كما كان متوقعا قاطعت منطقة القبايل الانتخابات الرئاسية الأخيرة. مقاطعة تمت بشكل شامل في ولايتي بجاية وتيزي وزو، وبشكل جزئي في شمال ولايات برج بوعريريج وسطيف والبويرة وشرق ولاية بومرداس. ولايات تحسب على منطقة القبايل الجبلية، التي تقع شرق مدينة الجزائر. عرفت تاريخيا بمشاركة ضعيفة في كل الاستحقاقات الانتخابية التي دعت لها السلطة، منذ سنوات الاستقلال الأولى، على غرار المدن الكبرى، رغم طابعها الريفي.
رغم أهمية العوامل الثقافية واللغوية، التي تميز منطقة القبايل، إلا أنها لا تفسر وحدها نسبة العزوف العالية التي ميزت المنطقة تاريخيا، وليس هذه المرة فقط، إذا عرفنا أن مناطق أمازيغية أخرى تشارك تقليديا بقوة في الانتخابات، كمنطقة الأوراس والطوارق، وحتى غرداية على سبيل المقارنة، ما يعني أننا أمام عوامل أخرى تتجاوز البعد الثقافي اللغوي، هي التي تفسر ما يميز هذه المنطقة، على مستوى السلوك الانتخابي وغيره من المؤشرات السياسية الأخرى، كتلك النزعة القوية نحو المعارضة.
التاريخ الثقافي للمنطقة، يمكن أن يسعفنا في فهم ما حصل ويحصل، ليس على الصعيد السياسي فقط، بل كذلك في ميادين أخرى اقتصادية واجتماعية، فالمنطقة عرفت تاريخيا باستفادتها المتقدمة من انتشار التعليم بنوعيه التقليدي (زوايا) والعصري خاصة، ساعد على انتشاره الاستعمار الفرنسي لأغراض مرتبطة بمشروع استمراريته، وهو يركز على تقسيم الجزائريين، لتتوسع هذه الاستفادة من انتشار التعليم أكثر كباقي جهات البلد أخرى، بعد الاستقلال.
أعاد الحراك الشعبي للحمة الوطنية الكثير من حيويتها وهو يُفشل مشاريع الانفصال القديمة الحاضرة
لم يستفد أبناء منطقة القبائل من هذه الأسبقية التاريخية التي ميزتهم على مستوى انتشار التعليم فقط، بل استفادوا كذلك من قربهم الجغرافي من العاصمة، ومن هجرتهم المبكرة نحو فرنسا، والكثير من المدن الداخلية، ما جعلهم أقرب للحضر من أبناء الريف، هم أبناء المناطق الجبلية الفقيرة، والمكتظة ديموغرافيا. هجرة قديمة إلى فرنسا تحديدا بحجمها الديموغرافي الكبير، كوّنت على الدوام، عامل تغيير على أكثر من صعيد ثقافي واجتماعي واقتصادي، لا يمكن فهم ما يميز المنطقة وأبنائها من دونه. وهي الهجرة التي توسعت نحو اتجاهات جديدة، منذ سنوات- كندا على سبيل المثال – ومست فئات أكثر تأهيلا، بل وتأنيثا، عكس الهجرة التقليدية الأولى إلى فرنسا، التي قام بها الفلاح والعامل، الذي تحول مع الوقت إلى مشروع رجل أعمال ناجح، اعتمادا على ما ميز أبناء المنطقة من قيم تنشئة، يشتركون فيها مع أبناء مناطق أخرى من التراب الوطني، كأبناء منطقة سوف وغرداية، على سبيل المثال، تركز على بذل الجهد والتضامن العائلي والمبادرة الاقتصادية الحرة.
بروز نخب متعددة وبحجم كبير كانت أحد تجليات هذا التاريخ الثقافي والاجتماعي، وحتى الموقع الجغرافي الذي ميز منطقة القبائل. نخب عبرت عن حضورها المتميز منذ مرحلة الحركة الوطنية في المهجر وداخل البلد، لا يمكن فهم التاريخ الثقافي والسياسي للجزائر من دون العودة إلى الأدوار المنجزة من قبل أبناء منطقة القبايل، الذين كانوا حاضرين في بناء الحركة النقابية والطلابية والسياسية، وصولا إلى مرحلة ثورة التحرير، وبناء الدولة الوطنية بعد الاستقلال. ليكونوا جزءا مهما من النخبة البيروقراطية والتكنوقراطية، ورجال الأعمال ومختلف النخب الثقافية والعلمية الوطنية. نخب اندمجت بقوة داخل دواليب الدولة الوطنية وعارضتها من خارجها في الوقت نفسه، ساهمت بقوة في بروز حركات سياسية معارضة، ميزت أبناء المنطقة على الدوام منذ الحركة الوطنية، ما منح المنطقة قوة تأطير سياسي، جمعوي ونقابي، يضاهي ما هو موجود في المدن الكبرى، ساهم فيه هو الآخر أبناء المنطقة، نتيجة الهجرة الداخلية، التي ميزتهم نحو العديد من المدن، ليكوّن فهم ما ميز المنطقة من قوة حركية سياسية، بل تميز وطني في مختلف المحطات السياسية من تحصيل حاصل. تميز سياسي عبّر عن نفسه من خلال حراك سياسي شبه دائم، استطاع النظام السياسي عزله عن إطاره الوطني في الغالب، بعد شيطنته سياسيا، عكس ما هو حصل مع الحراك هذه المرة، التي لم تنجح فيها خطط السلطة وهي تحاول تجييش بعض القوى السياسية، القريبة في بعض الأحيان من طروحات اليمين المحافظ، بل المتطرف، القائم على قراءة عرقية للسردية الوطنية، ليست حاضرة في الغالب لدى أبناء المنطقة الذين يعارضون كثيرا، للمطالبة باندماج وطني أكثر وليس عزلة. لم يتعاملوا يوما كأقلية وطنية مختلفة إثنيا، عن النسيج الوطني الأشمل، حتى وهو يطالبون باحترام ما يميزهم ثقافيا ولغويا. طلب اندماج يملك كأرضية موضوعية تلك النزعة القوية للتزاوج مع أبناء وبنات المناطق الأخرى، يعطي بعدا ديموغرافيا مهما، يؤشر إلى نجاح مشروع بناء أمة جزائرية موحدة.
حراك وطني عبّر في شعارته بمناسبة محطة الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي قاطعتها منطقة القبايل، عن لحمة سياسية وطنية متجددة، جعلت الكثير من أبناء الجهات الأخرى، يشكرون أبناء المنطقة على مقاطعتهم التي لم يستطيعوا تحقيقها بالقوة نفسها عندهم، بعد أن أعاد الحراك الشعبي لهذه اللحمة الوطنية الكثير من حيويتها وهو يُفشل مشاريع الانفصال القديمة الحاضرة، بين بعض أبناء المنطقة، كانت قد ظهرت في محطات تاريخية زادت فيها حدة الشرخ الوطني، بعد عزل المنطقة عن عمقها الوطني وقمعها. ساعدت عليها تلك القراءات المبتورة لموازين القوى السياسية الوطنية، وهي تعتمد على قراءة جهوية لموازين القوى السياسية وليس الوطنية.
مقاطعة أبناء منطقة القبايل التي تضيف تحديات أكبر للرئيس الجديد، بعد هذه الانتخابات الأخيرة التي تعود النظام السياسي على تنظيمها تاريخيا بهذا الشكل، في جو من التخويف والإكراه، أدت أكثر من مرة إلى إنتاج رئيس منقوص الشرعية، كما حصل مع الرئيس السابق في 1999، حين انسحب كل المرشحين وتركوه ينافس نفسه. نظام سياسي لم يقبل يوما باستعمال آلية الانتخابات كوسيلة للتداول السلمي على السلطة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمنصب رئيس الجمهورية، الذي يفضله النظام دائما رئيسا ضعيفا، ومن دون شرعية شعبية قوية، كما كان يتمنى أغلبية الجزائريين هذه المرة، لو تم البناء على الحراك الشعبي كلحظة تاريخية مهمة، في تاريخ الجزائر والجزائريين.
كاتب جزائري
منطقة عنابة عرفت تاريخيا باستفادتها المتقدمة من انتشار التعليم بنوعيه التقليدي (زوايا) والعصري خاصة، ساعد على انتشاره الاستعمار الفرنسي لأغراض مرتبطة بمشروع استمراريته، وهو يركز على تقسيم الجزائريين، لتتوسع هذه الاستفادة من انتشار التعليم
منطقة سكيكدة Philippe ville عرفت تاريخيا باستفادتها المتقدمة من انتشار التعليم بنوعيه التقليدي (زوايا) والعصري خاصة، ساعد على انتشاره الاستعمار الفرنسي لأغراض مرتبطة بمشروع استمراريته، وهو يركز على تقسيم الجزائريين، لتتوسع هذه الاستفادة من انتشار التعليم
ستكون حرب اهليه في العاجل او الآجل تتسبب فيه منطقة القبائل لتطبيق مشروع امهم فرنسا انهم لايكتفون بالحصول على لهجتهم والتي مرت دون استفتاء انهم يريدون الانفصال ليكونوا خنجرا في خاصرة الجزائر.تحية للأمازيغ الحقيقين الشاويه الذين يعتزون بأصولهم الامازيغيه والعربيه والاسلاميه.والعار للزواف وخونة الوطن