ممثلو الأقليات العراقية ينتقدون استبعادهم عن اجتماع الرئاسات والقوى السياسية والأكراد يعوِّلون على النتائح لحل مشاكلهم مع بغداد

مشرق ريسان
حجم الخط
0

بغداد ـ «القدس العربي»: يسعى رئيس الجمهورية العراقية، برهم صالح إلى جمع الفرقاء السياسيين حول طاولة حوار مشتركة، بُغية حلّ العقد التي تعترض العملية السياسية العراقية، أبرزها استكمال تشكيل حكومة عادي عبد المهدي، فضلاً عن تطور العلاقات بين بغداد وأربيل، وتجاوز أزمة استمرار تواجد القوات الأجنبية في البلاد، بعد انتهاء الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» منذ أكثر من عام.
وبالفعل، نجح صالح في عقد «المؤتمر الوطني التشاوري الأول»، أمس الأول، في مقر إقامته في قصر السلام، وسط العاصمة العراقية بغداد، الذي شهد حضور الرئاسات الثلاث، بالإضافة إلى قادة الكتل وأبرز الشخصيات السياسية.
الاجتماع تضمن، وفقاً للمتحدث باسم رئاسة الجمهورية لقمان الفيلي، «بحث تطورات الأوضاع السياسية والأمنية وآخر المستجدات في الحرب ضد الإرهاب والموقف من التواجد العسكري في البلاد، وما تم تنفيذه من البرنامج الحكومي والعمل على تجاوز الخلافات».
المجتمعون ناقشوا أيضاً، «ضرورة اعتماد رؤى وأفكار تساعد راسمي القرار السياسي في إدارة البلاد وتحقيق نهوضه وإزدهاره وحلحلة الاشكاليات التي تعترض العملية الديمقراطية في العراق، كما تم التطرق إلى التشريعات الاساسية التي تهم المواطن والعلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية».
عبد المهدي، قدّم، وفقاً للبيان، «شرحا مفصلا حول تطورات الوضع الأمني، وخصوصا في المناطق المحررة واستعدادات القوات الأمنية في هذا الشأن، إضافة إلى خطط الحكومة في معالجة ملف الخدمات»، فيما استعرض رئيس البرلمان محمد الحلبوسي «أهم الملفات التي سيعالجها المجلس في فصله التشريعي القادم والاستحقاقات الدستورية التي تنتظر مناقشتها من قبل أعضاء مجلس النواب بعد استئناف المجلس لجلساته الأسبوع المقبل».
وطبقاً للبيان، فإن «معظم المدعوين ناقشوا جدول الأعمال وأثروه بالآراء والمقترحات، مؤكدين على ضرورة ان تعقد الاجتماعات بصورة دورية من اجل مقاربة وجهات النظر التي من شأنها تجسير فجوة الخلافات بين الأطراف السياسية بما يسهم في إرساء مبادئ الديمقراطية والعدالة في عراق اتحادي».

النأي بالنفس

وخرج المجتمعون بالتأكيد على أن «أولويات القيادات العراقية حفظ سيادة البلاد وانتهاج سياسة النأي بالنفس والابتعاد عن سياسة المحاور وإبعاد البلاد عن النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية، وأن يكون ساحة للتلاقي، وتغليب مصلحة الشعب العراقي والعمل على تبني شعار العراق أولاً».
ورغم الأجواء الإيجابية التي سادت «الاجتماع الوطني التشاوري الأول»، لكن برزت اعتراضات، من القوى السياسية التي لم يتم إشراكها في الاجتماع، والتي انتقدت «التغييب المتعمد والتهميش» الذي تعرضت له من قبل رئيس الجمهورية.
ممثلو المكونات «الأقليات»، أصدروا بياناً مشتركاً قالوا فيه: «تم تغييب ممثلي المكونات (الأقليات) في مجلس النواب الذين يمثلون كتلا سياسية مستقلة داخل مجلس النواب، وتم الاستعاضة عنهم بدعوة رجال دين مسيحي أو من الصابئة والأيزيديين، فيما لم يتم دعوة رجال دين من الكرد أو العرب السنة أو العرب الشيعة أو حتى من التركمان، كي يكونوا بدلاء للأطراف السياسية المجتمعة».
وأضاف، ممثلو الأقليات، أن «في الوقت الذي نؤيد فيه كل جهد وطني جامع لبناء وحدة العراق ومحددة بأهداف لجعل الشراكة بين كل المكونات هي الحجر الأساس لبناء الوطن والحفاظ على الهويات الصغيرة، نود أن نبين لجماهير شعبنا وللرأي العام أننا نحن النواب الموقعين أدناه الممثلين الشرعيين لأبناء شعبنا تحت قبة البرلمان، نرفض وبشدة هذا التهميش الصارخ وتغييبنا المتقصد من قبل راعي الاجتماع برهم صالح رئيس الجمهورية».
وأشاروا إلى أن «كل اجتماع وطني يرسم مستقبل الوطن مهم وما جاء من قبل رئاسة الجمهورية يمثل تهميشا كبيرا للأقليات في صناعة القرار السياسي الوطني خاصة، وإذ سلمنا مسبقا أن رجال الدين لا يمكنهم صياغة الرؤى السياسية في أروقة البرلمان لكوننا نحن على أرض الواقع ونمثل رؤى وأفكارا سياسية انتخبنا شعبنا من أجلها».

عبد المهدي قدّم شرحا حول تطورات الوضع الأمني وخطط الحكومة في معالجة ملف الخدمات

وعبروا عن رفضهم أن «يتم التعويل على رجال الدين فقط لأبناء الأقليات، في حين لا ينطبق ذلك على باقي المكونات»، كما أكدوا «رفضهم لأي مخرجات أو التزامات تخرج عن هذا الاجتماع وعدم الا لتزام بها».
ووفق البيان، «حماية حقوق المكونات (الأقليات) السياسية والإدارية والثقافية ليست مجرد شعارات يرددها البعض في دول الغرب لكسب العطف، بل هي خطوات تتطلب رؤية واضحة وجامعة وشرعية نحو بناء الوطن الواحد وملموسة على أرض الواقع ومن ممثليها الشرعيين».
وحمل البيان توقيع كل من النائب برهان الدين اسحق (كتلة بابليون) والنائب أسوان سالم ( كتلة بابليون)، والنائب ريحان حنا أيوب (المجلس الشعبي – الكلداني السرياني الأشوري) و لنائب هوشيار قرداغ يلدا (ائتلاف الكلدان)، والنائب عمانوئيل خوشابه يوخنا (ائتلاف الرافدين) وصائب خدر نايف، ممثل الأيزيدين، ونوفل جوده الناشي، ممثل الصابئة المندائيية.
موجة الاعتراض لم تقف عند حدّ نواب «الأقليات» الدينية في العراق، بل تعدى ليشمل الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق، الذي انتقد غياب «الإسلاميين التركمان» عن الاجتماع، واعتبر ذلك «إقصاء غير مبرر».
الأمين العام للاتحاد الإسلامي لتركمان العراق، جاسم محمد جعفر البياتي، قال في بيان له، إن «رئاسة الجمهورية ولأول مرة منذ انطلاق العملية السياسية تتجاهل دعوة الإسلاميين التركمان لاجتماعها الوطني التشاوري الذي عقد في قصر السلام بحضور ممثلين عن طيف واسع من الكتل السياسية والشرائح الاجتماعية»، مبينا أن «غيابهم عن مثل هذا الاجتماع الوطني يثير لدينا تساؤلات كثيرة عن الموقف من الشيعة التركمان بشكل عام وعن ممثليهم من الشخيصات والنواب والحركات الإسلامية».
وأضاف أن «النواب الإسلاميين التركمان هم الأكثرية في مجلس النواب لممثلي المكون، وإن عدم دعوة أحدهم الى هذا الاجتماع تهميش واضح»، مطالباً بـ«تفسير وموقف صريح من الرئاسة التي المفترض أنها خيمة الجميع وحامية الدستور وتتعامل بالمساواة مع جميع العراقيين يكل طوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم».
ولفت إلى أن «هذا هو أول اجتماع من نوعه، بالتالي، فإننا قد نعده غير متعمد، لكننا نتطلع إلى أن تكون لنا مشاركة في المستقبل تليق بتاريخنا السياسي ودورنا في مقارعة الدكتاتورية ومساهماتنا في بناء الديمقراطية والعملية السياسية وحضورنا العددي البرلماني».
كردياً، عوّل حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» على اجتماع قصر السلام، وأهميته في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين.
وفد الاتحاد المشارك في الاجتماع، كان برئاسة نائب الأمين العام للحزب، كوسرت رسول، وضم كلاً من عماد أحمد وآسو مامند عضوي المكتب السياسي، وعدنان حمه مينا وخالد شواني عضوي المجلس القيادي، ولاهور شيخ جنكي ودرباز كوسرت وبهروز كلالي.
ووفقاً لإعلام الحزب، فإن رسول طرح خلال الاجتماع «رؤية وبرنامج الاتحاد الوطني للأوضاع الراهنة ومستقبل العراق والعلاقات بين الأطراف السياسية وحول الحكم الرشيد ومواجهة الإرهاب»، مؤكداً أن «الشراكة الحقيقة والالتزام بالدستور وتنفيذ مواده والتفاهم المشترك للملفات مفتاح معالجة جميع المشاكل».
كذلك، رأى قوباد طالباني، نائب رئيس حكومة اقليم كردستان، والقيادي في الاتحاد، حاجة الاقليم، لـ «اجتماع وطني تشاوري» على غرار الاجتماع الذي عقد في بغداد، باشراف من رئيس الجمهورية برهم صالح.
وكتب قوباد طالباني، على صفحته في «فيسبوك» يقول: «الاجتماع الذي عقد يوم أمس (الأول) باشراف رئيس الجمهورية برهم صالح، شمل التباحث حول المستجدات السياسية والأمنية في العراق، وكيفية مواجهة خطر الإرهاب، وضرورة الإصلاح والعمل على تحسين الحالة المعيشية للمواطنين».

بحث الأخطار المحيطة

وأشار إلى أن «الاجتماع التشاوري بحث أيضا، الأخطار المحيطة، مؤكداً على أهمية :عقد مثل هكذا اجتماعات لتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية».
ونوه، إلى ضرورة «عقد مثل هكذا اجتماعات تشاورية وطنية، لمناقشة المواضيع المهمة والمصيرية والمسائل ذات البعد الوطني».
وعلى مستوى كردستان أيضاً، يعوّل الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، على نتائج «اجتماع معصوم»، لمعالجة الخلافات بين أربيل وبغداد، التي شهدت تحسناً ملحوظاً عقب زيارة زعيم الحزب العاصمة العراقية بغداد في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
ومثّل الحزب الديمقراطي الكردستاني في «الاجتماع الوطني التشاوري الأول»، القيادي في الحزب، وزير المالية السابق، هوشيار زيباري.
مسؤول الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكردستاني في بغداد، شوان محمد طه، قال في تصريح أورده إعلام الحزب، إن «الديمقراطي الكردستاني أعد منذ فترة خطة لمعالجة المشاكل القائمة بين أربيل وبغداد على أساس الدستور والقانون».
وأضاف ان «الحزب الديمقراطي الكردستاني يعمل على مسألتين، أولهما حماية المنجزات المتحققة في إقليم كردستان، والثانية بذل الجهود لتحقيق وتثبيت حقوق شعب كردستان»، مشيراً إلى أن الحزب «سيدخل الحوار والمناقشات على هذا الأساس».
وأضاف مسؤول الفرع الخامس للحزب الديمقراطي الكردستاني، أن «المشاكل القائمة بين أربيل وبغداد كثيرة، لكننا نتوقع حلحلة وحسم الكثير منها حسب خطة الديمقراطي الكردستاني خلال الشهر المقبل».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية