موريتانيا: المجلس الدستوري يبدأ النظر في طعون قدمها دفاع الرئيس السابق

عبد الله مولود
حجم الخط
0

نواكشوط- “القدس العربي”:

بدأ المجلس الدستوري الموريتاني الثلاثاء، النظر في طعون تقدم بها إليه دفاع الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، وذلك بعد أن أحالت المحكمة الجنائية المختصة في محاربة الفساد إلى المجلس ملفه الشامل لعدد من أقربائه وأعوانه.

وأكد منسق هيئة الدفاع عن الرئيس السابق المحامي محمدن ولد اشدو، أن “مجموعة المواد التي قدموا طعنا فيها مخالفة للدستور”، معتبرا أن “تقديم الطعن فيها حق مكفول قانونيا”.

واستنكر ولد اشدو “المتابعة غير القانونية في حق موكلهم”، والتي رأى أنها “تخالف صريح الدستور”، مؤكدا أن موكلهم “متهم ومتابع ومحاكم أمام القضاء العادي الذي لا علاقة له به ولا سلطان له عليه، في مخالفة صريحة للمادة 93 من الدستور”.

وطعن دفاع الرئيس السابق في المادة 16 من قانون الفساد والتي تنص على أنه على المتهم بالفساد تبرير ثروته، حيث اعتبر الدفاع أن “هذه المادة تنافي قرينة البراءة التي تنص على أن البينة على المدعي”.

كما قدم طعنا في المادة 47 قانون الفساد، والتي تنص على منح جزء قدره 10% من محجوزات المحكوم بمصادرتها لصالح هيئات البحث والتحقيق، الذي يرى دفاع ولد عبد العزيز أنه “يمثل تحفيزا غير مشروع ويحوّل القضاة إلى محصلين”.

وقدم دفاع الرئيس السابق كذلك طعنا في المادة 278 من قانون الإجراءات الجنائية، التي تحظر استعمال أي جهاز للتسجيل أو الإذاعة أو كاميرا أو تلفزيون أو أجهزة للتصوير أو هواتف نقالة.

لكن عضو هيئة الدفاع عن الدولة الموريتانية في الملف رقم 001/2021 المعروف بـ”ملف العشرية” الأستاذ عبد الله أكاه، وصف في تصريحات مضادة، طعونَ دفاع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز أنها “نوع من مطاردة الدخان”.

وقال في تصريحات نقلتها وكالة “الأخبار” الموريتانية المستقلة، إن “دفاع الرئيس السابق يظهر من خلال خطواته أن لديه مآرب أخرى ومرامي غير متعلقة بالدفع”.

ولفت المحامي ولد اكاه النظر إلى أن “الدفع بعدم الدستورية يمثل دعوى عينية، ومن المفترض أن يتعلق أساسا بنزاع أحد أطراف خصومة قضائية مع نص تشريعي يرى في انطباقه عليه مساسا بحقوقه وحرياته”.

وتوقف ولد اكاه خلال المقابلة، أمام المواد الثلاثة التي أثارت هيئة دفاع الرئيس السابق عدم دستوريتها أمام المحكمة، متسائلا: “هل يمس تخلف المادة 278 حرية أو حقا عاما يتضرر منه المتهم محمد ولد عبد العزيز؟”، مردفا قوله: “كلا”.

وأضاف أن “الطعن في هذه المادة نوع من العبثية لا وجاهة له”، مثيرا معطى يتعلق بكون “مَن يدفعون بعدم الدستورية كانوا يترافعون بالأمس ولم يدفعوا من قبل بعدم دستوريتها”.

ورأى ولد أكاه أن “القارئ المتبصر للمادة 16 من قانون مكافحة الفساد سيلاحظ أنها لا تمس بقرينة البراءة ولا تنال منها”، مضيفا أنها “لكي تفهم في سياقها يلزم أن لا تقرأ لوحدها وإنما في سياق النصوص التي تدور معها في نفس الفلك”.

وعن ثنائية “الثراء غير المشروع” و”قرينة البراءة”، واصل عضو هيئة دفاع الدولة الحديث، مضيفا أن القانون “أوجب على الرئيس التصريح بالممتلكات التي بحوزته وبحوزة أسرته وبنشرها غداة تولي الحكم، مما يعني أن هناك واقعة معلومة هي التصريح، وواقعة مجهولة هي الاتهام بالثراء غير المشروع”.

 وأضاف: “هذه الواقعة المجهولة سيتم استخلاصها من الواقعة المعلومة، وهذا ما يسمى بالقرائن الواقعية” وهذه القرائن “موكولة لاجتهاد القاضي ولا يأخذ بها إلا إذا كانت متضافرة ومتماسكة مع تعليل الحكم”.

وعن الدفع بعدم دستورية المادة 47 من قانون مكافحة الفساد، وكون القاضي له مصلحة في المال المسترد جنائيا في الملف، قال ولد اكاه إن “الأمر ليس على إطلاقه”، معرجا على مراحل يمر بها استرداد الأموال “الذي هو مقصد مكافحة الفساد”.

ونوه ولد اكاه إلى أن “مصادرة الأموال لا تتم إلا بقرار قضائي، وهذه هي الميزة التي أخذ المشرع الموريتاني عكس بعض الدول التي اعتمدت المصادرة الإدارية”.

وقال عضو هيئة دفاع الدولة إن “المشرّع الموريتاني بعد المصادرة وإرجاع الأموال للخزينة العامة قال بوجود أفضلية منحت للهيئات التي يمر بها استرداد الأموال منحت لها كهيئات بهدف مساعداتها من ناحية التكوين واقتناء جميع الوسائل التي تمكن من محاربة ظاهرة الفساد”.

ويواجه ولد عبد العزيز اتهامات بالفساد وغسيل الأموال والإثراء غير المشروع، ضمن شخصيات أخرى كانت تعمل معه خلال حكمه للبلاد، في الفترة من 2009 وحتى 2019.

وبحسب ما هو معلن، فإن العدالة الموريتانية جمدت حتى الآن 41 مليار أوقية قديمة (أكثر من 100 مليون دولار) في إطار ملف العشرية، أكثر من نصفها كان من ممتلكات ولد عبد العزيز وأفراد عائلته.

ويدافع عن ولد عبد العزيز فريق يضم عشرات المحامين من بينهم أجانب، فيما يدافع عن الدولة (الطرف المدني) فريق يضم أكثر من ستين محاميا.

وانطلقت محاكمة ولد عبد العزيز يوم 25 يناير الماضي، لتبدأ معركة بين المحامين، تمحورت بالأساس حول اختصاص المحكمة والطعن في دستورية المحاكمة، إذ تمسك فريق الدفاع بالمادة 93 من الدستور الموريتاني، التي يقول الفريق إنها تمنح ولد عبد العزيز حصانة دستورية.

ولكن الادعاء العام وفريق الدفاع عن الطرف المدني رفضوا الطعن في دستورية المحاكمة، وقالوا إن حصانة رئيس الجمهورية لا تكون إلا فيما يتعلق بمهامه الدستورية كرئيس للجمهورية، مؤكدين أن التهم الموجهة إلى ولد عبد العزيز لا تدخل ضمن دائرة مهامه الدستورية.

وتقدم فريق الدفاع بعدد من الدفوع الشكلية إلى هيئة المحكمة، ودار حولها نقاش استمر لقرابة ثلاثة أسابيع، قبل أن تؤجل المحكمة النظر فيها حتى نهاية المحاكمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية