نواكشوط – «القدس العربي»: أكد نشطاء وقياديو المعارضة الموريتانية في الخارج المنضوون في تنظيم «من أجل موريتانيا» ذي التأثير السياسي الواسع، أمس «أنهم سيواصلون العمل مع جميع الفاعلين السياسيين ومع كافة القوى الطامحة إلى التغيير من أجل ضمان تنظيم انتخابات رئاسية شفافية في وقتها المحدد، (حزيران / يونيو 2019) بطريقة يُمنح فيها جميع المرشحين فرصاً متساوية ولا تنحاز فيها الدولة لأي مرشح».
جاء ذلك في البيان الختامي للمؤتمر «الذي أنهى أشغاله أمس تحت شعار «التناوب السلمي والسلس على السلطة في موريتانيا» والذي شارك فيه نشطاء المعارضة في الداخل والخارج، وقيادات المجتمع المدني والشخصيات المرجعية».
وأكد البيان «استعداد تنظيم «من أجل موريتانيا» الكامل للعمل مع الشباب الطامح للتغيير من أجل مشاركة شبابية فاعلة في فرض التناوب السلمي على السلطة، وبما يحقق طموح الشباب وآمالهم».
وجدد التنظيم الشكر «للأحزاب السياسية والشيوخ والنقابات العمالية والمنظمات الحقوقية والحركات الشبابية ونخب البلد التي شاركت في التفكير من أجل إيجاد السبل الكفيلة بفرض التناوب السلمي على السلطة في موريتانيا خلال الانتخابات الرئاسية القادمة».
وكان المؤتمر على مدى يومين، فرصة لتبادل الأفكار بين مجموعة من الخبراء والشخصيات المرجعية في مواضيع مرتبطة بالانتخابات المقبلة من خلال خمس ورشات، ناقشت أولاها الطرق والوسائل الفعالة من أجل إنجاح الانتخابات على مستوى التعبئة والتنظيم والمراقبة، بينما ناقشت الثانية قضية الديمقراطية والجيش، فيما ناقشت الثالثة ترسيخ الديمقراطية ونشر الوعي بين المواطنين، وناقشت الورشة الرابعة محاربة اختلاس المال العام واستغلال ممتلكات الدولة، بينما ناقشت الورشة الخامسة طرق النهوض بالأحزاب والمجتمع المدني والارتقاء بالعمل السياسي.
وأوصى المشاركون في ورشة «طرق ووسائل نجاح الانتخابات» في المؤتمر «بتوقيع وثيقة شرف بين المترشحين، والدعوة لأن تكون لجنة الانتخابات محل إجماع، إضافة إلى إعداد نظام قانوني لإشراك المجتمع المدني في الانتخابات؛ والدعوة لتشكيل حكومة توافقية تشرف على تنظيم الانتخابات المقبلة وتوقيف تدشين النشاطات الحكومية قبل ثلاثة أشهر من بدء الاقتراع».
ولاحظ المشاركون في ورشة «دور الشباب في فرض التناوب السلمي على السلطة»، عزوف الأوساط الشبابية عن الانخراط في العمل السياسي بسبب التهميش»، مؤكدين «ضرورة العمل على تنسيق مشترك بين جميع الحركات والتنظيمات السياسية للوصول إلى الهدف المنشود؛ وإشراك الشباب في اختيار مرشح موحد للمعارضة لخوض الانتخابات القادمة وإنشاء منصة إلكترونية لخدمة الهدف الموحد، وصياغة خطاب فيسبوكي موحد».
وأرجع المشاركون في ورشة «المؤسسة والتحول الديمقراطي»، أسباب انحشار الجيش في السياسة لجملة من الأسباب، من أهمها حرب الصحراء الغربية وتبعاتها والتأثر بالمناخ الإقليمي ونقص المشروعية للأنظمة المدنية وغياب الوعي الديمقراطي».
وأكد المشاركون في هذه الورشة «وجود سيطرة للنظام العسكري مع ضعف المجتمع المدني ومع استغلال النظام للأوضاع الأمنية داخلياً وخارجياً لتكريس السيطرة».
واقترح المشاركون «سن قانون يمنع العسكريين من الترشح قبل مضي خمس سنوات على تقاعدهم من الخدمة العسكرية؛ وإلغاء التصويت المنفرد للجيش؛ والدفع نحو توافق بين مكونات المجتمع المدني لتحييد المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي وحظر انخراط ضباط الجيش في الحملات السياسية».
وعلى مستوى ورشة «المال الحرام جريمة في حق الديمقراطية»، لاحظ المشاركون «تراجع موريتانيا في مؤشر مكافحة الفساد مقارنة بجيرانها، مضافاً إلى غياب تطبيق القوانين المحاربة للفساد».
وأوصى المشاركون «بضرورة السهر على تسيير الثروة النفطية والغازية المرتقبة بشكل شفاف؛ وتفعيل المؤسسات الدستورية ذات الطابع الرقابي وبخاصة محكمة الحسابات وتطوير أدواتها؛ والاستفادة من تجارب الدول الأخرى في محاربة الفساد».
وانتقد المشاركون في ورشة «النهوض بالأحزاب السياسية»، ضعف الأحزاب وغياب البرامج والتأثر بالانتماءات القبلية»؛ واقترحوا «العمل على إرساء دولة القانون والحريات، وترسيخ ثقافة الحوار؛ وتوفير التمويل اللازم للحيلولة بدون لجوء بعض الأحزاب للتمويل الخارجي».
وأكد محمد الأمين الفاضل رئيس المؤتمر «ارتياحه للنجاح الذي حققه هذا اللقاء الذي قدم تشخيصاً لأفضل الوسائل التي تضمن ترسيخ الديمقراطية في موريتانيا»، مشيرًا إلى «أن ترسيخ الديمقراطية في هذه الفترة الحرجة من تاريخ موريتانيا لن يتحقق إلا عبر ضمان تناوب سلمي وسلس على قيادة الدولة من خلال تنظيم انتخابات رئاسية شفافة ونزيهة وكاملة المصداقية مع احترام الآجال المقررة في الدستور».
وأكد «تنظيم من أجل موريتانيا» أنه «يسعى عبر مؤتمره إلى توحيد جهود أحزاب المعارضة، ونشطاء المجتمع المدني والحركات الشبابيّة والشخصيات المستقلّة والموريتانيين في الخارج، وكل من يتطلع إلى رؤية موريتانيا ديمقراطية، متحررة من الأحكام الاستبدادية، وهي تشهد تحقق العدل والمساواة لكافة مواطنيها عن طريق توفير فرصة للتواصل والحوار حول القضايا ذات الاهتمام مشترك».
ويضم تنظيم «من أجل موريتانيا» عدداً كبيراً من الأكاديميين والمثقفين والمواطنين الموريتانيين داخل موريتانيا وخارجها، وقد تأسس غداة انقلاب 6 أغسطس 2008 بهدف استعادة الديمقراطية وترسيخها. وكان التنظيم قد أعلن قبل أسابيع عن استئناف نشاطاته منتقداً في بيان الاستئناف ما سماه «عجز الحكومة الموريتانية الحالية عن القيام بمهامها، وفشلها في النهوض بالبلاد وتنميتها، وحرمانها للشعب من الاستفادة من ثمار ثرواته الكثيرة والمتنوعة».
وأرجع التنظيم الذي يتوفر على مصداقية كبيرة لدى الرأي العام الساخط على معارضة الداخل، أسباب انهيار الأوضاع في موريتانيا «لاستحواذ قادة الجيش وقواتِ الأمن على مقاليد الحكم فأفسدوا السياسة وأفرَغوا العملية الديمقراطية من محتواها وقصّروا في أداء المهام الملقاة على عواتقهم».