لم يكن غريباً أن يصب رئيس نادي يوفنتوس الإيطالي السابق أندريا أنييلي، كل غضبه وحسده واستيائه على نجاحات البريميرليغ والقوة المالية الهائلة للكرة الإنكليزية، والتي تسببت في عدم قدرة الأندية الإيطالية على مواكبة هذه النجاحات ولا القدرة على المنافسة على ضم النجوم.
لكن ما حصل مع أنييلي في الأسابيع الأخيرة، من اجباره على ترك منصبه رئيساً للنادي الذي تملكه عائلته وايقافه لمدة سنتين، بسبب مزاعم فساد وصفقات انتقال لاعبين مشبوهة، في الواقع هو بالضبط الذي ساهم في انهيار امبراطورية الكرة الإيطالية وسيطرتها العالمية، حيث كان «سيريا آه» في الثمانينات والتسعينات أشبه بـ»البريميرليغ» اليوم، لكن عندما نبحث في سبب صعود شعبية الدوري الإنكليزي وخفوت نظيره الإيطالي، سنكتشف ان فضائح الفساد، ومنها «الكالشيو بولي»، بالاضافة الى المنافسة الشرسة بين رؤساء الأندية، والتي قادت الى شراء ذمم لاعبين وحكام للتلاعب بنتائج المباريات، وتضخيم أسعار اللاعبين ورواتبهم في السعي للحظي بخدماتهم، ساهمت في افلاس عدد كبير من الاندية وعزوف المستثمرين والمعلنين والناقلين، لانهم لا يريدون ان ترتبط علاماتهم التجارية بهكذا منتج موبوء، وتدريجياً ابتعد عمالقة أوروبا ميلان والانتر واليوفي عن صراعات الابطال، بل تطلب الامر 10 سنوات لقطبي مدينة ميلانو للحظي بلقب الدوري المحلي.
أنييلي حذر في خطاب الوداع، أن الحل الوحيد لكسر احتكار الدوري الإنكليزي، الذي سيحظى بكل نجوم العالم في المستقبل القريب، لما تملكه أنديته من قوة شرائية تفوق نظيراتها في الدوريات الأخرى بفوارق كبيرة جداً، هو التشبث بانشاء الدوري السوبر، والذي ناديه مع ريال مدريد وبرشلونة الوحيدة التي لم تنسحب منه. والغريب ان الذي يحذر منه أنييلي هو بالضبط ما كان عليه الدوري الإيطالي، لكن مسؤولي الدوري الإنكليزي لم يلجأوا الى أساليب الغيرة والحسد والمكايدة ومحاولة انشاء بطولة غير شعبية، بل فهموا كيفية تسويق منتجهم بهدوء ونجاعة، والأهم العدالة في توزيع المداخيل على كل أنديته العشرين، بل حتى الثلاثة الهابطون من الدرجة الممتازة يحظون بمداخيل لسنوات لضمان انهم لن يعانوا من جراء الهبوط وفقدان مداخيل الدرجة الممتازة، وكله كي يضمنوا منافسات عادلة ومتكافئة، فبات الذي يفرق بين الفرق العشرين هو قدرتهم على المشاركة في المسابقات الأوروبية، خصوصاً دوري أبطال أوروبا، والتي أيضا تساهم مكافآته في مداخيلهم، وهو أيضاً جذب المستثمرين والأثرياء، ان كان لشراء وتملك الأندية، أو المعلنين من الشركات الضخمة أو مالكي حقوق البث. ونجح المسؤولون في ادخال منافسات البريميرليغ الى 643 مليون منزل في 212 منطقة جغرافية حول العالم، مع إمكانية وجود 4.7 مليار مشاهد لهذه المباريات، بينهم 300 مليون فقط في الصين.
هذه الأرقام المخيفة والمرعبة رفعت مداخيل البريميرليغ 8% الى نحو 5.5 مليار يورو في موسم 2020-2021، وهو الموسم المفترض انه عانت الأندية خلاله والعالم كله من وباء كورونا، وهو مبلغ أكثر بنحو ضعفين مما أدخلته الأندية الاسبانية، والتي جمعت 2.95 مليار يورو، رغم وجود العملاقين ريال مدريد وبرشلونة، اللذين كانا سبباً في ابقاء الليغا غير مغرية، كون المداخيل والأرباح تصب في جيوب العمالقة ولا توزع بعدالة على الجميع لخلق دوري قوي يجذب المعلنين والناقلين والمستثمرين. ولهذا قرأنا ضمن التقارير الأخيرة عن مداخيل الأندية بحسب شركة «ديلويت» المختصة باقتصاد كرة القدم ان 16 نادياً انكليزياً كانوا بين الـ30 الأوائل في لائحة الأكثر دخلاً في أوروبا. هذه الفوارق الشاسعة هي التي قادت أندية البريميرليغ الى الانفاق في سوق الانتقالات الشتوية 7 أضعاف أكثر ممن أنفقته كل أندية الدوريات الأوروبية الكبرى الأخرى مجتمعة، وهي الاسباني والايطالي والألماني والفرنسي، وقادت أيضا الى ضم أبرز النجوم.
لا شك أن شعبية ريال مدريد وبرشلونة كبيرة جداً في عالمنا العربي، لكنها ليست الأكبر عالمياً مثلما يتخيل البعض، ولهذا كان رئيسا الناديين فلورنتينو بيريز وخوان لابورتا من أكثر الداعمين لانشاء الدوري السوبر قبل سنتين بالصورة السطحية التي أعلنا عنها في البداية، لعلمهما أن المستقبل قاتم لليغا، وأن البريميرليغ سيكون الوحش الذي يأكل الأخضر واليابس، رغم مداخيلهما الكبيرة، وهما على دراية ان الفترة الذهبية التي عاشها الناديين خلال العقد الماضي قد لا تتكرر في القريب العاجل. والغريب ان جماهير الناديين ما زالت الى اليوم تتناكف وتتكايد وتدافع عن النجمين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، رغم ان النجم البرتغالي لعب لثلاثة أندية من بعد الريال، وميسي نصب ملكاً على باريس، ومع ذلك ما زالا الرمز لناديين يدركان أن الأضواء باتت تخفت فوقهما.
الانكليز نجحوا بتسويق منتجهم بكل براعة وهدوء، رغم وجود مؤشرات الى حالات تشبع بسبب ملكية الأندية التابعة لمستثمرين شرسين، وغالبيتهم من الأمريكان، لكن دائما العصا ممسوكة من النصف، ودائماً سيبقى التحدي على ما يفعله الجيران في القارة في تطوير منتجاتهم أكثر مما سيفعله الانكليز للحفاظ على دجاجتهم الذهبية.
@khaldounElcheik
ظغطت أوروبا على الحكومة الإيطالية لمحاربة المافيا، فكانت لكل ضربة توجهها السلطات الإيطالية للمافيا صدى في الدوري الإيطالي.
ماذا فعلت الغيرة فيك يا سيدي ، مدريد بطل أوروبا 14 مرة منها 5 مرات في 8 سنوات أخيرة ، تحلم انجلترا كلها بهكذا نتيجة , مدريد مل من الشمبينز ليغ ، يريد بطولة أخرى أكثر تنافسية