اختتم مهرجان القاهرة للدراما المصرية برئاسة يحي الفخراني دورته الثانية في مدينة العلمين الجديدة الأسبوع الماضي في إشارة واضحة للأهمية القصوى التي يوليها المهرجان للعملية السياحية، وهو أمر طبيعي ومرغوب فيه بالطبع في ظل العمل على تنشيط السياحة في مصر وزيادة دخلها السنوي باعتباره عملاً وطنياً ودوراً اقتصادياً مهماً.
ما يلفت النظر في المهرجان السنوي البادئ في الصعود أنه يحمل اسم القاهرة ومن المنطقي أن يتركز نشاطه الأساسي فيها اتساقاً مع العنوان، حيث لا يستقيم الأمر أن يُشار إلى مهرجان مهم باسم القاهرة كعاصمة لمصر وفي نفس الوقت تُنقل فعالياته إلى مدينة العالمين الجديدة، فلو أن المهرجان يستهدف فقط تنشيط السياحة في مدينة العلمين فلماذا لم يحمل اسم العلمين كعنوان دال عليه بدلاً من انتسابه الصوري للقاهرة؟
إن معظم المهرجانات التي تُشير عناوينها لأسماء مُدن بعينها تُقام فعالياتها في ذات المُدن والأمثلة على ذلك كثيرة ومُتعددة، وأولها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الذي يُنظم ويُقام في القاهرة ويحمل اسم القاهرة.
كذلك مهرجان الإسكندرية يرتبط نشاطه بالمكان الذي ينطلق منه والمُتفق مع عنوانه ومثله مهرجان سينما المرأة في أسوان، وعلى المستوى العالمي نجد أن مهرجان كان في فرنسا يُقام منذ بدايته وحتى آخر دورة منه في مدينة كان وليس في أي مدينة أخرى، ذلك لأنه يحمل اسم المدينة التي تأسس فيها واشتهر بها.
أما الاستثمار السياحي وعلاقته بالمهرجانات والسينما فيجب أن يتم في سياق آخر حتى تتأكد المصداقية ويتحقق الهدف، فالمهرجانات لها قوانينها ولوائحها الخاصة وتتصل أنشطتها وفعالياتها بشروط معينة، فلا تُترك الاختيارات فيها للأهواء أو آراء غير المُتخصصين من خبراء السياحة والاستثمار.
ولو تحتمت إقامة مهرجانات سينمائية في المُدن السياحية فليكن ذلك بالتخطيط والتنسيق وحُسن التدبير وسلامة المنطق في تحديد الزمان والمكان والطريقة والاسم المُناسب والملائم كي تُصبح العملية التنشيطية والسياحية والسينمائية كلها مُتكاملة ومُترابطة.
هذا في ما يخص التسمية والعنوان وموقع الاحتفال، أما الفعاليات ذاتها فقد تمت وسط أجواء احتفالية لا بأس بها، إذ حضرت وفود الفنانين من القاهرة للمُشاركة في عيد الدراما المصرية التي يتجاوز تأثيرها الجماهيري الآن تأثير الأفلام السينمائية وتتزايد إيراداتها المالية والاقتصادية بفعل الرواج والبرامج التسويقية المدروسة لتوزيعها في مصر والعالم العربي، حيث تُعتبر الدراما حالياً من الصناعات المهمة في مجال الترفيه والتثقيف ورفع درجة الوعي والقضاء على التعصب والجهل.
ولأن النجوم في مثل هذه الاحتفالات الفنية يهتمون بمسألة التكريم فإن الجوائز وشهادات التقدير التي مُنحت للفائزين قد أحدثت ردة فعل إيجابية وأعادت تقييم الأعمال الدرامية في إطار مدروس عن طريق لجنة تحكيم مُختصة.
وكما كان متوقعا جاء مسلسل تحت الوصاية في المركز الأول من حيث حصوله على العدد الأكبر من الجوائز كأحسن مُسلسل وأفضل مونتاج وأحسن تصوير وأفضل إخراج وأحسن تمثيل دور ثاني وأحسن تمثيل دور أول، والجائزة الأخيرة ذهبت بالطبع لمنى زكي كبطلة رئيسية للمُسلسل.
وفي تقدير موازي حصل مسلسل «ستهم» بطولة روجينا على جائزة أفضل تتر، وجاء مسلسل «الإمام» في الترتيب الثاني كأفضل موسيقى تصويرية حصل عليها تامر كروان، بالإضافة إلى جائزة أخرى مُنحت لمصممة الأزياء سامية عبد العزيز عن نفس المُسلسل.
كذلك حصلت مريم ناعوم على جائزة أحسن سيناريو وحوار مناصفة عن مسلسل «الهرشة السابعة» بينما حصل ماجد الكدواني على جائزة أحسن مُمثل عن دوره في مسلسل «موضوع عائلي» وقد نال أيضاً محمد رمضان جائزة الجمهور عن دوره في مسلسل «جعفر العُمدة» ومحمد سامي كأحسن مُخرج وأحسن مؤلف حسب الاستفتاء الشعبي. هذا بخلاف ما حصده الآخرون من جوائز عن بعض الأدوار الثانية والثانوية وما حازه المطرب تامر حسني من تكريم خاص من لجنة التحكيم.
وعلى جانب آخر لم يُحالف الحظ بعض النجوم والنجمات في الفوز بأي من الجوائز ما دفعهم للشكوى من عدم الإنصاف والتشكيك في عدالة لجنة التحكيم، ومن بين الذين ساءتهم النتائج المُعلنة الفنانة ريهام عبد الغفور التي شاركت طوال الموسم الماضي بخمسة مُسلسلات عُرضت جميعها ولاقت استحسان الجمهور والنقاد ومع ذلك خرجت من المهرجان بلا جوائز ولم تحصل حتى على شهادة تقدير واحدة برغم تميزها وتميز الأعمال التي شاركت فيها وهو ما اعتبره أنصار ريهام ومُحبوها تجاهلاً لمجهودها وتقصيراً في حقها كمُمثلة قدمت الكثير من الأدوار المتنوعة على مدار العام وكان يُنتظر تكريمها وفوزها كبقية الفائزين من زملائها فهي ليست أقل موهبة ولا احترافية منهم. وفي النهاية انتهى الكرنفال الاحتفالي للدراما المصرية وبقيت الأصداء تتردد ما بين مؤيدين للحدث ومختلفين معه وعليه.