موريتانيا: عشرات العلماء والقضاة يطالبون الرئيس بإعادة فتح مركز تكوين العلماء

حجم الخط
0

طالب العشرات من علماء وقضاة وشيوخ المدارس الفقهية في موريتانيا، أمس، الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بإعادة فتح مركز تكوين العلماء الذي أسسه ويرأسه العلامة الموريتاني الشاب الشيخ محمد الحسن ولد الددو.
وأغلقت السلطات الموريتانية قبل أسابيع المركز المذكور ضمن إجراءات أسست لها انتقادات شديدة وجهها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مؤخرا للتيار الإسلامي الموريتاني شملت إغلاق جامعة بن ياسين المحسوبة على نشطاء في جماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا.
وأكد العلماء الموقعون على الرسالة «ثقتهم الكاملة بحرص الرئيس على مصلحة البلد، وما جعلهم يبادرون برفع القضية إليه شخصيا لاتخاذ القرار بإعادة فتح المركز نصحًا منهم له وللإسلام والمسلمين».
وأضاف الموقعون في رسالتهم: «نأمل منكم التوجيه بإعادة فتح مركز تكوين العلماء وتمكينه من أداء رسالته النبيلة ووقف الإجراءات الصادرة عن وزارة الشؤون الإسلامية اتجاه هذا الصرح العلمي في الأيام الأخيرة لكونه هو أهم معلمة علمية عصرية تشكل اليوم بحق مفخرة البلاد وأملها الكبير في استعادة ريادتها في الإشعاع العلمي والدعوي عبر العالم». وأضاف البيان: «إننا نؤكد أن واجب الدولة هو الاعتزاز بمثل هذه المؤسسات والإسهام في رعايتها وتمويلها وتذليل جميع العقبات التي تعترضها أو تحد من عطائها».
ولفت العلماء النظر في رسالتهم إلى «أنه لا يوجد سبب أنجع في صناعة التطرف والإرهاب وزعزعة الأمن والاستقرار من مضايقة أهل العلم والاستقامة المجمع على عدالتهم واعتدالهم وسعيهم في ترسيخ قيم الحق والوسطية والنصح لله ولكتابه ورسوله وللأئمة المسلمين وعامتهم». «إن ثقتنا، يضيف العلماء مخاطبين رئيس الدولة، بحرصكم على مصلحة البلد ويقيننا خطورة هذا التصرف، الدنيوية والأخروية، هي التي جعلتنا نبادر برفع القضية إليكم شخصيا ليوفقكم الله لما فيه للعباد والبلاد».
وتأتي رسالة العلماء تالية لوساطة بين النظام والإسلاميين يواصلها منذ أيام الشيخ محفوظ ولد والد مفتي تنظيم القاعدة السابق، الذي أكد في بيان أخير له «أنه قام، في إطار الجهود والمساعي التي نتشرف بالمشاركة فيها من أجل إصلاح ذات البين، وتفويت الفرصة على المتربصين ببلدنا من أعداء الوطن والدين، باتصالات بمختلف الأطراف المعنية بالتوتر الحالي، وذلك في لقاءات واتصالات متعددة، وكان آخر تلك اللقاءات لقاءه مع فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز».
وأضاف: «إن الخلاصة التي خرج بها من تلك اللقاءات تشمل نقاطًا عديدة، بينها تأكيد رئيس الجمهورية أنه ما زال، كما عهدناه، حريصًا وعاملًا على تعزيز مكانة الإسلام والعاملين له بصورة عامة، ومكانة العلم والعلماء بصورة خاصة، وأن الجمهورية الإسلامية الموريتانية دولة إسلامية، وليست علمانية».
وأوضح الشيح محفوظ «أن الرئيس ولد عبد العزيز، أكد له أن إغلاق مركز تكوين العلماء وجامعة عبد الله بن ياسين ليس جزءًا من سياسة حكومية عامة، أو توجهًا رسميًا شاملًا ضد العلم والعلماء كما يرجو المغرضون ويخاف المشفقون، بل هو مفردة معزولة وقضية منفردة».
«وفي الوقت الذي التمسنا فيه من الرئيس إعادة النظر في قرار إغلاق هاتين المؤسستين، وإعادة فتحهما، وبينا له ما نراه في ذلك من المصلحة، يقول الشيح محفوظ، أكدنا له أننا لا نعتبر ذلك موقفًا سياسيًا ضده، بل هو نصح واجب بما نراه من مصلحة، والدين النصيحة لله، ولكتابه ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم». وأشار الشيخ محفوظ إلى «أن الخلاف الحاصل حاليًا ليس خلافًا بين الإسلام وخصومه، بل هو خلاف عارض له أسباب، وما يساعد على تجاوزه تهدئة المواقف، ولجم العواطف، والبعد عن كل ما من شأنه توتير الجو، وشحن النفوس».
وأشار الشيخ محفوظ إلى «أنه لقي لدى الطرف الآخر (التيار الإسلامي) ترحيبًا كبيرًا بمبادرته للصلح، مبرزًا أنه «لمس منهم حرصًا صادقًا على كل ما من شأنه تجاوز الخلاف، وجمع الكلمة، وتحقيق المصالح، ودرء المفاسد، والتعاون على البر والتقوى، والاستعداد لتصحيح ما يتبين خطؤه من مواقف، والرجوع فيه إلى الصواب». ونقل الشيخ محفوظ عن الإسلاميين «التزامهم بالهدوء، والمحافظة على الأمن والاستقرار وتثمين إنجازات الرئيس في مجالات متعددة»، مبرزًا «أن المعطيات التي حصل عليها في وساطته مبشرة ومشجعة على استمرار هذا الجهد المبارك».
وبرغم هذه الوساطات وهذه الطلبات، لم تتراجع السلطات الموريتانية حتى يوم أمس عن قرارها الخاص بإغلاق مركز العلماء، كما أنها لم تقدم لحد يوم أمس توضيحات عن أسباب الإغلاق التي دعا نشطاء المعارضة وأنصار حزب التجمع لتقديمها للرأي العام. وشدد الشيخ محمد الحسن ولد الددو الموجود حاليًا في تركيا، التأكيد في تصريح له أخيرة على «أن إقدام السلطات الموريتانية على إغلاق المركز هو تصرف خارج القانون»، رافضًا «أي تهمة قد تلفق ضد المركز أو القائمين عليه». وأضاف الشيخ الددو «أن مركز العلماء يعمل مثل غيره من المحاظر الموريتانية، مقدمًا الدروس لأزيد من 500 طالب، كما يتولى التدريس فيه خمسة وأربعون من كبار العلماء الموريتانيين، ويؤمه الطلاب من مختلف أرجاء العالم». وأضاف «أن المركز لا علاقة له بأية دولة ولا بأي حزب ولا بأي تنظيم، ليست له أي أعمال أخرى يقوم بها، فعمله مقصور ومحصور على تعليم الناس شريعة ربهم»، حسب تعبيره. وقد فسر قرار إغلاق هذا المركز بأنه مقدمة لصدام جديد بين نظام الرئيس الموريتاني وإسلاميي حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، الذي يعتبره الأمن السياسي الموريتاني ذراعًا من الأذرع الفكرية والمالية لحزب التجمع لكونه مسيرًا من الشيخ الددو الأب الروحي لجماعة الإخوان في موريتانيا المنضوية في هذا الحزب، حسب ما يقوله خصوم هذا الشيخ.
ولم يخف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز خلال مؤتمره الصحافي الأخير تضايقه من حزب «تواصل» الإسلامي، بل ومن الإسلاميين عمومًا، حيث وصفهم بأنهم «قوة تدميرية أخطر من إسرائيل، وبأن إسرائيل أكـثر إنسانية منهم».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية