منقذ القناة الوطنية.. وقضية الدعارة المنظمة الموجهة لمنطقة الشرق الأوسط

حجم الخط
0

انطلق شهر رمضان الكريم بكل تجلياته وطقوسه الخاصة ومعه انطلق موسم المنافسة بين القنوات العربية على تقديم أفضل ما لديها من أطباق درامية وكوميدية وبرامج أعدت خصيصا لهذا الشهر. فقرات متنوعة هنا وهناك تقدم بصيغ مختلفة حينا ومتشابهة أحيانا بهدف كسب ثقة المتابعين والحصول على نسب مشاهدة أعلى من المعتاد.
والأكيد أن جودة الأعمال وتنوعها وتميز الأفكار وجدتها ستكون المقاييس الكبرى التي ستجلب المشاهدين. ولكن لا يمكن أن نتغاضى عن دور الأسماء الكبيرة في صنع الفارق وكسب هذا الرهان في وقت تتكاثر فيه الفضائيات بنسق سريع جدا وتتسابق من أجل الهدف ذاته.
«قناة التونسية» كغيرها من المحطات التلفزية التي رسمت هذه السنة برنامجا رمضانيا تهدف من خلاله إلى العودة إلى صدارة المشهد الإعلامي المرئي في تونس على غرار السنة الماضية.
ومنذ انطلاقة بثها كان سامي الفهري بمثابة «الجوكر» الذي صنع ربيعها وفق رؤية محترفة وحديثة ومختلفة. ومع بداية الشهر الكريم وانطلاق الأطباق الرمضانية اتضح مرة أخرى ما لهذا الرجل من ثقل على هذه المؤسسة. حيث يحضر كمنشط ومخرج ومنتج وكاتب سيناريو.
فبعد سنوات من الغياب عن عالم التنشيط عاد سامي الفهري منذ السهرة الأولى من سهرات شهر رمضان على قناة «التونسية إلى تقديم برنامج الألعاب «دليلك ملك». وفيه انطلق الفهري بالحديث عن فترة السجن التي أبعدته قليلا عن الأضواء محييا كل من سانده بمسحة حزن طفيفة غير مألوفة عند الفهري الذي ألفه التونسيون بطبعه الضاحك والمشاكس. ذلك أن هذا البرنامج سبق لسامي الفهري وأن قام بتقديمه على القناة الوطنية الأولى منذ سنة 2005 حتى سنة 2007 محققا أعلى نسبة مشاهدة للقناة آنذاك، حتى أنه يعد من أنجح البرامج التي مرت على القناة الوطنية.
وهاهو يعود بعد هذه السنوات ليجدد العهد مع تجربة تنشيط برامج الألعاب التي لا ينكر أحد قدرته وتميزه في تقديمها. اذ يملك هذا الرجل قدرا هائلا من الحيوية والحركة التي سرعان ما يبثهما على كامل الجمهور والمتسابقين والمشاهدين أنفسهم، زد على ذلك الأفكار التي يدرجها أثناء تقديمه للبرنامج في كل مرة وما تضفيه من إمتاع للمتفرج وكسر لروتين هذا النمط من البرامج دون أن ننسى لعبة التشويق التي يتقن الفهري لعبها دون غيره. وهذا الذي أسلفنا كان هو ذات الوجه الذي بدا عليه منذ الحلقات الأولى للبرنامج داحضا بعض التخوفات من فقدان الفهري لطابعه المميز في تقديم هذا النمط من البرامج. حيث حضر الوجه الباسم وغلبت روح النكتة والدعابة التي ألفها الجمهور والتي جعلته يحقق أعلى نسبة مشاهدة منذ الحلقة الأولى لبثه.
وإيمانا من الجميع القاطع بأن حضور سامي الفهري في تقديم هذا البرنامج سيكون رديفا لنجاحه، تشن بعض الأطراف من بينها القنوات المنافسة حملة شرسة على قناة «التونسية» عموما ولا سيما برنامج «دليلك ملك». حيث تقوم صفحة على الـ»فيسبوك» تحت اسم «معا لإيقاف برنامج دليلك ملك» بالترويج لعدم بثه، فيما ذهب البعض الآخر إلى حث الأئمة على تحريم هذا البرنامج رغم أنه برنامج ألعاب مسموح بتقديمه في دول عديدة.
والحقيقة أن هذا المعطى ليس بالتصرف الجديد كلما تعلق الأمر بما يقدمه الفهري ليقينهم القاطع بقدرة أعماله على افتكاك الصدارة من حيث نسبة المشاهدة. وقد حضي هذا العمل بنجاح كبير ونسبة مشاهدة عالية جدا. ويعود ذلك إلى جرأة القضايا التي تناولها المسلسل والتي دارت حول المخدرات وأطفال الشوارع والتمييز العنصري والخيانة والفساد المالي. ولعل المثير في هذا الجزء أن مخرج هذا العمل قد قام بكتابة السيناريو فترة سجنه التي تجاوزت السنة. وفيه أدرج بعض المعطيات والأحداث التي جرت معه في السجن وأحداث أخرى، مع العلم أنه قد أدرج سابقا بعض تفاصيل الحقيقية من حياته ضمن أحداث الجزء الثالث من المسلسل.

الوطنية الأولى تراهن على ناعورة الهواء

تراهن الكثير من القنوات التلفزيونية على شهر رمضان كتوقيت لتحاول فيه التأسيس لمشاهدين جدد ولو مؤقتا، قنوات فقدت القدرة على مجارات نسق المد التلفزيوني الذي يتفاقم باستمرار. ولعل القناة الوطنية التونسية الأولى أحد نماذج هذه المحطات التي لم تنجح بعد في عقد مصالحة مع المشاهد التونسي الذي سئم نسقها الروتيني وغياب الإبداع والتنويع عن مختلف برامجها. ولهذا يكون شهر رمضان بمثابة المنقذ من موجة القطيعة التي يمارسها معها الجمهور بقية أيام السنة. وهذا الموسم تراهن القناة الوطنية على مسلسل «ناعورة الهواء» الذي يخرجه مديح بلعيد كمحطة لاستقطاب المشاهدين ودخول المنافسة مع بقية القنوات.
ولسائل أن يسأل ما هي الأسباب التي تجعلنا نرجح أن هذه القناة تراهن على هذا العمل؟ ذلك أن بقية المواعيد تقف في مواجهة برامج وفقرات أثبتت قدرتها على جلب نسب عالية من المشاهدين وحازت الثقة التي تجعها قبلة لجمهور وفي ودائم وهو ما لم تتمكن من تحقيقه.
ويبقي مسلسل «ناعورة الهواء» الرهان الأكبر وربما الأوحد لعدة اعتبارات، فمن جهة يؤثث هذا العمل ترسانة من الممثلين جندوا لإنجاح هذا العمل وإخراجه على أحسن وجه. إذ يحضر 140 ممثلا من بينهم ستون نجما معروفون على الساحة الدرامية التلفزيونية في تونس.

قضية بيع الأعضاء

ومن جهة أخرى يشكل حضور الفنان فتحي الهداوي أحد المفاتيح الكبرى لاستقطاب المشاهدين في تونس. فهو النجم الأقرب إلى قلوب التونسيين، وهو النجم الأكثر كاريزما رغم وسامته البسيطة، وهو النجم الأكثر إقناعا في مختلف أدواره وأعماله. حتى أن النقاد والإعلاميين تعودوا الدخول في سجال مع بقية الممثلين والفنانين بسبب إقرارهم الدائم والمسبق بأن فتحي الهداوي هو عنوان نجاح أي عمل تلفزيوني أو سينمائي.
ولا يأتي رهان القناة على هذا النجم من فراغ حيث سبق وأن نجح في مناسبات عديدة في رفع سقف مستوى نسبة المشاهدة على هذه الشاشة.هذا بالإضافة إلى القضايا الجريئة التي يطرحها المسلسل والتي تختلف عما ألفه المشاهد التونسي في الدراما المحلية على مختلف القنوات الوطنية والخاصة. حيث يطرح هذا العمل قضية بيع الأعضاء ولا سيما أعضاء أطفال الشوارع. وهذا الموضوع طرح لدى القضاء التونسي ولكنه بقي من الملفات المسكوت عنها والبعيدة عن فضاءات الدراما والإعلام رغم جسامتها وأهميتها.
ولهذا سيكون التوجه نحو الملف من العناصر التي ستستفز جمهور الدراما التونسية لمتابعته والذي يمكن نعته بالملف «الملغوم».
كما يعالج المسلسل قضية الدعارة المنظمة الموجهة لمنطقة الشرق الأوسط، وهذه القضية قد يدرك الجميع في تونس تفشيها ولكن لا أحد يأخذها على محمل الاهتمام والمعالجة الفنية بمختلف أوجهها.
ولهذا فإن إدراجها في هذا العمل سيكون حتما سببا مباشرا في توجه الجميع لاكتشاف كيف تدار هذه الشبكات؟ وكيف يوزع عملها. هذا إلى جانب القضية الكلاسيكية ونعني المخدرات والتي رغم تناولها الدائم إلا أنها تبقى من المواضيع التي تستفز المشاهد على اعتبار أنها عنوان لعمل مليء بالأحداث والمغامرات المشوقة.
هي عوامل وأسباب جوهرية تلتقي مع بعضها البعض لتفسر توجه هذه المحطة التلفزية للرهان على هذا العمل لكسب جمهور استاء من رتابة ما تقدمه.

٭ اعلامية من تونس

فاطمة البدري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية