نواكشوط ـ «القدس العربي»: بعد أن أكدت الدراسات امتلاك موريتانيا لقدرات هائلة في مجال الهيدروجين الأخضر، وبعد أن أبدى العالم اهتمامه بهذه القدرات، استكملت الحكومة الموريتانية الجوانب التنظيمية الخاصة بإطلاق برامج إنتاج وتسويق الهيدروجين.
فقد أحالت الحكومة الموريتانية إلى البرلمان مشروع قانون يتضمن مدونة الهيدروجين الأخضر، التي تعتبر إطاراً قانونياً وتنظيمياً، أكدت الحكومة أنه سيكون “محفزاً وشفافاً وجاذباً للاستثمارات الضرورية لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر”.
وحسب بيان لمجلس الوزراء الموريتاني “فإن هذا القانون يعتبر خطوة أولى في تنظيم الأنشطة الصناعية المختلفة المرتبطة بإنتاج الهيدروجين الأخضر، بدءاً من استخراج الخام وحتى المعالجة النهائية”.
وسيمكن هذا القانون من إطلاق مشاريع تجري دراستها وبرمجتها منذ فترة، كما تم توقيع مذكرات تفاهم بشأنها خلال السنوات الماضية، ما يعزز تطوير هذا القطاع الواعد.
وتتميز موريتانيا بقدرات شمسية ورياحية استثنائية، كما تمتلك وصولاً مباشراً إلى المحيط الأطلسي، ما يجعلها وجهة جاذبة للعديد من المستثمرين الدوليين، مثل Green Hydrogen وTotalEnergies.
ويؤكد محمد أكا، الخبير الموريتاني في مجال الطاقة “أن قانون الهيدروجين الأخضر الذي أقرته الحكومة، يعتبر خطوة أولى لتنظيم الأنشطة الصناعية المختلفة في المنبع والنهائي، أي “الخام والمكرر”، في عملية إنتاج الهيدروجين الأخضر”، مضيفاً “أنه سيعزز كذلك ثقة المستثمرين الدوليين الذين يبدون اهتماماً متزايداً بتطوير واستغلال المشاريع في هذا المجال”.
وتسعى موريتانيا من خلال رؤيتها الطموحة المتعلقة بالطاقة والتي طوّرتها بالتعاون مع شركائها في المجال، إلى أن تتحول إلى قطب إقليمي مستقبلي مندمج للطاقة النظيفة والصناعات الخضراء، وفقاً لما تابعته منصة الطاقة الموريتانية المتخصصة.
وشهد الهيدروجين الأخضر في موريتانيا مراحل عديدة وإنجازات مختلفة خلال السنوات الماضية، كان منها الكشف عن مشروع ضخم من شأنه أن يصبح بين أكبر خمسة مشاريع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في العالم.
ففي أواخر تشرين الثاني/نوفمبر 2023، كشفت شركة التطوير الدنماركية “غرين غو إنرجي” (GreenGo Energy) خططًا لبناء مصنع للهيدروجين الأخضر على شكل هلال بقدرة 35 غيغاواط في موريتانيا، سيُشغَّل بوساطة 60 غيغاواط من طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
ويضم المشروع، الذي يُطلق عليه اسم “ميغاتون مون”، عدداً كبيراً جداً من الألواح الشمسية وتوربينات الرياح على شكل هلال، مساحته 150 ألف هكتار، وسيكون مرئياً من الفضاء”.
كما سيشمل بناء محطة ضخمة لتحلية المياه ومنازل سكنية ومنشآت صناعية ومزارع خضراء في الصحراء، على مقربة من العاصمة نواكشوط، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ووقعت وزارة البترول والمعادن والطاقة الموريتانية، يوم 27 أيلول/سبتمبر 2012، مذكرة تفاهم مع شركة شاريوت البريطانية المتخصصة في الطاقة الانتقالية، من أجل تنفيذ مشروع “نور” الذي يُعد أحد أهم مشروعات الهيدروجين في أفريقيا. وتبلغ الطاقة الإنتاجية لمشروع “نور” للهيدروجين الأخضر نحو 10 غيغاواط من مصادر الطاقة النظيفة، باستثمارات تصل إلى نحو 3.5 مليار دولار أمريكي، ما يشكل إضافة كبيرة لقطاع الهيدروجين الأخضر في موريتانيا.
وسبق لوكالة الطاقة الدولية أن ذكرت في تقاريرها “أن موريتانيا قادرة على إنتاج الهيدروجين المتجدد بكلفة تنافسية تبلغ نحو دولارين أمريكيين للكيلوغرام الواحد بحلول عام 2030”.
وتسعى حكومة نواكشوط لتطوير قطاع الهيدروجين الأخضر، عبر عدة آليات، بينها البحث عن شركات دولية يمكنها المساهمة في تحقيق هذا الهدف، بما يضمن وصول جميع السكان الموريتانيين إلى الكهرباء بحلول عام 2030، وهو ما اعتبره مختصون في المجال، مشروعاً طموحاً، وليس مستحيلاً، بشرط أن يتم الدعم المناسب.
وتشير دراسة أجرتها شركة Chariot إلى أن موريتانيا تمتلك جميع المقومات اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بكميات كبيرة وبتكلفة منخفضة وبقدرة إنتاجية تفوق 20 مليون طن للسنة.
وضمن الاهتمام العالمي بتطوير برامج الهيدروجين في موريتانيا، وافق البنك الدولي على منح قرض بقيمة 86.9 مليون دولار لموريتانيا، بهدف تطوير برنامج يتعلق باستغلال هذه الموارد الطبيعية، عبر تطوير بنية تحتية تلبي معايير الأمان الدولية مخصصة لإنتاج الهيدروجين الأخضر من الماء، لاستخدامه بعد ذلك كمصدر للطاقة والوقود.
والمؤمل هو أن ينتج عن هذا المشروع نظام بيئي كامل يوفر الكهرباء للجميع، ويخلق آلاف الوظائف، ويضع موريتانيا كواحدة من أكبر الدول المنتجة للطاقة النظيفة ذات التأثير المحدود على البيئة.