أقيمت يوم الأربعاء الماضي الجولة الأخيرة لدور المجموعات في دوري أبطال أوروبا، وفي الواقع هذه كانت المرة الاخيرة التي نشهد فيها منافسات الأندية الاوروبية بهذا الشكل، كونها نهاية الابطال، أو نهاية دوري الأبطال الذي عهدناه على مدى السنوات الـ32 الماضية.
النسخة الحالية هي الـ69 من مواسم صراعات الأندية على زعامة القارة الاوروبية، تحت مسميات مختلفة، بدأت باسم كأس أبطال الأندية الأوروبية، قبل أن تصبح في آخر 32 سنة، دوري أبطال أوروبا، والذي ألهب مشاعر عشاق كرة القدم في كل أنحاء العالم، وأصبحت المسابقة الأكثر شعبية بين عشاق اللعبة، بل بات النشيد المعروف الذي يعزف قبل بدء كل مباراة، هو المحبب عند جميع المناصرين، بل باتت هذه المسابقة “الماستر” او الأصل، الذي نسخ منها كل الاتحادات القارية الأخرى في العالم قوانين مسابقاته بين أنديته، ان كان في آسيا او افريقيا أو حتى في الأمريكيتين.
لكن وصل الأمر نهايته، فلن تكون هناك ثماني مجموعات كالمعتاد، تحوي 32 نادياً من الأعرق في القارة العجوز، الموسم المقبل، بل سيكتفي بطل هذه النسخة بضمان التأهل الى الدور التنافسي ضمن مجموعة واحدة الموسم المقبل، وسيضمن المشاركة في النسخة الاولى لكأس العالم للاندية في 2025 التي تستضيفها الولايات المتحدة، بالاضافة الى خوض المباراة التقليدية السنوية مع بطل الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) على الكأس السوبر، حيث نصل الى ختام فصل جديد من صراعات الكرة الأوروبية، التي عادة ما تصبح المرجعية للاتحادات القارية الأخرى في العالم.
بدءاً من الموسم المقبل ستكون هناك مجموعة واحدة فقط، وليس ثماني مجموعات، وستحوي 36 فريقا معاً، بدلاً من 32 موزعة، أي أن هناك فرصة لبعض الدوريات الكبرى، مثل الانكليزي والاسباني، ان تمثلها خمسة فرق بدل الأربعة التقليدية، التي عادة ما تتأهل لتمثيل الدوريات الأربعة الكبرى، لكن الامر سيتعلق بعدد من الامور، ومنها ما تفعله فرق هذه الدوريات في المسابقات الأوروبية الثلاث هذا الموسم، وعبرها سيتم احتساب النقاط لتحديد فرص زيادة عدد المتأهلين من كل دوري، مثلما هناك اعتبارات أخرى، كقدرة بطل هذه النسخة على التأهل التلقائي عبر دوريه.
التغيير الكبير الذي سيطرأ على المسابقة، سيكون جوهرياً وأساسياً وبعيداً كل البعد عما اعتادت عليه الجماهير على مدى العقود الثلاثة أو الأربعة الماضية، حيث سيكون أقرب الى نموذج الدوري السويسري، فبدل أن تكون هناك ثماني مجموعات تحوي كل منها 4 فرق، تلعب بينها، ويتأهل الأول والثاني مباشرة الى دور الـ16، ويلعب صاحب المركز الثالث في الدور الفاصل للدوري الأوروبي، فان النسخة المقبلة ستحوي مجموعة واحدة فقط فيها 36 فريقاً، وسيلعب كل فريق 8 مباريات فقط، 4 منها على أرضه و4 خارجه، لكنه لن يلعب ضد نفس الفريق مرتين.
وطبعاً هذا التعقيد في هذه الآلية ينبع من توزيع الفرق، حيث توزع الفرق الـ36 على 4 مجموعات تحوي كل منها 9 فرق من نفس التصنيف لاجراء القرعة لمعرفة الفرق الثمانية التي سواجهها كل فريق، حيث يلعب كل فريق ضد اثنين من كل مجموعة، وبحسب القرعة أيضا سيتحدد من سيواجه منها على أرضه (4 مباريات) وخارجه (4 مباريات أيضاً). وبحسب ما يجمعه من نقاط ويسجله من أهداف سيحدد موقعه في الترتيب العام الذي تتشاركه كل الأندية الـ36.
وستتأهل الفرق الثمانية الأولى مباشرة الى دور الـ16، في حين ستخوض الفرق التي تحتل المراكز من التاسع وحتى الـ24، منافسات خروج مغلوب، لتحديد الفرق الثمانية الأخرة المتأهلة الى دور الـ16، في حين ستنتقل الفرق الخاسرة للعب في مسابقة الدوري الأوروبي، في حين يتم اقصاء الفرق الـ12 الأخيرة في الترتيب العام من كل المسابقات الأوروبية.
طبعاً هذه التغييرات الجوهرية، أجبر عليها الاتحاد الاوروبي لكرة القدم، بعد ضغوطات هائلة من اندية مثل ريال مدريد وبرشلونة، التي هددت بانشاء الدوري السوبر الأوروبي، لو لم ترتفع مداخيلها من المسابقة الاوروبية، وطالبت أيضا بان تكون المباريات أكثر تنافسية في دور المجموعات، كي يزداد الشغف والاهتمام وبالتالي ترتفع المداخيل أكثر، وهو ما درسته واعتمدته اليويفا في 2021، ليكون رداً ليس فقط على تهديدات الدوري السوبر الانفصالية، بل أيضا كرد على انشاء الفيفا للمسابقة العالمية الكبرى، بتحديث مسابقة كأس العالم للأندية من اطارها “البليد” الحالي، الى مسابقة كبرى تحوي 24 فريقاً من الأبرز في العالم.
ربما من المبكر الاحتفال بـ”موت الأبطال” مع ولادة مسابقة جديدة، وأيضاً من المبكر اعتبار “المولود” الجديد، نقمة على المشجعين، فصحيح أن المباريات ستصبح أكثر تنافسية، وربما ستحظى بمشاهدات أعلى، لكن هذا لن يمنع الانتقادات خصوصاً مع فكرة انتقاءية المنافسين وخوض مباريات خارج الديار قد تعتبر أكثر صعوبة من منافسين آخرين سيجمعهم جدول ترتيب واحد في النهاية، وهنا سيكون مصدر الجدل والاختلاف.