بينا في مقالة الأسبوع الماضي الأهمية الوجودية القصوى للبدء في الخروج من الحالة التجزيئية القطرية العربية، إلى الحالة التضامنية التوحيدية القومية للوطن العربي، إذ لا مكان في العالم وفي الإقليم، لدول صغيرة ضعيفة، قابلة للاختراق وللتهميش الحضاري. وتوجهنا للشباب والشابات العرب، بأن يجعلوا هدف وشعار الوحدة العربي ضمن، وفي مقدمة ما يطرحونه من شعارات، إبان حراكاتهم الجماهيرية.
لكن الانتقال إلى تحقيق ذلك الهدف يتطلب الكثير من خطوات التهيئة التنسقية والتضامنية العربية، التي تتغلب على العقبات، وتوجد حالة الاطمئنان لدى جميع الفرقاء. فلا يمكن الحديث عن أي خطوات توحيدية، وحتى تضامنية، إذا لم نراجع ونجدد الحيوية والعافية للنظام الإقليمي العربي السابق، المتمثل في جامعة الدول العربية. والواقع أن الجامعة العربية، التي ولدت تحت مظلة شروط ومحددات بعض الدول الاستعمارية الأوروبية، قد عانت منذ بداية قيامها من وجود نقاط ضعف في ميثاقها وآليات عملها وصلاحيات أجهزتها.
فإن ينص ميثاق الجامعة العربية على أن من أهدافها صيانة استقلال الدول الأعضاء، وعدم المساس بسيادتها الوطنية، أو أنظمة الحكم، بدون ذكر لأي نوع من الأهداف النهائية التوحيدية ما بين الأعضاء، فإن ذلك قد أفرغ الجامعة من هويتها العروبية، ومن روحها القومية، ومن ثقافتها الجمعية، ومن وجود هدف حضاري يخرج الأمة من تخلفها التاريخي. ولذلك فليس بمستغرب أن لا يرى أحد في إخفاقات توحيد الاقتصاد، أو الدفاع المشترك، أو الموقف من الأعداء الوجوديين، مثل الكيان الصهيوني، والطارئين مثل أمريكا، خروجاً على الميثاق، ذلك أن قداسة توحيد الأمة والوطن الكبير كانت غائبة في نصوص إنشاء ذلك الكيان الإقليمي العربي. من هنا ظلت السيادة الوطنية تعلو فوق السيادة القومية في كثير من الحالات، التي مرّت على الأمة، والتي وصلت في العشر سنوات الأخيرة إلى أعلى مراحلها وأشكالها، وهذا كما رأينا الجامعة تبارك سقوط أنظمة حكم عربية على يد جيوش أجنبية، وتتجاهل قيام حروب دموية مدمرة ما بين بعض أعضائها، وتقبل أن تكون الشاهد المراقب العاجز في المحاولات الدولية المشبوهة، لإطفاء حرائق الأرض العربية. وكما فعلت الحكومات العربية بالأمانات العامة للتجمعات الإقليمية الجزئية العربية في المشرق والمغرب، من ناحية اعتبارها سكرتاريات تدعو للاجتماعات، وتسجل محاضر الجلسات، فعلت الأمر نفسه بالجامعة العربية، وجردتها من أي قدرة على اقتراح المبادرات، أو معارضة المواقف الوطنية المضرة بالمصالح القومية الكبرى.
الجامعة العربية، عانت منذ بداية قيامها من وجود نقاط ضعف في ميثاقها وآليات عملها وصلاحيات أجهزتها
وعليه أصبح إجراء تغييرات إصلاحية كبرى في أهداف ووسائل عمل الجامعة، وفي تركيبتها وفي الأدوار التي ستلعبها مستقبلاً أحد الخطوات الضروروية للتهيئة للانتقال من مشاكل القطرية إلى قوة وأمن الوحدة، التي ذكرناها في مقال الأسبوع الماضي.
تتكون عملية التغيير الإصلاحي للجامعة من قائمة طويلة، لا يسمح المجال لذكرها. لكن، على سبيل المثال، يجب أن تشمل تعديل الميثاق، أو التوقيع على ملاحق مكملة للميثاق لتشمل أهدافاً مرحلية، وأهدافاً توحيدية بعيدة المدى، وإصلاح نظام التصويت، وإعطاء الجامعة حق اقتراح المبادرات والاعتراض على ما يمس ميثاقها، وسلطة متابعة قرارات مؤتمرات القمة العربية، والتأكد من تنفيذها وعدم الخروج عليها (مثلما حدث مؤخراً بالنسبة للموضوع الفلسطيني) وبناء تركيبة برلمانية عربية مماثلة للبرلمان الأوروبي لإعطاء المجتمعات العربية المدنية، حق المشاركة في اتخاذ القرارات، وإنشاء محكمة عربية تابعة للجامعة، للنظر في الخلافات العربية، وقيام حلف عسكري مشترك للدفاع عن أي جزء من الأمة مهدد بالخطر، وتفعيل القرارات الاقتصادية المشتركة السابقة، من أجل قيام كتلة اقتصادية عربية قادرة على التنمية وولوج عصر التكنولوجيا والمنافسة في المجال العولمي. من حقنا أن نأمل في وجود دولة عربية أو أكثر، تخرج عن حالات العجز والناي بالنفس، وتتبنى أمر وضع تصور لإصلاح الجامعة، وطرحه للمناقشة، والدفاع عنه، والنضال من أجل تحقيقه، وتثق في إمكانيات أمتها الهائلة وفي المقدمة شبابها.
كاتب بحريني
WHEN WE READ WHAT YOU WROTE WE FEEL THERE IS STILL HOPE MAY ALLH GIVE YOU GOOD HEALTH AND PEACE OF MIND TO KEEP EDUCATINY THE NEW GENERATION BEST REGARDS
استاذنا الكبير
هل ما زلت تؤمن بهذه الجامعة التي فرقت العرب بدل أن تجمعهم؟ أعطني قرارا واحدا من قرارات هذه الجامعة تم تنفيذه على ارض الواقع. قراراتها جميعها ككلام الليل الذي يمحوه النهار
الجامعة العربية ليست سوى إنعكاس للأنظمة، فإن كان هناك أنظمة فاسدة ديكتاتورية مجرمة خائنة لأمتها هل نأمل أن تكون الجامعة العربية في حال أفضل، وخصوصاً عندما تتخذ القرارات بشكل جماعي والقرار الذي لا يحصل على الإجماع لا ينجح؟ أي بكلام آخر فإن نظام خائن واحد يمكن أن يعطل كل قرارات الجامعة العربية. لذلك فإن إصلاح الجامعة العربية في رأيي يبدأ في إلغاء هذا القرار السخيف المتخلف، وأن تكون القرارات بأغلبية الأصوات كما هو حال كل التجمعات الدولية والإقليمية. وثانياً، أعتقد أن على الجامعة العربية أن لا تعمل بالسياسة، وتعمل فقط لتوحيد الإقتصاد والتجارة والجمارك والعملة والمناهج التعليمية وإلغاء الفيز وحرية التنقل بين دول العالم العربي، فإن فعلت ذلك تكون قد نجحت في خدمة المواطن العربي من مشرقه إلى مغربه ورفعت من شأن العالم العربي وطورته إقتصادياً وعلمياً وصناعياً وتجارياً.