مهمّة الأردن الصعبة

حجم الخط
21

اشتغلت الحكومة الأردنية وطواقم دبلوماسيتها بنشاط كبير لترتيب أجواء مناسبة لعقد القمة العربية رقم 28 التي تبدأ غدا في العاصمة عمّان وهذا ما اضطرّها لتدوير الزوايا الحادّة في أكثر من موضوع بحيث تتمكن من جمع الدول التي تعتبر أقطاب المنظومة العربية (أو ما بقي منها) تحت سقف واحد من دون حصول اشتباكات عنيفة (كما هو حاصل على امتداد الجغرافيا العربية).
وكما هي العادة فقد كلّف القادة والزعماء العرب وزراء خارجيتهم بتحضير المسودّة الختامية التي سيدبجون عليها تواقيعهم وحسب مصادر مراسلي «القدس العربي» الحاضرين للقمة فإن اجتماعهم التحضيري تمخّض عن بيان ختامي سيتضمن 17 بنداً تتطرّق لأبرز القضايا العربية، وخصوصا القضية الفلسطينية والحرب على الإرهاب والملف السوري.
وفي هذه القضايا المتأججة الكبرى خاضت بعض الأطراف المعنيّة جولات حامية من محاولات جذب القمّة إلى اتجاهات حادّة، وكان لأمين عام الجامعة العربية ووزير خارجية مصر السابق أحمد أبو الغيط، ولسلفه عمرو موسى محاولات قويّة في هذا الإطار عبر فرض أجندة محور مصر ـ الإمارات.
تمثل ذلك على جبهات الصراع الثلاث الدائرة، وأولها جبهة إعادة تأهيل النظام السوري (والأولى القول، مكافأته على عدوانه المستمر على شعبه للسنوات الست الماضية، وتفريطه بسيادتها لإيران وروسيا)، ثم جبهة «الانفتاح على إيران» والحوار معها، وأخيراً إجراء تعديلات على المبادرة العربية لحل النزاع العربي الإسرائيلي تمهد للتحالف مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين.
الخلفيات لهذه الاتجاهات مترابطة رغم تعدد جبهاتها ويقع في صلبها موضوع إعلاء القاهرة وأبو ظبي لقضية محاربة «الإسلام السياسي» باعتبارها المسألة الاستراتيجية التي لا تعلو عليها قضية أخرى، وفي سبيل ذلك يمكن النظر «بعين العطف» إلى مطالب القيادة الإسرائيلية الحالية بتأجيل التفاوض على القضايا الفلسطينية الكبرى إلى ما بعد التطبيع مع الأنظمة العربية (ولكن الطريف في الموضوع أن أبو الغيط أشاع أن الفلسطينيين هم من سيقدمون مبادرة لإقامة دولة فلسطينية مقابل التطبيع العربي مع إسرائيل)، كما يتمّ القفز على التهشّم الوجودي الذي تعرّض له الشعبان السوري والعراقيّ بفعل النظامين الحاكمين مضافاً إليهما التدخّلات العسكرية الأمريكية والروسية والإيرانية ومشاريع التقسيم والتفتيت القائمة على قدم وساق.
تتقاطع أجندات هذا المحور الصلب في بعض تفاصيلها مع أجندات محاور عربية أخرى، وعلى رأسها محور المملكة العربية السعودية التي تتعرّض لأخطار سياسية كبيرة في الداخل كما هو الأمر مع التنظيمات السلفية المسلّحة والتنظيمات الموالية لإيران، واقتصادية، بسبب الهبوط الشديد في عائداتها بسبب انخفاض أسعار النفط، كما تتعرّض لأخطار كبيرة خارجية يمثّلها النفوذ الإيراني في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وهو ما يجعلها مضطرة لمجاملة المحور المصري ـ الإماراتي على أكثر من صعيد، من دون أن تستطيع التخلّي عن أحلافها الطبيعية مع البحرين والأردن (الواقع بين المحورين) والسلطة الفلسطينية والمغرب، وإلى حد كبير، قطر.
غير أن المحور السعودي، من جهة أخرى، يجد نفسه على خلاف واضح مع توجّه مصر المتمادي في تبنّي خيارات روسيا وإيران السورية، وهو أمر تسانده الجزائر معتمدة (كما يفعل غيرها طبعاً) فقه الكيد السياسي مع جارتها المغرب، وهو ما يجعل هذه المحاور السياسية العربية جميعها متداخلة الأجندات بل وتعمل ضمن تحالفات عسكرية، رغم أنها تخوض، في ساحات أخرى، حروباً مرعبة ضد بعضها البعض!
مهمّة الأردن صعبة جدّاً لأن البلد، جزء من هذه المحاور والتحالفات، وهو على التحام سياسي وجغرافي بالقضيتين السورية والفلسطينية، كما أنه انكوى، مثل غيره، بنيران التطرّف السلفيّ السنّي، والتمدّد الشيعي الإيراني.
… فعلى أي جانبيك تميل؟

مهمّة الأردن الصعبة

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Passerby:

    مهمة الأردن لا صعبة ولا يحزنون فالكل يعرف (من أصغر ولد إلى أكبر قائد) أن القمة لن تسفر عن شيء غير المكايدات والمناكفات والترهات. في الواقع أريد أن أشكر المحرر على الصورة أعلاه لأنها معبرة جداً وبسببها عرفتُ لماذا تنتصر إسرائيل

  2. يقول الكروي داود النرويج:

    لقد إستمتعت في مشاهدة إستقبال الأردن للملك سلمان وخاصة موكب الإبل
    كل شيئ بهذا الإستقبال المهيب كان عربياً ما عدا ملابس الملك عبد الله الثاني !
    أما الأمور السياسية في مثل هذه المؤتمرات فلا جديد غير المؤامرات على الشعوب !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  3. يقول عبد الوهاب - الجزائر:

    أعتقد شخصيا أن مهمة الأردن سهلة وسهلة جدا… عليها فقط الالتزام بتعليمات سيد البيت الأبيض وأن لا تعترض على أي من التفاهمات التي نم نوقيعها مسبقا حول الشرق الأوسط.. وبالمقابل سيتم دعمها لمواجهة مشاكلها الاقتصادية المتفاقمة.. هل هناك أبسط من هذا؟.. غلق الفم والقبض.

  4. يقول محمد بان أمزميز المغرب:

    أصبحت اجتماعات هاته الجامعة العربية مقززة و بياناتها الختامية تبعث على الغثيان٠٠٠أدعو جريدة القدس العربي و معها الجرائد المحترمة المستقلة إلى مقاطعة مثل هاته الدورات التافهة و ترك مهمة تغطيتها للإعلام الرسمي، فهو سينجز المهمة بشكل مثالي!!!!!!!!!

  5. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه (مهمّة الأردن الصعبة)
    القمم العربية هي بنات (جامعة بريطانيا العربية!) قديما وجامعة مصر (ابو الغيط!) حديثا.والاردن ما هو الا اداة( محاولة) جمع شظايا العرب عسى ان يخرجوا بشئ تتلهى به شعوبهم عن عجزهم وهوانهم وذلهم وتفريطهم في اقدس مقدسات المسلمين في فلسطين وفي غيرها من القضايا الملحة الاخرى.
    البيان الختامي الذي يقترحه وزراء خارجيتهم ؛تغلب عليه بصمة ابو الغيط، وزير خارجية مبارك ومبعوث السيسي كامين عام للجامعة العربية.
    وبالمناسبة فان ابو الغيط هذا هو الذي ظهر وهو يتضاحك بعفوية وابتهاج وسرور مع وزيرة خارجية إسرائيل السابقة تسيبي ليفني عشية احدى حروب اسرائيل لتدمير قطاع غزة وتقتيل نسائها واطفالها وشيوخها
    وبصمة ابو الغيط السيسية هذه انطبعت {على جبهات الصراع الثلاث الدائرة، وأولها جبهة إعادة تأهيل النظام السوري (والأولى القول، مكافأته على عدوانه المستمر على شعبه للسنوات الست الماضية، وتفريطه بسيادتها لإيران وروسيا)، ثم جبهة «الانفتاح على إيران» والحوار معها، وأخيراً إجراء تعديلات على المبادرة العربية لحل النزاع العربي الإسرائيلي تمهد للتحالف مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين.}
    وفي السياق ذاته وانتصارا للمحور المصري الاماراتي فان( محاربة «الإسلام السياسي» باعتبارها المسألة الاستراتيجية التي لا تعلو عليها قضية أخرى، وفي سبيل ذلك يمكن النظر «بعين العطف» إلى مطالب القيادة الإسرائيلية الحالية بتأجيل التفاوض على القضايا الفلسطينية الكبرى إلى ما بعد التطبيع مع الأنظمة العربية)
    والمحور المصري .هذه السعودية التي انفقت المليارات الكثيرة لدعم انقلاب السيسي على الشرعية بناء على النصائح الامريكية ذات الايحاء الصهيوني ينطبق عليها قوله تعالى (هل انبؤكم بالاخسرين اعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا)
    وتعسا لامة تتجاهل عجز وتفريط قادتها ولا تنخرط في تسونامي ربيع عربي جديد.

  6. يقول Dinars:

    ما تسمى بالقمة لا تعني شيئا للشعوب العربية وبخاصة الشعب الفلسطيني.
    المواطن العربي جعلوا منه طفيلي غارق بين الطماطم، البنادورا، والفلفل والبطاطا ورغيف الخبز أمنيته أن يشبع هو ومن يعول. غايته بطنه بعد أن غُيب العقل من قبل الويسكيين وشتى أنواع المشروبات الروحية والفودكا خاصة. قنينة ثمنها يُطعم قبيلة أو حيا من الذين يعيشون على هامش الهامش. الفقير أيضا له شُربه الخاص به لم يعد يستطيع توفيره ليغيب عن الدنيا لفترة. لقد أرادوه أن يكون عقله ” يقظا ” ليتمتع بالعذاب المزمن الذي أصاب هذه الأمة. فالعرق غاب عن مسام البدن وكذا العرق شُربا. لقد ثمل العربي من البؤس والفقر والهم والتشرد ذهنا وجسدا وأدمن على العذاب المسلط عليه. واختفت النخبة الفكرية فمنها من أصبح رقا أبيض أغراه بياض الفلوس.
    العرب اليوم تعيش أحلك أيامها ومع ذلك يبقى الأمل التغيير.

  7. يقول احمد سامي مناصرة:

    بالنظر لإتجاهات التيارات القوية في هذا الجمع، وتضادها الشديد والمباشر (بين اتجاهاتها زاويا مقدارها 180درجة في كل الحالات تقريباَ) ارى ان التيجة العامة لن تكون صفراً كما العادة بل ستدخل في سلبية المعيار الرقمي نظراً للضعف النسبي والشديد; اوشبة المنعدم للتيار المدافع عن اي مصلحة قومية عربية… احمد سامي مناصرة

  8. يقول هشام. ع:

    قد ندرك أسباب عداء نظام الحكم في مصر لحركات الإسلام السياسي وأبعاد الصراع القائم بين تيار بقايا نظام مبارك وتيار الإخوان المسلمين، لكن يتعذر أن نجد أسباب منطقية وموضوعية لعداء حكام الإمارات العربية لتيار الإسلام السياسي؟! وما الذي يجعل الكويت المجاورة رغم أوجه التشابه بين الشعبين، تقبل تجربة المشاركة السياسية للتيار الإسلامي ويتعايش فيها النظام القائم مع كافة التوجهات السياسية التي تفرزها صناديق الإقتراع دون إقصاء أو توجس وهلوسة؟
    إذا كان السيد الأمين العام للجامعة العربية يحاول بكل قوة أن يفرض أجندة محور مصر- الإمارات على حساب العشرين دولة عربية الأخرى فيلزم إقالته من منصبه مادام قد جانب الموضوعية والحياد.
    بدل إعلاء المصالح العليا للأمة العربية، تبني الإمارات ومصر تحالفاتها الإستراتيجية وقراراتها الجيوسياسية وفق موقف الدول العربية من تجربة المشاركة السياسية للتيار الإسلامي!!! فهل تاريخ ومسار الإسلاميين في الأردن هو صورة طبق الأصل لمسار الإسلاميين في المغرب؟ وهل يمكن أن نقول إن تجربة المشاركة السياسية لإسلاميي الكويت مطابقة لتجربة نظرائهم في تونس؟ كل بلد له خصوصياته، والتعميم ضرب من القصور في الفهم.
    إذا صح ما جاء في المقال من أن الجزائر تساند خيارات روسيا وإيران في سورية معتمدة فقه الكيد السياسي مع جارتها المغرب عوض اتخاذ قرارات تقوي فرص إنهاء النزيف والإقتتال في سورية، فما بقي إلا أن نصلي صلاة الغائب على الأمة العربية.

  9. يقول سامح //الأردن:

    *لن يحدث مفاجآت ولن تحدث معجزات
    وسوف يبقى الوضع (العربي) المهلهل
    على ما هو عليه..لماذا؟؟؟
    * لأن (أمور العرب) مرهونة للدول الكبرى
    وخاصة (أمريكا وروسيا)..
    حمى الله الأردن الغالي من الأشرار
    والفاسدين .
    سلام

  10. يقول ع.خ.ا.حسن:

    هما محوران اذن:المحور المصري الاماراتي وهو لا يريد الخوض والبحث في( التهشّم الوجودي الذي تعرّض له الشعبان السوري والعراقيّ بفعل النظامين الحاكمين مضافاً إليهما التدخّلات العسكرية الأمريكية والروسية والإيرانية ومشاريع التقسيم والتفتيت القائمة على قدم وساق.) وتمادي محور مصر/الامارات ( في تبنّي خيارات روسيا وإيران السورية) يرفضه المحور الآخر بقيادة السعودية؛هذه السعودية التي انفقت المليارات الكثيرة لدعم انقلاب السيسي على الشرعية بناء على النصائح الامريكية ذات الايحاء الصهيوني ينطبق عليها قوله تعالى (هل انبؤكم بالاخسرين اعمالا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا)
    وتعسا لامة تتجاهل عجز وتفريط قادتها ولا تنخرط في تسونامي ربيع عربي جديد.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية