نواكشوط ـ «القدس العربي»: ما بين حزيران/يونيو من عام 1991 تاريخ انطلاق الإصلاحات السياسية في موريتانيا وانتقالها من نظام العسكر، إلى النظام السياسي شبه التعددي، وحزيران/يونيو 2024 تاريخ تنظيم ثامن انتخابات رئاسية تعددية، تكون ثلاث وثلاثون سنة قد انقضت على التجربة التعددية الديمقراطية في موريتانيا التي تخللتها انقلابات عسكرية عدة، والتي لم يبتعد فيها الجيش قط عن تسيير الشأن العام.
فإلى أين وصلت التجربة الديمقراطية الموريتانية بعد أزيد من ثلاثة عقود؟ وما هي أهم المراحل التي مرت بها هذه التجربة والمطبات التي اجتازتها؟ وما هي الآفاق المفتوحة أمامها؟ وهل هي بالفعل تجربة ديمقراطية مكتملة الأسس أم لا؟ وهل هي تجربة جامدة أم متطورة ببطء لكن بثقة؟ أم أنما تشهده موريتانيا منذ 1991 مجرد نظام هجين يتحكم فيه العسكر متخفيا بمظلة ديمقراطية مدنية؟ وماذا ستضيفه انتخابات التاسع والعشرين يونيو 2024 المنتظرة لهذا المسار؟
يستقرئ هذا التحقيق التجربة الديمقراطية الموريتانية من خلال تتبع مراحلها مع التركيز على الانتخابات المنتظرة، بالاستناد على آراء وتحليلات خبراء وساسة مختصين.
محطات ومطبات
للإصلاح السياسي أهميته الكبرى في أي بلد، لكونه يتيح للمواطن المشاركة في صنع القرار داخل الدولة، كما أنه يضمن لكل فرد حقه في إبداء الرأي حول السياسات العامة، والمساهمة في بناء الدولة وتقوية مؤسساتها.
وقد شهدت موريتانيا ذات السكان الأربعة ملايين ونصف، منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 محطات تخللتها تعثرات؛ وبدأ مسارها في هذا الاتجاه بنظام الحزب الواحد، الذي تلته عام 1978 مرحلة الانقلابات العسكرية، ثم مرحلة النظام الدستوري والتحول الديمقراطي مع بداية تسعينيات القرن الماضي.
ولعل التعثرات التي أعاقت الديمقراطية الموريتانية عائدة لكونها ليست ديمقراطية نابتة من الداخل بل لأنها ديمقراطية مفروضة من الخارج، وبالأساس من الدول الغربية المانحة، فكأنها كانت تنازلا مؤقتا قام به النظام العسكري عام 1991 تحت إلحاح الضغط الدولي؛ ولعل هذا هو ما أفقد التجربة قيمتها الحقيقية لدى الشعب، فشهدت اضطرابات وتخللتها انقلابات.
التعددية الأحادية
لم تتمكن جميع الإصلاحات التي شهدتها الحياة السياسية الموريتانية من تأسيس تجربة ديمقراطية حقيقية، بل تحولت الحياة السياسية الموريتانية من حالة أحادية معلنة يحكم فيها حزب واحد، إلى حالة أحادية بلبوس ديمقراطي وبواجهة تعددية، يسيطر فيها حزب واحد متحكم في مؤسسات الدولة، وكلما جاء نظام جديد يتغير اسم الحزب «حزب الدولة» كما يسميه البعض، من دون أن يتغير خطابه ولا منهجه ومن دون أن تتغير حقيقته أو يتبدل أنصاره.
وقد أدت هذه الوضعية إلى صعوبة كبيرة في تداول السلطة في موريتانيا، حيث لم تمكن التجربة التعددية الموريتانية أي مرشح من المعارضة من الوصول للسلطة، بل ظل للجيش دوره الكبير في تحديد من يصل للحكم.
وقد أعطى المكتب التنفيذي لحزب تكتل القوى الديمقراطية أعرق أحزاب المعارضة الموريتانية وصفا دقيقا لهذا الواقع في بيان نشره قبل يومين وأكد فيه «أن الظروف التي نظمت فيها كافة الاستحقاقات التي عرفتها موريتانيا في العقود الثلاثة الأخيرة، كشفت عن ترهل المنظومة الانتخابية وفداحة المخالفات التي ارتكبت خلالها، من تزوير فاضح وشراء للذمم واستخدام لسلطان الدولة ومواردها خدمة لمرشحي النظام».
مرحلة النشأة
يعود للرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع منفذ انقلاب 1984 الفضل، نوعا ما، في إطلاق مسار الإصلاح السياسي في موريتانيا؛ حيث بدأ عام 1984 أولى تجارب الانفتاح التعددي بانتخابات بلدية، قبل أن يجاز باستفتاء شعبي، دستور 1991 الذي كان أول دستور تعددي يصدر باللغة العربية، ويعترف باللغات الوطنية ذات الأصول الأفريقية، ويفرض التعددية السياسية، ويضمن الحريات.
ومع أهمية دستور 1991 فإن الكثيرين اعتبروه مفصلا على مقاس حكم الرئيس الأسبق معاوية ولد سيدي أحمد الطايع، حيث شكل في مجمله تعزيزا لسلطته كرئيس للجنة العسكرية، وإعطائه سلطات ضمنت لحزبه البقاء في الحكم مدة 18 عاما، وأمنت له الهيمنة على الحياة السياسية، وامتلاك أغلبية مطلقة في البرلمان، عبر انتخابات تكون دائما تعددية في ظاهرها وأحادية في جوهرها.
إصلاحات أفضل.. لكن
بعد إزاحة نظام ولد الطايع في آب/أغسطس عام 2005 من طرف المجلس العسكري الانتقالي، دخلت موريتانيا مرحلة إصلاحات دستورية هامة عام 2006 حيث حُدد عدد المأموريات الرئاسية باثنتين، وهو ما فرض مبدأ التناوب السلمي على السلطة لأول مرة، لكنها رغم ذلك لم تجرم الانقلابات، ما كشف لاحقًا عن إخفاء بعض العسكريين نية العودة إلى السلطة، الأمر الذي أدى إلى انقلاب الجيش على الديمقراطية في 2008 بإزاحة نظام الرئيس سيدي محمد ولد الشيخ أول رئيس موريتاني مدني منتخب.
ومع انفجار الربيع العربي أصبح الإصلاح السياسي مطلبًا ضروريًا لترسيخ الديمقراطية وحكم القانون والمؤسسات، وهو ما تحقق بإقرار التعديلات الدستورية الثانية عام 2012 والتي شملت الاعتراف بالتنوع الثقافي، ودسترة مناهضة الاسترقاق والتعذيب، بالإضافة لدعم ولوج النساء للمأموريات الانتخابية، وحظر الانقلابات، وتوسيع نطاق الحقوق الفردية والحريات.
وجاءت التعديلات الدستورية لعام 2017 لتشكل تراجعا حيث أثارت جدلًا واسعًا، وخرج الآلاف في مسيرات مضادة لها، ومن أبرز ما تضمنته تلك التعديلات تغيير العلم والنشيد الوطنيين، وإلغاء مجلس الشيوخ الذي كان قوة توازن ما يتمتع به الرئيس من سلطات دستورية يمنحها له النظام الرئاسي، وإنشاء مجالس جهوية لتدعيم اللامركزية والحكم المحلي.
تهدئة ثم يأس
تميزت انتخابات 2019 الرئاسية بكونها أول انتخابات يسلم فيها رئيس منتخب السلطة إلى رئيس منتخب؛ واتجهت موريتانيا بعد تولي الضابط المتقاعد محمد ولد الشيخ الغزواني، إثر هذه الانتخابات، مقاليد الحكم في موريتانيا، لمأمورية من خمس سنوات، إلى مرحلة من التهدئة، لكن مأمورية الرئيس الأولى آلت لما اعتبره الكثيرون «يأسا وعدم رضا، ومحدودية في الإصلاح مقارنة مع تعهدات ونيات أعلن عنها النظام الجديد في برنامجه الانتخابي».
ويمكن إرجاع خيبة الأمل التي عرفها المشهد السياسي الموريتاني في ظل حكم ولد الغزواني لعوامل، منها ارتفاع توقعات دعاة التغيير تجاه النظام الجديد، وضآلة ما تحقق من ذلك، وهو ما يعتبره أنصار النظام ناتجا ليس عن فشل النظام، وإنما لأن حرية التعبير والنقد أصبحت متاحة أكثر؛ ومن هذه العوامل تركيز نظام الرئيس الغزواني على ملف عشرية حكم سلفه محمد ولد عبد العزيز؛ بدون الاهتمام الملموس بقضايا محاربة الفقر بشكل جذري وبتحسين الخدمات العامة، رغم تأسيسه لمندوبية «التآزر» ذات الإمكانيات الهائلة وذات التدخلات الاجتماعية المباشرة.
أما عدم انسلاخ نظام ما بعد انتخابات 2019 عن سلفه، فيرجعه خبراء متابعون لهذا الشأن لفشل النخب السياسية الموريتانية، ولعدم قدرتها على مواجهة قوى النظام القديم، ولعدم امتلاك الأحزاب السياسية مشروعا جاهزا لقيادة عملية الإصلاح، ولفرض التغيير.
استحقاقات مفصلية
تقبل موريتانيا يوم 29 حزيران/يونيو الجاري على انتخابات رئاسية مفصلية وشديدة الحساسية؛ فقد أجاز المجلس الدستوري الموريتاني قائمة من سبعة مترشحين للاستحقاق الرئاسي؛ وضمت القائمة كلا من الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني المترشح لخلافة نفسه، والشاب محمد الأمين المرتجي الوافي المترشح للمرة الثانية، وحمادي سيدي المختار مرشح حزب «تواصل» ذي النزعة الإسلامية، والطبيب أوتوما سوماري، وبا مامادو بوكاري من الأقلية الزنجية الموريتانية، والنائب المحامي العيد محمدن مبارك، والحقوقي البرلماني بيرام الداه اعبيدي المترشح للمرة الثالثة.
وإذا حصل أحد هؤلاء المرشحين على الأغلبية المطلقة أي 50في المئة + 1 فيعتبر ناجحا، ويعلن رئيس المجلس الدستوري في الـ 10 أيام التي تلي الاقتراع اسم المرشح المنتخب؛ وفي حالة عدم حصول أي مرشح على 50 في المئة من أصوات الناخبين فإنه يجري شوط ثان يوم الجمعة التالي ليوم الاقتراع بين المرشحين الحاصلين على أعلى نسبتين.
الإشراف والرقابة
تجري الانتخابات الرئاسية المرتقبة في ظروف دقيقة للغاية؛ ومن الصعب أن تحظى برضا جميع الأطراف المشاركة فيها؛ ولذلك أسباب كثيرة: فهذا الاقتراع يجري تحت إشراف اللجنة المستقلة للانتخابات التي شكلت بتوافق بين الحكومة والمعارضة، لكن المعارضة تعتبر أن هذه اللجنة برئيسها وفي واقعها وطرائق عملها، «مقربة من وزارة الداخلية» وهو ما تنفيه اللجنة.
وقد تعرض إشراف هذه اللجنة على انتخابات ايار/مايو 2023 النيابية والبلدية، لانتقادات شديدة واعتبرت قوى المعارضة بل وأطراف في الموالاة أن تلك «الانتخابات كانت مشوبة بتزوير كبير» ودعت لإعادتها.
وانتقدت المعارضة كذلك تعيين الحكومة لرئيس وأعضاء مجلس المرصد الوطني لمراقبة الانتخابات، الذي يفترض أن يكون جهازا محايدا ضامنا لشفافية الانتخابات.
واعتبرت المعارضة أن تعيين الحكومة رئيس وأعضاء المرصد «خروج على اتفاق 26 ايلول/سبتمبر 2022 بين الحكومة والمعارضة، والذي نص بنده العاشر على أن تلتزم الحكومة بالتشاور مع الأحزاب السياسية بإنشاء مرصد وطني لمراقبة الانتخابات وإعطائه صلاحيات ووسائل تمكنه من الانتشار والحضور على المستوى الجهوي والمحلي».
وإضافة لذلك، فقد شكل الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز وساعون للرئاسة لم يعتمدهم المجلس الدستوري، جبهة لمقاطعة الانتخابات المقبلة.
تحليلات واستقراءات
من خلال استقراء تحليلي لتصريحات أدلى بها خبراء في الشأن السياسي الموريتاني لـ«القدس العربي» يتضح أن الانتخابات المنتظرة محسومة سلفا لصالح المترشح محمد ولد الغزواني، رغم أن بعض المترشحين يحاول استغلال ورقة «تذمر الشباب» المتأثر بمنشورات شبكة التواصل الاجتماعي وهي ورقة رابحة لولا أن نسبة الشباب من 18 إلى 35 سنة لا تتجاوز 32 في المئة فقط من مجموع الناخبين المسجلين في قائمة 2024 وبالتالي فإنه لا يمكن التعويل عليهم في تغيير الاتجاه العام للنتائج.
ويقول الإعلامي محمد محمود بكار «المشهد السياسي الجامع للأحزاب والمجموعات السياسية في موريتانيا ليس هو الآلية الانتخابية الفعلية، بل أن القوة الانتخابية الحقيقة تلك المرتبطة بالدرجة الأولى بثلاث قوى تتمتع بدرجة عالية من التنسيق، أولاها الكتلة الاجتماعية المنسجمة دائما مع توجهات السلطة السياسية والانتخابية، والثانية المؤسسة العسكرية والأمنية التي تسيطر على النظام والحكم منذ 1978 والثالثة كتلة رجال الأعمال والموظفين الذين يقفون دائما في صف الحاكم».
وقال «هذه المجموعات تسيطر على مساحة كبيرة من الناخبين لا يمكن تغييرها حالا مع غياب أمل واضح في التغيير وعدم ظهور آليات بديلة مثل درجة الوعي وقوة النخبة ومصداقيتها وتماسكها ووضوح الخطاب وظهور قوة دفع حقيقة له».
انتخابات محسومة سلفا
ويتوقع الإعلامي محمد ناجي أحمدو «أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون فرصة للناخبين لتأكيد ثقتهم في الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، نظرا لعدد كبير من العوامل من بينها أنه لا يوجد مرشح يمكن أن ينافسه في الإقناع والشهرة على المستوى الوطني».
وعن رهانات الانتخابات المنتظرة، يقول الصحافي محمد ناجي أحمدو «سوف تكون هذه الانتخابات هادئة، رغم أن الحملات الانتخابية ستكون ساخنة إلى حد بعيد، وربما نجمت عنها جدالات إعلامية، وسوف تواصل موريتانيا بعدها مسارها الذي شقته مع الرئيس ولد الشيخ الغزواني، وهو المسار المتسم بانفتاح الطبقة السياسية على بعضها، والعمل على حلحلة إشكالات المشهد السياسي، وتكريس سياسة الباب المفتوح».
توقعات واعتراضات
وبخصوص مرحلة ما بعد الانتخابات، يتوقع الإعلامي محمد ناجي أحمدو «أن يتهم بعض المترشحين اللجنة المستقلة للانتخابات، جهة الإشراف، بالتزوير والتلاعب بالنتائج، ولكن ذلك الاتهام سيكون غالبا بناء على وقائع معزولة لا يمكن إسقاطها على الوضعية العامة».
وأضاف «أتوقع فوز ولد الغزواني في الشوط الأول بنسبة تتراوح بين الخمسين والستين في المئة متبوعا بالحصان الأسود في دورتي الانتخابات الرئاسية الماضية المرشح بيرام ولد الداه ولد اعبيد، الذي سيحصل هذه المرة على أقل من نسبة 20 في المئة التي حصل عليها في الانتخابات الماضية؛ ومن المتوقع أن يتنافس كل من مرشح حزب تواصل الإسلامي حمادي ولد سيدي المختار والمرشح الشاب العيد ولد محمدن على المرتبة الثالثة، وإن كنت أتوقع أن يكون حمادي ثالثا والعيد رابعا».
اقتراع في طيه مفاجأة
يرى الخبير الاستراتيجي والإعلامي أحمد سالم سيدي عبد الله وفقا لما صرح به لـ«القدس العربي» أن «الانتخابات المقبلة قد تحمل في طياتها مفاجأة من نوع ما لكافة المترشحين، رغم قابلية إعادة سيناريو انتخابات 2019 بحيث يتمكن الرئيس الحالي من الفوز في الشوط الأول، على أن يكون متبوعا بمرشح حركة إيرا، ثم مرشح تواصل الإسلامي، فالعيد، أو بوكار، إلا أن هذا السيناريو يتطلب جهدا مضاعفا وقراءة مبكرة من النظام للساحة، تمكنه من ترتيب أولوياته قبل يوم الاقتراع، فكل المؤشرات توحي بأن شعبية النظام في تراجع منذ وصوله للسلطة إلى اليوم، والتعويل على التزوير قد لا يكون الخيار الأنسب، فقد تكون له تداعيات كبيرة على المستوى الوطني».
وأضاف «لكن عوامل الضغط والتأثير على الناخبين الكبار، والحصول على دعم بعض أحزاب المعارضة الفاعلة في الساحة، كلها عوامل قد تساعد النظام على كسب الانتخابات في الشوط الأول، كما أن دفع حزب تواصل الإسلامي برئيسه للانتخابات الرئاسية وهو المحافظ على زعامة المعارضة منذ 2014 أمر يؤكد جديته ورغبته في تأكيد هذه الزعامة، وهو أمر قد يمكن مرشحه إن وجد تحالفات قوية، من الحصول على المرتبة الثانية، وسيكرس ذلك مكانة الحزب في الساحة الوطنية؛ ثم إن حصول المرشح العيد على قبول داخل الدوائر الرسمية قد يساعده على تحقيق نتيجة إيجابية، يبقى الأسلوب الجديد لزعيم حركة إيرا والذي تخلى فيه عن خطابه الراديكالي، عاملا آخر قد يساعده على كسب أصوات جديدة، لكنه في نفس الوقت قد يكلفه خسارة الكثير من أنصاره خصوصا في صفوف الزنوج، وهو ما سيصب في صالح المترشحين بوكار، وسوماري بكل تأكيد».
وقال «وفي المحصلة لا أستبعد شوطا ثانيا في الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة إذا فشل النظام في انتزاع دعم أحزاب ووجوه جديدة فاعلة في الساحة، لكنني في نفس الوقت أتوقع رغم كل التحديات التي تواجه النظام، فوز الرئيس الحالي بمأمورية ثانية».
موريتانيا: مفترق الطرق
وتحدث الدكتور ديدي ولد السالك رئيس المركز المغاربي للدراسات الاستراتيجية عن وجود موريتانيا حاليا في مفترق طرق، فالحياة السياسية ميتة ومسار الانتقال الديمقراطي الذي بدأ مع دستور تموز/يوليو 1991 متعثر بل إنه فشل وانحرف، فتحول الأمر إلى ديمقراطية الغش».
وقال «هناك جملة من الأسباب لهذا الانحراف منها أن الديمقراطية أصلاً أو الانتقال الديمقراطي جاء بإرادة أجنبية بأوامر فرنسية وهو ما عرف بديمقراطية لابول، ومنها أن الدستور أعطى صلاحيات غير عادية للرئيس وبالتالي خلق نظاما يسمى في اللغة الدستورية نظاما رئاسيا بمعنى انه يحتوي كل السلط الأخرى وبالتالي ليس هنا فصل للسلطات؛ ومن هذه العوامل: تحكم المؤسسة العسكرية في إدارة الشأن العام، ومنها ضعف الوعي في المجتمع، ومن هذه العوامل، يضيف الخبير، غياب بنى رافعة للمجتمع سواء كانت بنى ثقافية أو بنى مدنية أو بنى سياسية».
وأضاف الدكتور ديدي السالك «أن الانتخابات الحالية لن تأتي بمفاجآت لأن الشباب لم يشارك فيها بعد حرمان أربعة منهم من الترشح، وقد حول النظام الانتخابات المرتقبة إلى انتخابات عرقية وشرائحية، وستكون نتائجها محسومة لصالح محمد ولد الشيخ الغزواني».