لندن-“القدس العربي”: ضجت وسائل التواصل الاجتماعي في العراق بمسألة قيام عازفة الكمان اللبنانية، جويل سعادة، بعزف النشيد الوطني العراقي خلال افتتاح تصفيات غرب آسيا لكرة القدم.
وتعرضت سعادة إلى هجوم شديد من قبل رجال دينٍ معروفين أدانوا إقامة “حفلٍ موسيقي في مدينة الإمام الحسين”. ووصف رئيس الحكومة العراقية الأسبق، نوري المالكي، والأمين العام لـ”حزب الدعوة” ورئيس تكتل نيابي كبير في البرلمان الحدث عشية افتتاح بطولة كأس غرب آسيا، بأنه “هتك لقدسية المدينة”. وأضاف: “نستنكر وندين بشدة ما حصل في ملعب كربلاء المقدسة من حفل رافقته موسيقى راقصة. الأمر يعد تجاوزاً على حرمة المدينة”.
أما رجل الدين علي الخزاعي فوصف العازفة بـ”المرأة المتبرجة التي أظهرت مفاتنها وأساءت إلى عفتها” وذكر بأن “الإيرانيين سجلوا أروع الملاحم الرياضية مع احتفاظهم بالحجاب” فيما لفت مدير “مركز أفق للدراسات الاستراتيجية” جمعة العطواني إلى أن “وجود امرأة عارية في المحافظة مخالف لكل الضوابط الدينية في العراق”. وبطبيعة الحال لم تكن العازفة عارية بأي شكل من الأشكال، كما أشار موقع “درج” إلى أنها لم تبالغ حتى في تبرجها بالنحو الذي يوحي إليه كلام رجال الدين.
ونشرت الكاتبة فاطمة المحسن على صفحتها على “فيسبوك”: “تبدو السلطة العراقية الآن في مواجهة التحدي الأكبر، في لحظة شكل فيها استعراض دورة آسيا في كربلاء نوعاً من الاختبار الراديكالي. السلطة اليوم تقع بين فرسخين، الأول المجتمع المحلي المعزول فترة طويلة وتحيطه جزر الفقر والمخدرات والجهل، والمجتمع الجديد المعولم عبر وسائل التواصل والسفر. عليها أن تدفع تلك الاستحقاقات مجتمعة فهي إن اعترضت أو اضطهدت ستزيد الفتيل اشتعالاً، وإن سكتت ستجد من (ينق) برأسها من أبطال المرحلة مثل المالكي. ولكن هذا لا يعنيها وحدها بل هو يعني الناس قبل كل شيء. كل البلدان في العالم ومنها العراق تقلقها تلك التحولات العالمية العظمى، وما تنتجه من عناصر التماهي بين الممكن والمستحيل. هذا التحول في أمزجة الناس وطباعهم وتصورهم عن أنفسهم، يتشكل في فترة زمنية جد مختصرة. هل نقول إن الإسلام السياسي وصل حده؟ باعتقادي لا، فلديه الكثير من الأوراق، ولكنه في مأزق سيزداد يوماً بعد آخر ولعله مأزق اجتماعي وليس مأزقاً سياسياً وحسب”.
أما الصحافي منتظر ناصر، محرر في موقع “العالم الجديد” فأشار لـ”درج” إلى أن “الحفل كان بمنتهى الرزانة، واللوحات الراقصة التي قدمت فيه رصينة ولا تشبه الأوصاف التي أطلقها عليها من وقفوا وراء الحملة”. ولفت إلى نجاح المنظمين وإلى تجاوب الحضور ومعظمه من أهل كربلاء. وأكد أن “بناء ملعب دولي في كربلاء يعني قبول مجلس المدينة بما تمليه طقوس الملاعب الدولية من أنشطة، ورفض هذا النوع من الفعاليات يملي تخلي المدينة عن هذه الصروح”.
أما الصحافي الكردي هيوا عثمان فكتب: “ردود فعل الظلاميين والدجالين والمزايدين وتجار الدين على حفل افتتاح بطولة غرب آسيا كانت معيبة ومسيئة لنا جميعاً. الحفل كان مدعاة فخر للجميع. أتمنى من الراغبين بالمحافظة على قدسية المدينة وبهجتها أن يستخدموا هاشتاغ شكراً # كربلاء”.
وأشار الموقع إلى أن “الحملة على حفل افتتاح دورة غرب آسيا دخلت أيضاً حلبة النزاع السياسي بين القوى الشيعية العراقية، فوُصفت مسارعة المالكي إلى إصدار بيان إدانة للحفل، بأنها سعي إلى إحراج مرجعية النجف ودفعها لإصدار موقف، وهذا ما انتظره العراقيون من وكيل السيستاني، خطيب الجمعة في مدينة النجف عبد المهدي الكربلائي”. إلا أن الأخير لم يأت يصدر عنه شيء، ما اعتبر، بحسب مراقبين، “موقفاً من المرجعية مفاده أن الاحتكام في هذا النقاش يجب أن يكون إلى القانون، ولا شيء في القوانين العراقية يمنع إقامة الحفل.”
ويذكر أنه لمحافظة كربلاء قانون خاص بها، يسمى “قانون قدسية كربلاء”، يهدف لمنع “التجاوز على قدسية المحافظة، والحفاظ على طابعها الديني”.
وكانت ردة الفعل متفاوتة نوعاً ما إذ أنه في حين غرد رجل الدين، مرتضى مدرسي قائلاً: “أشعر بالخجل من الإمام الحسين عليه السلام لما حدث في #ملعب_كربلاء_الدولي ! مجلس المحافظة مطالب بمحاسبة القائمين على الحفل وفقاً لقانون #قدسية_كربلاء” وعقب على قوله مغرد آخر قائلاً: “أُطالب السادة أدناه (أبناء كربلاء) بتطبيق قانون #قدسية_كربلاء : الاستاذ ياسر صخيل، الاستاذ حسين المالكي، الاستاذ المالكي، الاستاذ الطريحي، الدكتور الشهرستاني، الدكتور الجعفري”.
اعتبر مغردون آخرون أن المسألة مبالغ فيها، بل تكاد تتضمن نوعا من النفاق، إذ اعتبر أحدهم: “فتاة جميلة تعزف على الكمان بكربلاء، هز القدسية مال المحافظة!! بس فتاة واكفة بالترفكلايت بحر الصيف فقيرة ومحتاجة وكاعدة تستجدي هذا ما هز قدسية المحافظة !!#قدسية_كربلاء”.
وأضاف غيره: “لقد خافوا على #قدسية_كربلاء بعزفها للنشيد الوطني أو بالأحرى خوفاً على قدسية فسادهم وعهرهم ودعارتهم وقبحهم ودجلهم وسرقاتهم وسياستهم الجبانة”. في حين قالت مغردة: “أعزفي يا حبيبتي .. فقد أصابَنا الملل من صوتِ منابرهم الكاذِبة . #قدسية_كربلاء”.
وقال غيرها:”شايفين عازف إرهابي؟ شايفين فنان أو مطرب قاتل أو عنده ميلشيا ؟؟؟ الفن والموسيقى يعتبر رسالة السلام بكل العالم تشددكم شسوا؟؟ دينكم المطبق ع النسوان شسوا ! #قدسية_كربلاء”. وشدد آخر: “أولا هي عزفت النشيد الوطني ثانيا من يمتى الموسيقى تهدد القدسية ..المتسولين والفقراء الذين يتضورون جوعا ماهزت قدسية محافظتكم بس الموسيقى الي هي فن تهدد القدسية #قدسيه_كربلاء”.