مرت الذكري الرابعة والاربعون على احراق المسجد الاقصى الذي ما زال يتعرض لاعتداءات المستوطنين اليهود بدعم من حكومة عنصرية تسعى الى ارساء يهودية الدولة لتصبح دولة اليهود فقط ولتستطيع في المستقبل اثبات حقها في هذه الارض وطرد السكان العرب منها. أصبح خبر استباحة المسجد الأقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين خبرأ عابراً لا يستحق الاهتمام بالنسبة للأمة العربية والاسلامية، وذلك عائد الى ان لا احد يريد اغضاب اسرائيل الدولة المدللة لدى الغرب وعلى رأسها امريكا، ويعرف كل من تسول له نفسه وينتقد السياسة الاسرائيلية سيكون حسابه عند واشنطن عسير. ما كان هذا ليحدث من اعتداءات على الاماكن المقدسة لولا تقاعس العرب عن حماية المقدسات والمطالبة بمعاقبة دولة الاحتلال على جرائمها، لان العرب اثبتوا انهم غير غيورين على مقدساتهم، وذلك منذ اشعال النيران بالمسجد الاقصى في الواحد والعشرين من شهر أب عام 1969 وقتها قالت رئيسة حكومة الاحتلال جولدا مائير انها لم تستطع النوم خوفا من ان العرب والمسلمين سيهاجمون اسرائيل من كل حدب وصوب، ولكنه في اليوم التالي عندما لم يحصل ما توقعت ايقنت ان اسرائيل باستطاعتها فعل ما تريد. وفعلا هذا ما يحصل وتتصرف اسرائيل وتعمل على طمس الحقوق الفلسطينية وطمس التاريخ الاسلامي من خلال الاستمرار بالحفريات تحت المسجد الاقصى في محاولة لاثبات احقيتها وبناء الهيكل المزعوم، ومن غير المستبعد ان تطالب اسرائيل بتقسيم المسجد الاقصى بين المصلين المسلمين واليهود الذين يريدون اداء الصلاة فيه، وعلاوة على ذلك يتم انتهاك الحقوق الفلسطينية من خلال الهدم والابعاد والتهجير وتوسيع المستوطنات لاستيعاب اكبر عدد من المستوطنين في القدس الشرقية في محاولة لفرض حقائق مزيفة على الارض. ان ما يجري في القدس من اعتداءات لا يلاقي ردود الفعل القوية والمناسبة من قبل الدول العربية التي تستكفي بعبارات الشجب والاستنكار التي اعتاد عليها السياسيون والزعماء العرب وذلك منذ انشاء دولة اسرائيل، ولكن حتى هذه العبارات اصبحنا لا نسمعها، لان الزعامات العربية مشغولة بامور اكثر اهمية من المسجد الاقصى وفلسطين، والوضع اليوم يبدو اسوأ مما كان عليه منذ سنوات، حين كانت تشهد العواصم والمدن العربية المظاهرات الاحتجاجية ضد اي اعتداء على المسجد الاقصى. من ناحية اخرى، فالسلطة الفلسطينية ومن خلال ردود فعلها المتساهلة مع الاحتلال والاكتفاء بعبارات الشجب والتنديد شجعت الاحتلال على الاستمرار بسياسته التعسفية، فالسلطة لا تستعمل حقها في الامم المتحدة لمحاسية اسرائيل على جرائمها، وذلك لعدم إغضاب دولة الاحتلال وحفاضا على سير المفاوضات، بينما اسرائيل لا تحترم اي قوانين وتستمر في تعسفها وفرضها الحقائق على الارض. بلا شك ان اكبر المدافعين عن الاقصى هم ابناء القدس انفسهم الذين يقاومون عنجهية وصلف الاحتلال باجسادهم العارية دفاعا عن مقدسات العرب والمسلمين، وفي المقابل ينتظر اهل القدس دعم الامتين العربية والاسلامية، لأن المسجد الاقصى يعتبر من المقدسات المهمة لجميع المسلمين، ولذلك يجب دعم اهل القدس بالافعال، وليس بعبارات الشجب التي لا تغير شيئاً على الارض. فسطين تنادي، القدس تنادي، الاقصى ينادي، ولكن يبدو ان لا حياة لمن تنادي. ابراهيم الشيخ – فلسطين