الناصرة- ”القدس العربي”:
يتجلى نظام الفصل العنصري المنتج من قبل الاحتلال في الضفة الغربية حتى بعيون المياه الطبيعية الفلسطينية التي تسرق وتغلق أمام الفلسطينيين وتفتح للإسرائيليين فقط. من جملة هذه العيون “عين الحنية “ جنوبي مدينة القدس بين بلدتي المالحة والولجة المحتلتين منذ نكبة 1948؛ فاليوم تم افتتاح موقع “عين الحنية” بعد عامين من عمليات الصيانة والبناء والتطوير، لكن شرطة الاحتلال اشترطت أن يكون الزوار من الإسرائيليين فقط ومنعت الفلسطينيين من دخول الموقع الطبيعي التاريخي.
وليس هذا فحسب فبعد افتتاح المكان للزوار الإسرائيليين تم سد الطريق المؤدية لقرى فلسطينية مجاورة. يشار إلى أنه في عام 2015، طرحت بلدية الاحتلال في القدس مخططًا هيكليًا اعتبرت فيه “عين الحنية” منتزهًا قوميًا إسرائيليًا. ولاحقا أبلغت “اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء في القدس” في نهاية 2017 سُكّان قرية الولجة نيّتها نقل حاجز عسكري ضمن مخطط سيطرة الاحتلال على عين الحنية، الواقعة غرب الولجة عند خط الهدنة عام 48، في منطقة تسمى “وادي النسور” حيث تم بناء جدار حول المنطقة، وتحويلها لمنتزه تابع لبلدية الاحتلال. وهذا ما حصل إذ تم نقل الحاجز العسكري للجهة الجنوبية ليكون بمثابة منطقة عازلة فاصلة بين قرى بيت لحم الفلسطينية وبين عين الحنية.
وتعتبر “عين الحنية” واحدة من أجمل عيون الماء في فلسطين، ومياهها تتدفق من باطن مغارة صخرية مرتبطة بمجموعة من القنوات الباطنية تصل عبر عدد من الشلالات الصغيرة إلى بركة تتوزع منها قنوات مياه أخرى. ويوضح مرشد الطبيعة في منطقة القدس طارق بكري لـ”القدس العربي” أن منطقة “عين الحنية” واحدة من جنائن الله على الأرض بندرة جمالها وصفاء مياهها المتدفقة بغزارة على مدار الأيام، موضحا أن الله وهبها للفلسطينيين في المنطقة، فيما يحرم الاحتلال أهاليها من التمتع بخيراتها وجمالها الطبيعي.
وقال إن “عين الحنية” تابعة لقرية الولجة الواقعة غرب مدينة بيت لحم، جنوبي الضفة الغربيّة المحتلة، والتي ذاق أهلها ويلات التهجير لحظة احتلالها في عام 1948، بالإضافة إلى وقوعها تماماً على خط الهدنة الذي رسمته الأمم المتحدة بعد حرب 1948، واليوم منطقة العين معزولة عن الولجة. وتقع عين الحنية على ارتفاع 600 متر فوق سطح البحر وتنبع من تلال الولجة، وهي واحدة من أكبر عيون الضفة الغربية ومياهها صافية وصالحة جدا للاستحمام.
وتمتد بركتها على مساحة عشرة أمتار وعمقها متران وتتغذى مياهها من نبعين داخل مغارتين، وقريبا منها هناك بركة صغرى، وفي محيط العين أشجار تستخدم للاستظلال من قبل الزائرين والمستحمين في الصيف. وقد اعتاد سكان البلدات الفلسطينية المجاورة قضاء أوقاتهم في الأعياد ونهايات الأسبوع في محيط عين الحنية لا سيما أنها غنية بآثار عمرانية من فترات تاريخية مختلفة، وهناك آثار كنيسة أرمنية التي تملك الأرض في منطقة العين.
كما عثر على موجودات أثرية كثيرة ومتنوعة في منطقة العين من الفترة البيزنطية خاصة في القرون 6-4 بعد الميلاد، ومن وقتها كان يعتقد أن الموقع مقدس وفق التقاليد المسيحية. يشار إلى أن أعمال البناء والعزل قد انتهت في المكان قبل عامين وتم تأجيل الدخول للزوار بسبب خلافات حول هوية من سيجبي رسوم الدخول وطلب شرطة الاحتلال منع الفلسطينيين من دخول منطقة العين. كما أن قوات الاحتلال عملت في الشهور الأخيرة على ملاحقة ومعاقبة الفلاحين الفلسطينيين خاصة فلاحي الولجة وبتير الذين يحاولون دخول أراضيهم وزراعتها في المنطقة المحيطة بعين الحنية.
قوات الاحتلال تبدأ بنقل حاجز الولجة جنوب القدس المحتلة، من أجل السيطرة على عين الحنية ومساحات من أراض البلدة.
تصوير إبراهيم عوض الله pic.twitter.com/39216Qx9zT— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) February 14, 2018
تهويد مستمر… الاستيطان يتمدد في أراضٍ واسعة تشمل “عين الحنية” أكبر نبع غرب القدس المحتلة. pic.twitter.com/h0C3DB0M2m
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) November 16, 2017
وقال مدير عام سلطة حماية الطبيعة والحدائق في إسرائيل، شاؤول غولدشطاين، للإذاعة العامة اليوم إن مؤسسته لا تعارض دخول فلسطينيين للمكان، زاعما أن نقل الحاجز العسكري المذكور لم يكن أصلا بناء على طلبها.
وتابع مزاعمه كمن يتكرم ويمن على السكان الأصليين بالقول: “نحن سعداء بدخول الفلسطينيين إلى 11 موقعا أو حديقة طبيعية في الضفة الغربية. بل اقترحنا على سلطات الأمن فتح بوابة خلفية لسكان قرية الولجة حتى يتمكنوا من دخول عين الحنية، فأنا لا أؤيد إقصاء الفلسطينيين خاصة أنه لا توجد لديهم مواقع أخرى كثيرة في المنطقة تشكل بديلا لهم”.
وبعد ذلك زعم غولديشطاين أيضا لتبرير حرمان الفلسطينيين من زيارة العين التابعة لهم منذ قرون بالقول إنه بسبب وقوع عين الماء هذه في منطقة نفوذ القدس فإن سلطات الأمن تعتبر كل فلسطيني يصل لهذا المكان “متسللا غير قانوني”.