القاهرة – «القدس العربي»: بعد مرور خمس سنوات على إصدار قانون بناء وترميم الكنائس في مصر، اعتبرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أمس الإثنين، أن هناك “حاجة ملحة لإعادة النظر فيه، خاصة في ظل الإشارات المتعددة من رئيس الجمهورية بشأن احترام حقوق كل المواطنين المصريين في الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية”. وأوضحت في بيان أن “تطبيق القانون الحالي، رغم بعض الخطوات الإيجابية، لم يحقق بالكامل هدفه المعلن، وهو ضمان بناء وترميم الكنائس بسهولة ومن دون إجراءات إدارية معقدة؛ كما أنه لم ينجح في منع مؤسسات الدولة تمامًا من غلق عدد من الكنائس والمباني الدينية التي كانت تجرى فيها الصلوات قبل إصداره، ومن ناحية ثالثة ما زالت إجراءات توفيق أوضاع الكنائس القائمة تسير ببطء ملحوظ وفي إطار من السرية وغياب الشفافية”.
وأصدرت المبادرة قائمة بعينة من عشر حالات أغلقت فيها كنائس ومبان دينية بعد إقرار القانون ولا تزال مغلقة، كنماذج لمخالفة قانون بناء الكنائس بالرغم من كافة التحفظات عليه، وهي موزعة على عدد من المحافظات.
وقالت: “صدر القانون رقم 80 لسنة 2016 بشأن بناء وترميم الكنائس في 28 سبتمبر/ أيلول 2016، وذلك رغم الانتقادات التي وجهت لمسودته بأنها تمييزية من حيث المبدأ، وأنها تعمل على إعادة إنتاج الصعوبات التي تواجه عملية بناء الكنائس وترميمها”.
وحسب المبادرة: “استهدف القانون علاج موضوعين، يجب أن يكونا أساسا لتقييم فاعليته: الأول هو تنظيم ضوابط بناء الكنائس الجديدة، وتحديد الإجراءات الواجبة للقيام بكافة أعمال البناء؛ أما الموضوع الثاني فهو معالجة وتوفيق أوضاع الكنائس والمباني الدينية والخدمية التي تقام بها الشعائر والأنشطة دون ترخيص رسمي”.
وزادت المنظمة: “لا يوجد إحصاء رسمي بعدد التصاريح التي منحها المحافظون لبناء كنائس جديدة، كما لم تنشر الجريدة الرسمية أية قرارات ببناء الكنائس كما كان يحدث قبل تطبيق القانون الحالي”.
ووفقا لعدد من الشهادات التي جمعها ووثقها باحثو المبادرة، من عدد من القيادات الدينية المسيحية في محافظات بني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر، فإنه “لم تصدر قرارات رسمية بشأن بناء الكنائس طوال السنوات الخمس التالية لصدور القانون، باستثناء المدن الجديدة التي تتبع مسارا مختلفا في الإجراءات”.
ونقلت المبادرة عن بعض أصحاب هذه الشهادات قولهم إن “الجهات الأمنية سمحت لهم في بعض القرى ذات الكثافة المسيحية الكبيرة ببناء كنائس، ولكن دون إصدار القرار الرسمي اللازم بشأنها”.
وتابع البيان: “في بعض الحالات تقدم ممثلو الكنائس بطلبات بناء الكنيسة ولم يتم الرد عليها سواء بإصدار الموافقات أو رفضها، رغم أن القانون ينص على إلزام المحافظ بالرد خلال أربعة شهور، وفي حالة الرفض أن يكون ذلك مسبباً، وقد عبر عن هذه المشكلة مثلاً كهنة إيبارشية سمالوط شمال محافظة المنيا، وسط مصر، في خطاب رسمي وجّه إلى وزير الداخلية في 10 يناير/ كانون الثاني 2019”.
وجاء في الخطاب أنهم “يعانون أشد المعاناة في ممارسة شعائرهم الدينية، وأن لديهم عددا من الكنائس المغلقة منذ عام 2006، وقد طرقوا أبواب الجهات المعنية بطلبات مكتوبة ومحاولات ودية لم تنجح في إعادة فتح تلك الكنائس التي لا تزال مغلقة حتى الآن”.
وذكرت المبادرة أن “المركز الإعلامي لمجلس الوزراء أجرى إحصاءً تضمن عددا من قرارات تخصيص الأراضي في المدن الجديدة لإنشاء كنائس بها، وتضمن هذا الإحصاء قرارات أصدرتها وزارة الإسكان بإنشاء نحو 51 كنيسة خلال الفترة من 2014 وحتى 2020، أي بمتوسط حوالى سبع كنائس في السنة الواحدة. وتوزعت هذه الكنائس جميعا على المدن الجديدة بمختلف محافظات الجمهورية خصوصا في الوجه القبلي”.
وبينت أن “الخطوة الإيجابية هذه جاءت في سياق تصريحات متواترة لرئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي بضرورة تخصيص موقع للكنيسة في كل من المدن الجديدة التي يعلن عنها أو تلك التي يجري تطويرها من قبل مؤسسات الدولة”.
وتابعت: “بالرغم من أهمية هذه الخطوة كتوجه جديد للدولة، فإنها تبقى محدودة التأثير، كما أنها لا تلبي الاحتياجات الفعلية لقطاع واسع من المسيحيين إلى دور عبادة بالقرب من سكنهم في مئات القرى المنتشرة بمصر، وفي المواضع التي يحددونها بأنفسهم، فضلًا عن هذا، فإن الاستمرار في منح موافقات شفهية لم يعد إجراءً قانونيا بعد صدور القانون، وهو يعيدنا إلى مرحلة سابقة تنامت فيها الكنائس المقامة بالفعل ومورست فيها الصلوات”.