نواكشوط – «القدس العربي»: في خطوة قد تقود لمحاكمة الرئيس الموريتاني السابق، محمد ولد عبد العزيز، وعدد من أقربائه ومعاونيه، أجاز البرلمان الموريتاني، أمس، بالإجماع قانوناً نظامياً يلغي ويحل محل القانون النظامي رقم 021 – 2008 المتعلق بتشكيلة ومهام ونظام محكمة العدل السامية المختصة في محاكمة الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء.
ويتمنى خصوم الرئيس السابق، وغيرهم من متابعي الفساد، أن يكون التصديق على هذا القانون خطوة نحو انتخاب رئيس وأعضاء محكمة العدل السامية، ليتسنى لها محاكمة الرئيس السابق وأقربائه ومعاونيه ممن ثبتت ضدهم تهم تتعلق بالفساد ونهب المال العام في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية الذي دقق فيه على مدى ستة أشهر حالة صفقات نفذها النظام السابق بطرق أكد التقرير أنها «غامضة ومخالفة لقانون الصفقات العمومية».
وأكدت لجنة العدل والداخلية والدفاع في الجمعية الوطنية، في تقرير قدمته خلال جلسة التصويت، أن «مراجعة القانون النظامي رقم 021 – 2008 المتعلق بمحكمة العدل السامية، أصبحت مسألة ضرورية».
وأوضحت أن «مقترح التعديل الحالي سيمكن من تحقيق ثلاثة أهداف تتمثل في مطابقة القانون المذكور مع الدستور بعد التعديلات الدستورية الأخيرة التي ألغت غرفة الشيوخ التي كان ينتمي إليها نصف أعضاء محكمة العدل السامية، وتطبيق الأحكام الواردة في المادة 92 من الدستور التي تنص على وجوب تشكيل محكمة العدل السامية بعد كل تجديد عام للجمعية الوطنية، وتمكين محكمة العدل السامية من لعب دورها في تعزيز الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي وحماية الأموال العامة».
وأشارت اللجنة «إلى أن مقترح القانون جاء نتيجة جهد توافقي حاز على إجماع مختلف فرق الجمعية الوطنية، بهدف الاستجابة للتطورات التشريعية في البلاد والاستفادة من التطور الحاصل في تنظيم هذا النوع من المحاكم، وأنه بالرغم من التحسينات التي أدخلها المقترح على القانون الساري المفعول فإنه يظل بحاجة إلى الدراسة المعمقة لتحسينه وتكميله».
وأكد نواب مختلف الفرق في مداخلاتهم «أن القانون الجديد سد ثغرة ظلت قائمة في الترسانة القانونية الوطنية دون مسوغ مقبول، كما هيأ الأرضية الملائمة لتشكيل هيئة أسند إليها الدستور مهام حيوية بالنسبة لاستقرار البلاد وتنميتها».
وطالب النواب «باستحضار الطبيعة الإجرائية لمقترح القانون النظامي، والابتعاد عن كل ما من شأنه إعاقة تشكيل المحكمة أو سير عملها، سواء تعلق الأمر بعدم تحديد تاريخ التشكيل وآلية انتخاب الأعضاء واستبدالهم أو بعدم توضيح المأمورية المسندة إليها، أو تعلق بزيادة عدد القضاة عن الحد الضروري وعدم ضمان الاستقلالية التامة بعيداً عن الخضوع لأي محكمة أخرى أو لأي أجندة سياسية قد تسعى لاستغلالها لتحقيق أغراض خاصة».
وأكد وزير العدل الموريتاني، حيمودة ولد رمضان، أن «تعديل قانون محكمة العدل السامية جاء في الوقت المناسب لاستكمال الهيئات الدستورية، حيث إنه يحدد قواعد سير عملها والإجراءات المتبعة أمامها»، وهو ما يفرض، حسب قوله، «إحاطة النص المقترح بكثير من العناية حتى يتاح لهذه الهيئة أن تتشكل وتتمكن من توفير الشروط الملائمة للقيام بالمهام الموكلة إليها».
وأوضح «أنه لا ينبغي النظر إلى تشكيل محكمة العدل السامية على أنه إجراء موجه ضد أي كان، بل هو تفعيل لهيئة دستورية أسندت إليها مهمة مساءلة بعض المسؤولين الذين يمنحهم الشعب ثقته على أساس برامج والتزامات معينة ثم لا يفون بالتزاماتهم تجاهه».
وخلال جلسة المصادقة، طالب النائب البرلماني، محمد بوي الشيخ محمد فاضل، «بإجراء تعديل للمادتين 92 و93 من الدستور لتسهيل مساءلة الرؤساء السابقين».
وقال: «سيكون ذلك رادعاً من جهة وضامناً لحقوق المواطنين من جهة أخرى».
وبدأ البرلمان الموريتاني، الإثنين الماضي، نقاش تعديل القانون النظامي رقم 002-20 الذي يلغى ويحل محل القانون النظامي رقم 021-2008 المتعلق بمحكمة العدل السامية.
وتنص المادة 92 (جديدة) من الدستور الموريتاني على أنه: «تنشأ محكمة عدل سامية، وتتشكل من أعضاء منتخبين، من بين أعضاء الجمعية الوطنية بعد كل تجديد عام، ويتم انتخاب رئيس من بين أعضائها، ويحدد القانون النظامي تشكيل محكمة العدل السامية، وقواعد سيرها وكذلك الإجراءات المتبعة أمامها».
وتنص المادة 93 (جديدة) على أنه «لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولاً عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى؛ ولا يتهم رئيس الجمهورية إلا من طرف الجمعية الوطنية التي تبت بتصويت عن طريق الاقتراع العلني، وبالأغلبية المطلقة لأعضائها، وتحاكمه في هذه الحالة محكمة العدل السامية».
وتنص المادة نفسها على «أن رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة مسؤولون جنائياً عن تصرفاتهم خلال تأدية وظائفهم والتي تكيف على أنها جرائم أو جنح وقت ارتكابها، وتطبق عليهم الإجراءات المحددة أعلاه في حالة التآمر على أمن الدولة وكذلك على شركائهم، وفي الحالات المحددة في هذه الفقرة، تكون محكمة العدل السامية مقيدة بتحديد الجرائم أو الجنح وكذا تحديد العقوبات المنصوص عليها في القوانين الجنائية النافذة وقت وقوع تلك الأفعال».