نواكشوط – «القدس العربي»: جدد قرار اتخذه الرئيس الغزواني وأعلن عنه أمس الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية، يقضي بتعيين الوزير الأمين العام للرئاسة يحيى أحمد الوقف، مشرفاً على لجنة التحضير للحوار السياسي الموسع، الأمل في إمكانية تنظيم هذا التشاور الذي طال انتظاره والذي يطالب به الجميع.
وأكد ماء العينين أييه وزير التهذيب، الناطق باسم الحكومة الموريتانية، “أن تعيين الوزير الوقف مشرفاً على تحضير الحوار جاء استجابة من رئيس الجمهورية لطلب من المعارضة، وعلى إثر عدم اتفاق الأطراف على تسمية لجنة إشراف مشتركة”، مبرزاً “أن الرئيس الغزواني حريص على تنظيم حوار شامل لا يقصي أحداً”.
ورغم الإعلان عن هذه الخطوة، فإن مراقبي هذا الشأن يتساءلون عن مدى تأثير نقل رئيس الحزب الحاكم سيدي محمد ولد الطالب أعمر إلى الحكومة على مسار الحوار حيث عين وزيراً للمياه، قبل أيام.
فقد أصبح من اللازم عقد مؤتمر طارئ للحزب الحاكم لتعيين رئيس جديد للحزب، وهو أمر قد يؤخر تنظيم الحوار الذي يدير الحزب الحاكم جانبه المتعلق بالحكومة، مع أن مقربين من الحزب يرون أن تعيين رئيس جديد للحزب لا يتطلب وقتاً طويلاً، وهم يتوقعون انطلاقة الحوار بعد شهر رمضان الجاري.
وجاء تعيين تكليف الوزير الوقف الذي عاد بقوة للواجهة السياسية في التعديل الوزاري الأخير، تالياً لجدل ساخن بين الأغلبية الحاكمة والمعارضة حول الجهة التي تعرقل الحوار؛ فالمعارضة ترى أن الأغلبية الحاكمة تماطل منذ أكثر من سنتين دون أن تحسم القضايا المتعلقة بإطلاق الحوار السياسي المنتظر، بينما ترى الأغلبية أن الخلافات داخل المعارضة وعدم تمكن أطيافها من الاتفاق حول المشاركة في الحوار وسعي بعض أطياف المعارضة لإقصاء أطياف أخرى، هو السبب الحقيقي في تأخر تنظيم الحوار. وشكك محمد محمود ولد سيدي رئيس حزب التجمع الوطني للإصلاح (المحسوب على الإخوان) في نيات السلطة إزاء قضية الحوار. فقد أكد في تصريحات له قبل يومين “أن ما يراه حزب التجمع وما تراه في المعارضة بصفة عامة هو أن السلطة غير جادة فيما يظهر في موضوع الحوار، فهي من أخر تسمية المشرف عليه، وهي من يعرقل جلساته”.
وقال: “الكرة في مرماهم منذ أشهر، بل أكثر من ذلك في الواقع منذ وصولهم للسلطة، ونحن نطالبهم بالحوار لكنهم يتهربون تحت عناوين مختلفة، مرة يقولون ليست لدينا أزمة تستدعي الحوار، ومرة يريدون حواراً في مواضيع دون أخرى، وهم كما ترون، يحسمون مواضيع الحوار بشكل أحادي كما وقع في التقطيع الإداري وفي موضوع التعليم، وأخيراً في قضية الإرث الإنساني؛ وكلها قضايا في صميم جدول أعمال الحوار المفترض”.
وقال: “نحن دعاة حوار، تشهد بذلك مواقفنا وبياناتنا؛ لقد أصدرنا قبل سنتين وثيقة سياسية دعونا للإعلان عنها كل الطيف السياسي وكان عنوانها “رؤيتنا للإصلاح”، من أجل تحول توافقي وقد ضمناها تشخيصنا لواقع البلد ورؤيتنا للحل”.
وأكد ولد سيدي “أن موريتانيا تحتاج حواراً جدياً لا يقصى طرفاً ولا يستثني موضوعاً”، مضيفاً قوله: “سنظل نتشبث بذلك إن شاء الله، نقول ذلك، ولكننا لا نملك أدوات فرض الحوار، لذا بدأ اليأس يتسلل إلى النفوس، ويوشك أن تتفاقم الأزمة الأمنية والاجتماعية ثم لا يجدي الحوار في تداركها”، حسب تعبيره.
وكانت أحزاب المعارضة الموريتانية قد أكدت في بيان أخير لها “أنه لم يعد بمقدورها بعد الآن الانتظار إلى أجل غير مسمى من أجل حوار تأخر مراراً وتكراراً، لاعتبارات غير مفهومة”.
وورد هذا الموقف في سياق بيان وقعته أحزاب اتحاد قوى التقدم، وائتلاف العيش المشترك، وائتلاف العيش المشترك/حقيقة وتصالح، والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية، وتكتل القوى الديمقراطية، وحزب التناوب الديمقراطي.
وأضافت المعارضة في بيان انتقدت فيه الأوضاع: “بقدر ما لم يعد بمقدورنا بعد الآن الانتظار إلى أجل غير مسمى من أجل حوار تأخر مرارا وتكراراً، بقدر ما سنظلُّ مستعدين للمشاركة في ديناميكية التشاور، حسب آجال زمنية مقبولة”.
وزادت: “بما أنّ هذا الحوار قد استوفى شروطاً مقبولة، فإننا نلفت انتباه السلطات إلى أن الوقت قد حان لإطلاقه، بُغية إعادة الأمل إلى الموريتانيين، والمضي قدماً في تعزيز اللحمة الوطنية، وترسيخ الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتنفيذ برنامج واسع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية يضمن نمو البلاد وازدهارها”.
غير أن السؤال المطروح هو: هل ستتسع الفترة القصيرة المتبقية من مأمورية الرئيس الغزواني والمشحونة بالإصلاحات التي يواصلها الرئيس منذ أسابيع لتنظيم حوار يتمخض عن نتائج مقبولة، وهل ستتسع لتنفيذ مخرجات ذلك الحوار إذا ما تم؟
يرى كثيرون أن الحوار قد ينظم، لكن تطبيق مخرجاته قد لا يتاح قبل انتخابات 2023 الرئاسية، مما يجعل احتمال إدراج نتائجه ضمن البرنامج السياسي للرئيس المقبل الذي تؤكد المعطيات القائمة أنه لن يكون سوى الرئيس الغزواني نفسه.