريباً جديد فقط بـ 100 شيكل. كم انا احب ان استعمل هذا «الاخ» او «ابن العم» : اذا اردت اي شئ في الحانوت فلنقل شاكوش نقول لك ان له ابن عم، هذ الذي يقيم جواره هو ايضا ممتاز.
الاحرف الموجودة على اليافطة على زجاج السيارة والتي تحمل كلمة «صحافة» كانت مقلوبه، الا ان ذلك لم يزعجه (الشاب) وبدأ في إجراء مقابلة معي. والى ان تذكرت من المفروض به ان يسأل هنا، كان قد عرف اين ولدت ومن اين والداي وكم عدد السنوات التي مضت على إقامتي في البيرة، (فهو كان ابن 4 سنوات عندما انتقلت إلى هنا والآن هو ابن 22عاما). «واين كنت اسكن سابقا؟» في غزة. «في غزة هم ابطال « هكذا دخل متطفل على الحديث موضحا» ماذا تفعل بضع حجارة ؟ انا بإمكاني الذهاب إلى الحاجز ورشق الحجارة وعندها سيطلق الجنود النار علي واصاب. او اسقط شهيدا. ومن اجل ماذا؟ «كما حصل مع العديد من ابناء المخيمات والقرى المجاورة الذين اصيبوا وقتلوا، علّقت.وابتهجوا بالموافقة.
وماذا حققت الصواريخ من غزة ٫سألت سؤلا استفهاميا. اوقفوا مطار اللد لشهرين» قال لي بفخر «هم ابطال في غزة».ولكن محاولاتي وضع الامور في نصابها نجحت اكثر من محاولاتي لعشرين سنة لتذكير الاسرائيليين ان سياسة الحصار، والعزل والاعتقال وغير ذلك التي مورست ضد اهالي قطاع غزة لن تجدي، وقد بدأتها اسرائيل قبل العمليات الانتحارية وحتى قبل اوسلو. هو ابن لعائلة لاجئة، ليس من العام 1948 بل من العام 1967. اجداده كانوا من بين الف وخمسمائة لاجئ احتل الجيش بلدهم في بيت نوبا وهدموا بيوتهم في معركة قصيرة، كما قام الجيش الاسرائيلي بطرد الآلاف من السكان من القرى القريبة عمواس ويالو، وهدموا بيوتهم وعلى ارض بيت نوبا اقيمت مستوطنة مبو حورون.
اراضي جميع القرى بينابيعها وحقولها اغلقت في وجه الفلسطينيين، وفتحت امام الاسرائيليين. والحقت بموجب سياسة الامر الواقع. واقيم هناك منتزه كندا . رغما عن اوهام الظلام لابن بيت نوبا الذي ولد على بعد 25 كيلو في الجلزون المكتظ. لا يوجد اي احتمال لتحسين الوضع» اجمل « ماذا بقي لنا لكي نعتاش منه».
في طريق عودتي التقيت بصحفي دعاني إلى نقاش حول المصاعب التي تواجهها الصحافة المحلية بخصوص تلقي المعلومات من الموسسات الفلسطينية الرسمية . المتحدث الرئيسي كان معمر عرابي مدير قناة التلفزيون المستقلة وطن . هو ايضا ولد في الجلزون لعائلة طردت في العام 1948 . وبلده الاصلية هي بيت نبالا القريبة من اللد والتي بني على اطلالها مستوطنات بيت نحميا وقرية طورمان.
النقاش جرى في مكتب تابع لحزب فدا . في عمارة يبدو انها بنيت في الخمسينات والتي اتذكرها من فترة تطوعي في «خط العمل» في العام 1991. فهناك التقيت مع عمال في مكتب نقابة مهنية وسجلت شكاويهم عن مشغليهم الاسرائيليين الذين لم يدفعوا لهم اجورهم.
الذاكرة الفلسطينية طويلة، ان اسرائيل واليهودية لم يقطعا التواصل بين 1948 و1967 لغاية اليوم . ان تعيش وسط الفلسطينيين تفسيره هو ان تتبنى ذاكرتهم الطويلة، والدخول خلال ثواني في ثنايا هذا التواصل. تواصل ماذا؟ ما سمع كشعار هو نتيجة تراكم كل لحظة ولحظة . طرد ونهب استعماري قمع محسوب مدروس ومواجهته المتواصلة.
في صوت فلسطين تحدثوا عن ناشط من قرية فرعون الذي تم خنقه حتى الموت على حاجز «شاعر افرايم» حيث اضرب هناك العمال احتجاجا على الزدحام الخانق وممارسات شركة الأمن التي تعمل في المكان. غيّرت المحطة ، في اذاعة الجيش حللوا بإسهاب استطلاع آخر حول الانتخابات. عدت إلى صوت فلسطين. حياة الاسير جعفر عوض من بيت امر في خطر، كان يعالج في مستشفى آساف هروفيه (مقيد بالسرير) واعيد إلى عيادة مصلحة السجون في الرملة . واستمر الراديو . 5000غرسة زيتون تم اقتلاعها في ترمسعيا. من الواضح لصوت فلسطين ان القالعين هم من البؤر الاستيطانية التابعة لشيلو، (أي حظ ان المستوطنين رشقوا يوم الجمعة حجارة على موكب دبلوماسي جاء في جولة للمكان. هكذا شذ الخبر من الراديو الفلسطيني ومن تقارير حاخامات من أجل حقوق الانسان» الصادقين.)
لم تكن اناملي خفيفة على لوحة المفاتيح لم يكن في اليوم خمسون ساعة و»هارتس» كانت تحظى بالعديد من المتتبعين من المنطقة الفسطينية المحتلة ـ كل يوم اعتيادي كهذا كان ينشر عدة اخبار ومقالات.
صوت فلسطين الرسمي بدأ ببث اغنية «نحن نشعر اننا سنسقط شهداء» وما شابه. بعد ذلك اجرى مقابلة مع اثنين من نشطاء فتح القدماء، الذين امتدحوا الكفاح المسلح في الماضي، لكي يصلوا إلى مدح الانتقال إلى النضال في طريق السلام والدبلوماسية. بعد ذلك اسمعوا دعاية لمركز تجميل في رام الله ولقروض ميسرة لشراء شقة.
هآرتس 5/1/2015
عميره هاس