نواكشوط ـ «القدس العربي»: بينما يستعد الموريتانيون بعد غد السبت للتوجه إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد، أكد المترشحون المعارضون تخوفهم من التزوير ومن تأثير المال السياسي على نتائج الانتخابات المنتظرة.
وعضدت تصريحات، أدلى بها لـ «القدس العربي» أمس محللون سياسيون متابعون لهذا الشأن، ما أكدته إدارات حملات كل من المترشحين الرئاسيين سيدي محمد ولد ببكر ومحمد ولد مولود بخصوص «التهيئة لعمليات تزوير واسعة، وفتح الباب أمام جمع الدعم المالي لمرشح النظام المنصرف محمد ولد الغزواني».
وأكد سيدي محمد ولد ببكر، الذي يوصف بأنه أبرز منافس للجنرال غزواني مرشح النظام، «أن رفض الحكومة لتعيين ممثلين للمعارضة في لجنة الانتخابات ورفضها لدعوة مراقبين دوليين، وإسنادها طباعة بطاقة التصويت لأحد أبرز التجار الداعمين لمرشحها، كل هذا يعتبر تحضيراً للتزوير»، حسب تعبيره.
وأكد محمد الأمين الفاضل رئيس تنظيم «من أجل موريتانيا»، في توضيحات لـ»القدس العربي»، أمس «أنه من المؤكد أن المال السياسي أصبح يؤثر بشكل جوهري على التنافس الانتخابي، وبالتالي على نتائج أي عملية انتخابية».
وقال: «الحديث عن المال السياسي يستوجب التفريق بين نوعين من هذا المال؛ مال ينفق بشكل مشروع، أي أنه ينفق على الحملات الإعلامية للمترشحين وعلى التجهيزات وعلى كل الاحتياجات التي لم يعد بالإمكان الحديث عن أي حملة انتخابية ناجحة بدون الإنفاق عليها، وهذا المجال حتى وإن كان الإنفاق عليه لا يطرح أي إشكال قانوني إلا أن خطورته تكمن في كونه يمنح امتيازاً تنافسياً للمرشح المحسوب على النظام، فرجال الأعمال لا يتبرعون في العادة إلا للمرشحين المحسوبين على النظام، وبذلك يستفيد المرشح المحسوب على النظام من موارد مالية لا يستفيد منها منافسوه».
«في هذه النقطة، يضيف الفاضل، يمكن أن نشير إلى القانون رقم 035/2006 الصادر بتاريخ الثاني من نوفمبر / تشرين الثاني عام 2006 (المرحلة الانتقالية الأولى)، هذا القانون الذي لم يطبق منذ صدوره يحدد السقف الأعلى للإنفاق في الانتخابات الرئاسية بعشرة ملايين أوقية قديمة لكل مقاطعة، وهو ما يعني أن المبلغ الكلي لأي حملة رئاسية يجب أن لا يتجاوز 590 مليون أوقية قديمة على عموم التراب الوطني، فلو أن هذا القانون تم احترامه لكانت المنافسة أفضل، ولغاب بالتالي تأثير المال، ذلك أن كل مرشح جاد يتقدم للانتخابات الرئاسية سيكون بإمكانه توفير هذا المبلغ».
«أما النوع الثاني من المال، يضيف الفاضل، فهو المال الذي ينفق بطرق غير مشروعة، وهنا يمكن أن نتحدث عن شراء الذمم وعن التأثير على الإرادة الحرة للناخبين من خلال الإغراء بالمال، ومثل هذا الإنفاق أصبح يشكل ظاهرة عادية ومألوفة مع كل حملة انتخابية، لكن خطورة هذا المال ليست في كونه يتعلق بإنفاق مشروع قد يؤثر على اختيارات الناخب، بل لأنه يتعلق بإنفاق غير مشروع لتحقيق أهداف غير مشروعة، وهو في المحصلة النهائية يحول العملية الانتخابية من عملية قائمة على تنافس في الأفكار والبرامج بين المترشحين للتأثير على الناخبين، إلى مجرد صفقة تجارية بين المرشح والناخب».
وفي رأي آخر، يقول الطالب إبراهيم، رئيس القسم الاقتصادي بالوكالة الموريتانية للأنباء: «إن التخلف يلعب دوراً أساسياً في شيوع استخدام المال السياسي عموماً وفي الحالة الموريتانية بشكل خاص في الاستحقاقات الانتخابية، حيث يمثل المال السياسي الوسيلة الأهم لاستقطاب الناخبين».
وأضاف: «كما أن غياب ثقة بعض فئات الناخبين في وعود السياسيين وبرامجهم الانتخابية يساهم هو الآخر في شيوع استخدام المال السياسي لاستمالة الناخبين وهو ما يتجلى في الحالة الموريتانية كذلك حالياً من ضعف البرامج الانتخابية التي يكشف غياب دورها كعامل أساسي في التنافس الانتخابي، وهو ما يعني أن المرشحين أو أغلبهم بات مدركاً أن عوامل أخرى يتصدرها المال السياسي هي الفيصل في كسب ود فئات عريضة من الناخبين».
وضمن تخوفات المترشحين من تأثير المال السياسي، حذر المختار ولد الشيخ، مدير حملة المرشح الرئاسي محمد ولد مولود على مستوى العاصمة الاقتصادية نواذيبو، مما سماه «خطورة جمع الأموال للمرشح الرئاسي محمد ولد الغزواني». وقال ولد الشيخ، الذي كان يتحدث أمس في أمسية انتخابية :»إن مدير المصادر البشرية في الشركة الوطنية للصناعة والمناجم بعث برسالة إلى رؤساء القطاعات من أجل جمع تبرعات مالية لحملة غزواني»، حسب قوله. وانتقد مدير الحملة ما قال إنه «تدخل من السلطات المحلية في تعيين رؤساء مكاتب التصويت كنوع من التهيئة للتزوير».
وحذرت افتتاحية حزب الصواب المعارض الداعم للمترشح بيرام ولد الداه من التحضير لموجة تزوير واسعة.
وأكد الحزب أن «قوى البلاد السياسية خاضت نضالاً مستميتاً في مواجهة تزوير إرادة الناخبين التي استوطنت الإدارة الموريتانية بقوة منذ انتخابات 1991 إلى الآن».
«وَكان فرض بطاقة التصويت الموحدة وتشكيل لجنة الإشراف المستقلة، يضيف الحزب، من أبرز ما تم الحصول عليه في مواجهة اصطفاف بنيوي إلى جانب السلطة ومرشحيها، قبل أن تبتكر السلطة برهابها الفطري والمتجدد من الشفافية ونزاهة الانتخابات، طرق سيطرة وتحكم جديدة على هذين المكسبين، كما تأكد بالقرائن المتواترة التي تعززت مع الزمن عبر التلاعب بالبطاقة الموحدة من محل طباعتها في انتخابات 2009 الرئاسية، وكما تأكد باليقين المعزز بعشرات الأمثلة والنماذج على تحويل لجنة الإشراف المستقلة في طلعتها الأولى، التي تمت 2012 إلى ملحق إداري تابع لمصالح وزارة الداخلية، تنفذ بواسطته ما لم يخطر على بال عتاة حكامها وولاتها الذين مردوا على الجور والحيدة والميل، وتفتقت عبقرياتهم في مختلف المواسم عن موبقات من التلاعب والتزوير نكتها ما زالت محكية على كل لسان».
«إن هم السلطة القائمة ومبتغى غايتها، يضيف حزب الصواب، تحقيق ما توده سلطة تعيش في غروب عهدها، لكنها مصرة من أعلى هرمها على تزييف المصطلحات وبلطجية الخطاب والحديث عن (مرشح إجماع) في وقت تتوارد فيه صور مهرجانات مرشحي المعارضة وهي تضج بها الساحات والشوارع في طول البلاد وعرضها متحدية صعوبة المناخ وشح الوسائل، للتأكيد بالدليل القاطع أنها قادرة في مسلكها الجماهيري المتوثب على حماية خيارات شعبها الانتخابية، وأنها ماضية نحو التغيير الديمقراطي رغم أنف النظام ولجنته، وهي تتوق للالتحاق بشعوب كسرت قيدها وثارت على الظلم والعسف والعيش بين الحفر».