نواكشوط ــ “القدس العربي”:
يواصل الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز معركة كسر العظم مع النيابة التي أغلقت مقر حزب الرباط في العاصمة بحجة أنه من أملاك الرئيس السابق المشمولة بالحجز القضائي.
وتأتي عملية إغلاق المقر المطوق من عناصر الشرطة، بعد أن عقد الرئيس السابق داخله نقطة صحافية وجه خلالها انتقادات للسلطات في مسعى منه، حسب ما يقوله خصومه، “لتحويل ملفه الخاص بالفساد إلى ملف سياسي”.
وتزامنت هذه الحادثة مع شكوى تقدم بها نواب البرلمان الموريتاني إلى وكيل النيابة بمحكمة نواكشوط الغربية، ضد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز اتهموه فيها بـ “القذف والتشهير”.
وأكد مصدر في البرلمان على صلة بهذه القضية أن نواب البرلمان وقعوا عريضة الشكوى المقدمة ضد الرئيس السابق بشكل فردي.
وكان ولد عبد العزيز قد اتهم النواب، خلال مؤتمره الصحافي الأخير، بتلقي رشوة مقابل التصويت على تشكيل لجنة التحقيق البرلمانية التي فتحت ملفات فساد مقترف خلال سنوات حكمه.
وقال المصدر البرلماني «نتهم الرئيس بالقذف لأنه اتهمنا بالرشوة التي مست على نحو فاضح سمعتنا لدى الرأي العام ولدى من انتخبونا«.
وعزز النواب شكواهم بنسخة من مقابلة ولد عبد العزيز مع صحيفة «جون أفريك« التي صرح لها باتهامه للنواب بتلقي رشى.
وأكدت الفرق البرلمانية في بيان وزعته الأسبوع الماضي، “أنه على الرئيس السابق «إثبات اتهامه لهم بالرشوة أو نيل العقاب«.
وضمن هذه التجاذبات احتج حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق وبناء الأجيال، الذي انضم له الرئيس السابق مؤخرا، في بيان احتجاج على إغلاق مقره بالعاصمة أن “السلطات الأمنية للنظام الرجعي الموريتاني، حسب تعبيره، أقدمت في ساعة متأخرة من فجر اليوم الأربعاء، خلسة وتحت دجى الظلام متسللة بين خيوط الفجر الأولى إلى المقر الاتحادي لحزب الرباط مستهدفة يافطات الحزب التي تحمل اسمه وشعاره”.
وأضاف حزب الرباط “إن تسلل قوى الأمن ذراع الترهيب والبطش للنظام القائم في الظلام، لمحاصرة مبان اتحادية لحزب ديمقراطي وحقوقي يعمل ضمن حدود القانون التي تسمح له بها الحريات السياسية والديمقراطية، لدليل على مستوى الانحدار الخطير في تراجع الحريات والانهيار المرعب لمنظومة القيم والأخلاق والأعراف الديمقراطية، التي ظل هذا النظام ورموزه وبيادقة الإعلامية والسياسية يتشدقون بها، وهي دليل آخر وبرهان ساطع على الانتهاكات الصارخة والخروقات البينة لدستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية، الضامن للحقوق والحريات والفاصل بين السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية”.
وأضاف “هذا النظام متغول على القضاء من خلال تسييسه وتحريكه خارج المساطر القانونية عبر لوائح الاتهام المعروفة، في تجيير واضح ومكشوف لصالح الجهاز التنفيذي الذي هو أداة النظام الاستبدادي القائم لتركيع خصومه السياسيين واستهداف المخالفين لرغباته ونزواته بتصفية حساباته السياسية مع الرموز الوطنية ورجال الأعمال الأحرار والصحافة الشريفة المستقلة والشخصيات الفكرية والأكاديمية والثقافية الحرة، في حركة عبثية يائسة وبائسة لترهيب الأحرار”.
“وليس استهداف مقرات حزب الرباط ومنازل إقامة الرئيس السابق السيد محمد ولد عبد العزيز وتسريح الصحفيين والإداريين والموظفين الساميين وتجييش النواب المتزلفين والمتملقين سابقا والمتآمرين لاحقا، يضيف حزب الرباط، إلا حلقة صغيرة من حلقات مسلسل الأخلاق والتطبع السياسي الذي بشر به النظام الحاكم الذي هو حصيلة مساوئ كل الأنظمة التي تعاقبت على حكم البلاد منذ الاستقلال إلى اليوم”.
وتابع “وعليه فإننا في حزب الرباط الوطني من أجل الحقوق إذ نندد بأقوى عبارات التنديد والشجب بهذا السلوك والتصرفات الليلية غير القانونية واللاديموقراطية، فإننا لنؤكد لهذا النظام ولدوائره الأمنية وأذرعه السياسية والقضائية إصرارنا وتمسكنا بضرورة احترام القوانين والحريات والحقوق التي يكفلها الدستور”.
وزاد حزب الرباط “سنرد على هذا الإغلاق التعسفي الجائر الليلي للمقر الاتحادي لحزب الرباط الوطني، بافتتاح 52 مقرا على عموم التراب الوطني في الأيام والأسابيع القليلة القادمة”.
ووجهت النيابة العامة في موريتانيا منتصف مارس الماضي إلى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز 10 تهم، بينها غسل الأموال والإثراء غير المشروع، واستغلال النفوذ، وإساءة استغلال الوظيفة، ووجهت تهما متفاوتة إلى 12 من أركان سلطته ومقربيه.
ووضع قطب التحقيقات في النيابة العامة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز تحت المراقبة القضائية، وألزمته بالتوقيع بالحضور لدى أحد مراكز الشرطة 3 مرات في الأسبوع، كما ألزمته بالبقاء في العاصمة نواكشوط وعدم مغادرتها إلا بإذن منه.
ويعود هذا الملف الحساس إلى تقرير أصدره البرلمان الموريتاني في يونيو/حزيران الماضي، وتضمن “اتهامات للرئيس السابق بوجود شبهات فساد”.
وأجرت لجنة من البرلمان الموريتاني تحقيقا في ملفات فساد، استمر من يناير/ كانون الثاني إلى نهاية يونيو/ حزيران الماضيين، انتهى بتقرير أحيل للقضاء.